![]() |
الشموخ
الشموخ
يعيش المرء في حياته متقلباً بين أحوالٍ كثيرة . فمرةً يكون مقبلاً نحو الشموخ و الارتفاع . و أخرى يكون متقهقراً إلى النزول . و هو في تينك الحالتين لا يكاد يسلم من همزٍ و لمزٍ ، و لا يهنأ باله من انقطاع الذم و القدح . فإذا ما ارتفع و شمخَ بادرته ألسنة الناس بأنه : لن يدرك ما تمنى ، و أنه غير قادرٍ على تحقيق الهدف ، و أنه من هو حتى يكون له طموح ، .... و إذا أصابته بليَّة القهقرى ، و آفة الرجوع تلقفته تلك الألسن قائلة : أنت مُنْحطٌّ دائماً ، و أنت سافل الهمة ، ضعيف العزيمة ... و هكذا ... لكن اللبيب العاقل يكون بشموخه شموخُ نفسه عن ترهات السافلين ، فلا ينظر إلى أولئك _ حال كلامهم فيه _ إلا شزراً . البليَّةُ هذه حاصلةٌ و واقعة ، و علاجها من خلال نقاطٍ عدَّةٍ : الأولى : الإعراض عن كلامهم ، و عدم الاعتبار بهم . الثانية : معرفة درب العلوم و الشموخ ، و المعرفة بطريق الدنوِّ و النـزول . الثالثة : معرفة طرقِ أصحاب المعالي في ترويض النفس نحو المعالي و الرفعة . الرابعة : العلو مُسلَّطٌ عليه ما يكون همه إسقاطه ، من : همةٍ دنية ، و من رجل ساقط الهمة . الخامسة : قد يكون كلام ( الدُّناة ) من عدم استطاعتهم محاكاة الرفعاء . من هذه النقاط الخمس يشمخُ المرءُ بنفسه عن هذرِ من يهذرُ بما لا يدري من عامة الناس . و الحذرَ الحذرَ من أن يتوقف من أجل قولةٍ قالها قريب ، أو كبير ، أو لصيق . |
الساعة الآن 12:46 pm. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة