لمعرفة أحد ما هل هو عربي أم عجمي، لا بد من الرجوع إلى أحكام الدين الإسلامي في هذه المسألة:
تحريم الصدقة على بني هاشم واستحقاق نصيب من الخمس ثبت لهم باعتبار النسب وإن صارت ألسنتهم أعجمية .
حكم اللسان العربي وأخلاق العرب يثبت لمن كان كذلك وإن كان أصله فارسيا وينتفي عمن لم يكن كذلك وإن كان أصله هاشميا.
والمقصود من النهي عن التشبه بالأعاجم إنما العبرة فيه بما كان عليه صدر الإسلام من السابقين الأولين فكل ما كان إلى هداهم أقرب فهو المفضل وكل ما خالف ذلك فهو المخالف سواء كان المخالف ذلك اليوم عربي النسب أو عربي اللسان وهكذا جاء عن السلف:
فروى الحافظ أبو طاهر السلفي في فضل العرب بإسناده عن أبي شهاب الحناط حدثنا جبار بن موسى عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي قال: "من ولد في الإسلام فهو عربي".
وهذا الذي يروى عن أبي جعفر لأن من ولد في الإسلام فقد ولد في دار العرب واعتاد خطابها وهكذا كان الأمر
وروى السلفي عن المؤتمر الساجي عن أبي القاسم الخلال أنبأنا أبو محمد الحسن بن الحسين التولخي حدثنا علي بن عبد الله بن بشر حدثنا محمد بن حرب النشائي حدثنا إسحاق الأزرق عن هشام بن حسان عن الحسن عن أبي هريرة يرفعه قال: "من تكلم بالعربية فهو عربي ومن أدرك له اثنان في الإسلام فهو عربي".
فهنا إن صح هذا الحديث فقد علقت العربية فيه بمجرد اللسان وعلقت في النسب بأن يدرك له أبوان في الدولة الإسلامية العربية
وقد يحتج بهذا القول أبو حنيفة على أن من ليس له أبوان في الإسلام أو في الحرية ليس كفؤا لمن له أبوان في ذلك وإن كان في العجمية والعتاقة
ومذهب أبي يوسف ذو الأب الواحد كذي الأبوان
ومذهب الشافعي وأحمد لا عبرة بذلك ونص عليه أحمد
وقد روى السلفي من حديث الحسن بن رشيق حدثنا أحمد بن الحسن بن هارون حدثنا العلاء بن سالم حدثنا قرة بن عيسى الواسطي حدثنا أبو بكر الهذلي عن مالك بن أنس عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: "جاء قيس بن مطاطة إلى حلقة فيها صهيب الرومي وسلمان الفارسي وبلال الحبشي فقال هذا الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة هذا الرجل فما بال هؤلاء فقام معاذ بن جبل فأخذ بتلابيبه ثم أتى به إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره بمقالته فقام النبي صلى الله عليه و سلم مغضبا يجر رداءه حتى دخل المسجد ثم نودي إن الصلاة جامعة فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس إن الرب رب واحد والأب أب واحدوالدين دين واحد وإن العربية ليست لأحدكم بأب ولا أم إنما هي لسان فمن تكلم بالعربية فهو عربي فقام معاذ بن جبل فقال بم تأمرنا في هذا المنافق فقال دعه إلى النار فكان قيس ممن ارتد فقتل في الردة" .
لذلك يتضح أن العروبة لسان وذرية سيدنا إبراهيم عليه السلام الذين استقروا في ديار العرب وتكلموا العربية فهم عرب وهذا لا يستلزم أن يكون سيدنا إبراهيم عربيا.