هم يأكلون ويشربون، ويغدون ويروحون،ويعملون ولا يكلّون،ويجمعون ولا يشــبعون..
قد ضيقوا على الباحثين عن العمل رزقهم،فبالرغم من وظيفته الأساسية التي تُدِرُ عليه خيراً كثيراً،
إلا أنه يُزاحم العاطلين والفقراء وأصحاب الحاجة الذين لا تُغطّي مرتباتهم مصاريف البيت وحاجاته فضلاً عن مستلزمات الزوجة والأولاد.
فهو في جمعيةٍ خيريةٍ هُنا، وإمامٌ للمسجدِ هُناك،ويبحث عن واسطة للعمل في مستوصفٍ أهلي بأجريٍ لا يساوي وقته الذي يستنزفه فيه.
رأيتهم وقد أمضوا الوقت الكثير بعيدون عن بيوتهم بأجورٍ زهيدة لا تساوي ربع ما يتقاضونه من وظيفتهم الأساسية والتي لو رُزقوا القناعة فيها لأصبحوا من أغنى الناس وأسعدهم.
حتى أن البعض منهم لا يعود إلا في العاشرة مساءً، قد أهمل بيته وأولاده وأبتعد عن زوجته لا هياً صباح مساء دون أدنى مسئولية وكأن جمع الدراهم أهم من الزوجة والأولاد ( وأحسبه كذلك عندهم.! ).
الكلامٌ يطول عن أمثال هؤلاء اللاهثون الذين جعلوا الدنيا أكبر همهم وقد وعدهم الله سبحانه بالفقر إن كان هذا هو مطلبهم،
قال صلى الله عليه وسلم : (من كانت الدنياهمه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (من كانت الدنيا همه وسدمه ولها يشخص وينصب ويطلب جعل الله فقره بين عينيه وشتت عليه الضيعة ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له . ومن كانت الآخرة همه وسدمه ولها يشخص وينصب ويطلب جعل غناه في قلبه وجمع له ضيعته وأتته الدنيا وهي راغمة ).
وقوله صلى الله عليه وسلم: (تعس عبدالدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميصة ، تعس عبد الخميلة ، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ).
ولنا في قول أهل العلم والحكمة عبرةً نأخذها فالإمام الشافعي رحمه الله يقــول :
ورزقك ليس ينقصــه التأني
وليس يَزيدُ في الرزق العناءُ
إذا ما كنت ذا قلبٍ قنوعٍ
فأنت ومالك الدنيا ســواءُ
كتبت هذا الكلام بعد أن تفاجأت بملفاتٍ لموظفين تفوق رواتبهم ( 10,000 ريال ) ومع ذلك تقدموا على وظائف مسائية لا يصل راتبها( 2000 ريال )
وقد تقدم عليها شباب ليس لديهم دخلٌ نهائياً فأي أنانيةٍ وصلت بهؤلاء.!!
قال الله تعالى :
{ ومَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ووقاية شح النفس، يشمل وقايتها الشح، في جميع ما أمر به، فإنه إذا وقي العبد شح نفسه، سمحت نفسه بأوامر الله ورسوله، ففعلها طائعا منقادا، منشرحا بها صدره، وسمحت نفسه بترك ما نهى الله عنه، وإن كان محبوبا للنفس، تدعو إليه، وتطلع إليه، وسمحت نفسه ببذل الأموال في سبيل الله وابتغاء مرضاته، وبذلك يحصل الفلاح والفوز، بخلاف من لم يوق شح نفس. ( تفسير الشيخ/ عبدالرحمن السعدي رحمة الله ).فاللهم قنا شُـح أنفسـنا..
من أقوال السلف رحمهم الله تعالى :
قال ابو قيس بن معدي كرب, وكان له أحد عشر ذكراً :
( يا بني ، اطلبوا هذا المال أجملالطلب واصرفوه في احسن مذهب صلوا به الارحام واصطنعوا به الاقوام واجعلوه جنةلاغراضكم تحسن في الناس قالتكم فان جمعه كمال الادب وبذله كمال المروءة حتى أنهليسود غير السيد ويقوى غير الأيد وحتى انه ليكون في أنفس الناس نبيها وفي أعينهم مهيبا ومن جمع مالافلم يصن عرضا ولم يعطي سائلا بحث الناس عن أصله فان كان مدخولاً هتكوه وإن كان صحيحانسبوه إما إلى عرض دنية وإما إلى عرقٍ لئيم حتى يهجنوه).
بيتٌ من الحكمة/
تسـتر بالسخــاءِ فكلُ عيـبٍ ... يغطــيهِ كمـا قيـل السخـــاءُ
دمتـــم كرمــاء،،،
أبو وســن
الأثنين 14 مايو 2012م