[align=center]تم إلقاء القبض عليه ببركة حرف الذال !!
كي تكون محترفاً في الكتابة الإليكترونية، لا بد أن تلم بأسرار لوحة المفاتيح ! المفتاح الأول لولوج عالم الكتابة الإنترنتيّة، وأعظم سرٍ في تلك اللوحة التي تجمع فتات الحلويات، وشعر الذقن وقشرة رأسك غير النظيف، وقطعٍ من ساندويتش الشاورما، يكمن في حرف الذال ! حرف الذال الذي تعلو هامته الشدة والمدة، وهو حرف منفرد بذاته عن بقية أحرف الكي بورد، حيث لا يشاطره حرف أجنبي المكان ولا الرسم .
وقد ميّز صناع الكي بورد هذا الحرف بسرٍ غريبٍ، حيث قاموا بوضعه في أقصى يسار لوحات المفاتيح، وقد استعصى عليّ حيناً من الدهر في البحث عنه بين صفوف الأحرف والأرقام والرموز، حتى تمكنت ومن خلال التدريب المستمر من ترويضه ليصبح طيعاً رقيقاً أمام أناملي، وكم عانيت كثيراً في تدريب بعض المريدين لعلوم الحاسب الآلي، المنتسبين لدورات معالجة النصوص وإدخال البيانات، في إرشادهم لكيفية النقر المباشر على حرف الذال ذا الأمد البعيد بدلاً من حرف الدال !
كان حرف الذال كابوس حياتهم الأوحد، وهو الحرف الوحيد من بين جميع أحرف لوحة المفاتيح، الذي ارتفعت لأجله مختلف أصوات المنتسبين لدورات معالجة النصوص وإدخال البيانات، أستاذ وين حرف الذال !؟
يقول بعض أشباح الإنترنت : لكي تكون طويل اللسان على الحكومات والأشخاص، ومؤسسات المجتمع الديكتاتوري والديمقراطي على السواء، لا بد أن تكون طويل اليد والأصابع لتنقر ذلك الحرف الذي لا يستهان به في عملية الكتابة الإليكترونية الموضوعية أو غير الموضوعية، فأنت تكتب به مثلاً أسماء الإشارة التي تعبر بها ومن خلالها عن الشخص الذي سيتم سحله في المنتدى .
لاحظ كلمات ( ذلك اللص، هذا المرتزق، ذاك الظالم، هذه التافهة ! ) هذه الألفاظ تتعامل بكثرةٍ مع حرف الذال بعيد المدى، ولكي تصل إلى مقام النقد الهادف أو غير الهادف في أي منتدىً إليكتروني أو جروبٍ أو مجموعةٍ إخباريةٍ معنيةٍ، ولتلمّ بسر السحل والتشريح، والهدم والتجريح، لا بد أن تصل إلى حرف الذال الموجود بجانب الرقم واحد في لوحة مفاتيحك !
عندما كنت أراقب صناعة الأجهزة الحاسوبية عبر غاراتي المتعددة على محلات بيع الأجهزة الإليكترونية، كنت ألحظ أمراً مريباً في تلك الصناعات ! إجماع دولي شبه عامٍ على رمي حرف الذال في الزاوية اليسرى لجميع لوحات المفاتيح من مختلف بقاع الدنيا .
وقفت شخصياً على مختلف لوحات المفاتيح، وكان قاسم الهم المشترك لجميع المصانع الغربية والصينية، إضافة مختلف الأزرار الجديدة غير القياسية إلى لوحات المفاتيح، والتي تسهل لك عملية التعامل مع نظام تشغيلك، أو الإبحار في عالم الإنترنت المثير، كنت أرى على سبيل المثال أن هناك أزراراً جديدةً لإغلاق جهازك الحاسوبي دون العودة إلى قائمة ابدأ من نظام التشغيل مثلاً، أو زر غريبٍ ييسر لك فتح نافذة الخصائص من نظام التشغيل، زر رابع خبيث للغاية ! يخفي جريمة تصفحك، فيعطيك بكبسةٍ واحدةٍ سطح المكتب إذا تطفلت عليك زوجتك أو مديرك في العمل، بلمسة زرٍ واحدةٍ تقوم بإخفاء جميع النوافذ، بما فيها نافذة الماسينجر، بوابة العلاقات العاطفية البريئة وغير البريئة !
وما بين الدل والذال اقترب للناس حسابهم وهم في غفلةٍ معرضون ! دخلت شركة دل الأمريكية على الخط، فقّربت البعيد، ويسرت العسير، وكأن لسان حالها يقول : الناس سواسية كتشابه الدال والذال في الرسم العربي، اقترب الذال بفضلها إلى زر العمليات التنفيذية ( الإنتر ) وحدة الإدخال في لوحة المفاتيح، زيّن ( مايكل دل ) صاحب شركات دل الحاسوبية الرائدة، زين لك سوء عملك بأن عملية النقد والسحل لأي شخصٍ أصبحت في متناول الجميع !
أدرك جيداً أنك لن تشرع في نقد أي مسؤولٍ في الدولة إلا بعد أن يرتفع صوتك النشاز مرةً أخرى : أستاذ وين حرف الذال !؟ وسيكون سؤالك هذه المرة عقب اقتناءك للوحة المفاتيح الجديدة، ذات التصميم المتميز من شركة دل الأمريكية، لقد اقترب حرف الذال منك، واقتربت باقترابه منك إلى حتفك !
انظر إلى أسفل اللوحة، الجهة اليمنى أيها المريد، قرب وحدة الإدخال إنتر، هناك حرف الذال، يقبع في هدوءٍ وقد رسم على شفتيه ملامح ابتسامةٍ خبيثةٍ ماكرةٍ، نعم أحسن الله إليه، اضغط عليه برفقٍ واكتب .... ذلك المرتزق الحقير، هذا المسؤول الفاسد، ذلك الظالم، ذلك اللصان ...... وكل عامٍ وعصا القانون ترفرف فوق رأسك كالمروحة، ببركات حرف الذال المشؤوم !
حسن مفتي
كاتب سعودي
الخفاش الأسود (سابقا)[/align]
العرض العادي
