هذه قصة واقعية وليست مبالغة . شاب في الثلاثينات مدّخن و يعاني من عدة مشاكل
مرضية أهمها السمنة أعراض مرضية في القلب والدورة الدموية حيث التعب وضيق
التنّفس والهاث السريع بمجرد القيام بمجهود بدني بسيط ,حيث كانت نتائج
التحاليل إرتفاع في الكلسترول ومشاكل في القلب ونصحته بالتقليل من الدهون
لأنها مصدر الكلسترول وترك التدخين لأن بعض مكونات السيجارة والشيشة والمعسل
بما فيها النيكوتين تتحد مع بعض المكونات الدهنية وتترسب على جدران الأوعية
الدموية مما يسبب ضعف وخلل في الدورة الدموية وقد يتراكم ويسبب إنسداد في
الأوعية وحدوث جلطة .. فقام صعقاً خائفاً وقال : ماذا تنصحني : قلت إترك
التدخين وقلل من الدهون وقلل من السكريات .
بعد فترة جاء قد إعتراه الذبول والهزال وزادت بوادر المرض
فسألته : مالذي دهاك ؟ ألم تترك التدخين وتقلل من الدهون ؟
قال: تركت الدهون والسكريات نهائياً ...
قلت: وماذا عن التدخين ؟
قال : بصراحة ؟؟ لم أتركه ؟ لم تكن لديّ إرادة قوية لتركه ؟
قلت: يا الله .. تترك ما أحل الله من سكريات ودهون خوفاً على صحتك ولا تترك
التدخين الذي حّرمه الله ؟ ؟؟ وهل التدخين مفيد وله لذة اكثر من السكريات
والدهون ؟
قال: لا , بالعكس أحب الحلويات والمقليات والكبسات .. وأتلذذ بها أكثر من
التدخين ولكنني قهرت نفسي وتركتها لكي لا أصاب بهذه الأمراض .
قلت : ولكن كيف صارت لديك تلك الإرادة القوية لترك اللذائذ من الأكل والشرب ولم
توجد لديك تلك الإرادة لترك المحرمات من تلك الروائح الكريهة ومسببات الأمراض ؟
هنا توّقف وقال : لقد أحرجتني ... فعلاً لم أفكر بعقلي جيداً .
لقد تكرر على مسامعي عشرات الوعود والتعهدات الشفوية بأن " رمضان هو موعد تركي
للتدخين " أو" ساقلع في رمضان " ... " سأبدأ بالريجيم في رمضان" .. ثم يأتي
رمضان ويذهب وهم على أخطائهم سواء التغذوية أو السلوكية. . فلا نكن ذلك
المتردد.
. قابلت شاب يكح كحة شديدة ويشعر بألام في الصدر وقابل عدة اطباء وهذا يقول له
(ربو ) وآخر يقول ( حساسية ) ضد التدخين وآخر يقول له ( إلتهاب في الرئة )
ورابع يقول له (إلتهاب مزمن) .. ويشعر بالتعب وضيق التنّفس كلما جرى أو صعد
الدرج ثم قال له طبيب آخر ( لديك مشكلة في القلب) فصعق وولول وخاف , ثم رأى
في برنامج تلفزيوني عرض لسرطان الرئة والفم وعلاقته بالتدخين وأعراضه التي يشبه
بعضها ما يعاني منه صاحبنا ... فكاد أن يجن ثم أقلع وترك التدخين فزالت جميع
تلك الأعراض ولله الحمد.
فهذا هو رمضان فرصة لمن يريد ترك التدخين بأن يجعل هذا هو آخر عهده به. فهاهو
يصبر أكثر من اثني عشر ساعة بدونه فيعيش هذه السموم سعيداً مستأنساً ولكنه بعد
رمضان تجده لا يستطيع ترك التدخين من الصباح حتى الظهر ... فكيف جاءت الإرادة
طوال شهر رمضان وطوال نهاره بدون أعراض ؟ لأنه ايقن بقوة أنه لن يستطيع
التدخين طوال النهار فزالت بوادر التردد والإستسلام للسيجارة . ولكنه لو حاول
بغير رمضان وهو يحمل بينه وبين نفسه أن الأمر إختياري وأنه لو تعّرض لمعاناة
وشوق للسيجارة فسيدخن ولا يتوقف فإنه سيستسلم سريعاً وينهار أمام هذه الشهوة.
.. إسئل نفسك ايها المدخن : لماذا لم تشعر بالمعاناة نهار رمضان ؟ وكيف تستطيع
المحافظة على هذا الشعور عندما تتوّكل على الله وتستمتع بالإرادة القوية في غير
رمضان؟
إن هذا الشهر الكريم فرصة لمن يريد تجّنب التدخين الذي يسبب سخط الله وغضبه ..
فرصة لمن يريد تجّنب الأمراض ... فرصة لمن يترك شيء لوجه الله فيعّوضه الله
خيراً منه. فرصة للتائبين ... روحانية وأنس لأن الشياطين تصّفد فيه ...
فلنصّفد شياطيننا حتى في غير رمضان بالتوّكل على الله والإستعانة بالله وتفعيل
الإرادة .
فكم من شاب غابت عنه هذه المعاني الروحانية للشهر وهاهو يعاني ويتردى في
الأمراض وهو ساه لاه لا يحسب للحرام حساباً ولا للأمراض خوفاً .
جزاك الله خير ونفع بك الإسلام والمسلمين
العرض العادي
