قبل أن أذكر ما جاء عن عجيب نهاية رؤوس المعتزلة أهل الفتنة , أحبّ أن تستمتعوا معي بهذا الحوار القصير والمناظرة الشيّقة بين رجل من أهل السنة وأحمد بن أبي دؤاد في حضرة الواثق , وهي المناظرة التي كانت بداية النهاية لفتنة المعتزلة بحمد الله وفضله وكرمه :
قال الحافظ :
(( و ذكر عن محمد المهدي بن الواثق أن شيخاً دخل يوماً على الواثق فسلم
فلم يرد عليه الواثق بل قال : لا سلم الله عليك .
فقال : يا أمير المؤمنين ما أدبك معلمك . قال الله تعالى : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها فلا حييتني بأحسن منها و لا رددتها .
فقال ابن أبي دؤاد يا أمير المؤمنين الرجل متكلم .
فقال : ناظره .
فقال ابن أبي دؤاد: ما تقول يا شيخ في القرآن أمخلوق هو ؟
فقال الشيخ : لم تنصفني ، المسألة لي .
فقال : قل .
فقال : هذا الذي تقوله علِـمه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أبو بكر و عمر و عثمان و علي أو ما علموه ؟
فقال ابن أبي دؤاد : لم يعلموه .
قال : فأنت علمت ما لم يعلموا ؟
فخجل و سكت (((( أي ابن أبي دؤاد )))).
ثم قال : (((( أي ابن أبي دؤاد )))) أقلني بل علموه
قال : فلِم لا دعوا الناس إليه كما دعوتهم أنت ، أما يسعك ما و سعهم ؟
فخجل و سكت
و أمر الواثق له ( أي الرجل ) بجائزة نحو أربعمائة دينار فلم يقبلها .
قال المهدي : فدخل أبي المنزل فاستلقى على ظهره و جعل يكرر قول الشيخ على نفسه و يقول : أما و سعك ما و سعهم ؟ ثم أطلق الشيخ و أعطاه أربعمائة دينار ورده إلى بلاده ، و سقط من عينيه ابن أبي دؤاد و لم يمتحن بعده أحداً )) . انتهى
ولكي تقرّ نفوسكم إخوتي الكرام من المؤمنين بما صنعه الله بأعدائه أعداء العقل أهل الهوى المحرّضين على عذاب أهل الحق وتقتيلهم , حتى أن بعض العلماء , ومن شدّة ما عُذِّب قال بالبدعة مكرها بلسانه غير مقرّا بها في قلبه { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان , ولكن من شرح بالكفر صدرا }
فهذه مقاطع تبيّن كيف أنّ الله أنهى امتحان أوليائه , فاصطفى منهم من اصطفى , وأعطى الأثرة على أولئك من أعطى , فهيّأ بحكمته وعلمه الخليفة المتوكّل ناصر السنّة - رحمه الله - ليقطع طرف هذة الفتنة وبمحو أثرها , فالحمد لله والمنّة والفضل .
لنتأمّل أولاً كيف أنّ الله أنال الواثق في أخريات أيامه من العذاب الأليم ما لازمه حتى أهلكه نسأل الله العافية من عذاب الدنيا والآخرة – والواثق هو الذي تولّى كبر تعذيب أئمة المسلمين ليقبلوا بدعة أصحاب المحاولة الأولى , كما زعم الرويبضة - :
قال الحافظ متحدّثا عن حوادث سنة اثنتين وثلاثين ومئتين :
(( .... و فيها كانت وفاة الخليفة الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد , أبي جعفر هارون الواثق .
كان هلاكه في ذي الحجة من هذه السنة بعلة الاستسقاء ، فلم يقدر على حضور العيد عامئذ فاستناب في الصلاة بالناس قاضيه ابن أبي دؤاد الأيادي المعتزلي .
توفي لست بقين من ذي الحجة ، و ذلك أنه قوي به الاستسقاء فأقعد في تنور قد أحمي له بحيث يمكنه الجلوس فيه ليسكن وجعه ، فلان عليه بعض الشيء اليسير
فلما كان من الغد أمر بأن يحمى أكثر من العادة فأجلس فيه ثم أخرج فوضح في محفة فحمل فيها و له أمراؤه و وزراؤه و قاضيه
فمات و هو محمول فيها ، فما شعروا حتى سقط جبينه على المحفة و هو ميت ، فغمض القاضي عينيه بعد سقوط جبينه ، و ولي غسله و الصلاة عليه و دفنه في قصر الهادي ، عليهما من الله ما يستحقانه .
وكان أبيض اللون مشرباً حمرة جميل المنظر خبيث القلب حسن الجسم سيئ الطوية قاتم العين اليسرى ، فيها نكتة بيضاء
و كان مولده سنة ست و تسعين و مائة بطريق مكة
فمات و هو ابن ست و ثلاثين سنة ، و مدة خلافته خمس سنين و تسعة أشهر و أيام ، و قيل سبعة أيام و اثنتي عشرة ساعة ، فهكذا أيام أهل الظلم و الفساد و البدع قليلة قصيرة ....... )) انتهى
وقال عن علّة الواثق : (( وإنما اشتدت بعد قتله أحمد بن نصر الخزاعي ليلحقه إلى بين يدي الله .... )) انتهى
وأمّا عن زعيم الفتنة متولّي كبرها , الجاهل طائش السهم , أعمى البصيرة , من أضلّه تنزيله عقله فوق ما قدر الله له , خبيث الفؤاد أحمد بن أبي دؤاد , فإليكم خبر نهايته كما في البداية والنهاية :
(( ...... و قد كان موته في يوم السبت لسبع بقين من المحرم من هذه السنة ، وصلى عليه ابنه العباس و دفن في داره ببغداد و عمره يومئذ ثمانون سنة
و ابتلاه الله بالفالج قبل موته بأربع سنين حتى بقي طريحاً في فراشه لا يستطيع أن يحرك شيئاً من جسده ، و حرم لذة الطعام و الشراب و النكاح و غير ذلك . (((( والفالج هو الشلل , فقد أصابه الله بالشلل الرباعي الذي هو أشدّ أنواع الشلل إعاقة وأذى للنفس ))))
و قد دخل عليه بعضهم فقال :
و الله ما جئتك عائداً و إنما جئتك لأعزيك في نفسك و أحمد الله الذي سجنك في جسدك الذي هو أشد عليك عقوبة من كل سجن
ثم خرج عنه داعياً عليه بأن يزيده الله و لا ينقصه مما هو فيه ، فازداد مرضاً إلى مرضه .
و قد صودر في العام الماضي بأموال جزيلة جداً ، و لو كان يحمل العقوبة لوضعها عليه المتوكل . )) انتهى
وإليكم نصّا شافيا يوجز نهاية الطغاة أهل المحاولة الأولى , ليس في نشر فضيلة النظر والاستدلال العقلي , بل في نشر الرعب والإرهاب وإكراه الناس وتقتيلهم على أن يسلّموا بباطل لم ينزل الله به من سلطان !!!
قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - :
(( ... و المقصود أن عبد العزيز صاحب كتاب الحيدة قال للمتوكل :
يا أمير المؤمنين ما رأيت أو ما رئي أعجب من أمر الواثق ، قتل أحمد بن نصر و كان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن (((( وقد روى أكثر من شاهد تلك الكرامة له ,- رؤحمه الله - )))).
فوجل المتوكل من كلامه و ساءه ما سمع في أخيه الواثق
فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل :
في قلبي شيء من قتل أحمد بن نصر .
فقال : يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار إن قتله أمير المؤمنين الواثق إلا كافراً
و دخل عليه هرثمة فقال له في ذلك
فقال : قطعني الله إرباً إرباً إن قتله إلا كافراً .
و دخل عليه القاضي أحمد بن أبي داؤد فقال مثل ذلك
فقال : ضربني الله بالفالج إن قتله الواثق إلا كافراً .
(((( تأمّلوا كيف عجّل على نفسه حكم الله , بهذا الدعاء , على طريقة قول كفار مكة كما حكى عنهم القرآن : { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } الأنفال 32 , فأصابه الله بما دعا به على نفسه سفها ))))
قال المتوكل : فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار
و أما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة فعرفه رجل من الحي فقال:
يا معشر خزاعة هذا الذي قتل ابن عمكم أحمد بن نصر (((( وأحمد بن نصر من خزاعة )))) فقطِّعوه . فقطَّعوه إرباً إرباً .
و أما ابن أبي داؤد فقد سجنه الله في جلده يعني بالفالج ضربه الله قبل موته بأربع سنين ، و صودر من صلب ماله بمال جزيل جداً كما سيأتي بيانه في موضعه . )) انتهى .
والفالج هو الشلل , وقد أصاب الله ابن أبي دؤاد بالشلل الرباعي حتى هلك , فقد حبسه الله في جلده كما دعا على نفسه
فالحمد لله أن قطع دابر الفتنة , وشفا صدور المؤمنين , بعد أن ابتلى أولياءه .
هؤلاء هم قاتلهم الله , دلّتهم عقولهم الغاوية إلى نفي صفة الكلام عن الله - سبحانه - وهم يقرؤون قول الحق تبارك وتعالى : { وكلّم الله موسى تكليما } جملة مؤكدة بالمصدر لاتقبل تأويلا المعطّلين أهل الجدل العقيم .
قال الحكيم الخبير: { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } محمد 24
فهؤلاء كانت على قلوبهم أقفالها , وإلا فالقرآن قد دلّنا على الحقّ الصراح , وأعفانا من عناء البحث عنه بفضله ومنّته وكرمه ..
إخوتي في الله :
هي سنّة الله فيمن لم يشأ قبول الحق إذ جاءه , يمهله مهلة مكر واستدراج , فإذا أخذه كان أخذه له أليما موجعا , ولات حين مندم أو مناص من عذاب سرمديّ مقيم يتجرّع معه هذا المسكين ويلات العناء من أصناف نكال الله له وقهره : { قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدّا , حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا } مريم 75
(((وإلى لقاء – إن شاء الله تعالى - مع نظرة عابرة قصيرة إلى تفاهة ذلك المقال وسفالة أدب كاتبه . )))
أخي صلاح الدين :
لا أرى أن تفرد هذه التعليقات بموضوع مستقلّ , لكونها تبعا لموضوعك , وأنت صاحب الفضل الأوّل في كل مشاركات الإخوة هنا
لكن : أي كبار يخوي وأي حالة الله يهديك ؟؟!! )
أنا لم أقسم لك ذلك اليمين دون اعتبار لعظَمة اليمين بجناب الله , فما قلت لك عن نفسي غير الحق , فلا تسرف في ظنّ قدري أكبر مما صوّرته لك ( أرجوك ) .
أخي :
لو أنفقنا أيامنا في محاولة إقناع بعض الناس بالحق , وجئناهم بكل حجة , فلن نستطيع !
أخي الغالي : الذي علينا هو النصيحة وعلى الله الهداية
قال تعالى {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء }
وبرأيي أن ليس كلّ كلام يستحق التأمّل , وعناء الردّ والحوار ألا ترى معي هذا ؟
ومن مساوئ الشبكة أنها فتحت المجال للجميع أن يكتب متخفّيا يلبس ما شاء من أقنعة !
منصّرين
رافضة
أهل بدع
أهل أهواء ومآرب خبيثة
استخبارات
جهلة وأحداث
والقائمة طويلة
والكلّ يكتب على أنّه ندّ لــ(( كبار علماء )) أهل السنة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ويكفينا أن نعلم أن الاستخبارات الأمريكية جنّدت عملاء للعمل في أوساط دول المنطقة للتأثير في قناعات الناس الدينية والخلقية , علم هذا من علمه وجهله من جهله .
وأن الشيعة يئسوا كالنصارى من إقناع المسلمين بصحة دينهم , وعجزوا عن الدفاع عنه فلجؤوا إلى التخفّي بلباس أهل السنّة عبر الشبكة وغيرها , لمحاولة تشكيك عامة أهل السنّة بعقيدتهم , ومراجعهم
وما الرافضي حسن فرحان المالكي إلا شاهد على حالهم فقد تخفّى باسم أهل السنّة سنوات عمره , وظل منذ تسع سنوات يسعى حثيثا لتشكيك عوام المسلمين , ومن طار بهم الشيطان تيها بعقولهم الصدئة دون علم شرعي أصيل , حاول تشكيكهم بكتابي البخاري ومسلم وبحوادث التاريخ , ومن ضمن ما استمات في محاولة إنكار وجوده عبد الله ابن سبأ اليهودي ((( لكونه غارس نبتة الشيعة ))) حتى افتضح أمره فأقرّ أخيرا برافضيته مكرها .