الوقفة الثالثة والعشرون : الاستواء على العرش ورحمة الله .
قال الله تعالى : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (5) سورة طـه .
الآية الكريمة تتحدث صفة الاستواء على العرش على وجه يليق بجلال الله وعظمته من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تأويل .
وهي إحدى سبع آيات في القرآن جاءت بهذه الصفة العظيمة لله تعالى :
1. {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } (54) سورة الأعراف .
2. {إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } (3) سورة يونس .
3. {اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } (2) سورة الرعد .
4. {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (5) سورة طـه .
5. {الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} (59) سورة الفرقان .
6. {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} (4) سورة السجدة .
7. {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ } (4) سورة الحديد .
فهذه سبع مواضع في القرآن جاءت بذكر الاستواء على العرش جمعتُها بقولي :
في سَجْدَةِ أعرافِ ثم الرّعْدِ ,,, ويونسٍ فطَهَ فالحديدِ
كذا وفرقانٍ بلا خفــاءِ ,,, قد جاءَ فيها ذِكْرُ الاسْتِواءِ
والحديث عن الاستواء على العرش تحدَّثَ عنه أهل العقيدة بما فيه الكفاية , ولكني أريد أن أتحدث عن عن آية ( طه ) : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} , وكيف اقترن العرش باسم الرحمن في هذا الموضع وفي آية الفرقان كذلك ؟
كلنا نعلم أن العرش أعظم المخلوقات وأكبرها , واسم الرحمن : اسم كريم من أسماء الله تعالى ,وهو صفة مشبهة جاءت بوزن ( فَعْلان ) وصيغة ( فَعْلان ) تدل على السعة والامتلاء كما يقال : ملآن , ريّان , غضبان .... , والصفة المشبهة تدل غالباً على الثبات والدوام .فدل الاسم الكريم على السعة العظيمة لصفة الرحمة .
وسنفهم حينئذ ارتباط اسم الرحمن بالعرش كما في هذه الآية وآية الفرقان , وهذا يدل على أن الذي استوى على العرش قد وسعت رحمتُه كل من تحت العرش من جميع المخلوقات { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا } (7) سورة غافر
فجاء اسم الرحمن مع العرش هنا مناسباً لفظا ومعنى , ليدل على عظيم رحمة الله بخلقه , وعظيم لطفِه بهم , وقد كنتُ قديماً متأملاً هذا المعنى , ولم أقرأه من قبل , لكني بعد ذلك وجدتُ ابن كثير أشار له في تفسيره , في شرح البسملة , فلله الحمد والمِنة .
واسم ( الرحمن ) لا يطلق إلا على الله تعالى , ولا يجوز أن يتسمى به أحد من البشر أو غيرهم , ولما تجرأ مسليمة بني حنيفة وسمى نفسه ( رحمن اليمامة ) وصمه الله بصفة الكذب , فلا تزال ملاصقة له إلى يوم القيامة , فلا يقال : مسيلمة إلا يقال بعدها : الكذاب .
انظر تفسير ابن كثير : 1 / 38 عند شرح البسملة من سورة الفاتحة .
23 / 9 / 1431 هـ