العودة   منتدى بريدة > المنتديات الأدبية > ديوانية الشعر والأدب

الملاحظات

ديوانية الشعر والأدب كل مايتعلق بالشعر والأدب من نظم الكاتب أو من منقوله

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 25-02-17, 07:27 pm   رقم المشاركة : 1
جزيرة
من أعمدة المنتدى
 
الصورة الرمزية جزيرة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : جزيرة غير متواجد حالياً
على ضفاف الجرح ... بقلمي


على ضفاف الجرح






[overline]( 1 ) [/overline]




الجميع منشغل إلاهي ....ناديه تحدث أمل ,وهند تحدد لشفتيها لونا أحمر ......وساميه ترسم بعض الزهور ...وهي ....ما فتئ لسانها يردد ذكر الرحمن ........ثم فتحت كشكولها ودونت أعلى الصفحة .......أدب أندلسي المحاضرة الأولى ...الدكتور .......
التفتت إلي بحكم أنني أقربهن وقالت بابتسامه هادئة :"وفاء أتعرفين اسم دكتور المادة ؟"
فقلت :"نعم الدكتور ..(سليم ),ولكن قبل يومان ,سمعت رئيسة القسم تتحدث بالهاتف عن اعتذاره
وندب أستاذ من كلية الآداب في جامعة الملك سعود لايحمل إلا الماجستير ,يقال أن اسمه عدنان "
غيمه سوداء اظلت وجه رنيم ,أثناء حديثي معها وتابعت بابتسامه ذات مغزى :"مازال البحث جاريا لمعرفة المزيد"
شيء ما فاجأها , فعلقت عيناها بالسقف ....ولم أشأ إفساد هواجسها فتركتها وعدت إلى فضولي أراقب الطالبات ..وفي مكمن سري أفكر فيها
....دائما في صمت وإن تحدثت فبكلمات قليلة العدد عميقة المعنى ,تملك المقدرة في إيصال أفكارها لسامع بصورة واضحة تماما ..فنادرا ما تجلس في مجموعة ..فأغلب وقتها تقضيه في المكتبة
..,مهتمة بالتاريخ ,ومع ذلك فهي في قسم اللغة العربية ...كل ما نعرفه عنه أنها وحيده أبيها الذي لاتراه إلا في عطلة الأسبوع لإنشغاله في إدارة الميناء ,اعتمدت على تربية جدتها لها بعد وفاة أمها ....افقت من أفكاري على سؤالها :
_"أهو مواطن أم متعاقد"
لم أعي ماتعني فسألتها
_"من تعنين ؟"
فقالت بشيء من الجدية :"الأستاذ , أستاذ المادة!""
فأجبتها بشيء من الغباء:" أتقصدين الأستاذ عدنان"
هزت رأسها موافقة....فقلت :"بل مواطن ,ومن هذه المدينة أيضا ...أخ ناديه يعرفه في الجامعة "
زمت شفتيها , وعادت ..سحابة السواد من جديد على وجهها ...
ماذا دهاها ؟وحقيقة لاأستطيع سؤالها فهي لا تسمح للاخرين لمعرفه أسرارها ... انتبهت على صوت يخرج من سماعات في الحائط ...دليل على أن الأستاذ يستعد لبداية المحاضرة ....
فهرعت الطالبات لفتح الشاشات وتجمهرهن حولها, .
.........وأخيرا خرجت صورة الأستاذ على الشاشة ,وصاحب ذلك صراخ الإعجاب من قبل الطالبات ,...بالرغم مني رنت مني إلتفاته إلى الشاشة
,لتقع عيني على رجل منحه الله جمالا..كاملا..,وجهه كالبدر يتدلى على جبينه بعض من خصلات شعره, ونظاره بيضاء وعينان كالصقر وملامح حادة متناسقة تمتمت بانبهار ...."ياللروعة"...التفتت رنيم إلي بغضب وقالت :"حتى أنت ياوفاء!!"
خجلت , حاولت أن أنقذ نفسي من الموقف فسألتها:
_"أيوجد في المكتبة مراجع للمادة ؟"
فقالت بعد ان أخرجت ورقة عليها أسماء كتب كثيرة, وتابعت :
_"حتى المصادر موجودة بكثرة"
فقلت :"جيد."....
وقبل أن أكمل ...ارتفع صوت الأستاذ مرحبا بالطالبات ,ومهنئا بالعام الدراسي الجديد, وبدأ يعرف عن نفسه :
_"عدنان أحمد ماجستير بالأدب الأندلسي ......"رنا مني التفاته إلى رنيم فدهشت حين رأيت يدها تتكور وسط صدرها متكور على نفسها ...
واصل الأستاذ حديثه بقوله :
_"تهمني القراءة الخارجية وسعة الاطلاع , ولا تتوقع طالبة أن تنال درجة الإمتياز إلا بعد جهد بذلته "وهمست الطالبة بقولها :
_"يكفي أن نرى طلعتك ياأستاذ "
وترتفع الايدي لالتقاط صور له بأجهزتهن ..


...واستمر الأستاذ في حديثه عن طريقته في التدريس وماذا يريد , وما لا يريد, وتستمر رنيم بشد القبض على يدها ويدها الأخرى على ورقة المراجع
..
وتنتهي حالة الارتباك بأن انتصبت واقفة, واستأذنت من المشرفة وخرجت....
...أغلب الطالبات دهشن كما دهشت لتصرفها ,أكاد أعدها على أصابع اليد المرات التي تخرج منها رنيم من المحاضرات .....
الأستاذ مازال يتحدث ويطنب في القول على طريقته :
_"على كل طالبة أن تستعد في كل محاضرة لسؤالها عن المحاضرة السابقة ,وسوف تخصص عشر درجات لذلك , فلا أقل من مرجعين , ويكتفى بمصدر واحد "
يقلب الأستاذ أوراقه ويتابع :
_"هل من سؤال فيما سبق "
يسود الصمت ويعلو الضحك في احدى أنحاء القاعة من مجموعة طالبات أطلقن على أنفسهن "طوف الحمامة "
ويصاحب ذلك الضحك أن يتقاذفن بقصاصة من الورق ....دفعني الفضول لمعرفة مابها....ولعل الله فقذفت بقدرته إلي ,وأخفيتها بسرعة البرق بين أوراقي
ونهضت أحدى الطالبات وسألت الأستاذ إن كان هناك نصوص أم يكتفى بدراسة الأدب , فأجاب الأستاذ :
_"لا يمكن أن يتجسد لنا مستوى الأدب إلا بدراسة النصوص , فالنصوص هي الروح التي تبعث الحياة في جسم الأدب "
وفي أثناْ ذلك ولجت رنيم بهدوء وسكينة إلى القاعة ,فصمت الأستاذ عن الكلام قليلا وقال حانقا:
_"أيتها المشرفة ما اسم هذه الطالبة المستهترة التي لم تهتم بموعد المحاضرة وتعاقب فتكون عبرة لغيرها....."
وكانت رنيم قد توقفت عن المشي تسمع حديث الأستاذ وحينما انتهى التفتت نحو المشرفة راجيه ,فأشارت المشرفة بيدها مطمئنة ,وتوجهت إلى أقرب سماعة وقالت :
_"نعم أستاذ , أنا المشرفة "
فقال وهو مازال ا:
_"كيف تسمحين لطالبة أن تدخل إلى المحاضرة متأخرة ..ألست مسئولة عن انتظام الطالبات قبل بدء المحاضرة"
فأجابت المشرفة بأدب:
_"عفوا أستاذ , فهذه الطالبة مستأذنه قبل قليل وها هي عادت "
ألجمته الإجابة, صمت قليلا ,, وقال :
_"حسنا نكمل المحاضرة "
عادت رنيم الى مكانها ,و أسندت رأسها بين يديها , ثم مسحت وجهها براحتيها ,اسندت ظهرها إلى الكرسي , أخرجت تنهدا ساخنا ثم علقت نظرها إلى السقف ....وكل ذلك وأنا أراقبها , والأستاذ مازال منهمك في مقدمته .
وحينما شارفت المحاضرة على النهاية القى الأستاذ قنبلة بقوله:
_"........وبالنسبة للامتحان الفصلي فنصف الدرجة تمتحن شفهي ....والذي يعتمد طريقة إلقاء النص شعري أو نثري وبعض الأسئلة العامة عن المادة , والنصف الآخر امتحان تحريري والذي يعتمد على صياغة الأساليب الأدبية وجودة الخط علاوة على إتقان المادة العلمية"
فعلت الضجة في أنحاء القاعة استنكارا لحديث الأستاذ , والكل يشجب ..ويرفض طلب الأستاذ ,لكن لم تتقدم أي طالبة واستمر الحال لمدة خمس دقائق ...فطفح كيل الأستاذ وطلب أن تتقدم احدى الطالبات لتخبره بالأمر الجلل, الذي وقع في القاعة فأحدث ما أحدث ...فتقدمت أسماء _قائدة الفرقة _وقالت:
_"لو سمحت أستاذ "
_"نعم"
_"ما تطلبه ليس بمنصف"
فأمال رأسه قليلا مع ابتسامة لا تخلو من بعض التهكم وقال:
_"أولا ما اسمك؟"
_"اسمي .., اسمي .. أسماء "
فقال الأستاذ بسخرية واضحة :
_"ومن هو الذي ليس بمنصف يا أفعال ...عفوا
يا اسماء "
عند ذلك أرتفع صوت الضحك من الطالبات.
من كلامه هذا أحسست أنه يريد أن يضعف من موقف أسماء .صدق حسي ...فقد أجابت بتردد وكانت من قبل تحاور الأساتذة في اللقاءات العلمية :
_"أنت..حضرتك قلت ..قد ذكرت الأسلوب والإلقاء ,نعم الأسلوب , فقد اشترطت ذلك وأغلب الطالبات إن لم يكن جميعهن لا يملكن ما طلبت ,.....ثم...ثم أين مراعاة الفروق الفردية بين الطالبات ..كذلك جودة الخط الذي هو قدرة لا يملكها الكثير..."_تنفست قليلا _ثم أكملت"والطريقة ليست معهودة على الطالبات من قبل الأساتذة .....هذا ما أود قوله)
ثم صمتت لتمسح جبينها .
وكانت رنيم قد التفتت تاحية أسماء تنظر وتتابع حديثها ..وتمخص الجبل وتنحنح....وقال:
_"أولا :اللغة العربية عموما والأدب خصوصا ,تحتم على دراسها أن يتقنها تحدثا ,وإلقاءا, وتزداد روعة إن زينت بدرر من الأساليب الأدبية الغير متكلف فيها ,فيظهر روعتها وقوتها ومكانتها ....وبالنسبة للفروق الفرديه ,فأنا مراعيها ,فلم أشترط فقط المادة العلمية ’ أو الأسلوب أو الخط لكنني طلبتها جميعا , حتى الإمتحان نصفه تحريري ...ونصفه شفهي ....وذلك مراعاة للفروق الفردية ..
ثانيا:ماذكر عن الطريقة المعهودة فأعتقد أن كل أستاذ له طريقته الخاصة به ,وهو الذي يحددها ..وليس غيره...أستوعبتي ماأقول....!!!
............انخرست أسماء...ولم تعي جوابا ..وكأن أمرا ما كبل فمها .
إرتفعت عيني نحو الشاشة ...لأجد الأستاذ مبتسما إبتسامة ...فاترة محشوة بجمهور من السخرية ...ثم أستأذن وخرج ....,مع خروجه ...ارتفع صوت الطالبات تعليقا على كلام الأستاذ مكونات ...زرافات ..ووحدانا الكل ساخط من الأستاذ بسخرية وبين الفينه والأخرى يعلو صوت أسماء محتجة على طريقته وتتساءل عن ذلك الأسلوب الذي يريده أن تنتهجه في الأمتحان ويبلغ منها الغضب مبلغه فتنطلق كلماتها النارية قائلة :
_"سأقدم بشكوى للعميدة , وعليكن أن توقعن عليها مفهوم "
ويرتفع هتاف الطالبات حولها متجمهرات بالموافقة –وكنت ماأزال جالسة بجانب رنيم أتابع معها الأحداث ...التفت إليها وسالتها:
_"مارأيك بما حدث "
– وقالت:
_"لعله من الأفضل التريث "
وحينما هممت أن أحاورها أقبلت أسماء ناحية رنيم مع حاشيتها وقالت:
_" وأنت يارنيم موكل إليك صياغة أسلوب الشكوى نريدها بأسرع وقت ممكن حتى يتسنى تبديلة بأستاذ آخر"
وبكلمات هادئة قالت رنيم :
_"أسماء هل لي أن أتكلم "
_"تفضلي " "
_"أولا اذكري الله "
_"لاإله إلا الله"
_"ثانيا: أرى التريث في أمر الشكوى ..."
_" إلا الشكوى ..."
_"أسماء ألم تعدينني !!!"
_"المعذرة أكملي "
_"أقول من الأفضل التريث في الشكوى لثلاث أسباب :
الأول :إنك لاتملكين ما تشكين به الأستاذ ,
الثاني :نجربه في التدريس فربما يكون حماس وسرعان ماينطفئ ..,
الثالث :لاأعتقد بوجود البديل إلا أستاذ عام بدليل إنتداب هذا الأستاذ من الجامعة فأرى التريث ,وسرعان ماتكشف لنا الحقائق ....وإن غدا لناظره لقريب.."
فتقول أسماء بصبر نافذ:
_"لكن سخريته لاذعة , ألم تسمعي عندما قال لي:ياأفعال ...فتجيبها رنيم ...
_"أسماء قدمي حسن الظن ,لاتتخبطين في سوئه , ثم إن هو يسخر ,أتقابلين السيئة بالسيئة..."
خفضت اسماء رأسها وزمت شفتيها وقالت:
_"حسنا لننظر ولنرى "
بعدها خرجت من القاعة تصحبني رنيم ومن خلفنا باقي المجموعة , والجميع صامت ...لعلهن يفكرن كما أفكر فيه .
ثم أنتهى اليوم الدراسي , وعدت إلى البيت ...وفي المساء تصفحت كشكولي , فوجدت قصاصة بين اوراقه فضضتها فكانت:
_"لوسمحت ياأستاذ ما نوعية الشامبو الذي تستعمله لشعرك.."!!!ابتسمت يالله عليهن ...
"
تذكرت رنيم تناولت جهازي وطلبتها فأجابتني _"قلت لها : "
_"إذا الأستاذ مواطن ,ويعرف بنات بلده والحقيقة هو فتنة امام الطالبات المستهترات , فما رأيك أن تطلبي منه بطريقة غير مباشرة أن لا يظهر في الشاشة !!!"
وكأنها ملدوغة قالت:
_"أنا ....مستحيل ......لاأستطيع أبدا..."
_"وما المانع !!"
قالت:
_"لا أريد أن أحدثه أبدا "
تفاجأت من كلامها ورددت على أسماعها :
_"لاأريد أن أحدثة أبدا! لماذا يارنيم ؟؟؟؟"
صمتت ثم قالت :
_"الذي أريد قوله ...أنه من الصعب القول للأستاذ يأن لا يظهر صورته الصوربمختلف اشكالها في متناول الجميع ,
....وفاء ,,,القضية أكبر من ظهور الدكتور في الشاشة ,بل القضية نفوس تحتاج إلى صهر من الشوائب عالقة بها , تحتاج إلى بذرة صالحة ,لتخرج عناقيد الخير , :
_"
وهكذا مرت الأيام تطوى سريعة..........ماعدا محاضرات الأدب الأندلسي.....
....فقد كان...الأستاذ ينادي بكل محاضرة مجموعة من الطالبات لسؤالهن عن المحاضرة السابقة..., أو قراءة النصوص ...وكنت عند بداية كل محاضرة يمتلكني الخوف , ويهز أعماقي , ليس بسبب المادة العلمية ......أو هول الموقف .., لكن الخوف منبعث ..من شخصية الأستاذ الساخرة ...., فأنا كأي طالبة ... لاأريد أن تمسني سخريته ..ويلدغني استهزاءه , وربما لذلك الإحترام والكبرياء الذي يلف ذاتي
......, والذي من طبيعتي ...الحمد لله ...سلم الله لم يستدعني ....ولكنه استدعى ...صديقتي ...رنيم...











التوقيع

[frame="7 50"]
نظرة عامة حولك ..تحمد الله بعدها أنك من أفراد هذا الوطن ..
[/frame]

رد مع اقتباس
قديم 26-02-17, 08:52 pm   رقم المشاركة : 2
جزيرة
من أعمدة المنتدى
 
الصورة الرمزية جزيرة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : جزيرة غير متواجد حالياً

(2)



في يوم من الأيام وكالعادة جلست رنيم في نهاية القاعة , وانا بجانبها ..حضر الأستاذ ..ثم قال : :
_"تخرج رنيم عبد الله إن كانت موجودة "
التفت إلي رنيم بسرعة , وحملقت في بعد أن أمسكت بيدي ,فقالت المشرفة :
_"نعم,إنها موجودة "
قال الأستاذ:_"إذا لتتفضل إلى السماعة مع ديوان بن زيدون ص61"
سقط الكتاب من يد رنيم , تنفست بعمق مدت يدها حيث الكتاب وأخذته بهدوء تمتمت بكلمات لم اسمعها ....وتوجهت حيث السماعة ,وأصبحت , قالت بصوت منخفض :_"نعم أستاذ "
رفعت بصري إلى الأستاذ تمعنت جيدا فأحسست ببعض الأرتباك قد تلبسه من خلال حركته الغير منضبطه بتقليب أوراقه ربما أبالغ لكن هذا ما لاحظته .
فسألها :_" ما اسمك الكامل؟؟"
قالت :_"رنيم عبد الله..... "
قال الأستاذ يستعجلها :"اسم العائلة...العائلة ماهي ؟؟؟؟"
ضغطت رنيم بشدة على الكتاب ,صمتت لحظات ,وقالت:
_"هانئ "
فصمت الأستاذ برهه..
أمر ما يختلج في صدره ....ثم قال:
_"اسمك لم يكتب بالقائمة كاملا!!......لماذا؟؟؟"
قالت رنيم في هدوء _" لا أعلم "
قال :_"اقرئي " وفتح كتابه
ارتبكت رنيم وقالت:_" كم الصفحة؟؟؟"
قال :_"61"
فتحت رنيم الصفحة المقصودة وبسرعة البرق فكانت هناك قصيدتان:-
الأولى "ما ذنبي انا" والثانية بعنوان "قبلة مسواك" .
تأملتها , واحسست بخيوط من المعاناة تمر بها ....وذلك ما عرفت عنها اشمئزازها لنوعية من القصائد الغزلية كالتي طلبها الأستاذ وكدت أجزم بإعتذارها , ولكنها لم تلبث بإن قرأت القصيدة الأولى والتي تقول :-
إن ناء فعلك بي فما ذنبي أنا
حسب المتيم أنه قد أحسنا
لم اقبل حتى كان عذرك في الذي
أبديته واخفى وعذري أبينا
ولقد شكوت بالضمير إلى الهوى
ودعوت من حنق عليك فأمنا
ثم انتهت .
وكانت القراءة رائعة وتبقى قراءة قصيدة قبلة المسواك...لكن رنيم ..صمتت قال الأستاذ:
_"اكملي"
فقالت بكلمات آليه :_"انتهت القصيدة "
فقال:_" اعني اكملي قراءة الصفحة ....يارنيم...."
رفعت بصرها إلى السقف وشدة بقبضتها إلى الكتا ب , وتنفست بعمق ,..وعادت إلى القراءة:
أهدي إليك بقية المسواك
لاتظهري بخلا بعود اراك
فلعل ....فلعل نفسي....
وصمتت رنيم.
وصمتت القاعة
,وصمت الأستاذ
,وكأنني أسمع دقات رنيم
والتي زمت شفتيها و وأغمضت عينيها وظلت واقفة .
قطع حبل الصمت صوت الأستاذ لرنيم بإكمال القصيدة للمرة الثانية , فنظرت رنيم إلى السماعة ..بحزن وقالت بشئ من الضيق :
_"لن أكمل القرآءة"
(وكانت تكملة القصيدة:-
فلعل نفسي أن ينفس ساعة
عنها , بتقبيل المقبل فاك
ياكوكبا بارى سناه سناءه
تزهي القصور به على الأفلاك
قرت وفازت , بالحظير من المنى
عين تقلب لحظها فتراك )
فقال الأستاذ :-_"ولماذا؟؟"
قالت وهي تحاول أن تتمسك بهدوئها :
_"لأنها سخيفه "
فقال الأستاذ وقد طاش غضبا :
_"وأنا آمرك بمتابعة القراءة "
فقالت بعدما اختنق صوتها " لا أستطيع"
فقال الأستاذ وهو متفجر غضبا :
إذا ..اعتبر ذلك رفض لأمر الأستاذ المادة ...,وفرض رأيك على رأي الأستاذ بقولك سخيفة ,....بل وتحدي
.......من ألآن أنت محرومه عشر درجات من اعمال السنه .......
وبهدوء تركت رنيم السماعة على الطاولة وتناولت كشكولها ,وخرجت أمام دهشة الجميع
,بل انصدمن الطالبات بأن تقوم المثالية بالكلية على هذا التصرف....
أما أنا فتحقق لدي أن هناك أمرا ما خلف الكواليس لا أعرفه في
ذات رنيم
...فتصرفها ليس طبيعيا ,وكان بإمكانها القرآءة ثم تتفاهم مع الأستاذ لاحقا...لكنها لم تفعل للأسف ...
أفقت على وعيد الأستاذ :_"لرنيم ستندمين على تصرفك والأيام .....ستثبت ذلك...عودي إلى مكانك.."
وكان يظن أنها مازالت موجوده في القاعة.
أكمل الأستاذ الشرح بدون اسئلة..فنهضت من مكاني واستأذنت المشرفة وخرجت...واتجهت ناحية استراحة المجموعة فوجدتها جالسه صامته ,....وقد نشرت الكآبة جناحيها حولها
اقتربت منها ...جلست قبالها ...رفعت رأسها بيدي ........فكانت ساخنة كالمدفئة ..ناديتها بكلمات هادئه:-
_"رنيم لا تحزني ,فأنت تملكين مبادئ سامية "
فلم تزل صامته
حاولت ان أنقب عن كلمات تناسب حالها ,وتابعت :-
_"أمعقول أن تهتز رنيم من أجل تصرف منبعث من استاذ ساخر...."
وحينما نظرت إلي خرست ..تأملتني , ثم قالت بتألم وهي تهز رأسها يمنة ...ويسرة...,هي تقول:
_:"وفاء ..وفاء ...أنت لاتعلمين شئ..."







التوقيع

[frame="7 50"]
نظرة عامة حولك ..تحمد الله بعدها أنك من أفراد هذا الوطن ..
[/frame]

رد مع اقتباس
قديم 27-02-17, 11:11 pm   رقم المشاركة : 3
جزيرة
من أعمدة المنتدى
 
الصورة الرمزية جزيرة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : جزيرة غير متواجد حالياً

(3)











حملقت فيها بدهشة وقلت:
"وما الذي لاأعلمه ....؟؟"
فلم تتكلم ...امسكت بيدها وخاطبتها بعاطفة الإخاء ...فقلت:
"رنيم...أناأحبك..... ولا أرضى أن أراك حزينة ...متألمة ...فلا أساعدك.......افهميني"
قالت بابتسامه يتيمة مبتورة الأعضاء .........
"فهمتك ......وشكرا لشعورك...."
فقلت لها ثائرة :"أنا لم أقل ما قلت لأجل أن تشكريني لكن من أجل أن تحدثيني ..,وتخففي ما بك من هم تحملينه....!!!!"
سحبت يدها من يدي ,ووضعتها على جنبيها ,وأغلقت عينيها بشدة .....,تنهدت ...,وقالت:
"القصة طويلة ,وقديمة ,أتى فنبش الجرح من جديد, وذكرني بماضي بغيض"
فقلت:"أفهم من حديثك أنك تعرفين الأستاذ من قبل "
هزت رأسها بالإيجاب وأردفت قائلة :
"وبئس المعرفة تلك...!!!"
سألتها ........................!!!؟؟؟مالحكاية
نظرت إلى الأعلى ..,وعلقت بصرها على طائر في شجرة البندق ....,وقالت:
"هي ذكرى مريرة......تحرقني .. وتعكر صفوي ,...تثير كوامني و مواجعي ....أبغضها ..,أكاد أجن إذا هبت رياحها..."
وتابعت ...:"أسافر بك إلى الماضي ...فعندما كنت في السنة الثالثة اعدادي ,..وفي يوم أسود ....لن انساه أشتد وطأة المرض على والدتي ..,فهرعت على الهاتف لأتصل بوالدي لكنها نادتني ...وأمسكت بيدي .....,ورجتني أن أجلس بجانبها ...
جلست فقالت لي:
"حبيبتي رنيم ...,أنت الآن فتاة عاقلة ....,وتستطيعين أن تدبري أمرك بنفسك ,وها أنا ذا أحس بقرب منيتي .....فقاطعتها بكلمات يغلب عليها النشيج ....:-
"لا تقولي ذلك بل ستشفين(إن شاء الله )وتعود صحتك..."
قالت بنظرات تتفجر حنانا :-
"رنيم ..حافظي على نفسك ..وإياك وأن تبيتي خارج البيت ..,لا تخرجي إلا لجدتك فقط ..,فأنت ترين أباك مشغول في عمله ,فحافظي على نفسك ..وادعي الله أن يرحمني .....رنيم ..ثقي بالله وإياك والبوح بأسرارك....واهتمي بدراستك ..,وحافظي على صلاتك ....."
فقطع صوتها نوبة من السعال الشديد ,استغليت الفرصة ,وذهبت إلى الهاتف وأخبرت والدي وعدت من جديد إلى أمي ,........فكانت ساكنة ...,اعتقدت أنها نامت ..,لكن عيناها مازالتا مفتوحتين وتنظران إلى أعلى والبياض غلب عليها ..........................,
ناديتها ...:-"أمي , اتصلت بأبي وسوف يحضر حالا مع الطبيب ...,فلم تتكلم لفني الرعب ...,أمسكت بيدها هززتها ناديتها .....
عند ذلك تجسدت أمامي حقيقة الموت ,صرخت بأعلى صوتي ......
فأقبلت الخادمة ,وسألتني عما جرى ...,فقلت لها:
"أمي ...أمي ..
وكانت الخادمة كبيرة في السن ,وفهمت واقع أمي ,فأمسكت يدي تريد أن تخرجني .....رفضت بشدة ,وانكببت فوقها ..,ضممتها إلي بشدة ...,فقلت والنحيب مزق صوتي :
"أمــــــــــــــــــــــي ..عودي , ....."
وكنت قد أصبت بحالة هستيرية..شديدة .., أقبل أبي مع الطبيب ,وسقطت بعــــــــــــــــــــدها...
أصبحت بعد أمي –كومة من الحطام –بيتنا خاوي لا حرارة فيه ,ولا عاطفة ...ولا دفئ....
فأبي لا أراه إلا نهاية عطلة الأسبوع لمدة ساعتين فقط ....,والخادمة همها ,...أن اتناول وجبتي بانتظام ...,..وأنام بانتظام ,وجدتي كبيرة في السن و مريضة .
وأنا في خضم الحياة وحيدة كسنديانة اجتثها الألم أبكي كل ليلة ..ولاأنام إلا وبيدي ثوب والدتي يرحمها الله....
بين أعماقي روح ضائعة تجهل معنى الحياة ........
كورقة خريف لا تحفل بسطوع شمس أو نزول مطر ...
بموتها تكسرت مجاديفي ..,تمزقت شرعتي .....أوهكذا خيل لي ..
عندما تعاودني الذكريات ...,وتطل صورة الأمس حيث أمي ,تضيق الدنيا في عيني .., فكرت بالانتحار ..لكن في آخر لحظة ..أقلع عن الفكرة ...لأنه سيكون بداية عذابي ...
وذات مساء هجر النوم أجفاني ...وحينما انقضى جزء من هزيع الليل..... خرق رنين هاتفي هدأته...... واستمر ...,ولم يكن عادتي الرد علي ارقام اجهلها . .., وفي النهاية تناولته ....وأنا صامته ..كان المتحدث شخص قال:
"مـــــــــــــــــرحبا!!!"
قلت:-
"من؟؟"
قال:-"أهكذا يكون أدب المهاتفه ؟"
قلت :-"ماذا تريد ؟؟"
قال:"ردي تحيتي أولا!!!"
قلت:-"أهلا ...,ماذا تريد ؟؟"
قال:"كلمتان ...فقط أريد البوح بهما ...!
قلت مباشرة :"ولماذا أنا بالذات ؟؟"
قال :"صدقيني ...لقد تناولت هاتفي ..وطلبت الرقم عشوائي فخرجت ...أنت ..,وأنا لا أعرفك سواء خرجت أنت أم غيرك؟؟!,سأقول ما عندي ..,وأنا وحيد وليس عندي شخص أبوح له بما أشعر وأعاني منه فهل سمعتي ..؟؟ولكن علي أن أتكلم أنا فقط ..,هل أنت موافقة؟؟؟"
صمت وأغلقت الخط ..بهدوء..
واتصل مباشرة , فلم استجيب له ..,ثم أعاد الاتصال.. فتحت الخط وأنا عازمة على أن لا أتحدث .........
قال لي صارخا:"ما هذه يا آنسة.""".أتعتقدين أن الناس ليس لهم مشاعر ..,كيف تغلقين الهاتف في وجهي ؟؟؟؟!!"
قلت مباشرة ببراءة :"أنا آسفة!"
فقال :"وأنا لن أقبل هذا الأسف .."
فقلت :"ولماذا؟؟1"
قال :"أنت جرحتني ..وأدميت كبريائي ..!!..أنا إنسان ملئ بالجراح و الآلام , يذهب جل ليلي بالبكاء والأنين ..,وعندما ضاقت بي الحال لم أجد من يواسيني ..اتجهت لهاتفي عل الله يوفقني في شخص يفهمني ..,ويضمد جراحي ويساعدني على حل مشاكلي ...,ويعيد البسمة إلى شفتي ..فأنا إنسان حزين ..وأتمنى الموت ..,أقول لنفسي ..ربما أجد الشخص الذي يسعدني ويريحني ...!
وعندما أردت أن أبوح لك بما أشعر ,لأني ارتحت لصوتك ..الذي يخالطه نبرة حزن ,أغلقت الخط و ثم تريدينني أن أقبل عذرك ..!!"
قلت محرجة :"أكرر أسفي "
قال:"أنا مستعد أن أقبل أسفك ..,ولكن"
قلت:" ولكن ماذا؟؟؟"
قال:"تسمعينني ولعلك تجدين حلا لقضيتي ؟!"
قلت:"حسنا تفضل !!"
قال بارتياح :"بدأنا نتفاهم ..أحب أولا:أن أعرفك بالشخص الذي تحدثينه :اسمي عدنان أدرس في السنة الثانية من الجامعة تخصص لغة عربية أبي دكتور في نفس الجامعة ,وقضيتي أن والدي سيرغمني على الزواج من ابنة عميد الكلية ليتقرب منه ويكون رئيسا للقسم ,وأنا لاأريد هذه الفتاة !!"
ثم أمسك عن الكلام ليرى هل استوعبت حديثة أم ..لا ؟...........وأنا مسكينة على سجيتي ,ببراءة قلت :
"لماذا لا تريدها ؟؟ ...هل هي قبيحة ...؟؟"
وبالكلمة الأخيرة قاس تفكيري ..فقال :
"بل هي جميلة جدا ..,لكنني لا أريدها لسببين :
الأول :لأنها رفضت مهاتفتي , ويدل ذلك على رجعيتها وأنا أريد إنسانة متحضرة..وواعية ..وفاهمه "
فسألت مباشرة :" السبب الثاني !!"
قال بعد أن تنهد ..:"لاأستطيع أن أحدثك به الآن , لأنه قد حان وقت خروجي على حيقة منزلي ....لأراقب القمر .....,وأكتب قصائد عذابي .."
سألت بطفو لية :"هل تستطيع كتابة الشعر ؟!"
قال:"نعم , ,كثيرا ...ماكتبت في الليل يا.......عفوا....ماذا تريديني أناديك؟.."
ببراءة مختلطة بحماقة ..:"اسم رنيم "
فقال بصوت خافت :" رنيم ..’يا الله ماأروع اسمك ,اسمك جميل فهل أنت كذلك ؟!"
ضحكت وقلت :"يقولون ذلك .."
فقال لي :"رنيم ..لماذا أنت حزينة؟؟"
قلت بدهشة :"وكيف عرفت ؟!!"
قال:"مع أول كلمة سمعتها منك أحسست بذلك "
فقلت بعد أن فجر كوامن نفسي و لمس جرح في داخلي...:-
"أنت على حق ,أنا حزينة و أتمنى الموت ولا أنعم بطعم الحياة ..,هجرتني الإبتسامة من غير رجعة ,ودعت الجرح من غير لقاء ..,أرى الدنيا سوداء خادعة .., ابتلعت والدتي ....فعشت وحيدة وحزينة "
فقال :"وأين والدك ..وأخوانك ..؟؟"
فقلت له :"والدي يعمل في الميناء..في كل الأسبوع ماعدا يوم الجمعة أراه فيها لمدة ساعتين ..فقط...!.,وليس لدي أخوة فأنا وحيدة والداي ,لا يعيش معي إلا الخادمة ...لايهمها إلا تنظيف البيت واطعامي وجدة انهكها المرض .."
فقل لي:" أليس لك صديقات وزميلات "
قلت له :"كلا,..لا أصاحب أحد ,...وجل اهتمامي ..منصب على مذاكرتي فقط.."
فقال بمكر ..:"آه ..أنت إنسانة ..يائسة تستحق الرثاء "
عند ذلك طفرت من عيني دمعة وبكيت وقلت له:
"نعم ..,أنا إنسانة ..يائسة وحيدة "
قال لي بحنان وعاطفة..:-
"رنيم.., لا عليك لا تبك ..,وأنا مستعد ان اساعدك ..وأخرجك مما أنت فيه ,ضعي يدك في يدك لنساعد بعضنا بعضا ,هاه ..مارأيك؟ "
تخيلت أنه مركب النجاة لقاربي المتحطم ,وقطرات المطر لايامي المقحطة , فقلت ...وياليتني ماقلت :"أنا موافقة"









التوقيع

[frame="7 50"]
نظرة عامة حولك ..تحمد الله بعدها أنك من أفراد هذا الوطن ..
[/frame]

رد مع اقتباس
قديم 28-02-17, 06:47 pm   رقم المشاركة : 4
جزيرة
من أعمدة المنتدى
 
الصورة الرمزية جزيرة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : جزيرة غير متواجد حالياً

(4)






أغلقت الخط ,ولم أنم تلك الليلة لفرط سعادتي ,فهناك من يحس بي ,بنيت أحلاما عظام وأوهام جسام في مخيلتي ...هذا ما أذكره من مكالمته في المرة الأولى .



كنت كل ليلة أحادثة إلى قبيل الفجر فيداعبني بأحاديث تطربني فحواها عن شخصيته القوية ,وأن الفتيات يعاكسنه بالأسواق لفرط جماله ,لكنه لا يلتفت لأحد منهن .

وكان دائما يسألني عن دراستي ,بعد أن أحس أنني أهتم بها كثيرا ,واستمر الحال ثلاثة أشهر ,وذات مره اتصل ونبرة صوته ضعيفة قال:

_"رنيم لقد تفجرت مشكلتي "


قلت سائلة :_"ماذا حدث ؟"

فأجابني :"اليوم أصر أبي أن اذهب معه إلى بيت العميد,لعقد القرآن على ابنته فرفضت وأصر والدي على معرفة السبب لرفضي فأخبرته الحقيقة "

قلت له :"لأنها رجعيه "

فقال :"هذا السبب الأول ,وقد ذكرت له السبب الثاني "

وبفضول طفولتي سألته :_"ماهو السبب الثاني ؟!"

قال بصوت هادئ أخافتني :_" لأني أحب!!"

في ذلك العمر لم ابلغ السن ولا القدرة على التعبير بهذه الألفاظ وفصمت فتابع هو يقول :_"رنيم ....عندما حادثتك لأول مره خالجني إحساس غريب نبض من الأعماق ,حين أهاتفك أرتاح كثيرا ,وإذا سألت عن حالي اسعد,وأشعر بأن هناك من يهتم بي ,...رنيم ,أنا لا استطيع أن أصف شعوري وأنا احتاجك ولا اقدر أن أعيش بدونك وأنتظر الليل حتى تعود لنفسي روحها وذلك عندما اسمع كلماتك التي تنساب في داخلي فأرتاح وتهدأ نفسي.....رنيم أنت القوة الخفية التي ينبض بها قلبي ,...ولهذا رفضت ابنة العميد من أجلك أنت لأنني احبك .

بالرغم مني هاتفي من يدي بعد أن ارتجفت , تسارعت دقات قلبي , وحبيبات من العرق اجتمعت في جبيني, وتلاحقت أنفاسي مسرعة, سمعته ينادي فتناولته ولبيت نداءه فقال لي:_"ألم تشعري كما شعرت ..ألم تحسي كما أحسست ...أجيبي رنيم ..؟!"

فقالت له_:" أنا كذلك لكني خائفة "

وهكذا .وبعد أن غلب على قلبي وخيم على عقلي أهاتفه كل ليلة , يتغزل بي و احلم بقصور من الخيال معه ,وما ذلك إلا خيال مراهقة ساذجة , واستمرت علاقتي معه عشرة أشهر أصبحت ادرس السنة أولى ثانوي وهو في السنة الثالثة في الجامعة ..خلال تلك الفترة عرف كل صغيرة وكبيرة من حياتي بعد أن ملء فراغي العاطفي بكلماته وإشعاره عشت في أرض غير هذه الأرض ,أنام على اسمه ,وأنهض على اسمه قول عدنان هو الذي يطاع , وأوامره هي التي تنفذ , وكان معجبا بكتاباتي ,وكنت بدوري اكتب له الرسائل متغزلة به ,كلماتي تدور حول محور الشوق والهوى .... صورته معي أينما ذهبت ,نتبادل الهدايا والرسائل عن طريق ابنة أخته التي معي في نفس الصف .

كل ذلك يحدث وصوت من الأعماق يرفض واقعي , , وحين أصارحه بها ,يرسل لي قصص مترجمه ويقول لي :_"هذه الحياة التي يجب أن نحياها لنسعد .."

ذات ليلة رأيت أمي في المنام ترمقني بحنان وعاطفة وحين أهم بمعانقتها تشير إلى ملابسي بأنها قذرة ..وتكررت الرؤيا أكثر من مرة واتجهت طبعا إلى عدنان وأخبرته الخبر , فأطلق ضحكة ساخرة وقال :_"اسألي ابن سيرين "

لم اعلم أن الأقدار تحيك لي أحداث بهذه الرؤيا فمن حسن حظي وتقدير الله عزوجل , ورحمته بي أن وجدت معلمة في مدرستي تجيد تفسير الأحلام فذهبت إليها فرحت بي وبشت ...لأن رنيم وكما تقول تحمل أخلاقا عالية علاوة على مستواها العلمي المرتفع ...!!!

فقلت لها :_"أن لي صديقة رأت رؤيا" ورويت لها حلمي ...نظرت غلي بدهشة
وقالت :_"هل والدتها متوفاة "

حركت رأسي بالإيجاب فقالت:_" إن صديقتك تحب أمها كثيرا,وقد اشتاقت إليها فحلمت بها لكنها لم تستطع معانقتها لأنها أذنبت ذنبا ومازالت عليه ,بدليل أن أمها تشير إلى ملابسها القذرة .."

رجفة سرت في جسدي عند سماعي لكلامها فقلت لها :_"وما تعتقدي ذنبها يامعلمه ...؟!"

ابتسمت لسؤالي وقالت :_"لا أعلم !"

وأردفت هذا دورك ..

عدت إلى البيت قلقة أفكر متسائلة ماذنبي حتى ترفض أمي معانقتي !

ولم يكن أمامي سوى عدنان .

هاتفته مباشرة فكان نائما فأصريت على نهوضه ,نهض وقال لي بصوت خشن جاف :_"ماذا لديك؟"

قلت :_" عدنان أتعرف ذنبا أذنبته لترفض أمي معانقتي ؟"

فقال :_"ماهذا الجنون , اتنهضيني من النوم لتسأليني هذا السؤال !"

وأغلق الخط بكيت كثيرا لأني ضايقته , ولأن أمي رفضت معانقتي .


"رنيم ...وفاء أنتما هنا ....ونحن نبحث عنكما !!







التوقيع

[frame="7 50"]
نظرة عامة حولك ..تحمد الله بعدها أنك من أفراد هذا الوطن ..
[/frame]

رد مع اقتباس
قديم 28-02-17, 06:48 pm   رقم المشاركة : 5
جزيرة
من أعمدة المنتدى
 
الصورة الرمزية جزيرة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : جزيرة غير متواجد حالياً

(5)



استدرت , فإذا المجموعة مقبلة .

فقالت رنيم بصوت خافت :_"دعينا من الموضوع الآن ...

وبع أن جلست هند ونادية قالت سامية موجهه خطابها لرنيم :_"رئيسة القسم قلبت الكلية تبحث عنك ..سألت رنيم بهدوء :

_"ماذا تريد؟!"

قالت سامية بنبرتها المشوقة :_"ألم تعلمي أن الأستاذ عدنان طلب في نهاية المحاضرة أن تتصلي عليه وحينما لم تتصل أتصل هو وطلبك من رئيسة القسم التي حفت أقدامها في البحث عنك ,فلم تجدك "


فقالت رنيم بعد أن اتجهت ناحيتي ببصرها:_" لم تقولي ذلك لي !؟"

فقالت :_"لقد خرجت من المحاضرة ولم تنته المحاضرة "

سألت رنيم سامية :_"وماذا يريد الأستاذ عدنان مني ؟!"

فأجابت سامية :_"لم يخبر أحدا بذلك ,فقط أن تتصلي به عند رئيسة القسم "

قالت هند غامزه :_"لعله يريد أن يعتذر منك ...!"

فانفجرت نادية ضاحكة ...,قالت:_"الأستاذ عدنان لا أظن , لعله يريد أن يكمل سخريته منها ..

فنهضت رنيم وقالت :_"سأذهب إلى رئيسة القسم لأعرف ماذا يريد "

فقهقهت كل من سامية وهند ونادية ...نظرت رنيم إليهن بإستغراب فقالت :_"لماذا تضحكن ؟! "

قالت سامية وهي تغالب ضحكها :_"انظري إلى الساعة " والتي كانت الساعة الثانية ظهرا وتابعت قائلة بعدت أن خفت موجة الضحك
"لقد قلقنا عليكما ,فلم نستطع اللحاق بالحافلة ,وها نحن جميعا هنا "

قالت رنيم :_"لا تقلقن أنا مستعدة أن أوصلكن إلى بيوتكن ...هيا بنا "



الخامسة مساء وكنت مستلقية على السرير ورنيم أمام ناظري لم استطع صبرا فاتصلت بها وطلبت منها إكمال القصة فقالت :

_"بقي الكثير فلعل الأفضل أن تأتي إلي في البيت ",أجبتها :"بودي القدوم لكن والدي يرفض ذلك "

_"وأمك هل توافق ؟","إذا كلمتها لعلها توافق "

"إذا استدعيها "


وافقت أمي على الذهاب بعد أن علمت أنها رنيم , وذهبت في نفس اليوم , وكان بيتها أفخم مما توقعت , فرحبت بي كثيرا , وأجلستني في غرفة الضيافة وقدمت القهوة والشاي و تجاذبنا الحديث , لكنها لم تلج في موضوعها فقلت لها :
_"رنيم هلا أكملت ما بدأناه "
صمتت قليلا وقالت بعد أن ابتسمت نصف ابتسامه أجبرت على الخروج :"نكمل "
"بعد أن رد عدنان ذلك الرد القبيح صممت أن استعين بالمعلمة , وفي الغد , ذهبت إليها مباشرة , وقلت لها :

_" معلمة إن حالة صديقتي سيئة , لقد أخبرتها بتفسيرك فتضايقت جدا وقالت :
_سألي معلمتك أي ذنب أذنبت لترفض والدتي معانقتي
صمتت المعلمة قليلا وقالت :
_"رنيم ..هل لي أن أهاتف صديقتك هذه "
وألجمت فقلت بإصرار :"كلا....كلا"


قالت المعلمة إذا ما رأيك أن تكوني الرسول بيننا ؟!

أعجبتني الفكرة هززت رأسي بالإيجاب فقالت المعلمة :

_"كم تبلغ من العمر ؟!"

قلت :"السادسة عشر ..عفوا أستاذتي , فهي تسأل عن نوعية الذنوب التي تمنع أمها من معانقتها ".

فقالت :"الذنوب والله المستعان كثيرة ,منها الكبير والصغير ولعل الذي في عمرها قد لا تحافظ على الصلاة , أو لا تهتم بطهارتها , أو تتساهل في أمر حجابها , أو ترافق صديقات السوء أو تخضع في القول "

سألتها : "كيف تخضع بالقول ؟!"

قالت:"بأن تلين وترقق صوتها على مسامع الرجل الأجنبي ,والذي لبس بمحرم لها فتضاحكه وقد تحادثه بالهاتف لا سمح الله , وهناك من ابتلين في المعاكسات , فتقع في شباك الرذيلة "

حينما قالت ذلك شعرت أن أكداس من الحجارة تسقط فوق رأسي ,سألتها برجاء :
_"كيف تقع في الشباك يا معلمتي ؟!"
قالت :_"تتساهل في الحديث مع أي رجل أجنبي والذي يخدعها بحديث معسول , وكلمات رقيقة ,يكلمها عن الحب ويعدها بالزواج , وتنطلق هي بالحديث بعد أن تفجرت عاطفتها ,قد يستغل ذلك بان يسجل حديثها ,وبعد ذلك يطلب منها الخروج معه فإن هي رفضت ابتزها وهددها بما لديه من الصور أو رسائل أو أشرطة وإن هي خرجت وقعت في شباك الفضيحة "
ملئت المرارة فمي ,واغرورقت عيني بالدموع ,وبكيت بصمت ,قطعت المعلمة حديثها وسألتني :
"مابك ؟"
لم أجبها وذهبت حيث تناولت حقيبتي اتجهت إلى فناء المدرسة وجلست امام بوابة المدرسة , حتى حضر السائق وخرجت ,عدت إلى البيت وأنا مذهولة ,أكلم نفسي :

_ إن خدعوا فعدنان لا يخدع وإن ابتزوا فعدنان لا يبتز,عدنان إنسان رائع ,ليس منهم ليس منهم

أخرجت من مكتبتي أوراقه الخاصة قرأتها , وضممتها إلى صدري وقلت صارخة :

_"كلا ...كلا...الجميع إلا عدنان "










التوقيع

[frame="7 50"]
نظرة عامة حولك ..تحمد الله بعدها أنك من أفراد هذا الوطن ..
[/frame]

رد مع اقتباس
قديم 02-03-17, 12:26 am   رقم المشاركة : 6
جزيرة
من أعمدة المنتدى
 
الصورة الرمزية جزيرة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : جزيرة غير متواجد حالياً

( 6 )









دق هاتفي وكان هو ,رددت عليه وصوتي مختنق ,علم بتضايقي ,فهو يعرف رنيم عن ظهر قلب فقال لي بصوت حنون :
_"رنيم ..خففي لا تصدق الأحلام كثيرا "
قال ذلك ظنا منه أني مازلت متضايقة على الرؤية وبدوري لم أخبره فصمت .
فقال :"رنيم لدي فكرة , مارأيك برحلة إلى الشاطئ "
قالت صارخة :"ماذا تقول ؟!"
...أقول رحلة ..اذهبي مع السائق , وأنا وحنان ابنة أختي نكون بانتظارك ....

في تلك اللحظة استيقظ شبح الخوف في نفسي , وتجلت أمامي وصية أمي ,وحديث معلمتي ..قلت هاذية :
_"لماذا أنا ....بالذات , ماذا تريد مني ؟!"
قهقه ...وقال :
"رنيم ...ألا تعلمين ما بيننا ,أعتقد أنك مازحة بحديثك هذا هاه ..,ما قلت ,أم تريدين أن نأتي إلى البيت ونأخذك ؟"

.......تردد في أذني صدى المعلمة حين قالت :

_"وفي نهاية المطاف تخرج معه ,ثم يرميها بعد أن سلب منها أعز ما تملك "

...عشت صراعا في تلك اللحظات , بدأت أتمتم وأقول
_"عدنان ..لا , عدنان ...لا"
وكان يظن أني أحادثة فقال:
_"ولماذا , متى تريدين أن نسعد في هذه الحياة , لقد خنقتنا تلك القيود والأعراف ,هذه فرصتنا هيا وافقي "

....أصبحت أردد كالبلهاء "عدنان لا...,عدنان ...لا"
فقال:"رنيم ...يظهر أنك متعبه , اذهبي ونامي , وغدا نكمل اتفقنا ...هيا
وأغلق
زحفت إلى فراشي زحفا والصراع قائما على أشده ..
"هل عدنان يفعل كما روت المعلمة ؟هل سيبتز ؟ويخدع يوما؟!!

أم يظل بحنانه وعطفه ....

"لا....لا ...عدنان يختلف عنهم كثيرا ..قلت ذلك بعد أن غلبت علي عاطفتي ,وتناولت صورته ووضعتها تحت وسادتي , ثم نمت نوما قلقا فزعا ........


تراءت لي والدتي من جديد أقبلت نحوها , تأملتني وأشارت ناحية ثيابي ,وقالت :
_"بدليها "
فقلت برجاء :"إنها جديدة "
فأشارت إلى جيبي , أدخلت يدي فيه , فتحسست صورت عدنان ..ونهضت من نومي فزعة على رنين الهاتف ..
تناولت السماعة ,فكان عدنان , ادعى أنه يريد أن يطمئن على راحتي , فشكرته ثم قال :
_"هل أنت من اتصل الساعة الواحدة ؟!"
نفيت ذلك , فقال :
_"هناك فتاة اتصلت , واعتقدت أنها أنت فقد كنت خارج البيت , أعتقد أنها عبير ,عن أذنك ربما تكون بانتظاري "

....وكان بإدعائه الأخير أراد أن يشعل نار الغيرة في نفسي التي كانت في شغل شاغل عنه , في تلك الساعة ...
.......أعدت شريط ذكرياتي معه ,من البداية حتى هذه اللحظة التي اتصلت به ..
كان عطوفا معي .,حنونا , يحبني أكثر من أبي , ويهتم بي أكثر من الخادمة , يرسل لي الرسائل المتفجرة عاطفة ,وأنا أقدم له الهدايا الثمينة في كل مناسبة و ما الخطأ , أين الذنب ...

أليست ليلى أحبت قيس ؟؟ , وبثينة أحبت جميل ؟؟, وعفراء أحبت عروة ...؟؟

..أشرقت شمس ذاك اليوم ورأسي يكاد ينفجر من الحيره .., فصممت على أن أصارح المعلمة على أنها صديقتي ..
...وفي نهاية اليوم الدراسي , توجهت إلى المعلمة , وطلبت منها أن تسمعني , فقالت أن وقتها ضيق وطلبت مني زيارتها ..


وافقت مباشرة , وقلت :
_"أي وقت تحبين "
نظرت إلي بدهشة وقالت:
_" ألا تستأذني والديك "
أجبتها واثقة :

والدي يوافق, وعموما ليس في البيت "
قالت وهي مازالت مندهشة :
_"ووالدتك "
قلت :"رحمها الله "
تأملتني بعمق ,فأحرجت من نظراتها ...تنهدت وقالت :
_"حسنا ..في أي وقت يناسبك أهلا بك ..."
ابتسمت بعد أن غلبت علي براءتي وقلت :
_"أستطيع أن أزورك السادسة مساء ؟!"
قالت :"مرحبا بك في السادسة "
...وفي السادسة كنت أستعد للخروج , اهز هاتفي فلم أرد وخرجت .

...رحبت بي المعلمة , وأجلستني بجانبها , ولم أكن أعرف من أين أبدأ , فأراحتني حين قالت :

_"ماذا لديك يارنيم ؟!"
وبعد أن اجتهد في ضبط انفعالاتي قلت
_"حديثك أمس تأثرت به كثيرا , وأخبرت صديقتي بفحواه , وأن المعاكسات تجر خلفها الويلات , لكنها رفضت ذلك وقالت :
_"بل هو حب شريف , وعلاقة طاهرة , وما لمجنون عنا ببعيد , وكيف أن الناس مازالوا يتغنون بشعره , إنه حب عفيف نقي لا تشوبه الشوائب "
قالت المعلمة وقد اتسعت عينيها :
_"وهل صديقتك تعاكس ؟!"
...ارتجفت إنها لا تعاكس و بل علاقة شريفة بينها وبين شخص يدعى عدنان .."
فأخرستني بصرخة مدوية أطلقتها ..سرت على أثرها قشعريرة في جسدي ,

وقالت :
"أهو عدنان ...صاحب القصائد الغزلية السخيفة ,والمكالمات الليلية ؟"
سألنها متعجبة :"كيف عرفته ؟!"
فقالت المعلمة التي لم تنتبه لسؤالي بدقة :
_"لكثرة خداعة ومكره على الفتيات الجاهلات , وهاهو الآن يراقب للقبض عليه .."
"دارت بي الأرض ,واهتزت الأشياء من حولي , وخيم السواد على بصري ,نهضت من مكاني , وأصبحت أسير بلا هدف وأقول :
_"كلا , إن مابينهما حب شريف وصادق , وعلاقة طاهرة لا يامعلمة ولعلك لم تفهمي طبيعة مابينهما !!"
قالت المعلمة بحزم :
_" رنيم أين شرف العلاقة , وهي تحدثه بالحب وهو أجنبي عنها , وأي طهارة تلك التي تدعيها , وقد تدنست الفتاة بمكالمات وواحاديث ..
...لا يارنيم ..ما بينهما علاقة محرمة , تأثم عليها , هذا مع وجود خطر رسائلها مع هذا الفاسق , الذي يستخدمها في أمور يهواها ..

....قليلا ...قليلا , مع كل كلمه تنطقها المعلمة بدأت أفيق , ويتحكم عقلي بقيادتي ....
...أحسست بحجم القضية , وضخامة المشكلة , وصعوبة الموقف , ومرارة الواقع ..

..في تلك اللحظة شعرت أنني أهوي في قاع بعيد مظلم ...
..استدرت إلى المعلمة سألتها برجاء :
_"ماالعمل ؟!!"
قالت وقد بدا الاهتمام يرسم خيوطه في وجهها :
_"هناك اقتراح لا أعلم هل هو مناسب أم لا "
...وبفرحة الغريق لرؤية لمركب النجاة قلت :
_" ماهو ؟؟؟"

قالت :"شخص يدعى لؤي , يعمل بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , .زوجي أبو محمد يعرفه , ويعرف أنه مهتم بالمدعو عدنان , فلعل صديقتك , تحدثه , وتطرح قضيتها , وبإذن المولى يجد لها حلا ...فما رأيك ؟!"
قلت لها :" وهل تقول كل شئ "
قالت :"كل شئ ..."
فقلت وأنا أفكر ما سأقوله :
_"حسنا .."
وأخذت رقم المدعو لؤي ...ومباشرة حينما ذهبت إلى البيت اتصلت وطلبت محادثة لؤي هذا , فكان هو من رد علي ..
فقلت له :"هل لي أن أتحدث في مشكلة خاصة ؟!"
فقال مستعجلا :"وما نوعها؟"
فقلت بمرارة :"معاكسات "
قال : "إذا المشكلة ستأخذ وقتا طويلا , وأنا مشغول ألآن في قضية مماثلة , فهلا اتصلت في وقت لا حق ؟!"
_"حسنا...,متى اتصل ؟؟"
_"بعد ثلاث ساعات , عفوا أعطيني اسمك الأول لكي تكوني في جدول المكالمات اليوم "



قلت له :"رنيم "
قال صارخا :"رنيم ...أنت رنيم "
انتفضت وصمت .
أعاد السؤال :"أأنت رنيم هانئ "
فأجبته بأنة خرجت من أقصى , أقصى القلب .
قال لي :"هداك الله أخيتي ماذا فعلت ؟!"
قلت له بعد أن تعالت ضربات قلبي ...
_"ماذا تقصد ؟!"
قال بنبرة هادئة حزينة :
_" ماهكذا يا مسلمة , لم ينبغي أن تنخدعي إلى هذا الحد , وأن يصطادك عدنان بشباكه القذرة "
قلت له بدهشة :"كيف عرفت "
قال :"من عدنان نفسه الذي نشر رسائلك على الملأ , فهو فخور بأنه استطاع خداع ابنة مسئول كبير في الميناء ...
صمت قليلا ,وتنهد وتابع :


_"ألم تعلمي أن مكالماتك في جهاز تسجيل لديه , وسوف يستخدمها في الوقت المناسب , كما حاول مرات عديدة .."


انفجرت باكية , ومن خلال شهقاتي أرسلت توسلاتي قائلة :
_"أرجوك , أتوسل إليك أنقذني ...أرحمني ...."
وغرقت في نوبة بكاء طويلة لم يستطع أن أتكلم خلالها ,وما لبثت أن أغلقت الخط ..
....انقضت 24 ساعة على هذه المحادثة وأنا أشبه بجثة هامدة إلا من قلب ينبض , ودموع تنزف
...تشوهت أمامي جميع الصور التي حفظتها ذاكرتي , ماعدا صورة عدنان وهو يحمل الرسائل والأشرطة,ويهدد بها
لم أستطع أن أستمر في هذا الوضع ...
فأعدت الاتصال بلؤي ...بعد أن أيقنت أنه لا مفر من مكالمته لأخرج من هذه الغابة المظلمة ..


وقلت له :"أنا حائرة , ضائعة ,يتيمة الأم , مهملة الأب .
..."لا عليك –بإذن الله – سأساعدك , ولكن أولا أن تعترفي أن ماقمت به خطأ , وتندمي على ذلك , بل وتعاهدي الله على عدم العودة لمثله أبدا ...وتتوبي , وتحفظي شرفك ,وعائلتك ...من أن تمسه أيدي آثمه ...فتلطخه ..."
استمر في الحديث عن التوبة وشروطها , فشرح الله قلبي لها ..ثم اتفق معي على خداع عدنان , ليقع في المصيدة فطالما استطاع النجاة منها ..وكنت أنا الأداة بحكم أنني أستطيع ذلك ...وقد وعدني لؤي باسترجاع كل ما يخصني من عدنان , وأنهيت المكالمة ..
لأول مرة منذ شهر ارتاح وتنشر الراحة جناحيها في صدري ....
..ولم ألبث إلا ويعلو رنين الهاتف , فكان كما توقعت ,..عدنان ..

عقدت العزم على البدء في حياكة الشبكة لصيده , وكان حديثه جاف معي بسبب خروجي بدون علمه و واشتغال الهاتف , فاسترضيته ...
..فرفض إلا خروجي معه ..فأخبرته بالموافقة ..تفاجئ بالخبر , ولكنه لم يخفي فرحته , وأسمعني قصائده . وتغنى بجمالي وتفكيري الحديث المتقدم ..


..ومن خلال حديثة انقشع في سماء عدنان ما تبقى من سحب حول شخصيته الموهومة..
أبغضته بغض الأم لقاتل أبنها , وكنت بطبيعة الحال أخفي هذا الشعور ..وجاء اليوم الموعود ...
وكان لؤي يطمئنني , ويؤكد لي أنه سيحميني ...
حضر عدنان , وركبت معه , وتظاهرت بالسعادة , أما هو فالأرض لا تسعه من شدة فرحة بالغنيمة , تحركت السيارة , وجابت أسواق المدينة و حتى انتهت إلى زقاق ضيق ..وطوال تلك المسافة التفت يمنة ويسرة أبحث عن لؤي الذي لا أعرف شكله ولونه ...ثم أوقف السيارة أمام بيت صغير خالي من السكان , وقال لي بعد أن أطفأ السيارة ..
"تفضلي يا حبيبتي , يا أغلى ما في الوجود "
فقلت تبعا لما رسم لي "أنا خائفة هلا أجلته إلى يوم آخر .."

قال مداعبا :"وما يمنع هذه المرة , ومرة أخرى , هيا ....فهناك مفاجئة لك "
فقلت : " أرجوك يا عدنان أجل الموعد لمرة أخرى "
قال وهو يحاول ضبط أعصابه :"رنيم هيا , لا تجعلي الفرصة تفوت "
_"عدنان أريد أن عودة إلى البيت "
قال كاتما غضبه :" رنيم انزلي , هيا حبيبتي "
كنت أنتفض كورقة خريف جافة وقلت :
"أنا خائفة , أريد العودة "
فنزل واستدار ناحيتي , وهو يلتفت يمنة ويسرة , وفتح الباب وأمسك بيدي محاولا إخراجي بالقوة ...
..وفي هذه الأثناء انقض ثلاثة اشخاص عليه من الخلف وأخذوا يشبعونه ضربا وصفعا ..أما أنا فقد بلغ مني الخوف مبلغه ولم أستطيع مقاومة للإغماء ...
...أفقت ..فتبينت أمامي طيف أبيض يتحرك , وسمعت أحدا يناديني ...أدرت ببصري فشاهدت رجلا ..ركزت بصري لعلي أعرفه , فتذكرت مباشرة عدنان وخروجي معه , سمعت الرجل يناديني مرة أخرى , دققت في ملامحه ,فعرفت أنه أبي .


نهضت .. وألقيت إليه بجسدي ضممته بقوة , أعاتبه على إهماله .. تركني أعيش كاليتيمة..ضممته لأشبع ذاك الفراغ العاطفي بداخلي , وانفجرت باكية ..

أخذ يربت على كتفي , وقال محاولا تهدئتي :
_"لا عليك يا بنتي , لم يحدث مكروه , ولله الحمد "
كاد قلبي أن يتوقف انخرست , وتابع بقوله :

_"أخبرني شخص بالهاتف يدعى لؤي أنه رآك تفقدين الوعي في أحدى المحلات التجارية .."
فعلمت أنه لم يعرف شيئا , وعدت إلى بكائي ...
قال بلين :
_"كان يجب أن تأخذي الخادمة أو إحدى صديقاتك كي لا تتعرضي لمثل هذا الموقف , عموما لا بأس عليك و وقد طمأنني الطبيب "
ثم ما لبث قليل وخرج إلى عمله , بعد أن أوصى الخادمة بالمكوث معي في المشفى
في اليوم التالي ..أحضرت الخادمة ظرفا كبيرا , وقالت :


_"هذا لك "
تناولت الظرف , فكان من لؤي , وقد أعاد من عدنان كل رسائلي .. , وكتاب بعنوان :
"قبل أن ينخدش الزجاج ", ومصحف "
ومن ذلك الحين , ورنيم تغيرت ,نزعت الثياب التي رفضت أمي معانقتي بسببها , وليست ثياب الفضيلة والعفاف , وعرفت بعد قراءتي لكتاب الله , أين تكون السعادة الحقيقية , والراحة الأبدية ..
تبدلت كليا ...وانضممت إلى قافلة الخير ...وقطار الاستقامة ... أحببت الله , وارتحت بمناجاته ...وجدت نفسي بين كلماته ... والحمد لله على ذلك , وأدعوه أن يقبض روحي وأنا على هذا الطريق ...
...فقلت لها :"وعدنان ...أقصد الأستاذ عدنان ...ألم يحاول الاتصال ؟"
هزت رأسها نافية وقالت :
_"أبدا , ولم أعرف عنه شئ إلا في هذا الفصل الدراسي "


صوبت نظري إليها ...تأملتها بشدة وتذكرت حالتها مع الأستاذ عدنان أثناء المحاضرة .. ابتسمت وقالت :
_"مابك؟"
جاريتها بالابتسامة وقلت :
_"كنت أسترجع حالتك أثناء محاضرات الأستاذ عدنان ..."
ماتت الإبتسامة على شفتيها وقالت :
_" حالتي !"
وتنهدت وتابعت :"لم يعلم بها إلا الله "
سرت القشعريرة في جسدي وسألتها :-
_"وماذا أنت فاعلة , وخاصة أنه طلب منك محادثته عند رئيسة القسم "
فوضعت رأسها بين كفيها وهزت وقالت :
_"لا أعلم , أخاف أن ينبش الماضي ..ويبعث في يباب القديم "
فقلت لها مطمئنة :
_"لا أعتقد , فقد مضى زمن على الواقعة , ثم أن مكانه حسا س جدا , ولا يسمح له بأي حديث خارج المادة العلمية "...
...رفعت رأسها ...وقد اغرورقت عيناها بالدموع وقالت :
_" ها أنت عرفت مكمن السر , وخفايالا الماضي ..بالله يا وفاء , أليس لهذا الحلم الشجي من نهاية ؟.."
...فقلت وأنا أحاول أن أخفف من وطأة ألمها :
"أولا أحمدي الله أن لك مبدأ تسيرين عليه وأساس متين تقفين فوقه ..
ثانيا : لا تسبقي الأحداث , وتوكلي على الله "
تنهدت بعمق ...وقالت:
_"بورك فيك , ومع ذاك فالذكرى القديمة مازالت تشعل في قلبي لهيب الحزن , وتبعث بين ضلوعي لحنا يروي حكاية أليمة .."
وعدت إلى البيت بعد أن قضيت ثلاث ساعات مع رنيم , وتفكرت في حالها إن وضعها حرج جدا مع الأستاذ , انتظرت الغد بشغف , ثم قدم الغد , وكان مقعدي بجانب معقد رنيم وبدأت المحاضرة الأولى , وما لبثنا حتى أقبلت الموظفة , تطلب قدوم رنيم إلى رئيسة القسم ...
وبارتباك بسيط لم يلاحظه غيري لبت رنيم الطلب بعد أن استأذنت من الدكتورة , ومضى الزمان بطيء...ثقيل ...كم من الهواجس تنهش عقلي ..وقطار من العلامات الاستفهام يقف في ساحة تفكيري ...جميعها تتساءل ماذا ؟..

وقبيل نهاية المحاضرة عادت بوقارها وهدوءها جاءت وأخيرا ...انتهت المحاضرة وولت الدكتورة , فالتفت إلى رنيم وقلت لها متلهفة :
_" طمئنيني !"
قالت ..بعد أن أخذت نفسا عميقا ... :
_"اعتذرت له على أسماع رئيسة القسم "
فضربت بشدَة على الطاولة بيديّ وقلت :
_" لا....لا هذا ظلم ...أنت لم تخطئي ..."
ابتسمت نصف ابتسامة تهكم وقالت:
_"أرسل سيلا من الشتائم والسخرية ووصفني بالدونية والوضاعة في التفكير ...اتهمني بمحاولة إشعال فتيل الفوضى بين الطالبات ...والتعالي على أمر أستاذ المادة ...؟!"
"وأنت ..ماذا قلت ؟!"
"صامته , لم أتكلم ببنت شفه ..وفي النهاية طيبت رئيسة القسم خاطره بكلمات , وأمرتني بالاعتذار فرفض اعتذاري ...وقبل اعتذار رئيسة القسم بدلا مني "..
..."ألا تعتقدين أن مايفعله الأستاذ انتقام لما حدث في الماضي "
..."لا ياوفاء ...لا يجب أن اتهمه بذلك , ولعل الأيام القادمة تنبلج منها الحقيقة "
...لكن الأيام القادمة هادئة بالنسبة لرنيم فالأستاذ تجاهلها بالكلية , وبها استطاعت أن تضبط نفسه
...
السماء ملبدة بالغيوم , والرياح تهب بشدّة , ومع ذاك لم تنزل قطرة مطر واحدة وكأنها –السماء- امرأة في حالة وضع شديد تنتظر قدوم طفل يخفف ألآمها ....


ومحاضرات مادة الأدب الأندلسي , أمامي فغدا موعد الامتحان الشهري , وأحس أنني لا أملك أي استعداد نفسي للمذاكرة , فاتصلت هاتفيا برنيم فوجدها أسوء مني حالا ....
_"ما العمل ؟!"
فقالت :مارأيك نحدد جزء معين , ثم نراجعه معا "
أعجبتني الفكرة , وتواعدنا بعد أربع ساعات ....
وهكذا حتى انتهينا من المادة بسلام , وكان النوم قد غزا أجفاني ....فانسحبت , وذهبت إلى فراشي ..ثم استيقضت باكرا , وراجعت بعض الأوراق , ثم اتصلت برنيم لأطمئن عليها لأتفاجئ أنها لم تنم طوال الليل تذاكر المادة ....
_"رنيم ألم تنتهي من المادة البارحة ؟!"
_" نعم , ولكن وكما تعودت أحب أن ألم بأي مادة فأستعين ببعض المراجع التي في حوزتي "
_"ستجهدين !"
_"لا عليك .. فاليوم الخميس , وسآخذ قسط من الراحة بعد عودتي "
_"حسنا "وأغلقت الهاتف .
.....وحانت الساعة , وبدأ الامتحان , وكانت المفاجئة ...
فقد طلب منا إكمال قصيدة ذكر منها بيتين عن مالا يقل عن عشرة أبيات , وشرح مفصل لقصيدة لم تشرح ..
و شواهد للحالة الاجتماعية والسياسية و.....
ضجت القاعة بالاستنكار ...ورفضن الطالبات الإجابة على السؤال الثاني ...واتفقن على ذلك , وحذرن كل طالبة من الإجابة ...


أبلغت المشرفة رئيسة القسم , والتي اتصلت بالأستاذ ...فهدد الأخير بخصم نصف درجة السؤال الأول لمن تضرب عن إجابة السؤال الثاني ...فحمي الوطيس , وبلغ الأمر مبلغه.
...جلت ببصري على الطالبات الجميع , ,ورأيت رنيم جالسة تدون وقد بدا عليها الاهتمام عليها .
...في الواقع كانت القصيدة سهلة الألفاظ , ولكن طريقة الأستاذ لم نعتد عليها ..وشرحت ما شاء الله أن أشرح , ثم سحبت الأوراق منا سحبا , وما أن خرجت المشرفة , حتى ارتفع صوت أسماء بقولها :
_"لن نسكت على هذا الظلم , وعلى الجميع أن يتحد لشكوى ...مفهم "
ضجت القاعة بأصوات الطالبات مرددات بالموافقة , وتوجهت إلى رنيم تطلب منها كتابة الشكوى , وكنت أراقب الموقف من بعد , ورنيم في شغل عما يحدث فقد أمسكت بورقة الأسئلة والكتاب تتأكد من إجاباتها .. ولم تع إلا وأسماء تسحب الكتاب من يديها وهي تقول :
_"هيا اكتبي لنا شكوى الآن "
نظرت رنيم إليها ...وعدلت من وضع نظاراتها وقالت:
_" ومن قال أني سأكتب شكوى "
قالت أسماء "أنا , ألم تقولي تريثوا , وها نحن تريثنا فماذا جنينا , ثم ألا تذكري موقفك معه , وكيف يسخر منك أمام الطالبات "
قالت رنيم :"الآن ....تذكرت موقفي !"
وسحبت كتابها من أسماء وذهبت ..
اتجهت مباشرة ناحيتها , فابتسمت حينما رأتني وأشارت إلى الباب ...
خرجنا معا ...سألتها عن الامتحان فقالت :
...أسهل مما توقعت , والحمد لله إجابتي راضية عنها ولا أعرف إ، كانت سترضي الأستاذ ..
_"يعني ذلك أنك شرحتي القصيدة الخارجية ؟!"
_"شرحتها , وذكرت قائلها والمناسبة لكن أخطأت في السؤال الأول فقد خانتني الذاكرة فلم اذكر سوى تسعة أبيات , وعوضت النقص بستة أبيات من قصيدة أخرى لنفس الشاعر ...ولا أعلم إن كان سيقبلها أم لا ...وأنت مافعلت ؟"
_"...الأبيات كاملة ..ولكن لم أوفق في شرح القصيدة كثيرا "
ثم قضينا اليوم في المحاضرات وقد تغيبت عدة طالبات على رأسهن أسماء ...وقبيل نهاية اليوم ..وبينما أنا ورنيم جالستان في مقصف الكلية .. أقبلت نادية وهي تلهث وتقول :
_" خبر ...هام ....خبر هام "
وعندما وصلت ..جلست على أحد المقاعد القريبة ...وقالت بصوت متقطع :
_"..لقد بلغ الأمر مبلغة ...فأسماء تطالب بحذف السؤال الثاني أو إعادة الامتحان ..ورئيسة القسم تدعي بأن أستاذ المادة حرّ في وضع الأسئلة ولا يحاسب ...
وقد علم الأستاذ بالأمر ..فقد سربت أحد الدكتورات الأمر إلى زوجها الدكتور الذي بدوره أخبره , فقامت قائمة الأستاذ عدنان وطلب من رئيسة القسم أسماء الطالبات المعترضات لكي يخصم منهن درجة السؤال الثاني سواء أجبن أم لم يجبن عقاب لهن ...فهدأت رئيسة القسم الوضع وطيبت من خاطر الأستاذ , وفي النهاية اتفقت رئيسة القسم مع دلوعتها أسماء بوضع ملصوق على بيانات الطالبة في الورقة الامتحان خوفا من معرفته لبعض الطالبات "










التوقيع

[frame="7 50"]
نظرة عامة حولك ..تحمد الله بعدها أنك من أفراد هذا الوطن ..
[/frame]

رد مع اقتباس
قديم 02-03-17, 12:30 am   رقم المشاركة : 7
جزيرة
من أعمدة المنتدى
 
الصورة الرمزية جزيرة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : جزيرة غير متواجد حالياً

( 6 )









دق هاتفي وكان هو ,رددت عليه وصوتي مختنق ,علم بتضايقي ,فهو يعرف رنيم عن ظهر قلب فقال لي بصوت حنون :
_"رنيم ..خففي لا تصدق الأحلام كثيرا "
قال ذلك ظنا منه أني مازلت متضايقة على الرؤية وبدوري لم أخبره فصمت .
فقال :"رنيم لدي فكرة , مارأيك برحلة إلى الشاطئ "
قالت صارخة :"ماذا تقول ؟!"
...أقول رحلة ..اذهبي مع السائق , وأنا وحنان ابنة أختي نكون بانتظارك ....

في تلك اللحظة استيقظ شبح الخوف في نفسي , وتجلت أمامي وصية أمي ,وحديث معلمتي ..قلت هاذية :
_"لماذا أنا ....بالذات , ماذا تريد مني ؟!"
قهقه ...وقال :
"رنيم ...ألا تعلمين ما بيننا ,أعتقد أنك مازحة بحديثك هذا هاه ..,ما قلت ,أم تريدين أن نأتي إلى البيت ونأخذك ؟"

.......تردد في أذني صدى المعلمة حين قالت :

_"وفي نهاية المطاف تخرج معه ,ثم يرميها بعد أن سلب منها أعز ما تملك "

...عشت صراعا في تلك اللحظات , بدأت أتمتم وأقول
_"عدنان ..لا , عدنان ...لا"
وكان يظن أني أحادثة فقال:
_"ولماذا , متى تريدين أن نسعد في هذه الحياة , لقد خنقتنا تلك القيود والأعراف ,هذه فرصتنا هيا وافقي "

....أصبحت أردد كالبلهاء "عدنان لا...,عدنان ...لا"
فقال:"رنيم ...يظهر أنك متعبه , اذهبي ونامي , وغدا نكمل اتفقنا ...هيا
وأغلق
زحفت إلى فراشي زحفا والصراع قائما على أشده ..
"هل عدنان يفعل كما روت المعلمة ؟هل سيبتز ؟ويخدع يوما؟!!

أم يظل بحنانه وعطفه ....

"لا....لا ...عدنان يختلف عنهم كثيرا ..قلت ذلك بعد أن غلبت علي عاطفتي ,وتناولت صورته ووضعتها تحت وسادتي , ثم نمت نوما قلقا فزعا ........


تراءت لي والدتي من جديد أقبلت نحوها , تأملتني وأشارت ناحية ثيابي ,وقالت :
_"بدليها "
فقلت برجاء :"إنها جديدة "
فأشارت إلى جيبي , أدخلت يدي فيه , فتحسست صورت عدنان ..ونهضت من نومي فزعة على رنين الهاتف ..
تناولت السماعة ,فكان عدنان , ادعى أنه يريد أن يطمئن على راحتي , فشكرته ثم قال :
_"هل أنت من اتصل الساعة الواحدة ؟!"
نفيت ذلك , فقال :
_"هناك فتاة اتصلت , واعتقدت أنها أنت فقد كنت خارج البيت , أعتقد أنها عبير ,عن أذنك ربما تكون بانتظاري "

....وكان بإدعائه الأخير أراد أن يشعل نار الغيرة في نفسي التي كانت في شغل شاغل عنه , في تلك الساعة ...
.......أعدت شريط ذكرياتي معه ,من البداية حتى هذه اللحظة التي اتصلت به ..
كان عطوفا معي .,حنونا , يحبني أكثر من أبي , ويهتم بي أكثر من الخادمة , يرسل لي الرسائل المتفجرة عاطفة ,وأنا أقدم له الهدايا الثمينة في كل مناسبة و ما الخطأ , أين الذنب ...

أليست ليلى أحبت قيس ؟؟ , وبثينة أحبت جميل ؟؟, وعفراء أحبت عروة ...؟؟

..أشرقت شمس ذاك اليوم ورأسي يكاد ينفجر من الحيره .., فصممت على أن أصارح المعلمة على أنها صديقتي ..
...وفي نهاية اليوم الدراسي , توجهت إلى المعلمة , وطلبت منها أن تسمعني , فقالت أن وقتها ضيق وطلبت مني زيارتها ..


وافقت مباشرة , وقلت :
_"أي وقت تحبين "
نظرت إلي بدهشة وقالت:
_" ألا تستأذني والديك "
أجبتها واثقة :

والدي يوافق, وعموما ليس في البيت "
قالت وهي مازالت مندهشة :
_"ووالدتك "
قلت :"رحمها الله "
تأملتني بعمق ,فأحرجت من نظراتها ...تنهدت وقالت :
_"حسنا ..في أي وقت يناسبك أهلا بك ..."
ابتسمت بعد أن غلبت علي براءتي وقلت :
_"أستطيع أن أزورك السادسة مساء ؟!"
قالت :"مرحبا بك في السادسة "
...وفي السادسة كنت أستعد للخروج , اهز هاتفي فلم أرد وخرجت .

...رحبت بي المعلمة , وأجلستني بجانبها , ولم أكن أعرف من أين أبدأ , فأراحتني حين قالت :

_"ماذا لديك يارنيم ؟!"
وبعد أن اجتهد في ضبط انفعالاتي قلت
_"حديثك أمس تأثرت به كثيرا , وأخبرت صديقتي بفحواه , وأن المعاكسات تجر خلفها الويلات , لكنها رفضت ذلك وقالت :
_"بل هو حب شريف , وعلاقة طاهرة , وما لمجنون عنا ببعيد , وكيف أن الناس مازالوا يتغنون بشعره , إنه حب عفيف نقي لا تشوبه الشوائب "
قالت المعلمة وقد اتسعت عينيها :
_"وهل صديقتك تعاكس ؟!"
...ارتجفت إنها لا تعاكس و بل علاقة شريفة بينها وبين شخص يدعى عدنان .."
فأخرستني بصرخة مدوية أطلقتها ..سرت على أثرها قشعريرة في جسدي ,

وقالت :
"أهو عدنان ...صاحب القصائد الغزلية السخيفة ,والمكالمات الليلية ؟"
سألنها متعجبة :"كيف عرفته ؟!"
فقالت المعلمة التي لم تنتبه لسؤالي بدقة :
_"لكثرة خداعة ومكره على الفتيات الجاهلات , وهاهو الآن يراقب للقبض عليه .."
"دارت بي الأرض ,واهتزت الأشياء من حولي , وخيم السواد على بصري ,نهضت من مكاني , وأصبحت أسير بلا هدف وأقول :
_"كلا , إن مابينهما حب شريف وصادق , وعلاقة طاهرة لا يامعلمة ولعلك لم تفهمي طبيعة مابينهما !!"
قالت المعلمة بحزم :
_" رنيم أين شرف العلاقة , وهي تحدثه بالحب وهو أجنبي عنها , وأي طهارة تلك التي تدعيها , وقد تدنست الفتاة بمكالمات وواحاديث ..
...لا يارنيم ..ما بينهما علاقة محرمة , تأثم عليها , هذا مع وجود خطر رسائلها مع هذا الفاسق , الذي يستخدمها في أمور يهواها ..

....قليلا ...قليلا , مع كل كلمه تنطقها المعلمة بدأت أفيق , ويتحكم عقلي بقيادتي ....
...أحسست بحجم القضية , وضخامة المشكلة , وصعوبة الموقف , ومرارة الواقع ..

..في تلك اللحظة شعرت أنني أهوي في قاع بعيد مظلم ...
..استدرت إلى المعلمة سألتها برجاء :
_"ماالعمل ؟!!"
قالت وقد بدا الاهتمام يرسم خيوطه في وجهها :
_"هناك اقتراح لا أعلم هل هو مناسب أم لا "
...وبفرحة الغريق لرؤية لمركب النجاة قلت :
_" ماهو ؟؟؟"

قالت :"شخص يدعى لؤي , يعمل بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , .زوجي أبو محمد يعرفه , ويعرف أنه مهتم بالمدعو عدنان , فلعل صديقتك , تحدثه , وتطرح قضيتها , وبإذن المولى يجد لها حلا ...فما رأيك ؟!"
قلت لها :" وهل تقول كل شئ "
قالت :"كل شئ ..."
فقلت وأنا أفكر ما سأقوله :
_"حسنا .."
وأخذت رقم المدعو لؤي ...ومباشرة حينما ذهبت إلى البيت اتصلت وطلبت محادثة لؤي هذا , فكان هو من رد علي ..
فقلت له :"هل لي أن أتحدث في مشكلة خاصة ؟!"
فقال مستعجلا :"وما نوعها؟"
فقلت بمرارة :"معاكسات "
قال : "إذا المشكلة ستأخذ وقتا طويلا , وأنا مشغول ألآن في قضية مماثلة , فهلا اتصلت في وقت لا حق ؟!"
_"حسنا...,متى اتصل ؟؟"
_"بعد ثلاث ساعات , عفوا أعطيني اسمك الأول لكي تكوني في جدول المكالمات اليوم "



قلت له :"رنيم "
قال صارخا :"رنيم ...أنت رنيم "
انتفضت وصمت .
أعاد السؤال :"أأنت رنيم هانئ "
فأجبته بأنة خرجت من أقصى , أقصى القلب .
قال لي :"هداك الله أخيتي ماذا فعلت ؟!"
قلت له بعد أن تعالت ضربات قلبي ...
_"ماذا تقصد ؟!"
قال بنبرة هادئة حزينة :
_" ماهكذا يا مسلمة , لم ينبغي أن تنخدعي إلى هذا الحد , وأن يصطادك عدنان بشباكه القذرة "
قلت له بدهشة :"كيف عرفت "
قال :"من عدنان نفسه الذي نشر رسائلك على الملأ , فهو فخور بأنه استطاع خداع ابنة مسئول كبير في الميناء ...
صمت قليلا ,وتنهد وتابع :


_"ألم تعلمي أن مكالماتك في جهاز تسجيل لديه , وسوف يستخدمها في الوقت المناسب , كما حاول مرات عديدة .."


انفجرت باكية , ومن خلال شهقاتي أرسلت توسلاتي قائلة :
_"أرجوك , أتوسل إليك أنقذني ...أرحمني ...."
وغرقت في نوبة بكاء طويلة لم يستطع أن أتكلم خلالها ,وما لبثت أن أغلقت الخط ..
....انقضت 24 ساعة على هذه المحادثة وأنا أشبه بجثة هامدة إلا من قلب ينبض , ودموع تنزف
...تشوهت أمامي جميع الصور التي حفظتها ذاكرتي , ماعدا صورة عدنان وهو يحمل الرسائل والأشرطة,ويهدد بها
لم أستطع أن أستمر في هذا الوضع ...
فأعدت الاتصال بلؤي ...بعد أن أيقنت أنه لا مفر من مكالمته لأخرج من هذه الغابة المظلمة ..


وقلت له :"أنا حائرة , ضائعة ,يتيمة الأم , مهملة الأب .
..."لا عليك –بإذن الله – سأساعدك , ولكن أولا أن تعترفي أن ماقمت به خطأ , وتندمي على ذلك , بل وتعاهدي الله على عدم العودة لمثله أبدا ...وتتوبي , وتحفظي شرفك ,وعائلتك ...من أن تمسه أيدي آثمه ...فتلطخه ..."
استمر في الحديث عن التوبة وشروطها , فشرح الله قلبي لها ..ثم اتفق معي على خداع عدنان , ليقع في المصيدة فطالما استطاع النجاة منها ..وكنت أنا الأداة بحكم أنني أستطيع ذلك ...وقد وعدني لؤي باسترجاع كل ما يخصني من عدنان , وأنهيت المكالمة ..
لأول مرة منذ شهر ارتاح وتنشر الراحة جناحيها في صدري ....
..ولم ألبث إلا ويعلو رنين الهاتف , فكان كما توقعت ,..عدنان ..

عقدت العزم على البدء في حياكة الشبكة لصيده , وكان حديثه جاف معي بسبب خروجي بدون علمه و واشتغال الهاتف , فاسترضيته ...
..فرفض إلا خروجي معه ..فأخبرته بالموافقة ..تفاجئ بالخبر , ولكنه لم يخفي فرحته , وأسمعني قصائده . وتغنى بجمالي وتفكيري الحديث المتقدم ..


..ومن خلال حديثة انقشع في سماء عدنان ما تبقى من سحب حول شخصيته الموهومة..
أبغضته بغض الأم لقاتل أبنها , وكنت بطبيعة الحال أخفي هذا الشعور ..وجاء اليوم الموعود ...
وكان لؤي يطمئنني , ويؤكد لي أنه سيحميني ...
حضر عدنان , وركبت معه , وتظاهرت بالسعادة , أما هو فالأرض لا تسعه من شدة فرحة بالغنيمة , تحركت السيارة , وجابت أسواق المدينة و حتى انتهت إلى زقاق ضيق ..وطوال تلك المسافة التفت يمنة ويسرة أبحث عن لؤي الذي لا أعرف شكله ولونه ...ثم أوقف السيارة أمام بيت صغير خالي من السكان , وقال لي بعد أن أطفأ السيارة ..
"تفضلي يا حبيبتي , يا أغلى ما في الوجود "
فقلت تبعا لما رسم لي "أنا خائفة هلا أجلته إلى يوم آخر .."

قال مداعبا :"وما يمنع هذه المرة , ومرة أخرى , هيا ....فهناك مفاجئة لك "
فقلت : " أرجوك يا عدنان أجل الموعد لمرة أخرى "
قال وهو يحاول ضبط أعصابه :"رنيم هيا , لا تجعلي الفرصة تفوت "
_"عدنان أريد أن عودة إلى البيت "
قال كاتما غضبه :" رنيم انزلي , هيا حبيبتي "
كنت أنتفض كورقة خريف جافة وقلت :
"أنا خائفة , أريد العودة "
فنزل واستدار ناحيتي , وهو يلتفت يمنة ويسرة , وفتح الباب وأمسك بيدي محاولا إخراجي بالقوة ...
..وفي هذه الأثناء انقض ثلاثة اشخاص عليه من الخلف وأخذوا يشبعونه ضربا وصفعا ..أما أنا فقد بلغ مني الخوف مبلغه ولم أستطيع مقاومة للإغماء ...
...أفقت ..فتبينت أمامي طيف أبيض يتحرك , وسمعت أحدا يناديني ...أدرت ببصري فشاهدت رجلا ..ركزت بصري لعلي أعرفه , فتذكرت مباشرة عدنان وخروجي معه , سمعت الرجل يناديني مرة أخرى , دققت في ملامحه ,فعرفت أنه أبي .


نهضت .. وألقيت إليه بجسدي ضممته بقوة , أعاتبه على إهماله .. تركني أعيش كاليتيمة..ضممته لأشبع ذاك الفراغ العاطفي بداخلي , وانفجرت باكية ..

أخذ يربت على كتفي , وقال محاولا تهدئتي :
_"لا عليك يا بنتي , لم يحدث مكروه , ولله الحمد "
كاد قلبي أن يتوقف انخرست , وتابع بقوله :

_"أخبرني شخص بالهاتف يدعى لؤي أنه رآك تفقدين الوعي في أحدى المحلات التجارية .."
فعلمت أنه لم يعرف شيئا , وعدت إلى بكائي ...
قال بلين :
_"كان يجب أن تأخذي الخادمة أو إحدى صديقاتك كي لا تتعرضي لمثل هذا الموقف , عموما لا بأس عليك و وقد طمأنني الطبيب "
ثم ما لبث قليل وخرج إلى عمله , بعد أن أوصى الخادمة بالمكوث معي في المشفى
في اليوم التالي ..أحضرت الخادمة ظرفا كبيرا , وقالت :


_"هذا لك "
تناولت الظرف , فكان من لؤي , وقد أعاد من عدنان كل رسائلي .. , وكتاب بعنوان :
"قبل أن ينخدش الزجاج ", ومصحف "
ومن ذلك الحين , ورنيم تغيرت ,نزعت الثياب التي رفضت أمي معانقتي بسببها , وليست ثياب الفضيلة والعفاف , وعرفت بعد قراءتي لكتاب الله , أين تكون السعادة الحقيقية , والراحة الأبدية ..
تبدلت كليا ...وانضممت إلى قافلة الخير ...وقطار الاستقامة ... أحببت الله , وارتحت بمناجاته ...وجدت نفسي بين كلماته ... والحمد لله على ذلك , وأدعوه أن يقبض روحي وأنا على هذا الطريق ...
...فقلت لها :"وعدنان ...أقصد الأستاذ عدنان ...ألم يحاول الاتصال ؟"
هزت رأسها نافية وقالت :
_"أبدا , ولم أعرف عنه شئ إلا في هذا الفصل الدراسي "


صوبت نظري إليها ...تأملتها بشدة وتذكرت حالتها مع الأستاذ عدنان أثناء المحاضرة .. ابتسمت وقالت :
_"مابك؟"
جاريتها بالابتسامة وقلت :
_"كنت أسترجع حالتك أثناء محاضرات الأستاذ عدنان ..."
ماتت الإبتسامة على شفتيها وقالت :
_" حالتي !"
وتنهدت وتابعت :"لم يعلم بها إلا الله "
سرت القشعريرة في جسدي وسألتها :-
_"وماذا أنت فاعلة , وخاصة أنه طلب منك محادثته عند رئيسة القسم "
فوضعت رأسها بين كفيها وهزت وقالت :
_"لا أعلم , أخاف أن ينبش الماضي ..ويبعث في يباب القديم "
فقلت لها مطمئنة :
_"لا أعتقد , فقد مضى زمن على الواقعة , ثم أن مكانه حسا س جدا , ولا يسمح له بأي حديث خارج المادة العلمية "...
...رفعت رأسها ...وقد اغرورقت عيناها بالدموع وقالت :
_" ها أنت عرفت مكمن السر , وخفايالا الماضي ..بالله يا وفاء , أليس لهذا الحلم الشجي من نهاية ؟.."
...فقلت وأنا أحاول أن أخفف من وطأة ألمها :
"أولا أحمدي الله أن لك مبدأ تسيرين عليه وأساس متين تقفين فوقه ..
ثانيا : لا تسبقي الأحداث , وتوكلي على الله "
تنهدت بعمق ...وقالت:
_"بورك فيك , ومع ذاك فالذكرى القديمة مازالت تشعل في قلبي لهيب الحزن , وتبعث بين ضلوعي لحنا يروي حكاية أليمة .."
وعدت إلى البيت بعد أن قضيت ثلاث ساعات مع رنيم , وتفكرت في حالها إن وضعها حرج جدا مع الأستاذ , انتظرت الغد بشغف , ثم قدم الغد , وكان مقعدي بجانب معقد رنيم وبدأت المحاضرة الأولى , وما لبثنا حتى أقبلت الموظفة , تطلب قدوم رنيم إلى رئيسة القسم ...
وبارتباك بسيط لم يلاحظه غيري لبت رنيم الطلب بعد أن استأذنت من الدكتورة , ومضى الزمان بطيء...ثقيل ...كم من الهواجس تنهش عقلي ..وقطار من العلامات الاستفهام يقف في ساحة تفكيري ...جميعها تتساءل ماذا ؟..

وقبيل نهاية المحاضرة عادت بوقارها وهدوءها جاءت وأخيرا ...انتهت المحاضرة وولت الدكتورة , فالتفت إلى رنيم وقلت لها متلهفة :
_" طمئنيني !"
قالت ..بعد أن أخذت نفسا عميقا ... :
_"اعتذرت له على أسماع رئيسة القسم "
فضربت بشدَة على الطاولة بيديّ وقلت :
_" لا....لا هذا ظلم ...أنت لم تخطئي ..."
ابتسمت نصف ابتسامة تهكم وقالت:
_"أرسل سيلا من الشتائم والسخرية ووصفني بالدونية والوضاعة في التفكير ...اتهمني بمحاولة إشعال فتيل الفوضى بين الطالبات ...والتعالي على أمر أستاذ المادة ...؟!"
"وأنت ..ماذا قلت ؟!"
"صامته , لم أتكلم ببنت شفه ..وفي النهاية طيبت رئيسة القسم خاطره بكلمات , وأمرتني بالاعتذار فرفض اعتذاري ...وقبل اعتذار رئيسة القسم بدلا مني "..
..."ألا تعتقدين أن مايفعله الأستاذ انتقام لما حدث في الماضي "
..."لا ياوفاء ...لا يجب أن اتهمه بذلك , ولعل الأيام القادمة تنبلج منها الحقيقة "
...لكن الأيام القادمة هادئة بالنسبة لرنيم فالأستاذ تجاهلها بالكلية , وبها استطاعت أن تضبط نفسه
...
السماء ملبدة بالغيوم , والرياح تهب بشدّة , ومع ذاك لم تنزل قطرة مطر واحدة وكأنها –السماء- امرأة في حالة وضع شديد تنتظر قدوم طفل يخفف ألآمها ....


ومحاضرات مادة الأدب الأندلسي , أمامي فغدا موعد الامتحان الشهري , وأحس أنني لا أملك أي استعداد نفسي للمذاكرة , فاتصلت هاتفيا برنيم فوجدها أسوء مني حالا ....
_"ما العمل ؟!"
فقالت :مارأيك نحدد جزء معين , ثم نراجعه معا "
أعجبتني الفكرة , وتواعدنا بعد أربع ساعات ....
وهكذا حتى انتهينا من المادة بسلام , وكان النوم قد غزا أجفاني ....فانسحبت , وذهبت إلى فراشي ..ثم استيقضت باكرا , وراجعت بعض الأوراق , ثم اتصلت برنيم لأطمئن عليها لأتفاجئ أنها لم تنم طوال الليل تذاكر المادة ....
_"رنيم ألم تنتهي من المادة البارحة ؟!"
_" نعم , ولكن وكما تعودت أحب أن ألم بأي مادة فأستعين ببعض المراجع التي في حوزتي "
_"ستجهدين !"
_"لا عليك .. فاليوم الخميس , وسآخذ قسط من الراحة بعد عودتي "
_"حسنا "وأغلقت الهاتف .
.....وحانت الساعة , وبدأ الامتحان , وكانت المفاجئة ...
فقد طلب منا إكمال قصيدة ذكر منها بيتين عن مالا يقل عن عشرة أبيات , وشرح مفصل لقصيدة لم تشرح ..
و شواهد للحالة الاجتماعية والسياسية و.....
ضجت القاعة بالاستنكار ...ورفضن الطالبات الإجابة على السؤال الثاني ...واتفقن على ذلك , وحذرن كل طالبة من الإجابة ...


أبلغت المشرفة رئيسة القسم , والتي اتصلت بالأستاذ ...فهدد الأخير بخصم نصف درجة السؤال الأول لمن تضرب عن إجابة السؤال الثاني ...فحمي الوطيس , وبلغ الأمر مبلغه.
...جلت ببصري على الطالبات الجميع , ,ورأيت رنيم جالسة تدون وقد بدا عليها الاهتمام عليها .
...في الواقع كانت القصيدة سهلة الألفاظ , ولكن طريقة الأستاذ لم نعتد عليها ..وشرحت ما شاء الله أن أشرح , ثم سحبت الأوراق منا سحبا , وما أن خرجت المشرفة , حتى ارتفع صوت أسماء بقولها :
_"لن نسكت على هذا الظلم , وعلى الجميع أن يتحد لشكوى ...مفهم "
ضجت القاعة بأصوات الطالبات مرددات بالموافقة , وتوجهت إلى رنيم تطلب منها كتابة الشكوى , وكنت أراقب الموقف من بعد , ورنيم في شغل عما يحدث فقد أمسكت بورقة الأسئلة والكتاب تتأكد من إجاباتها .. ولم تع إلا وأسماء تسحب الكتاب من يديها وهي تقول :
_"هيا اكتبي لنا شكوى الآن "
نظرت رنيم إليها ...وعدلت من وضع نظاراتها وقالت:
_" ومن قال أني سأكتب شكوى "
قالت أسماء "أنا , ألم تقولي تريثوا , وها نحن تريثنا فماذا جنينا , ثم ألا تذكري موقفك معه , وكيف يسخر منك أمام الطالبات "
قالت رنيم :"الآن ....تذكرت موقفي !"
وسحبت كتابها من أسماء وذهبت ..
اتجهت مباشرة ناحيتها , فابتسمت حينما رأتني وأشارت إلى الباب ...
خرجنا معا ...سألتها عن الامتحان فقالت :
...أسهل مما توقعت , والحمد لله إجابتي راضية عنها ولا أعرف إ، كانت سترضي الأستاذ ..
_"يعني ذلك أنك شرحتي القصيدة الخارجية ؟!"
_"شرحتها , وذكرت قائلها والمناسبة لكن أخطأت في السؤال الأول فقد خانتني الذاكرة فلم اذكر سوى تسعة أبيات , وعوضت النقص بستة أبيات من قصيدة أخرى لنفس الشاعر ...ولا أعلم إن كان سيقبلها أم لا ...وأنت مافعلت ؟"
_"...الأبيات كاملة ..ولكن لم أوفق في شرح القصيدة كثيرا "
ثم قضينا اليوم في المحاضرات وقد تغيبت عدة طالبات على رأسهن أسماء ...وقبيل نهاية اليوم ..وبينما أنا ورنيم جالستان في مقصف الكلية .. أقبلت نادية وهي تلهث وتقول :
_" خبر ...هام ....خبر هام "
وعندما وصلت ..جلست على أحد المقاعد القريبة ...وقالت بصوت متقطع :
_"..لقد بلغ الأمر مبلغة ...فأسماء تطالب بحذف السؤال الثاني أو إعادة الامتحان ..ورئيسة القسم تدعي بأن أستاذ المادة حرّ في وضع الأسئلة ولا يحاسب ...
وقد علم الأستاذ بالأمر ..فقد سربت أحد الدكتورات الأمر إلى زوجها الدكتور الذي بدوره أخبره , فقامت قائمة الأستاذ عدنان وطلب من رئيسة القسم أسماء الطالبات المعترضات لكي يخصم منهن درجة السؤال الثاني سواء أجبن أم لم يجبن عقاب لهن ...فهدأت رئيسة القسم الوضع وطيبت من خاطر الأستاذ , وفي النهاية اتفقت رئيسة القسم مع دلوعتها أسماء بوضع ملصوق على بيانات الطالبة في الورقة الامتحان خوفا من معرفته لبعض الطالبات "









التوقيع

[frame="7 50"]
نظرة عامة حولك ..تحمد الله بعدها أنك من أفراد هذا الوطن ..
[/frame]

رد مع اقتباس
قديم 03-03-17, 01:30 am   رقم المشاركة : 8
جزيرة
من أعمدة المنتدى
 
الصورة الرمزية جزيرة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : جزيرة غير متواجد حالياً

(7)





....ثم نهضت وتابعت :
"ولآن وداعا ..لأذهب وأستطيع آخر الأخبار "
...وولت ......

..على أثر ذلك أطلقت ضحكه مجلجلة ...فسألتني رنيم عن سبب الضحك ..فقلت :

_"اضحك ....من الأهواء وتقلبها "

_"...كيف ...؟"
.."قارنت تصرف رئيسة القسم مع أسماء , ومعك بالنسبة للأستاذ عدنان "
قالت وقد ابتسمت ابتسامه الواثق :
_"وهل تظنين أن الناس لا يحاسبون على ظلمهم ؟"

وفاء ...وما فائدة الحياة إن كنا نظلم بها ولا أمل في عودة الحق ورفع الظلم , واسترداد الكرامة ...
الدنيا صائرة إلى يباب , والأمل في الآخرة .
أنا لست ممن يحملون القلب الأسود , وتجري دماء الانتقام ...وتعشعش في صدورهم أرواح الشر ..
لكنني إنسانة ...أحس ..وأتألم ...أهتم ...وأحزن ...وقد أظلم في المواطن ..فيسلب حقي ..وتهان كرامتي ..وتخدش كبريائي ..ولا أملك القوة لاسترداد ه , فأغرق في عذاب ممض وخضم سرمديا ..وحينما أتذكر أن هناك عدل في محكمة إلهية ....يوزن فيها حبة خردل ...تطمئن نفسي ...
أردد المواقف ...احتسبها في الله , اللهم ثقل بها يوم تتطاير الصحف
أدركت... الآن.... يا وفاء"


كنت قد غرقت في كلمات رنيم , رفعت الآن بصري إليها , فلم تكن الرؤية واضحة بسبب حاجز من الدموع تكون في مقلتي ...لزمني الصمت ..وانسحبت بهدوء حيث الحافلة تنتظرني ...ولم تغب رنيم عن خاطري طوال ذلك اليوم ...سكنت جميع مقاعده ....وشملت جميع مرافقة ..

...حادثت نفسي ...”حقيقة هي مسكينة فقد تعرضت لتجربة قاسية...وهي مازالت صغيرة ..لكن شخصيتها قوية وثقتها بنفسها وقبل ذلك رحمة الله لها وعنايته لها ,ولطفه لها أيام المراهقة ...وأنا واثقة أنها لا تخلو من صفات ليست بحسنة , لكنها قليلة ,
بل لا تقارن بكياسة عقلها ...وأخلاقها العالية .. ...السؤال : أيكون ما سبق يتجسد في شخصيتها مع عدنان وتعاملها معه ....وهل تستمر في صمودها وثباتها .....أم تهتز أمام سخرية الأستاذ واستهزاءة .."

حصلنا على أغلب درجات المواد ...وكانت رنيم من أعلى القاعة درجات صافحتها بحرارة وقلت :
_"مبارك ...لم أكن أتوقع هذا المستوى ؟!"
_"حتى أنا ....الحمد لله على توفيقه "
قلت بهدوء :"كنت أتوقع أن ينخفض مستواك بسبب الأستاذ الأندلسي "
.تنهدت وقالت :"الأدب الأندلسي , كان الله بالعون "
استدركت وقالت :_" بالمناسبة ..ألم تبعث رئيسة القسم بالدرجات "
_"ألم تسمعي الأستاذ ماذا قال في الأسبوع الماضي !"


_" لم أسمع !......ماذا قال ؟"
"يقول انه سوف يعرض بعض نماذج لإجابات الطالبات , ويوضح الأخطاء التي تقع فيها الطالبات الشائعة ,وليثني كما أدعى على بعض الإجابات التي أعجبته "
_"أحقا ما تقولين !"
_" نعم "
قالت مع ابتسامة غريبة انبلجت بها شفتيها ...
_"غدا نعرف توجه الأستاذ على حقيقته "
_"ماذا تعنين ..؟!"
_"إن غدا لناظره قريب "
غدا نعرف الأستاذ على حقيقته , أردد هذه الجملة باستغراب وأنا أدلف إلى القاعة لمحاضرة أدب أندلسي .
...اكتمل العدد , وجلست رنيم في مكانها المعهود ...وجلست بجانبها ..وظهر الأستاذ , الذي لم يحفل بأي أهتمام من قبل الطالبات بطريقته الشاذة في الامتحان .


..ابتدأت المحاضرة , وتحدث الأستاذ عن غرض جديد سوف نتناوله ألا وهو الوصف ....وطرح سؤال على الطالبات قال فيه :
_"ظهر الوصف كفن في الشعر الأندلسي , كما ظهر من قبل في الشعر الجاهلي , والأموي والعباسي , ولكن الأندلسيون برعوا وأبدعوا أكثر من غيرهم فيه ...لماذا ؟
....تخرج...
فاختفت القلوب , ثم ظهر الإرتياح بعد قال :
"أسماء "
نهضت أسماء وقالت إجابة السؤال :
_"لأن الشعراء في الأندلس أرادوا , يثبتون لغيرهم ببراعة شعرهم , ومكانته الرفيعة , فسلكوا درب الوصف ..."
...قال لأستاذ بعد أن صمت قليلا :
_"الإجابة..خاطئة , تخرج هند وتجيب "
فصمتت هند ثم قالت : "لا أعرف "
وبدأ بطلب الأسماء والجميع يجيب ب:لا أعرف ..


سامية ...سناء ...عزة ...عبير....إلى أن قال :


_"هل من إجابة من أي طالبة ؟!
التفتت إلي رنيم وقالت :
_"أنا أعرف ...." فقلت لها مشجعة... "هيا أجيبي
فنهضت في ثقة كما هي عادتها .... وقالت :
_"أستاذ هل لي أن أجيب ؟"
فقال :"تفضلي "
....قالت :"برع الأندلسيون بالوصف لعدة أسباب من أهمها :

طبيعة البلاد الجغرافية ., فقد امتازت بلاد الأندلس بالمناظر الخلابة , من الأشجار المختلفة , والمياه الجارية , والجبال الشاهقة .., وغيرها , وكذلك الحالة الإقتصادية جيدة و قد دفعتهم إلى الاهتمام بالكماليات , كذلك هناك عامل ثالث لا أعرف مصداقيته ...وهو أنه زعم أهل الأندلس عرفوا برهافة شدة الإحساس ,
...وسكتت رنيم و والأستاذ صامت ..
_"!!...فقط ياأستاذ ..."

فتقلب نظري بسرعة الثانية بين الأستاذ ورنيم ..
_" ...رائعة ...وفقت فيها ...من الطالبة ؟!"
....وبوقار الجبل قالت :"رنيم هانئ "
ركزت بصري على الأستاذ ...الذي اجتمعت حبيبات العرق فوق جبينه ..وبشئ من الفوضوية قلب أوراق أمامه ..ثم استأذن وخرج ...
..ولم نلبث وعاد الأستاذ وهو يحمل الأوراق وقال بعد أن جلس ...
_"أحضرت بعض أوراق إجابات الطالبات لأعرض منها , ولتستفدن "

ابتسمت رنيم , وسألت عن سبب ذلك ..فقالت :
_"من حسنات الأستاذ أنه مكنَا من ضبط أعصابنا بمفاجئته ...!"
...ثم بدأ بعرض إجابات الطالبات ..ولسع نقده أغلب الطالبات فهذه يسخر من كتابتها التي أختلط فيه النسخ بالرقعة ..وتلك بكثرة الأخطاء الإملائية ..وثالثة برداءة الخط ....ورابعة بتشوه الصفحات ....وخامسة بركاكة الأسلوب ..,...


وعلق على السؤال الأول ...وكيف أن الطالبات ألفن في القصيدة فاختلط الحابل بالنابل , ثم علق على السؤال الثاني والذي كشف له –كما أدعى – المستوى المتدني لطالبات اللاتي عجزت أقلامهن من شرح قصيدة سهلة الكلمات , واضحة المعنى .

وفي النهاية قال :

_" ولا أهضم حق الغير , فقد وجدت سلوتي في إجابات رائعة عما سبقها و من ذلك إجابة على مستوى لم أتوقع أن أجدها قياس بالمستوى المتدني ...فقد كانت نموذجية شاملة ..فبالنسبة لسؤال الأول فقد ساقت شواهد لصاحب القصيدة لم تطلب , وهذا يدل على سعة الإطلاع ...

والرجوع إلى المصادر كما نوهت في بداية أول محاضرة ..


وبالنسبة للسؤال الثاني فهو لوحدة درة , شملت بالشرح جميع الأبيات , ذكرت القائل والمناسبة , بل أدلت بدلوها ...فأبرزت شخصيتها من خلال تعليقها على الأبيات , مستعينة بشواهد خارجية ...


أقرأ عليكن بعضا من ذلك "

وحين سلط الأستاذ على ورقةالإجابة ظهرت بعض الأسطر فقبضت رنيم على عضدي بشدة وقالت :
"وفاء ...إنها ورقتي "
فارتفع صوت الأستاذ بالقراءة :
"يقول الشاعر :

إن كان عز الدنيا اللقاء بكم ففي مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا


...من براعة الشاعر أن أختار مكان للقبا أحبته لم يذكره أحد قبله ألا وهو يوم الحشر ...السؤال هنا ....هل ضمن الشاعر اللقاء في ذلك اليوم ..والذي يقول عنه سبحانه وتعالى (ويوم تضع ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد )..وهل تصور ذاك الموقف الرهيب الذي سيفقه جميع البشر امام الله سبحانه للحساب ...ولعل حبه بمحبوبه أنساه عن تصور ذاك اليوم ..

فيا ليته قال :


ففي جنة الخلد نلقاكم ويكفينا


في أثناء ذلك كانت الطالبات يخمن صاحبة الورقة ..


الأولى :" أظنها عبير , فخط عبير رائع "

الثانية :"لا أظن فالإجابة تامة وعبير متدنية المستوى "

الثالثة :"ربما سلمى أو رنيم "

وتابع الأستاذ :"علاوة على ذلك فالورقة منظمة , والخط رائع والأسلوب أروع


وأقول بكل ثقة هذه الطالبة الوحيدة التي حازت على الدرجة الكاملة , وأرجو أن أعرف أسمها , لأشكرها على المجهود الذي بذلته ..."


فالتفت إلى رنيم التي علقت بصرها على الشاشة حيث ورقتها استحثها على النهوض ...

_"هيا... اذكري انك صاحبة الورقة .."


أخفضت بصرها ..وقالت :"الأستاذ عدنان لا يؤمن جانبه .......لا استطيع , أرجوك وفاء لا تجبريني على مالا أريد...!"


عقب الأستاذ بعد لحظات بقوله
"....عموما سوف أسأل رئيسة القسم عنها فهي تستحق الشكر "ثم استأذن وخرج....
وحين هممت بالنهوض بعد أن جمعت حاجياتي وكشكولي برفقة رنيم ...ظهرت أسماء فجأة ...وابتسامة ساخرة محشوة في فمها وقالت:
_"الآن عرفت لماذا رفضت أن تكتبي بالأستاذ شكوى
على أثر كلماتها أطلق من حولها من الحاشية ضحكات السخرية ....


...قالت رنيم ببراءة :" لم أفهم ..."
وبتحدي أجابت أسماء :"على مكتب العميدة تفهمين "

خمنت ببعض ما يدور في رأس أسماء ...فقلت لها زاجرة :
_"ألا تخجلين , أو تظنين الجميع على شاكلتك ؟"
...فقالت لي :"رجاء لا تتدخلي "


والتفت إلى رنيم وقالت:_"وداعا يا...الطالبة الوحيدة "
وولت ...وحاشيتها من خلفها ....
فقالت رنيم سائلة :
_"بالله ياوفاء ....ماذا تعني .....؟!"
..."لا تهتمي بصوت الطبل الفارغ ...
...."أي طبل تقصدين ؟!....."
....حديث أسماء وطريقتها ....أشارت إلى أمر لم أتأكد منه الآن , هكذا أسماء لا تحفلي بكلماتها كثيرا...











التوقيع

[frame="7 50"]
نظرة عامة حولك ..تحمد الله بعدها أنك من أفراد هذا الوطن ..
[/frame]

رد مع اقتباس
قديم 03-03-17, 01:31 am   رقم المشاركة : 9
جزيرة
من أعمدة المنتدى
 
الصورة الرمزية جزيرة





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : جزيرة غير متواجد حالياً

( 8)









....ثم ولى اليوم هادئ ........نسينا موضوع أسماء , ولكن ذكرنا به ابتسامتها المتشفية في اليوم التالي , ولقد فهمتها رنيم بعد أن استدعتها رئيسة القسم , تغيبت عن أغلب المحاضرات ...وقبيل نهاية اليوم الدراسي ذهبت مع المجموعة نستفسر عن سرَ تغيبها عند رئيسة القسم التي أخبرتنا أنها خرجت إلى منزلها ...
شعور لم أتبين معالمه انقبض قلبي على إثره......
...استأذنت من المجموعة , وجلست في حديقة الكلية ...
وعلامات الاستفهام ...تعدوا كالخيل في ميدان تفكيري ...
....."ما الذي حدث ؟ كيف تخرج رنيم من الكلية هكذا !.....صوت ضحكات ممن ؟!..
أسماء وحاشيتها ...لكم أمقتها....أنها توقفت متجهة ناحيتي ...وفي عينيها نظرات تشفي ...ماذا تريد ؟......هاهي تستدير إلى جمهورها سأصغي السمع ...لأسمع:
_"ليخبر الحاضر الغائب , لقد ولى زمن التلاعب ولن يصعد أحد المجد إلا على أشواك ....وليس إعجاب "
ا بتسم استخفاف بها ..

ما إن وطئت قدمي عتبة البيت حتى هرعت إلى الهاتف فجاءني صوتها ضعيف لا أكاد أسمعه ..
قلت برجاء :_"خيرا ....خرجت من الكلية مبكرة ..."
......."........................"

_"رنيم .....,هل تسمعيني ؟!..."

_"نعم, أسمعك "
_"لماذا لا تردي طمئنيني ,بالله أريحيني ......جزما إن أسماء لها ضلع في موضوعك ..."
_"اهدئي يا وفاء ....ثم ....."
_"ثم ماذا ........."
_"هل تستطيعين زيارتي اليوم في البيت "
_"أحاول ....وسأخبرك إن استطعت ؟!"

وافقت والدتي ...فذهبت ..واتجهت مباشرة إلى غرفة رنيم ...بعد أن طلبت من الخادمة أن تذهب إلى عملها ....
كان الباب مفتوحا فأد لوت برأسي فوجدتها تتصفح كتابا ....وأحسست بوجد شخص ما ظنت أنني الخادمة فقالت :
_"ادخلي وضعي الشاي على الطاولة "
فأطلقت ضحكة ....على أثرها بكتابها وأقبلت نحوي , صافحتني بحرارة وقالت :
_"........أهلا بك ....لم أتوقع قدومك !......."
.....فقلت وأنا أجلس على مقعد في أحد أركان الغرفة
_"وأنا كذلك , لكن القدر يسير لصالحك .."
فماتت ابتسامة في فمها ....تأملت وجهي ..وكأنها تبحث عن حاجة ضائعة .....
ثم قالت متسائلة :
_"أتظنين ذلك !!"
_"....أو تشكين !؟"
فنهضت ....,سارت نحو المرآة ..وقالت :
_"لقد عادت الأمواج تعصف بزورقي ..."
....."متمثلة بمن ؟"
تنفست بصعوبة , نظرت إليَ وقالت بكلمات متقاطعة :

_"رئيسة القسم ...تتهمني ...تتهمني ..بعلاقة ما مع الأستاذ عدنان .....واستطعت أن أعرف الأسئلة من هذه العلاقة ..."
...ومن بين دهشتي قلت :_"مستحيل "
بثبات قالت :_"كما قلت ...والمحرض الأول هي أسماء , فقد غاظتها ورقة إجابتي ...والتي أقنعت رئيسة القسم بهذا الادعاء؟!"
_"...وما كان على رئيسة القسم ؟"
تفا جئت بكلامها قلت مباشرة :
_" إلا الأستاذ عدنان "
فقالت لي :"أتدافعين عنه , قبل أن تدافعي عن نفسك ؟"
فقلت بحزم :"بل أقصد أن هناك هوة بيني وبين الأستاذ ألا تتذكري موقفي معه في غرفتك هذه "
قالت ساخرة :_"ربما تلك الأيام ......جس نبض "
.....وبكلمتها الأخيرة احترق كل شئ أمامي ....اهتزت الأشياء من حولي , فهممت بالخروج من غرفتها , أوقفتني وقالت :"لن تخرجي من هذه الغرفة حتى تقري بالحقيقة ....!"
فانفجرت في وجهها قائلة :
_"ليس عيبا أن نعترف بتقصيرنا في بعض النواحي لعدم استطاعتنا الخوض فيها , لكن الذي لا يليق ..........أن نفعل , ونجهل ما نفعل نحشوا أفواهنا بكلمات ...لم تتبلور في عقولنا .......!!.....أستاذة ....هل من اللائق أن تصغي السمع وأنت رئيسة القسم .....إلى حاسدة ...إني أربى بك الخوض في مستنقعات التوهمات والأقاويل والادعاءات ..."
قالت :" رنيم ....لقد تعديت حدودك ...كالطالبة "
فقلت :_"وأنت تعديت حدودك كرئيسة قسم إلى قاذفة....."
خرجت من غرفتها.....وأنالا ألوي على شئ ....فتوجهت إلى البوابة وطلبت بالسائق الذي لم يلبث إلا وحضر ......
فزحفت إلى سجادتي أبث همي إلى مولاي , أشكو إليه قسوة عبيدة وظلمهم ......
...........أرأيت كيف تهب الرياح على أزهاري , وتحاول قطفها ....
..أشعرت بسياط الحياة حين تلهب أضلعي وتمزق أفراحي ...
...... تذوقت علقم أشجاني ....بعد أن طغى على مشاربي ....."
....وتبع ذلك نحيب يهتز جسدها ....اهتزاز الطائر حين تمد إليه عنقه السكين ...
فصمت انتظرها تهدأ قليلا , ثم طلبت منها أن تسمح دموعها وأخذتها بيدها وخرجنا إلى حديقة البيت ....
في البداية سرنا صامتتين ,وما لبثنا إلا وانبلج باب الحديث عن أنواع أشجار الحديقة وأسمائها ...

.....وبعد أن أحسست أنها وصلت إلى حالة لا بأس بها من الاستقرار والهدوء , جلست معها في ركن من المكتبة وقلت :
_"لعله من الأفضل العودة إلى الموضوع "
تنهدت بألم وقالت :
_"تفضلي "
_"لقد علمت خبرا –من نادية طبعا – مفاده أن هناك علاقة بين زوج رئيسة القسم وأب أسماء من ذلك نستطيع أن نفهم تصرفات رئيسة القسم الشاذة وخاصة في هذا الموضوع ,بمعنى أن أسماء هي المحرض , ورئيسة القسم تسمع لها لمصلحة زوجها ....
نظرت إلي رنيم صامتة ....وهي تدعوني إلى أن أكمل , فتابعت :
_"وكان يجب أن تكسبي ود رئيسة القسم ....."
قالت رنيم مقاطعة :
_"وماذا تريدين أن أقول لها بعد أن اتهمتني مع الأستاذ "
...."لاأعلم ..ولكني أتوقع أنها ستثأر لنفسها بعد حديثك معها ....ولا تنسى أنها في موطن قوة ...وتستطيع تنفيذ ما تريد ...."
..."ماذا تقصدين ؟!"
ابتسمت وقلت :
_"لعلي أتوقع الشر بسرعة ........عموما الغد سيأتينا بالخبر .
_"رنيم تطلبك العميدة " قالت ذلك احدى العاملات ...
فالتفت إلىَ رنيم وقالت :
_"مرَ يومان , وكل شئ هادئ فماذا يريدون "
قلت لها :_"لا تقلقي "
...فخرجت , ثم خرجت بعدها أسماء ....أحست الطالبات بأمر ما يحدث ..., وانتهى اليوم ...وكل عاد إلى أدراجه واتصلت برنيم ,فلم ترد ,وكررت الاتصال , لكن بدون فائدة ....
وقدم الغد ...ولم أجد رنيم في القاعة ...ولكن نادية ادعت أنها رأتها تلج غرفة العميدة مع ثلاث من أستاذات وأمينة المكتبة ..وسرعان ما تفشت الإشاعات ..واستطالت ألسنة حداد تنهش لحم رنيم قائلة:
_"ستطرد من الكلية لتصرف ما مع رئيسة القسم ..!!"
وثانية :_"سيعقد لها مجلس تأديبي ....وثالثة : الأمر أبلغ , فقد تدخل هيئة التدريس ...؟!!
...وهكذا ... الكل أدلى بدلوه ...لكن ...لماذا ..ومتى وكيف ولأجل ماذا ...؟
لا أدري...
..ثم انقضى الأسبوع ...والكل في دوامة التساؤلات كنت خلالها أحاول الاتصال على رنيم فلم أوفق ....انقطعت أخبارها ما عدا إشاعة في نهاية الأسبوع تقول أنه عقد جلسة تحقيق حضرتها العميدة وأغلب الدكتورات وشوهدت رنيم تلجها ....
.....وقدم الاحد وكان موعد الامتحان الشفهي لمادة الأدب الأندلسي ..وكنت آمل أن أرى رنيم ولكن خاب ظني ........
......._"جاء دورك "
ضربات قلبي تتوالي بسرعة ...أخذت مكاني ...وأمسكت السماعة ...
"ما أسمك الكامل ؟"قال ذلك الأستاذ عدنان بعد أن قلب أوراق معه .....
_""وفاء حامد إبراهيم"
_"لماذا سمي المعتمد بن عباد بهذا الاسم , واذكري أبيات تحفظينها من نظمه ..."
_"سمي بالمعتمد لأنه ...",واندمجت في الإجابة حتى قال لي :
_"أحسنت ...انصرفي "
وحين هممت بالخروج سمعته يخاطب المشرفة بقوله:
_"لم يتبقى إلا طالبة واحدة ذكرتي أنها مقدمة عذر طبي أليس كذلك ؟"
....."نعم اسمها رنيم ....."
وخرجت وأنا أتساءل :
_"أوصل الحد إلى تقديم عذر طبي ....الأمر أبلغ مما تصورت ....
الساعة الخامسة عصرا .... , وطلبت رنيم , وكالعادة لم توافق الخادمة , فأصريت على طلبي فقالت:
_"....إن السيد أمرني برعاية رنيم وعدم إزعاجها بأي خبر وخاصة فيما يتعلق بالكلية ..."
فقلت لها راجية :_"لك علي أن لا أحدثها عن الكلية ....فقط سأسلها عن حالها ....أرجوك "
_"حسنا , لكن لا تطيلي في الحديث كي لا تتعب ...."
_""بإذن الله ..."
وغبت قليلا , ثم جاء صوتا باهتا ضعيفا لم أتبين معالمه فقلت :
_"رنيم....... أأنت رنيم؟"
_""نــ..عم ..كيف حالك ..يا وفاء؟"
_""بخير كيف حالك أنت "
_"الحمد ......لله "
_"قلقنا عليك ...كثيرا "
_"شكرا لك "
_"مما تشكين , ماذا يؤلمك ؟"


_"الحمى ..والحمد لله خفت عما كانت عليه سابقا "
_"جميع المذكرات صورتها لك "
_"لن أنسى جميلك ..."

_"أتركك الآن ...وأرجو أن أتصل وأسمع صوتك أفضل "
_"بإذن الله "





...المسالة أكبر مما توقعت ..عموما الآن المهم هي حالة رنيم "



....خلال هذا الأسبوع تحسنت صحتها و استردت عافيتها ...وكنت قد تغيبت عن الكلية استعدادا للامتحانات التي لم يبقى إلا القليل ..وفي أثناءه طلبت رنيم أن أحضر إلى الكلية لكي أزودها بالمذكرات الناقصة والمواضيع المهمة ...في كل مادة ..فلبيت الدعوة ...وذهبت إلى لكلية ...حيث وجدتها منكبه على كتاب الأدب الأندلسي استعدادا لأداء الامتحان الشفهي ...



....صافحتها ..ففوجئت لشكلها ..ليست رنيم التي أعرفتها , فقد فقدت الكثير من وزنها ..واكتسبت من الصفار لونا ..والشحوب جلبابا , وأطلقت عقال تعجبي سائلة :



_"لماذا أصبحت هكذا !,لقد تغيرت "


فقالت بهدوء :


_"كانت وطئت الحمى شديدة "


قلت متسائلة :


_"فقط الحمى ....؟"


قالت ,وهي تنظر إلى السماء إذا أكربها أمر :


_"تصدقين يا وفاء ..لم أعلم أن هناك من البشر من يحملون قلوب سوداء , تعزف على أوتار الحقد .., لم أعلم أن الحسد حين يملأ النفس , ويفيض يحاول إغراقه غيره كما غرق هو ...لم أعلم أن محاولة التشبث بمتاع الدنيا تعمي العقول والأبصار ..عن كل فضيلة ..وكل خلق كريم ..؟"
..._"رنيم ...اجلي الغمام , في سمائي , وأفصحي عن مكنونك "
ابتسمت ابتسامه كئيبة موحشة وقالت :
_"القضية –حقا – مخجلة ,لا أدري كيف انغمست رئيسة القسم في مستنقعها بعد أن حرضتها أسماء , ولكن بعض الأشخاص لا يكفي آن نقول لهم قد أخطأتم بل نجبرهم على الاعتراف بذلك ,وهذا ما حدث ...


فقد اتفقت رئيسة القسم مع أسماء في حكاية تهمة ضدي مفادها تسرب الأسئلة من قبل الأستاذ عدنان إليَ بعد علاقة بيننا , والبرهان ورقة إجابتي ..فهي الوحيدة التي حازت على الدرجة الكاملة ..


حين أخبرتني رئيسة القسم ذلك كدت أجن ..وأخبرت العميدة التي قالت أثبتي غير ذلك ..فعدت إلى البيت ضائقة النفس كسيرة الجناح .. فكرت كثيرا في الأمر , ثم قررت أن أخبر والدي .. والذي ثارت ثورته وتوعد وهدَد , بأن تفصل رئيسة القسم من منصبها ..فتمنيت أني لم اخبره ..
وفي صباح الغد ألهمني الله , فقصدت أمينة المكتبة وطلبت منها أن تحضر بطاقتي وتذهب معي إلى العميدة ..ووافق الجميع ..
وولجت معهن إلى غرفة العميدة التي تفا جئت بهذا الحشد , واستأذنت ودخلت معي , وقلت :
أن رنيم تسربت إليها الأسئلة في مادة الأدب الأندلسي , ولهذا حازت على الدرجة الكاملة من بين الطالبات فما رأيكن بذلك ...



....فاندهشن جميعا .. ومباشرة نفينه قطعيا , وقالت إحداهن موجهة كلامها إلى العميدة :

_"إن رنيم أعلى خلقا من هذه التهمة ..ثم إن هذا ديدنها في المواد الأخرى ..فهي متفوقة والجميع يعرف ذلك "
...ووافق البقية على كلام الدكتورة ..فأخذت بطاقتي التي بحوزة أمينة المكتبة , ووضعتها أمام العميدة ..وقلت لها :


_"اقرئي ..أغلب مواد هذا الفصل , استعرت لها مراجع ومنها مادة الأدب الأندلسي .."


فصمتت العميدة وبدا عليها الاهتمام ..تأملت بطاقتي ..فتجسدت الحيرة مع الاضطراب على وجهها ..ثم على صوت الناسوخ المميز حامل من جعبته ورقة رسمت عليها كلمات لا أميزها ...


فاستدارت موظفة مسئولة , وأخذت الورقة وبعد برهة .......!!!.....صرخت قائلة :
_"يا لله ...تحقيق ..."
سألت العميدة عن الخبر ...فأجابتها :


_"هناك لجنة من الإدارة ستأتي يوم الثلاثاء لتحقيق في دعوة رفعها ولي أر الطالبة رنيم ...ويطلب من العميدة أن تعقد جلسة تضم جميع من له طرف في الدعوة ...!"

...وفشي الخبر كما تفشي النار في الهشيم ...

وعقدت الجلسة في غرفة الاجتماعات , واستدعي لها أغلب الدكتورات وفي المقدمة رئيسة القسم , والوكيلة والأستاذ عدنان ....وأنا وأسماء ... ,أمينة المكتبة , وبالطبع لجنة التحقيق ..


استجوبت أسماء ...ثم رئيسة القسم لأنها صاحبة الدعوة ....ثم أنا ...ثم الأستاذ عدنان الذي كان صوته في السماعة عاليا ..وقد سخر من الدعوة .. وهزأ برئيسة القسم وقال:
_"لم أعلم باسم الطالبة وأنها هي التي حصلت على الدرجة الكاملة إلا اليوم بسبب وجود الشرائط اللاصقة على ورقة الإجابة ولعلي أسأل رئيسة القسم عن سبب وجودها !!


وأعتقد أننا في صرح علم , ولسنا في مسرح جنائي ...ونحن في بلد تأبى علينا تقاليدنا أن ننغمس في هذه المستنقعات والخوض في هذه الأوحال ...


ثم ...أتتهم الطالبة لأن الأستاذ معجب بورقتها إجابتها ..إلى هذا الحد وصل الانحطاط في التفكير ....؟!!"


وفي النهاية برأت ساحتي , وفصلت أسماء أسماء من الكلية أسبوع , وعزلت العميدة رئيسة القسم من منصبها ..


..وكان من نصيبي الحمى أنشبت أظفارها في جسدي ..فقاومتها بشدة وانتصرت في النهاية ونعمت خلال مرضي .....بقرب والدي ..والذي كان فخورا بي ..


وها أنا ذا أعود إلى الكلية ....."


_"..يا لله ..كيف يفعل الحسد بصاحبة "



_"أعتقد يا وفاء أن من يكون لديه دافع بغض النظر عن فحواه يجتهد حتى ينال هدفه ..



...فإن كان الدافع خيرا تقدم واطمئن و وفخور وإن كان شر ..اقترب بخطى وئيدة , خائفة وجلة ...


...كأنني صحوت من حلم مزعج "


_"الحمد لله ..فقد خرجت مرفوعة الرأس بيضاء السيرة "


_"الحمد لله ...الحمد لله "


_"ألم يحن وقت الامتحان "


_"ليس بعد , تبقى من وقت ساعة سأستغلها في المراجعة "


_"إذن سأذهب ..وبعد ساعة سأقدم "


وسرت في مرافق الكلية ..ورنيم قد أتخذت في فكر ي مقعدا ..بعض مطالب النفس الغريبة ..وقد تخرج من طور الإنسانية , كيف لها أن تسلب حق شخص ملكه بعرق جبينه , وقضى وقته في تحصيله ...


...ما أبشع أنانية البشر ...


_"وفاء. ..وفاء"



هذه رنيم يحسن بي الذهاب إليها ...



_"نعم.. "


_"تعالي ..أرديك "


اتجهت إليها ..وحينما وصلت قالت :


_"حان وقت الامتحان فما رأيك بالذهاب معي إلى القاعة ؟



قلت مباشرة :"فكرة رائعة "


وتذكرت شيئا فقلت :"لكن المشرفة ".....ابتسمت وقالت :



_"إنها المشرفة سعاد "


جاريتها بالابتسامة وقلت :"جيد "


واتجهنا إلى القاعة سويا , وانشغلت رنيم بترديد بغض الأبيات وما لبثنا حتى وصلنا , وكانت المشرفة بالانتظار , وحين رأتني ابتسمت ,وقال :


_"ألم تمتحني , إن الأستاذ أبلغني أن رنيم فقط المتخلفة "


ارتبكت , ولم أقل شيئا..فتدخلت رنيم وأنقذت الموقف بقولها :


_"...بلا لكنها تريد المشاهدة فقط ...وأنا موافقة فما رأيك ؟ "


نظرت إليَ متفحصة وقالت :


_"حسنا "



تنفست الصعداء , ودخلت القاعة برفقة رنيم ..وجلست في احد أركانها , واتصلت المشرفة بالأستاذ , وأخبرته بوجود رنيم فخرج صوت الأستاذ دون صورته "


وقال :_"أأنت مستعدة للامتحان ؟"


فأجابت رنيم :_"نعم ..."


فقال :"ماأسباب سقوط الأندلس واذكري قصيدة ابن الرندي في ذلك ؟"


....وبعد أن سمت _باسم الله _اندمجت في الإجابة وانطلقت في ذكر أسباب سقوط الأندلس .. ثم ذكرت قصيدة ابن الرندي ..وفي النهاية ..قال الأستاذ للمشرفة ..اذهبي إلى رئيسة القسم وأخبريها بأن ترسل من يأخذ درجات الطالبات ..فولت المشرفة خارجة ...وقال الأستاذ :


_"رنيم ..هل أنت هنا "


بادلتني النظرات ..وقالت :_"نعم "


فقال بكلمات هادئة :"السعيد في هذه الدنيا الذي يستفيد من تجاربه السابقة سواء كانت فاشلة أو ناجحة , وقد توسمت فيك العقل فاسدي لك حديثا اعتبريه هدية من أخ صادق ..حريص على سعادتك .."


_"تفضل يا أستاذ "

_"....المعذرة هناك مقدمة لزاما عليَ توضيحها وهي بالعودة بالذاكرة إلى الوراء ..وبالتحديد خمس سنوات ,وحين طلب مني إعادة ما يخصك من أوراق بعد ما حدث مع احد رجال الحسبة , صورتها ثم سلمتها ...كنت قد أضمرت لك السوء .....

.....وبعد فترة من ذلك الحادث علمت أنني مخطئ ..وأن ما قمت به عمل لا يقره خلق ,ومع ذلك عشت صراع داخلي فحواه ..

هل التصرف الذي قامت به رنيم صواب أم خطأ , بالنسبة لي طبعا ...

...حينا أغضب ...وتحفني الكراهية لما أعتبره في حقي مشين ...وحينا أعذرك ..لمحاولتك الإفلات من مخالبي....

وهكذا احترت في أمري ... وملكت القضية عهدا ليس بيسير ....حتى خبى الصراع قليلا مع مرور الوقت ..


..,لكن إرادة الله فوق كل شي , فبعد أن قدمت إلى الكلية للتدريس كانتداب , لم أتوقع أن تكوني في هذه الدفعة ,ولكن قائمة الأسماء , ضمت أسمك كاملا ...



وقد طلبت من رئيسة القسم التقدير العام لكل طالبة ..كل ذاك لأعرف مستواك ...فأعمل على انحدارك...ربما لأثأر من القديم ...



...تصورت أنه لا يوجد ما يهز الوجدان أكثر من الشعر , ولا يسعد القلب ويريح الجوانح والوجدان مثل الأدب , ولكن إجابتك أيقظت الحس من الغيبوبة ...حس نائم منذ الطفولة ..ألا وهو الإحساس الروحي ..بالدين ..

والشعور بالحياة التي يمتلكها القرآن ..وبالقوة التي تنبعث منه ...وفي خضم ذلك ...


تأتي القضية الأخيرة والتي من حياكة رئيسة القسم السابقة ..وإحدى الطالبات ..فنفرت من القضية , ونظرت إليها على أنها قضية مبدأ ..وأن من نال أمر بيده فهو الأحق به ...

...,كان باستطاعتي أن أورطك , وأبرئ ساحتي ..ولكن كلما تذكرت قوله تعالى ...وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد )
..أحسب لنفسي ألف حساب قبل أن أخطو أي خطوة .......
...الشاهد مما ذكرت ...
"أنني أعجب من الإنسان ...كيف أعمل المعصية ..ولذاتها مؤقتة ...وسوف يلقى الجزاء لتفريطه مع الخوف من الناس قبل الله ..وكيف يستقيم العيش لمن يأكل على دموع وشقاء غيره ...
كيف يحيا على جثث الصدق , والأمانة , ...

أختي رنيم , معاني رائعة التي تدفق بها قلبي ...بعد أن وقفت أمام شلال الإيمان , واستقيت من ماء القرآن ..

....فقد انبثق النور من داخلي وأنا مواقع الخطى ...فدومي على الطريق الذي تسرين فيه فو الله إنه لنعم الطريق ...

...أرجو أن تغفري لشخص يسمى عدنان على ما قدم , وتمزقي صفحة من تاريخك تسمت باسمه صمت الأستاذ وغادر مكانه
التفت لرنيم وانا منبهرة
فكانت غارقة في دموعها
وهي تتمتم ,,,
سامحتك
لكن من الصعب تمزيق الورقة ......





تمت









التوقيع

[frame="7 50"]
نظرة عامة حولك ..تحمد الله بعدها أنك من أفراد هذا الوطن ..
[/frame]

رد مع اقتباس
قديم 06-03-17, 02:20 pm   رقم المشاركة : 10
شركة الجزيرة
عضو جديد





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : شركة الجزيرة غير متواجد حالياً

سبحان الله والحمد لله
ولا اله الا الله والله اكبر







رد مع اقتباس
إضافة رد
مواقع النشر
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 04:19 pm.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة