العودة   منتدى بريدة > منتدى المجلس العام > المجــلس

الملاحظات

المجــلس النقاش العام والقضايا الإجتماعية

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 13-04-18, 02:35 am   رقم المشاركة : 1
شامة نور اليقين
عضو محترف






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : شامة نور اليقين غير متواجد حالياً
سر عزة المسلم


سر عزة الإسلام والمسلمين وقوتهم وتقدمهم على غيرهم


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فما من مسلم حريص على اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على نهج سلف الأمة، إلا وهَمُّه وهِمَّتُه إرجاع عزة الإسلام والمسلمين، هذا لا يختلف فيه اثنان، كما أن الجميع منّا على يقين تام مِن أن السبيل إلى ذلك بالرجوع إلى دين الله تعالى.



لكنْ هناك أصل مهم جدًّا لا بد منه قبل الرجوع إلى الدين؛ لأن الرجوع إلى الدين مبني عليه، بحيث إذا وُجد هذا الأصل تحقق الرجوع، وإلا انعدم الرجوع ولم يتحقق، وهذا الأصل المهم هو الخوف من الله تعالى وخشيته.



ولا أريد أن أقف هنا على ذكر تعريف الخوف والخشية، ولا ذكر فوائده على القلب والجوارح، والذي أريد أن أبيِّنه هنا: كيف وصف السلفُ الخوفَ من الله تعالى، وما أكبر أثره في المجتمع الإسلامي والكُفري.



وعلى هذا، فمن أحسن ما قيل عن الخوف من الله تعالى، هو: أنه سوط الله يسوق به عباده إلى المواظبة على العلم والعمل؛ لينالوا بهما القرب من الله تعالى، والعزة، والكرامة[1].



قلتُ: هذا الوصف للخوف - والله أعلم - في قمّة الحسن، فقول السلف: إن الخوف من الله تعالى: سوطه الذي يسوق به عباده= هذه مرحلة قبل الرجوع إلى الدين؛ أي إنه قبل الرجوع لا بد من العلم، وهو التفقه في دين الله على أدلة الكتاب والسنة، ثمّ هذا العلم الصحيح يؤدي إلى مرحلة ثانية، وذلك بنقل المسلم إلى العمل به في الحياة المُعَبَّر عنه بالرجوع إلى الدين؛ لأنه لا رجوع إلى الدين بلا عمل، كما لا يخفى.



تأمل قول السلف ما أحسنه: "سوط الله يسوق به ="، ولم يقولوا: "يضرب به"، ولا: "يُخوّف به"؛ لأن الجاهل مهما خوّفته وضربته بمجرّد أن يولي ظهره سيخالفك ويخونك، والله سبحانه تعالى يريد أن يُربّي عباده على الخوف المبني على العلم به، وبأسمائه وصفاته، وحدوده وفرائضه، وهو الخوف الذي يجذب في نفس الوقت محبته وتعظيمه وتوقيره، فقولهم: "سوط الله يسوق به ="؛ كأنهم أرادوا أن يقولوا: لا تَقِف ولا تَمْشِ، وإن مشيتَ فلا يمين ولا شمال= إلا ومعك دليل العلم والعمل.



أما فائدة الخوف من الله تعالى في المجتمع الإسلامي، فهي التمكين في الأرض، والأمن والأمان، وحبّ الجهاد في سبيله، وأما في المجتمع الكفري: فالخوف من المسلمين، ومن مواجهتهم، وتسليم دولتهم وشعبهم لهم.



سأذكر ثلاث قصص عن عزة الإسلام في زمن الصحابة، ومَن بعدهم؛ حتى يتبيّن لنا سرّ عزتهم وقوّتهم.



القصة الأولى: أرسل خالد بن الوليد رضي الله عنه رسالةً إلى كسرى، وقال: أسلِمْ تَسلَم، وإلا جئتك برجال يحبون الموت كما تحبون أنتم الحياة.


فلما قرأ كسرى الرسالة أرسل إلى ملك الصين، يطلب المدد والنجدة، فرد عليه ملك الصين قائلاً: يا كسرى، لا قوّة لي بقومٍ لو أرادوا خَلْعَ الجبال من أماكنها لَخَلَعُوها[2].



القصة الثانية: من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أما بعد: فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ، وأقامت نفسها مقام البيدق، فحملت إليك من أموالها؛ وذلك لضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي هذا فاردد ما حصل قِبَلَكَ، وافتدِ نفسك، وإلا فالسيفُ بيننا، فلما قرأ الرشيد الكتاب اشتد غضبه، وتفرق جلساؤه خوفًا من بادرة تقعُ منه، ثم كتب بيده على ظهر الكتاب: من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قرأت كتابك يا بن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، ثم ركب من يومه، وأسرع حتى نزل على مدينة هرقلة، وأوطأ الروم ذلاًّ وبلاءً، فقتل وسبى، وذل نقفور، وطلب الموادعة على خراج يحملُه، فأجابه، فلما رد الرشيد إلى الرقة نقض نقفور، فلم يجسر أحد أن يبلغ الرشيد، حتى عملت الشعراء أبياتًا يلوحون بذلك، فقال: أَوَقَدْ فعلها؟ فكَرَّ راجعًا في مشقة الشتاء، حتى أناخ بفنائه، ونال منه مراده، وفي ذلك يقول أبو العتاهية:



ألا نَادَتْ هِرَقْلَةُ بالخراب
مِنَ الملِكِ الموفَّق للصوابِ
غدا هارونُ يُرعِد بالمنايا
ويُبرِق بالمُذَكَّرَةِ الصعابِ
ورايات يحلُّ النصرُ فيها
تمُرُّ كأنها قِطَعُ السَّحابِ[3]


القصة الثالثة: ما تواتر في كتب التواريخ التركية أن السلطان سليمان القانوني رحمه الله لما سمع أن في فرنسا أحدثوا الرقص بين الرجال والنساء، كتب إلى ملك فرنسا قائلاً: بلغني الخبر أنكم أحدثتم رقصة فحشاء بين الرجال والنساء، ولما يأتيك رسالتي إما أن تمنعوا هذا الفحش بأنفسكم، أو أتيتُ إليكم، ودمّرتُ بلادكم، وبعد هذه الرسالة لم يكن الرقص في فرنسا مائة سنة.



وجه الاستشهاد بهذه القصص هو خوف الكفرة من مواجهة المسلمين، والسبب أن المسلمين لا يخافون من أحد إلا الله تعالى، من أجل ذلك قال ابن القيم رحمه الله: "من خاف الله، خافه كل شيء، ومن لم يخف الله، أخافه من كل شيء"[4].



ولذا؛ لما فَقَدَ مسلمو آخر الزمان الخوفَ من الله تعالى بسبب عدم تفقههم في دينه كما ينبغي، فقدوا العزة والقوة والكرامة بسبب عدم العمل بشرعه، وصاروا غثاء كغثاء السيل، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها))، قالوا: يا رسول الله، أَمِن قلةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: ((بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكن تكونون كغثاء السيل، ينزع الله المهابة من قلوب عدوّكم (بسبب جهلكم الذي أدى إلى عدم الخوف من الله تعالى حتى تركتم العمل بشرعه)، ويجعلها في قلوبكم (لأن من لم يخف الله تعالى أخافه من كل شيء)، ثم يجعل في قلوبكم الوهن))، قالوا: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: ((حب الحياة، وكراهية الموت))[5].



فيا أمة الإسلام، شريعة الكمال تشكو من الإهمال، ألا تفقّهتم في دين الله؛ حتى تصيروا من الأبطال!



نحن بالإسلامِ صِرنا خيرَ مَعْشَرْ
وحَكَمْنا باسمِهِ كِسرَى وقَيْصَرْ
وَزَرَعْنَا العَدْلَ في الدنيا فَأَثْمَرْ
ونشَرْنَا في الوَرى "اللهُ أكبرْ"
نحن بالإيمان أحْيَيْنَا القُلوبْ
نحن بالإسلام حرّرنا الشُّعوبْ
نحن بالقرآن قوَّمْنَا العُيوبْ
وانطلقنا في شمال وجنوبْ
نحن بالأخلاق نوَّرْنا الحياهْ
نحن بالتوحيد أعلَيْنا الجِباهْ
نحن بالفرقان علّمْنا الرُّعاهْ
نحن بالتكبير زَلْزَلْنا الطُّغَاهْ

• • •

أنا إِنْ سألت القوم عَنِّيَ مَن أنا
أنا مؤمن سأعيشُ دَوْمًا مُؤمِنَا
فلْيعلمِ الكفَّارُ أنِّي ههُنا
لَن أَنْحَنِي لن أَنْثَنِي لَن أَرْكَنا
أنا مسلمٌ هل تعرفون المُسلِما
أَنا نُورُ هذا الكَوْنِ إنْ هو أَظْلَمَا
أنا في الخَلِيقَةِ رِيُّ مَن يشكو الظَّما
وإذا دَعَا الدَّاعي أَنا حَامِي الحِمى
أنا مصحفٌ يمشي وإسلامٌ يُرى
أنا نَفْحَةٌ عُلوِيَّةٌ فوْقَ الثَّرى
الكَوْنُ لي ولخِدمَتِي قد سُخِّرا
ولِمَنْ أنا؟ أنا لِلذي خلَقَ الورى
ما لي سِوى نَفْسٍ تعزّ على الشِّرَا
قد بِعتُها لله، واللهُ اشترى[6]

[1] انظر: مختصر منهاج القاصدين للمقدسي (ص/ 64)، ونحوه في "مدارج السالكين" لابن القيم (ص/ 513)، والرسالة القشيرية (ص/ 24).

[2] البداية والنهاية (7/ 145) باختصار وتصرف.

[3] العبر في خبر من غبر؛ للذهبي (1/ 228).

[4] بدائع الفوائد؛ لابن القيم (2/ 470) مكتبة نزار مصطفى الباز - مكة المكرمة، ط-الأولى: 1416هـ.

[5] أخرجه أبو داود في "السنن" (4299)، وأحمد في"مسنده" (2/ 359)، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بإسناد صحيح.

[6] الماضي المجيد؛ لوحيد عبدالسلام بالي (ص/ 234).



رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/78306/#ixzz5CV1jjcLx







الصور المرفقة
لمشاهدة المرفقات يجب ان تكون عدد مشاركتك 10 او أعلى. عدد مشاركتك الحالية 0 .

رد مع اقتباس
إضافة رد
مواقع النشر
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 12:48 am.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة