لوتأملنا سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم في
تعاملهم مع مستجدات العصر ومع الفرص الدنيوية والأخروية لعلمنا أن نجاحهم
وتفوقهم وسيادتهم لم يأت من فراغ
بل أتى من عمل دؤؤب لايعرف الكلل ولاالملل ومن جد واجتهاد وجهاد للنفس
وصبرعلى أقدارالله مع صبر على طاعته مهما اشتدت المحن وصبرعن معاصيه
مهما كثرت المغريات وذالك تحقيقا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم
حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات
فهم قوم صبروا على المكاره وعن الشهوات طلبا للنعيم الكامل الأبدي في جنات
عدن حيث لاعين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر فأهل الجنة في نعيم دائم
لايشقون بعده أبدا وفي حياة دائمة لايموتون فيها أبدا وأما أهل النار فهم في شقاء
دائم لايموتون بعده أبدا فكل من أهل الجنة والنارمخلدون وشتان بين من يخلد بنعيم
وبين من يخلد بشقاء والعياذ بالله إذن هم قوم ضحوا بدنياهم الفانية لدنياهم الباقية
والدنيا لن ولاتكمل لأحد مهما كان فلونظرت لأصحاب البروج العاجية أغنى أغنياء
العالم لوجدت أكثرهم في هم وقلق وحيرة واضطراب مما أدى لبعضهم على الإنتحار
أو محاولة الإنتحار أو التفكير بالإنتحار لماذا لأنهم بعدوا عن المنهج الرباني الذي
خلقنا الله من أجله حين قال وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون
إذن فأي تفريط في هذه الأساس الذي خلق من أجله الإنسان وهي العبادة يؤدي
إلا خلل في التوازن النفسي والسيكلوجي والمعنوي للشخص بقدر تفريطه وبعده
عن الله تعالى إذن فلاسعادة إلا بإخلاص العبودية لله تعالى وتجريد النفس من
أهواء الدنيا وحظوظها وطلب ماعندى الله تعالى والآخرة وذالك بإعتقاد أن الله
لاإله إلا هو وحده لاشريك له وأن محمدا عبده ورسوله وبإقام الصلاة جماعة
بأركانها وواجباتها وشروطها وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام
فلوقام المسلم بهذه الأركان الخمسة بنية صادقة وإخلاص لله تعالى لحصل على
الإستقرار النفسي والمعنوي الذي حير أكثر الناس في البحث عنه عند الأخصائئين
النفسيين والمستشفيات النفسية ونسوا أو تناسوا أن الحل عند رب العالمين
وذالك بالتقرب إليه سبحانه بالصلاة والدعاء وقراءة القرآن والصيام والصدقة
ومع قربنا من دخول شهر رمضان المبارك ومن خلال هذا اليوم الفضيل
أحببت أن أستغل الفرصة لتذكير نفسي وإياكم بالإستعداد لهذا الشهر بالتوبة
الصادقة وفتح صفحة جديدة مع الله تعالى ومع خلقه وذالك بالمحافظة على
مافرطنا فيه من فرائض وواجبات ونوافل كتأخيرصلاة أو قطيعة رحم أو
ظلم إنسان أو أكل ماله أو هجران لكتاب الله تعالى أو قطيعة لرحم أو سماع
لأغاني أو مشاهدة محرمات أو غيبة أو نميمة كل هذه التقصيرات الموجودة
عند أغلبنا للأسف الشديد هاهي الفرصة أتتنا وهاهو الشهر الفضيل أقبل علينا
فربما يكون هذه الشهر آخر شهر نصومه فالأعمار بيد الله ولا أحد يضمن حياته
وأعظم فرصة للإقلاع عن المعاصي هو شهر الصيام والقيام لفضيلة هذا الشهر
حيث تصفد فيه الشياطين وفيه ليلة القدر فالله الله يا أحبائي باستغلال هذه الفرصة
فقد كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يسألون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم
إياه ويسألونه ستة أشهر أن يتقبله منهم وليس كحال أكثرنا ينتظرونه بالأكل والشرب
والمسلسلات الهابطة والسهر الذي لايخلوا من معاصي ومنكرات والعياذ بالله
نعم والله إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع على قساوة قلوبنا وتفريطنا فإلى متى
هل نزور المقابر ونشاهد الشباب اللذين دفنوا نسأل الله أن يثبتهم حتى نتعض
فالموت أعزائي لايعرف صغيرا ولاكبيرا هي ساعة قدرها الله لك أن تموت فيها
هل تريد أن تموت وأنت تارك للصلاة أو مقصر فيها وأنت على معاصي وأنت
ظلمت هذا وأكلت مال هذا واغتبت هذا وقطعت رحمك وعققت بوالديك طبعا لاتريد
إذن ماذا تنتظر توكل على الله وإعقد العزم وأعلنها توبة لله صادقة من قلب منكسر
وأسأله العفو عن التقصير والغفران من الذنوب وافتح صفحة جديدة مليئة بالإيمان
من صلاة وصيام وصدقة وقيام ليل ودعاء وتلاوة قرآن وبرللوالدين وصلة للرحم
ورد للمظالم إلى أهلها وتحلل عن من ظلمته أو اغتبته واملأ وقتك في الإستغفار
كل مافرغت وحافظ على أذكار الصباح والمساء وتقرب إلى أهل الخير عندها
ستشعربلذة الإيمان والإستقرار النفسي والمعنوي والسعادة حتى ولو كنت من
أفقرالناس وأكثرهم عاهة وستقول كما قال أحد الصالحين العباد
لويعلم الملوك وأبناء الملوك مانحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف
نعم إن لذة ونعيم الإيمان لايعدلها أي لذة ونعيم نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته
العلى أن يبلغنا إياها وأن يجمعني وإياكم في الفردوس الأعلى إنه ولي ذالك والقادر
عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين