طالبات ثانوية بالمدينة المنورة يرفضن الدراسة لوجود ((جن)) في المدرسة

[الناقد ولد علي]

المدينة المنورة: علي العمري
شهدت ثانوية البنات في الفريش (50 كيلومترا غربي المدينة المنورة) نهاية الأسبوع المنصرم غيابا جماعيا من طالبات الصف الثاني الثانوي في أعقاب الظاهرة التي لم تتمكن الطالبات من استيعابها والمتمثلة في سماعهن لأصوات مجهولة المصدر وتحرك أبواب الفصول وحدها ما أدى إلى حالات من الصرع والإغماء بين صفوفهن.
وجاءت حالة الغياب التي سجلها أحد الفصول الدراسية في ثانوية البنات قبل يوم واحد فقط من نشر "الوطن" يوم الأربعاء المنصرم عن حالة الهلع في المدرسة جراء ظواهر تعتقد الطالبات والمعلمات أن لها ارتباطا بالجن.
وأثار نشر القضية ردود أفعال واسعة بين أهالي القرية الذين أرسل ممثل عنهم خطابا لـ"الوطن" يتضمن تفصيلات حول الظاهرة، أشار فيها إلى بعض أوضاع المدرسة التي تساعد على تفشي الحالة، فيما ضمنها مقترحات لعلاج المشكلة، في حين حصلت "الوطن" على خطاب من طالبات المدرسة يشرحن فيه معاناتهن من الحالة ويهاجمن إدارة تعليم البنات بمنطقة المدينة المنورة التي لم تول مشكلة ثانوية البنات أي اهتمام على حد قولهن.
فيما جاءت جولة "الوطن" في قرية الفريش، حيث المركز الذي تتبع له 33 قرية يقطنها أكثر من 14 ألف نسمة، لترصد حالة واسعة من الهلع بين أولياء أمور الطالبات في القرية والذين بدا أنهم مجمعون على الرغبة في معرفة سر ظاهرة الإغماء التي بدأت تأخذ شكل الأزمة بين بناتهم، مؤكدين أن شيوع فرضية "الجن" بين الطالبات وآبائهن وأمهاتهن جاء مستندا إلى حقيقة أن بناتهم يحصلن على تغذية صحية متميزة وفطور صباحي يومي ذي سعرات حرارية عالية- كعادة أسر البادية في تلك القرى- ما جعل فرضية انتشار الجن في المدرسة التي يعتقد أنها مبنية على مقابر قديمة، هي الرائجة.
وقال أولياء الأمور إن مديرة المدرسة باشرت الاتصال بذوي طالبات أحد فصول الصف الثاني الثانوي (علمي) لمحاولة إقناعهم بإحضار بناتهم إلى المدرسة مع وعود بنقل الطالبات من الفصل الذي يرفضن العودة إليه إلى فصل آخر.
وأشاروا إلى أن ظاهرة الإغماء بين صفوف الطالبات هي مشكلة قديمة في المدرسة إلا أنها بدأت تتسع بينهن بصورة ملفتة هذا العام، آخذة شكل الإغماء والصراخ والخوف الهستيري.
ويجزم المواطن سالم الرحيلي أنه لا يكاد يخلو أسبوع دراسي من تسجيل واقعات إغماء لدى أربع طالبات على أقل تقدير، وهي وقائع مثبتة ومقيدة رسميا، فضلا عن كون الحوادث مقيدة لدى إدارة التربية والتعليم في المدينة المنورة.
وقال الرحيلي إن إدارة التعليم أحيطت بالمشكلة منذ عام إلا أن عدم تحركها الجاد صوب علاجها أدى إلى تفاقمها بهذه الصورة، وارتباطها بأسباب في ذهنية الطالبات وأسرهن قد لا تكون صحيحة.
أما عبدالله الرحيلي، ولي أمر إحدى الطالبات في المدرسة، فطالب مسؤولي إدارة تعليم البنات في المدينة المنورة بالاهتمام ميدانيا بالحالة والحضور إلى القرية والالتقاء بأهلها لمعرفة حجم الإشكالية التي تعاني منها بناتهم، وهي الإشكالية التي بدأت تلقي بظلالها على سير العملية التربوية.
وقال عبدالله إن اهتمام إدارة التربية والتعليم يفترض أن يترجم على شكل الاحتكاك بالمواطنين وطمأنتهم وتأكيد الاهتمام بهم عوضا عن النزوع إلى نفي الحالة بأكملها وامتهان مشاعر الأهالي والتقليل من مخاوفهم، مشيرا بذلك إلى أول ردة فعل لإدارة تعليم البنات في إحدى الصحف المحلية التي نفت ما سبق وأن تناولته "الوطن" حول القضية.
من جهته، أكد فايز الرحيلي أن شقيقته كانت تدرس في نفس المدرسة قبل أن تصاب بمتاعب نفسية نتيجة لحالات الإغماء التي كانت تتعرض لها منذ فترة طويلة مما دفعها إلى اتخاذ قرار بالانقطاع عن مواصلة التعليم، قائلا إنه "برغم بعدها عن المجتمع المدرسي إلا أنها لا تزال تعاني من بعض المشكلات النفسية التي خلفتها خبرتها السابقة في المدرسة، موضحا أن شقيقته لا تزال تخضع للقراءة على أيدي مشايخ، وتحزم حقائبها من مستشفى إلى آخر.
ويعتزم أكثر من عشرة من أولياء أمور الطالبات التقدم بشكوى رسمية إلى إمارة المنطقة تتضمن اتهام إدارة تعليم البنات بمنطقة المدينة المنورة بالتهاون في حل الأزمة.
وكانت طبيبة أوفدت من قبل الإدارة إلى المدرسة لبحث الحالة قد انتهت إلى الطلب من الطالبات بالإكثار من تناول الزبدة والتمر صباحا، وذلك عقب جولة ميدانية لها ولمساعدتها نهاية الأسبوع الماضي، مفسرة الأمر بكونه حالة عادية من الإعياء إثر قصور صحي.