[align=center]
الحمدلله خلق السماء ورفعها , وبالكواكب زينها , والجبال نصبها , والأرض سطحها وذللها ,
سبحانه وتعالى" ليس كمثله شيء وهو السميع البصير "
.. (( رسول الشــــــــــــــــر )) ..
مدخل :
في عام 1411 هـ وإبان أزمة الخليج خرجوا في نزهة برية للاستمتاع , يجمعهم الحب والإخاء ,ثم لما جن الليل وأسدل أستاره , وحان وقت الرحيل , قاموا وتركوا صالحاً لوحده في البرية !! صالح يستنجد برفقته : (( أقلوني معكم.... توقفوا .... لاتتركونني وحيداً ..... ولكن هيهات , هيهات فقد أجمعوا أمرهم بينهم بتركه وحيداً في العراء – مزاحاً – ذهب صالح إلى المحطة التي ليست بالبعيدة من المكان ووجد رجلاً محسنا ً فأقله إلى منزله ومرت الساعات تتلوها الأيام , وبعد عشرون يوماً من الحادثة هم الأصحاب أن يخرجوا مرة أخرى إلى البرية , واتصلوا بصاحبنا – صالح - وكان متميزاً في طهي الطعام لاسيما ( المـــندي ) فوافق , وخرجوا وبعد أن طهى الطعام وأكل الجميع , وبدأت سوالف الليل مع هبات النسيم الباردة , قام صالح وقال سأذهب بالسيارة لأشتري البارد لنا من المحطة , وآتيكم فوراً , وأخذ السيارة وتوجه إلى منزله وقد تركهم لوحدهم هناك , - كما فعلوا به سابقاً - وبينما هم ينتظرون صالحاً وتمر الساعة تلو الأخرى إذ بدوي انفجار هائل , خر الجميع على إثر ذلك الصوت على وجوههم في التراب وصيحاتهم تعلوا , والبعض منهم نطق الشهادتين وكأن ساعته اقتربت , فقد ظن الجميع أن ذلك الصوت هو صوت صاروخ (( سكود )) قد هوى فوق رؤوسهم .
ثم أفاق الجميع ليجدوا أن صالحاً ( قد وضع أنبوبة الغاز في برميل المندي بعد أن أخرج الطعام ) !!
************************************************** *
نعم إنه المزاح قالت عنه العرب : رسـول الشـــــــــــــر .
وقالت أيضاً : هو مثل الملح في الطعام .
والأصل في المزاح أنه لطرد الوحشة بين القلوب , وتقريب للأنفس والقلوب , و طرد الملل والسأم عن المحبوب , وتطييب للخواطر من الهموم والكروب .
ألا تلاحظ عزيزي القارئ , أن الشخصية المرحة محبوبة لدى الناس , ومهانة أيضاً . أتدري لماذا ؟
لأن تلك الشخصية المرحة تدخل إلى قلوبهم بسهولة ويسر وذلك عن طريق مزاحه لهم , ومهانة لأنه توسع معهم في المزاح .
وهذه الشخصية أغفلت القاعدة الذهبية : (( أخافك , وأحبك )) التي تورث الهيبة للشخص .
فكثرة المزاح تسقط المروءة قال الشاعر :
ومن هاب الرجال تهيبوه ..... ومن حقر الرجال فلن يهابا
أنت يا من تقرأ هذه السطور هل أنت محبوب ومهان من الناس ؟
عليك أن تعلم أن المزاح كالدواء يوضع للشخص المناسب بالجرعة المناسبة .
من تمــــــــــازح ؟
ينبغي علينا أن نعرف من نمازح , فكما قلنا أن لكل شخص جرعته من المزاح وكيفيته .
المزاح مع الأب والأم :
ينبغي أن لا يتعدى حدود الاحترام والتوقير , وأن يكون فيه رقة وملاطفة لهما .
المزاح مع الزوجة :
وهو ضروري فهو يجبر الخواطر ويصفي القلوب , ولكن كثرته تفسد العشرة .
المزاح مع الأقران :
وهو الكثير بين الناس وينبغي عليك في مزاحك مع أخلائك أن تراعي شعورهم , وأن لا تسيء إليهم , فذاك مغبة العداوة والبغضاء والفرقة.
المزاح بين المربي والمتربي :
ينبغي أن يكون محدوداً بحدود فالعلاقة بين المربي والمتربي أصلها الجد والسمع والطاعة فيكون المزاح لأجل طرد الملل والسأم وللمساعدة في إرجاع صفاء الذهن وشحذ الهمم .
المزاح مع العلماء والحكام والكبار :
عند المزاح مع هؤلاء الأشخاص يجب التحري فيما يتناسب معهم مكاناً وزمانناً وحالا ً .
فالعالم لا يمازح أثناء إلقاء دروسه .
والكبير لا يمازح أمام الناس لأنه ذلك تقليلاً من شأنه .
والحاكم لا يمازح في أي وقت وعند حضور الوفود مثلاً لأنه ربما كان ذلك دالاً على ضعفه .
المزاح مع السفيه :
من الخطأ الجم المزاح مع السفهاء , فهو يجرئهم عليك , وقد تجد منهم ما يسوؤك .
فيجب أن نقنن المزاح ولنا في رسولنا أسوة حسنة فقد كان عليه الصلاة والسلام يمزح مع أهله ومع أصحابه ومع الأطفال أيضاً والأحاديث في هذا الباب كثيرة
والإسلام حث على اللين وأمر به ولعل من أبرز جوانب الملاينة والملاطفة المزاح ولذلك فقد جعل له
قيوداً ورسم لها معالم منها ألا يكون كذباً فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا قَالَ " إِنِّي لاَ أَقُولُ إِلاَّ حَقًّا " .
كما يشترط ألا يكون فيه غيبةً فقد عرف الرسول صلى الله عليه وسلم الغيبة بقوله: "ذكرك أخاك بما يكره"
أو أن يكون فحشاً وكثر ذلك بين الناس حيث أنه وصل إلى حد البذاءة , وربنا سبحانه وتعالى لا يقبل الجهر بالسوء من القول .
كذلك ينبغي تجنب الترويع فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال " لاَ يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لاَعِبًا وَلاَ جَادًّا وَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا "
وقال عليه الصلاة والسلام : " لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَن يُرَوِّعَ مُسْلِمًا "
أو أن يكون فيه استهزاء بالدين ومما يندى له الجبين ظهور بعض النكت التي تمس الدين كأن تتعلق بالملائكة والكتاب والنبيين أو اليوم الآخر ويكفي قوله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُـونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ ولا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ ولا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ ولا تَنَابَزُوا بِالأَلْـقَــــابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ ومَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ))
خاتمة :
المزاح أمر جبلي وفطرة فطرا لله الناس عليها وهو مشاهد وملموس في جميع شعوب الأرض , وربما تميزت بعض الشعوب بالمزاح , وأخرى تميزت بقلة المزاح وبالجدية المفرطة والإسلام لم يمنع المزاح بل أقره بضوابطه السابقة , فيجب تجنب الغلو فيه , والإكثار منه , وأعلم رعاك الله أننا ما خلقنا عبثاً , بل خلقنا لعبادة الله يقول الله سبحانه وتعالى : " أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ " , " وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "{الذاريات:56} [/align]
******