الموضوع: في الغربة
عرض مشاركة واحدة
قديم 14-09-11, 01:54 am   رقم المشاركة : 1
هنري
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية هنري






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : هنري غير متواجد حالياً
في الغربة


جُبل الإنسان على حب أرضه التي عاش فيها وترعرع مهما كانت وبالتأكيد أنه حينما يجد مكاناً أفضل وأجمل يحب المكان الجديد ويحاول أن يألفة وربما كره بعضاً من أرض الماضي ولكنه بالتأكيد لن يكره كل شيء وينقلب رأساً على عقب.

في أرض غير أرضكم وأرضي هذه، إتصل بي أحدهم وقال : ياعبدالله، إن بيننا مسافة تعتبر قصيرة نسبياً في هذا البلد وأعلم أن وقتكم مشغول ولكن لابد أن نلتقي ونجدد العهد فاحضر أنت وصديقك ، فقلت له أنه ليس لدي مانع في هذا وقلت له إتصل على بقية من تعرف من الزملاء ولنذهب إلى الشاطئ " الفلاني " الذي يتسم بالهدوء وكذلك فهو يقع في منتصف المسافة بيننا تقريباً

في النهاية تم الإتفاق وخرجت وصاحبي ننشد المكان المحدد ، وعند وصولي وجدت الجميع قد حضر ولكنهم بوجوه غير الوجوه التي ألفتها. وسوف أصورها لكم بعد قليل.

وجدتهم قد وضعوا البساط على المسطح الأخضر، وأعدوا عدة الشواء . ولكن الوقت لم يحن للبدء فسلمنا وجلسنا فأخرجت وصاحبي " الدلة" والقهوة والهيل وكذلك " الفناجيل" وكلها جلبناها من آلاف الأميال خصيصاً ولاأنكر أن الجميع كان يقف مشدوهاً للمنظر ، وأحدهم قال باسماً: مش معقول مضارب بني عبس "

لقد كان الشاب مازحاً ولكن مزحة كان تهكمياً 100٪ فهو يعارض تلك المظاهر تماماً، ولاأخفي عنكم أن عيناه عندما أخرجنا التمر كانتا مشدوهتين !؟

كانوا يتوقعون أن سنوات من الغربة قد تجعل المرء يتنازل عن أشياء ليست دينية على الأقل!؟

ولعلي هنا أذكر شيء من أوصافهم، فالأول قد تغير شكل ولون شعره ، فأصبح أشقراً .والثاني ذم لغتنا وعاداتنا ذماً غليظاً، والثالث على شاكلتهم وهناك فئة لا إلى هوؤلاء ولا إلى هؤولاء.

بعدما حلت ساعة الغروب واشتد البرد مع إصفرار الشمس حتى قارب ال 10 درجات جلب صاحبي المذكور سابقاً من السيارة " البشوت " ويبدو أنها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير ، فقام صاحبنا حديثُ النعمه وقال ، ألا نتطور قليلاً فهذه فعلاً مقززه .

قلت له ، وهل نحن نجلس في مؤتمر أو قاعة جامعية أو حفل ما !؟
بل نحن في جلسة سمر بسيطة وللناس حرية الأختيار في كل شيء ، فل نألف رحلات السمر إلا هكذا فلماذا نغيرها بسطوة البيئة المتغيرة.

مرت الجلسة ببطئ وانتهى الأمر

وأنا عائد فكرت في نفسي أن العربي الحالي يهتم بالمظاهر كثيراً ولايفرض نفسه على أي بيئة يحضرها وأقصد فئة الشباب طبعاً فتجدهم يتخاذلون حتى في نواحي دينية وأبسط صورة هو إظهار السلام على جمع من المسلمين خالطهم قلة من أصحاب الديانات الأخرى!؟

رأيت العربي الأصيل وغيره يحاول أن يرضي البيئة الأخرى ونسى أن يلونها بنفسه بل تلونه هي .

رأيت إعتزاز العربي يميل نحو أشياء غبية ودنيئة ولم تبنى على عزة حقيقية. ولهذا فهو فاقدٌ للعزة حتى في تصرفاته العادية.

كم تألمت كثيراً عندما تذكرت حال المسلمين عندما فتحوا الأندلس وحتى وصول عبدالرحن الداخل إليها ، فعندما وصل لم يألف ذلك العربي الأصيل مكانه فقرر أن يجعله كأرضة التي ولد بها وأول مازرع نخل وهي رمز كبعض الرموز التي أوردتها.

ولعلي أختم حديثي بأبيات شعر للأمير الأموي عبدالرحمن بن معاوية "الداخل" يقول فيها عن النخلة آنفة الذكر

تبدَّتْ لنا وسط الرُّصافةِ نخلةٌ ...... تناءتْ بأرض الغربِ عن بلدِ النخلِ


فقلت شبيهي في التغرب والنوى ......وطول التنائي عن بنيَّ وعن أهلي


نشأتِ بأرض أنت فيها غريبة........ فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي


سقتك غوادي المزن من صوبها الذي ***** يسحُّ ويستمري السماكين بالوبل


ويقول لها في النهاية:

يا نخل أنت غريبة مثلي........
في الغرب نائية عن الأصلِ

فابكي وهل تبكي مكبَّسةٌ
 .......عجماءُ لم تُطبع على خَبْلِ






التوقيع

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

رد مع اقتباس