[align=center]
.
[align=right]
للغروب ألق وللوحاته الجميلة والمتنوعة ؛في كبد السماء إبهار وإمتاع..
هنا لوحة للغروب خطتها يد أديب ,وتشربتها روحه حتى إنثالت كالوهج الجميل يطرز
بألحانه وقت الأصيل ..
للكاتب القدير / فلاح الغريب..
من ترانيم الغـروب ،،
هنا أوقفوا مسرجاتِ الخيولْ // لنسمعَ صدقاً لحونَ الأفولْ
ونحكي تباريحَ ذاك الفؤاد // وتعلن شمسُ الأصيلِ الرحيلْ
وتحمل من عبقِ الذكرياتِ // أهازيجَ شوقٍ ونبضٍ أصيلْ
ها هي الشمسُ تستأذن في الرحيل ، تكفكفُ خيوطها ، وتلملمُ بريقها ، وتطوي ضياءَها ، ليرتدي هذا الكونُ الفسيح ، وذلك الفضاءُ الممتد ، وهذه الأفاقُ الحالمة ، رداءَ الليلِ الواسعِ الفضفاض ، بلونه الحالكِ السواد ، وسرابِه الداجي السّديم .
وهكذا هو الأملُ ، حين تستشرفُه النفوس ، وتتمنّاهُ القلوب ، وتتلهفُ له الأفئدة .
وهكذا هي الحياةُ ،
أيامٌ تكرّ ، وليال تمرُّ ، وشمسٌ تشرق ، وقمرٌ يبدر ، وتقلباتٌ عجاب ، فرحيلٌ ونزول ، وإشراقٌ وأفول . وهكذا هي الأشواقُ ، نارٌ واحتراق ، وقربٌ وافتراق ، ودمعٌ رقراق ، ونبضٌ مشتاق ، وقلبٌ خفاق .
وهكذا هي ترانيمُ الغروب ، ونسائمُ الأفول ،
كم طوت من بساطٍ حافل ، ونهارٍ آفل ، ربما سُطّرت فيه قصةُ كفاح ، وآمالُ نجاح ، وربما سُمع فيه أنينُ البائسين ، و نحيبُ المفجوعين ، ولربما كفكفت فيه دمعاتُ حزن ، أو رُفعت أهازيجُ فرح .
وللغروب ..
قصةٌ فريدة ، ومعانٍ بديعة ، ولغةٌ أسيفة ، يدركها الشعراء ، ويفهمها الأدباء ، ذاك أنه منظرٌ بديع ، يأسرُ الألباب ، ويذكّرُ الأحباب ، ويطربُ الرّكاب ، فكم تهواه النفوس الحزينة ، لتسكب السّخين من العبرات ، والأليم من الزفرات ، وعجيب الخَطَرات .
والغروب ..
لوحةٌ من الحسن باهرة ، وآيةٌ ظاهرة ، سطّرتها قدرةُ الخلاق ، تستنطق اللسانَ بالتسبيح ، والقلبَ بالذّل الصريح ، لمن أبدعَ خلْقَه ، وأحكمَ صنعَه ، فتبارك الله أحسنُ الخالقين .
والغروب ..
رسالةٌ تحمل معنى السكون ، وتحكي حروفَ الوداع ، وتفيضُ من معاني الإعتبار ، وتشرحُ درسَ الثبات ، وترسمُ لوحةَ الشموخ ، وتكشف عن مكنونِ العزائم ، وترشدُ إلى عظيمِ الهمم ، وتبينُ عن أصدقِ المشاعر .
والغروب ..
موعدٌ لزفرات المشتاقين ، وحنينِ الموجوعين ، ونبضاتِ المكلومين ، فيسطرون من عجيب مشاعرهم ، وفيضِ خواطرهم ، ما يطرب الفؤاد ، ويسري في البلاد ، فكم من شاعرٍ بكى وأبكى ، وكم من ناثرٍ ألهبَ وأطرب ، وربّ دمعةٍ سرتْ وجرتْ ، وربّ بسمةٍ ماتتْ وقبرتْ ، وما خرجَ من الفؤادِ ، وقعَ في الفؤاد .
أما ترانيمُ الغروب .. ونسائمُ الأفول ..
فتستنطقُ المشاعرَ الساكنة ، والهمومَ المتظافرة ، حتى ليقف صاحبُ البيان ، وقد تاهت أحرفُه ، وتدافعت كلماتُه وخواطرُه ، ليفيض منها على ورقاته ، ما يبهجُ الناظرين ، ويأسرُ السامعين ، ويلهبُ الغرباء ، ويطربُ القرباء ، فتولي حروفُه هاربة ، وتقف خواطرُه عاجزة ، لا تستجيبُ ولا تجيب ، إذ أنه أمامَ نسائمَ ساحرة ، وترانيمَ باهرة ، فلا تزجُونَ له اللوم ، ومن لام فهو الملوم .
وبما تراه سينطقُ اليراع ، أو تحكي الحروف ، أو يسطّرُ البيان ، أمامَ قرصٍ ذهبي لامع ، قد خبا وهجُه عند التقاء السماء بالأرض ، بعد أن راوغَ قطعاً من السحاب ، وازدانَ بشفقٍ أحمرٍ جميلٍ من وراء أطلالِه الرماديّة ، وقد أضفى عليه لونُه الورديُّ كثيراً من البهاء ، وكأنما شابتْهُ حمرةٌ من خجَل .
فيا لها من لوحةٍ تفوق الوصف ، وتأسرُ الحرف ، فها هي الحمائمُ تأوي إلى أوكارها ، وها هي الأطيارُ تشدو بأنغامِ الفراق ، وها هي الآمالُ تسيّر قوافلَها إلى مُراداتها ، وها هي ألحانُ الغروب تطوي صفحةً من صفحات الحياة ، إذ أن الغروبَ رسولُ الدّجى ، والدجى صديقُ الأسرار ، والأسرارُ أسيرة الليل ، والليلُ موعدُ النجوى ، وموطنُ الشكوى ، ونسائمُ السّحَرِ عنوانُ الإسْفَار ، وخيوطُ الفجر ترانيمُ الأمل .
ولقد كتب الشاعرُ الأمير ، والفارسُ النحرير ، ( أسامةُ بن منقذ ) رحمه الله ما رأيت أنه قد أجاد فيه ، وكأنما يصف مثل هذه اللحظات ، ومثل هذه الكلمات ، فرأيت أن أعبّر بها ها هنا ، فلعلّ الحال كما قال :
هذا كتابُ فتى أحلّته النّوى // أوطانَهَا ، ونَبَت به أوطانُهُ
شطّت به عمّن يحبّ ديارُهُ // وتفرقت أيدي سبا إخوانُهُ
متتابعُ الزفراتِ بين ضلوعه // قلبٌ يبوحُ بسرّهِ خفقانُهُ
تأوي إليه مع الظلام همُومُهُ // وتذودُهُ عن نومِهِ أشجانُهُ
.[/align].[/align]