العودة   منتدى بريدة > منتدى المجلس العام > المجــلس

الملاحظات

المجــلس النقاش العام والقضايا الإجتماعية

 
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 11-09-11, 10:47 pm   رقم المشاركة : 1
بـنـدر
عضو مميز
 
الصورة الرمزية بـنـدر





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : بـنـدر غير متواجد حالياً
الخوف من الخائفين ..عُزلـَةً للعقل واحتجاب عن المنطق !


عندما سمعت أمي أول مرة تتحدث عن الخوف وتنهرني محذرة إياي من حيطان الغرفة المتدثرة بمنزلنا الصغير ، انتابني شعور سخيف أخجل من نفسي كلما تذكرته ، وأنا هنا أتذكر ذاك الشعور الأرعن ، ليس إلا من باب الاحتجاج عليه والمحاولة المتكررة لازدرائه عل وعسى أنساه نسيان العذراء آلامها يوم فضت بكارتها بعدما خلفت أربعة أبناء أصحاء !
ذاك الشعور البغي الغاشم خلق في ذهني توجس من كل صلب جامد ، حتى أني لا أكاد أنسى صوت مروحة غرفتي يوم أتنبه منتصف الليل ونحن في أواخر الشتاء ! كان صوتها لغة تحاكي نفسي ، أو أني كنت أحاكي نفسي بالنيابة عنها ، مما جعلني أؤمن أنها تحكي وتعظني وتسلي أو تحرسني من الحائط المرعب بصلابته وثباته في مراقبتي كل الوقت !

كانت مروحة السقف تحكي وتحكي من غير ملل ولا كلل ، كنت لها من المنصتين المتهربين عن الصمت أو أني كنت أحاول تدثير سمعي بصريرها هرباً من السكوت الذي يرمقني من كل جانب ..
كانت تترجم لي نظرات أمي وهي خائفة من كثير تساؤلاتي .. أمي التي ترمقني بعتاب حاني في كل مرة تجدني أتعدى خطوط الأعراف والأفكار التي سجنت عقلها وأسرت قلوب من قبلها . إلى أن صار منظر شرطي نقطة التفتيش شيء مهول بالنسبة لي ، لدرجة الغوص في قعر السيارة لئلا يكتشف من يرمقه بذهول ! فأمي أمرتني ألا أشير بأصبعي لأن أصبعي سيقابله مسدس تغص محالته بالرصاص ، فلن يقوى إصبعي تخليصي من عدوي الذي لا أعلم لما هو عدو أصلاً ..

يخبرني صوت المروحة صدأه الأطراف،أن أمي تحبني وتخاف عليّ وأنها تعرف ما يوجب الخوف منه وما الذي يفترض أن نحبه بلا هوادة ، فآمنت إيماناً مطلق ، وانصعت انصياع المنقاد إلى المشنقة ، حبست ظنوني وهواجسي ثم قتلت تساؤلاتي ودفنت أفكاري ، بُتْ أمضي في سبيلي حاملاً رأسي على أكتافي وكأنه خزينة متنقلة تنفتح متى أُمرت فتحها ليُلقِمها غيري ما يرى من معارف وعلوم ، وفي أحيان أتفاجأ فيمن يعود من غير مقدمات ويعبث ببعض ما حُمِّلتْ خزانتي ليفرزها ويرتبها حيث يشاء مستنداً على تراجعات بعضهم .. يرف رمشي وأبتسم وأمضي وحسب. فمن أنا لأعترض أو أسأل ؟!
إلى أن بدأ تلطيم الأقدار في وجهي ، يوماً بعد يوم .. لطمه وراء لكمة حتى اهتز عودي وربأ ! في أيامٍ كان بعضها قمطريرا ولأنه ليست كل الأقدار تُطاق وخزانتي العتيقة قابلة للكسر واندثار ما فيها من حشو مغبر ! التجارب علوم تلج فينا حتى لو تحرزنا بالخوف والرهبة وامتنعنا عن المشي على أرصفة الأشقياء ..
كبرت أجسادنا وتضخمت جماجمنا ، حتى ألسنتنا طالت وتدلت لاهثة في خضم حياة لا ترحم الجائعين الصامتين ؛ نافقنا هذا وتزلفنا لذاك ، صادقنا المرتزقة وخاصمنا المتكبرين الطامحين ولطالما أردونا قتلا من غير موت مراتٍ عديدة ، هاجرنا المدمنين وجمعتنا الليالي بالمعربدين وتجادلنا مع المتزندقين ، وزاحمت أكتافنا كتوف حفظة كتاب الله.. حتى المخنثين مروا من أمامنا لنبتسم ساخرين لاعنين.. إلى آخر آيات مخلوقات الله في الحياة العجيبة!

وفي ثنايا تلك الأيام التي داولها الله سبحانه وتعالى بين الناس ، انكشفت غُمم لا حصر لها ، أولاها ذكراً هنا.. ذاك الذي جعلته أمي قوياً جبار توحي إليه جدران منازل البؤساء الأسرار كلها غير منقوصة!

-لاقيته أجوف العقل خاوي اليدين مكسور النفس غائر العينين من لفائف التبغ الرخيص !
- لاقيته مهووس الغرائز ضامر الساعدين ، ماحل الجبين !
- لاقيته مغروراً واثقاً من نفسه التي علمته ألا يرى سوى أرنبة أنفه !
- لاقيته متأبطاً الهموم ، جُل حديثة طلبات زوجته البلهاء !
- لاقيته عشوائي الكلام مهووس الذهن بقصائد الشحاذين المغفلين !
- لاقيته منطوياً يخاف ظله ، مسرع الخطوات لبيته بعد كل مرة يُسلّم ورديته !
- لاقيته عنيداً يرى أن توثيق القيود يزرع الخير بين الناس !
- لاقيته يحب سحل من تحته لأن من فوقه يمسح فيه بلاط مكتبه كلما رآه !
- لاقيته ..عظيم طموحة لقباً سيادي،حتى لو كان على الحمامات أجلكم الله !
- لاقيته قليل التعليم ضعيف الإدراك محدود التفكير !
- لاقيته متحزباً لجده الأربعين متعصباً لكل ما يشبه أسمه !
- لاقيته أناني يقدم مصالحة الخاصة على مصلحة أمه وأبيه وأبنه وبنيه!
- لاقيته في مراتٍ قليله ، يتوسل إلى الله ليل نهار النجاة من العسكرية !
- لاقيته مراتٍ ومرات ومرات ..تتفاوت بين خيرٍ مقصود وشراً غير مقصود !


وبعد عقدين من الزمن أو أكثر ..جمعني جامع بأمي فتأملت تضاريس محياها حفظها الله ، وهي تحادثني ذات مساء رائق النسمات ،عن الحياة القديمة يوم كانت تعتصرهم عصراً مبرح وتمزق أثوابهم التي أهلكها غسلها غلياً ،وأنها ما كانت لتتخذ يوماً للزينة ..فقط للستر !
سألتها يا أمي .. مما تخافين ؟!
أطرقت وأومأت بوجهها الطيب نحوي وكأنها تنظر إلي .. ولأني أعرف بصيص النور الذي ترى من خلاله وجهي وأني أمامها كالسراب ، اقتربت إليها حتى لمست ركبتاي أصابع قدميها الملونة بزرقة "الميكروكورم"
سحبت يدها وقبلتها . وسألتها يا أميمتي مما تخافين ؟!
رفعت أصبعها إلى السماء (وقالت : الخوف من الله يا وليدي والخوف من اللي ما يخافه )

رفعت رأسي لأتأمل سقف الغرفة ، فرأيت ثرية جميلة متوهجه الأنوار ترسم على الحيطان أشكالاً خلاّبة تأسر الناظرين .. قلت في نفسي الحمد الله الذي علمني كيف تُنزع المروحة المزعجة وتستبدل بهذا البهاء الساطع!






ملاحظة : يجب أن يكون الشرطي ضميراً للخير قواداً للحب والتآلف مؤهلاً تأهيلاً كاملاً يعي فنون التعامل السمح،تغطي وجهه ابتسامة مشرقة،خاصة أولئك الواقفين في نقاط التفتيش ..






التوقيع

[align=right]أنا لا أبدل أحزان قلبي بأفراح الناس ،ولا أرضى أن تنقلب الدموع التي تستدرها الكآبة من جوارحي وتصير ضحكا![/align][align=center]أتمنى أن تبقى حياتي ( دمعة وأبتسامة )[/align]

رد مع اقتباس
 
مواقع النشر
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 06:15 pm.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة