عرض مشاركة واحدة
قديم 08-09-10, 02:39 am   رقم المشاركة : 45
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

الوقفة الثامنة والعشرون : احترام العدو .

قال الله تعالى : {قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}
(16) سورة الفتح .
تتحدث هذه الآية الكريمة عن خطاب النبي للأعراب الذين يزعمون أنهم يريدون المشاركة في الحرب والجهاد بأنهم سيدعون إلى قتال قوم أولي بأس شديد , فلينظر الله منهم ماذا يصنعون ؟
ولن أتحدث عن تفسير الآية وسبب نزولها , فمرد ذلك كتب التفسير , ولكن لفت انتباهي جملة عظيمة في هذه الآية تغيب عن أذهان كثير من الناس , وتُنتِجُ في أدبياتنا السلفية أقوالاً مضادةً لما دلت عليه هذه الآية .
وذلك قوله تعالى :
" إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ " فوصَفَ الله العدو بأنهم قوم ذوو بأسٍ وشِدَّة وقُوّة , وهذا يدل على احترام العدو , وإبراز ما يتميز به , وعدم الاستهانة به , ويدل على ضرورة الإعداد لموجهته بكل سبيل , ليتوافق هذا الإنذار بالأمر بالإعداد الذي دلت عليه آية الأنفال : {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ}
(60) سورة الأنفال .
فلم يأمرنا الله تعالى بالإعداد إلا لأن العدو يستحق ذلك , لما يمتلك من قوة وبأس , وسواء أكان القوم المذكورون في آية الفتح هم الفرس أو الروم أو المرتدين ( كما هو اختلاف المفسرين في ذلك ) , فإن إنصاف العدو وإبراز قوته واضح الدلالة من الآية .
أقرأ هذه الآية بتمعن وأنا أشاهد وأقرأ وأسمع كلامَ أُغَيْلِمَةٍ من المسلمين يستهينون بقوة العدو , وأن أمريكا – مثلاً – أضعف من الصومال , وأن أوروبا منهارة اقتصادياً وعسكرياً , فأتعجب من هذا التفكير الأعوج الذي لا يعطي للعدو قيمته , ولا ينهج المنهج القرآني من الإنصاف حتى مع الأعداء .
ولو عدنا للآية الكريمة لوجدنا أن الله تعالى وصفهم بوصف واحد وهو أنهم
( أولي بأس )
والبأس هي القوة والحرب والعتاد , ثم وصف هذا البأس بوصف قوي جداً , وهو كلمة ( شديد ) , فأيُّ احترام للعدو , وإبراز قوته أشد من هذا الوصف ؟؟

والله تعالى أعلم .
28 / 9 / 1431 هـ







رد مع اقتباس