عرض مشاركة واحدة
قديم 16-08-10, 11:18 pm   رقم المشاركة : 19
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

الوقفة السادسة : التسمية الخالدة :
قال تعالى : {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (36) سورة آل عمران .
عشت لحظاتٍ من التأمل حول هذه الآية الكريمة التي بينت لنا بجلاء قيمة المرأة منذ قديم الزمان , وأن لها عند الله تعالى أعلى المراتب , وتعجبت من حال مجتمعنا الذي يغمط المرأة حقها في كثير من الأحيان , وأكثر ما يغمطها اسمها الذي هو أخص خصائصها .
فوقفت متأملاً قوله تعالى : " وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ " فوجدتُ فيه رفعة لشأن المرأة من ثلاثة أوجه :
الوجه الأول : أن الله قص علينا هذه القصة في سياق المدح والثناء , لأنه أثنى في بداية الكلام على آل عمران : " {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (33) سورة آل عمران .
فأيُّ حَدَثٍ في هذه القصة إنما من قبيل القصص الحسن الذي يقتدى به , والذي ينزل بأعلى المراتب شرفاً لذكره في كتاب الله تعالى .
الوجه الثاني : أن الْمُسَمِّي هنا امرأة , وهي امرأة عمران , فالذي قام بتسمية المولود ليس والدها , وإنما أمها رحمها الله : {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ,فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} سورة آل عمران .
وحينئذ فأي شرف وأي رفعة للمرأة أن يقص الله علينا هذه الحادثة مبيناً أن المرأة هي من يسمي وليدها .
تأملت هذا وأنا أرى بعض بني قومي يأنفون أن تسمي نساؤهم أطفالها , أو بعض أطفالها , وإن حصل أن سمت الأم طفلها باسمٍ تختاره , فإن الأب يكتم هذا أشد الكتمان عن أقاربه وذويه , ويتظاهر أمامهم أن الاسم من اختياره وقناعته , وكأن تسمية الأم لوليدها عيبٌ يوجب التستر منه !!
الوجه الثالث : أن امرأة عمران أعلنتها صريحة مدوية بأن اسم طفلتها ( مريم ) ليعلم الناس كلهم باسم هذه الأنثى الصغيرة , في موقف يضرب العادات البالية عند بني قومي بالصميم ؛ إذ يرون اسم البنت عيباً لا يصح كشفُه , مكتفين بالتورية عنها في أي محفل : الوالدة , كريمتنا , أم فلان , البنت , الولية , المعزبة ... الخ من ألفاظ التعمية عن اسم المرأة وكأنه عار وشنار .
( مريم ) اسم عظيم خالد لامرأة عظيمة جاء ذكرها في القرآن في مواضيع كثيرة , وكانت أماً لرسول الله عيسى عليه السلام خامس أولى العزم عليهم السلام .
( مريم ) اسم بارز لامرأة صرّحتْ أمها بتسميتها , وجاء القرآن ليخبرنا قصة هذه التسمية دون عيب أو خجل , وهو ما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم حين مارس ذلك في حياته فعلاً : " عَلى رَسْلِكُما إِنِّها صَفِيَّة " " أحب الناس إليّ عائشة " " لو أن فاطمة بنت محمد ... " .
فهل بعد هذا ثَمَّ حُجَّةٌ لِمُتَحَجِّجٍ بِأنَّ اسمَ المرأةِ عَيبٌ عِندَ الأصْدقاءِ والخِلان ؟؟

6/ 9 / 1431هـ







رد مع اقتباس