تجاوز اليتيم الابتدائية إلى المتوسطة الحياة هي هي في غالب الأحيان إلا أن التغير يبدو طفيفا لأن التغيير من قبله ..ربما من أول وهلة نلقي باللائمة على أصحاب القرار لكن النفوس تمل والأعمال تكل ،والإنتاج المستمر عصي على روح بشرية تشعر أن ما تقوم به وظيفة دنيوية ..والأعمال المرتجلة جيدة وتعبر عن نفس وثابة لكنها سرعان ما تموت لافتقارها عنصر التخطيط والتنظير الواقعي ..مرت السنون مسرعة حافظة بعض المواقف الجميلة حانقة على مواقف أخرى لم تكن جيدة لاستعجال في الحكم على الذوات وضعف تربوي في التعامل مع هذه الفئة ..تتردد الكثير من الأحكام العمومية من قبل عاملين أو متعلمين فالصنف الأول بعيد عن العلم والصنف الآخر بعيد عن الميدان وساعة الالتقاء محدودة والنتيجة جور في الحكم ومثالية في التنظير والضحية نسمة مؤمنة ليتها سارت كما تسير غيرها دون مرور بقنوات اجتهادية التي تفقد الخطام وتسبب الزحام ..نعم لاينكر ما يبذل من الحيثيات المادية تهتم بالشكل الظاهر لكل يتيم لكن القلوب تتفطر عندما تجد اليتيم بعيدا عن العلم والعلماء بعيدا عن أهل الثقافة والفكر ثم يأتيك المتعلم الخبير ليقول هذه عادة أبناء هذا الزمان .وتلك جهالة مركبة هي السبب في زراعة اليأس وسقيها في نفوس الناشئة والعاملة .تخرج إلى الثانوية أدرك حقيقة نفسه ..عرف ما يزينها ويشينها ..تبدو لغته الاجتماعية ركيكة لاختلاطه باللسان الأعجمي منذ صغره ولعشقه العزلة وقت بلوغه على أن المساعي الصادقة تمشي الهوينا في تدارك ابن السادسة عشرة ليبدع في لهجته السعودية ويغني بالولاء الوطني من صميم قلبه ليقول أنا مسلم سعودي وتلك محمدة في حق أهل السعي والرائد لا يكذب أهله ..تجاوز اليتيم عقبات نفسية مع نفسه لصدق في بعض الموجهين على الصعيد التربوي وعلى الصعيد الإداري والبعض من الأيتام ربما قصر فهمه عن تقلبات الحياة وقسوة الجدية وصعوبة الصعود في أوساط نازلة ترضى بالدون لاختلال في القيم وهشاشة في المفاهيم ولتقصير من القنوات المباشرة المسؤولة عن تلك الفئة الغالية..وعتاب في ثمرة ليس فيها ثمرة ..بدأ اليتيم بدعك عينيه ليرى المجتمع من عدسته الخاصة بعيدا عن الغلاف إلى السطور ليحكم بنفسه حتى يُحكم نفسه .لقد اهتم بتحصيله الاجتماعي والدراسي في مرحلة الثالث الثانوي ..تعلم أن طريق الإبداع يمر بهم ثم عزم ثم إرادة ثم إدارة ..ويتيم غيره سلك طرقا أخرى هي نجاح عند صنف يمقت الخير ولايتقبله استغل ضعفه بعد ما نامت عيون وتيقظت عيون وصاحب المبدأ لا يخضع للتوافه ولا ينبغي لمسلم أن يذل نفسه لهفوة أو شهوة ورحمة ربنا واسعة ..إن البعض منا يتصور أن مفردات الاحتواء والإيواء هي للصغار الرضع لكن الصحيح في نظري أن الشباب أكثر حاجة للرعاية والمساعدة والمعاونة من غيرهم لأن الطرق كلها تؤدي والنهايات مختلفة وزمن الإمكان منا بمكان ومعرفة ذلك هي من طبيعة أهل التجربة والبرهان ..لكن المشكلة تكمن عندما يتخرج إلى الجامعة حيث التخصصات الوافدة والكثيرة في دراسته وحياته ثم لايجد إلا نفسه وحيدا يرغب في الاستشارة لكن فاقد الشيء لايعطيه ومحولة التفلت من الأعمال أداء دنيوي لكنه خلاف الأداء الأخروي ولأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ..ملفات عديدة يصعب حصرها لحاجات مابعد العشرين لليتيم (دراسة وزواج ومركبة وهندام وبيت مستقل)ربما يسهل حصولها لكن يصعب لمها وشتات المتطلبات تعطل السير وتقتل الإبداع والمواهب.إنني أرجو إعادة التصور حول واقع هذه الفئة الذين تجاوزوا مرحلة العشرين من خلال إعداد جهاز وزاري يتسم بالحيادية والموضوعية يرسم خطة ويمشي خطوة ثم تأتي الخطوات لتكون بذلك قد ساهمت في صناعة الأيتام صناعة بديعة تستوردها كل المنظمات الإنسانية والدولية..إن شريعتنا الغراء أعطت الأيتام مساحة كبيرة من الاهتمام فالسلطان وليه والمؤمنون إخوته ..وتأديبه يكون من منطلقات الدين لا من سفاسف الحضارات ومخلفات المدنية ..والمجتمع الإسلامي أسرته ولهم من بيت المال مايكفل حاجتهم ويقطع عوزهم دون ذل وانكسار ورعايته وحضانته طريق نهايته الجنة ..ربما طلبنا المستحيل لكن البداية في تقبل الموضوع هو زوال المستحيل والعناية بالإنسان أولى من تشييد البنيان مع على المحسنين من سبيل والله يحب المحسنين.
العرض العادي
