![]() |
خطبة بداية شهر رجب
بسم الله الرحمن الرحيم الخطبة الخامسة من شهر شوال بتاريخ [ 3 / 7 / 1430 هـ ] موضوعها ( شهر رجــب ) أما بعد :- فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى اتقوا الله الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍوخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءاًواتقوا الله الذي تسألونبه والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } اتقوا الله أيها المسلمون وتيقنوا أن للهتعالى الحكمةالبالغة فيما يصطفي من خلقه فالله يصطفي من الملائكة رسلومن الناس ، ويفضل من الأوقات أوقاتاً ، ومن الأمكنة أماكن ففضل الله تعالى مكةعلى سائر البقاع ثم من بعدها المدينة مهاجر خاتم الأنبياء محمدٍ صلى الله عليه وسلم ،ثم منبعدهما بيت المقدس مكان غالب الأنبياء الذين قصّ الله علينا نبأهم، وفضل الله تعالى بعضالشهور والأيام والليالي على بعض فعدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب اللهيوم خلق، السماوات والأرض منها أربعةٌ حرم وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرمثلاثةٌ متوالية وشهر رجب بين جمادى وشعبان، وخير يومٍ طلعت فيه الشمس يومكم هذا يومالجمعة وليلة القدر خيرٌ من ألف شهر فعظّموا أيها المسلمون ما عظّمه الله فقد ذكرأهلالعلم أن ثواب الحسنات يضاعف في كل زمانٍ و مكانٍ فاضل وأن عقوبةالسيئات تعظم في كل زمان ومكان فاضل وشاهدوا هذا في كتاب الله عز وجل وفيسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى { يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِالْحَرَامِقِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ } وقال الله تعالى في المسجد الحرام { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍبِظُلْمٍ نُذِقْهُمِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } أيها المسلمون إنكم في هذه الأيام في أوائل شهررجب أحد الأشهر الأربعة الحرم فلاتظلموا فيهن أنفسكم التزموا حدود اللهتعالى أقيموا فرائض الله واجتنبوا محارمه أدوا الحقوق في ما بينكم وبين ربكموفي ما بينكم وبين إخوانكم من الخلق وأعلموا أن الشيطان قد قعد لأبن آدم كلمرصد وأقسم لله ليأتينهم من بينأيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهمولا تجد أكثرهم شاكرين أقسم لله تعالى بعزة الله ليغوينهم أجمعين إلاعباد الله المخلصين . أيها المسلمون إن الشيطان لحريصٌ كل الحرص على إغوائكم وإضلالكميصدكم عن دين الله يأمركمبالفحشاء والمنكر يحبب إليكم المعاصي ويكره إليكمالطاعات يأتيكم من كل جانب ويقذفكم بسهامه من كل جبهة إنرأى من العبدرغبةً في الخير ثبطه عنه وأقعده فإن عجز عنه من هذا الجانب جاءه من جانب الغلووالوسواس والشكوك ، وتعدي الحدود في الطاعة فأفسدها عليه فإن عجز عنه من جانبالطاعات جاءه من جانب المعاصي فينظر الشيطانأقوى المعاصي هدماً لدينالإنسان فيوقعه فيها فإن عجز عنه من هذا الجانب حاوله من جانبٍ أسهل فأوقعه فيمادونالكفر من المعاصي فإذا وقع في شرك المعاصي فقد نال الشيطانمنه بغيتهلأن المرء متى كسر حاجز المعصية أصبحتالمعصية هينةً عليه صغيرةً في عينهيقللها الشيطان في نفسه تارة ويفتح عليه باب التسويف تارةً أخرى يقول الشيطان له هذه معصيةٌ هينّة افعلها هذه المرة وتب إلى الله فباب التوبةمفتوح وربك غفورٌ رحيم فلا يزال يعده ويمنّه وما يعده الشيطان إلا غروراًفإذا وقع في هذه المعصية التي كان يراها من قبل صعبةً كبيرة وهانت عليه تدرج به الشيطان إلى ما هو أكبر منها وهكذا أبداً حتى يخرجه من دينه كله ولقد أشارنبينا وإمامنا محمدٌ صلى الله عليه وسلمإلى هذا التدرج فيما رواه الإمامأحمد عن سهلٌ بن سعدٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه سلم قال : ( إياكمومحقّرات الذنوب فإنما ما مثل محقّرات الذنوب كمثل قومٍ نزلوا بطن وادٍفجاء هذا بعود وهذا بعود حتى أنضجوا خبزهموإن محقّرات الذنوب متى يؤخذ بهاصاحبها تهلكه) أيها المسلمون :- حاسبوا أنفسكم إحذروا مكائد الشيطانومكره فإنه يتنوّع في ذلك ويتلوّن فهذا يأتيه الشيطان من قبل الإيمانوالتوحيد فيوقعه في الشك أحياناً وفي الشرك أحياناً ، وهذا يأتيه من قبلالصلاة فيوقعه في التهاون بها والإخلال ، وهذا يأتيه من قبل الزكاة فيوقعه في البخلبهاأو صرفها في غير مستحقها ، وهذا يأتيه من قبل الصيام فيوقعه فيما ينقّصهمن سيئ الأقوال والأفعال ، وهذا يأتيهمن قبل الحج فيوقعه في التسويف به حتىيأتيه الموت وما حج ، وهذا يأتيه من قبل حقوق الوالدين والأقارب فيوقعهفيالعقوق والقطيعة ، وهذا يأتيه من قبل الأمانة فيوقعه في الغش والخيانة ، وهذا يأتيهمن قبل المال فيوقعه فياكتسابه من غير مبالاة فيكتسبه عن طريق الحرامبالربا تارة وبالغرر والجهالة تارة وبأخذ الرشوة أحياناً وبإهمالعمله تارةوبأخذ انتدابات وغيرها مما يأخذه بغير حق وهو لم يقم بذلك العمل إلى غير ذلك منأنواع المعاصيوأجناسها التي يغر بها الشيطان بني آدم ثم يتخلّي عنهم أحوجما يكونون إلى المساعد والمعين أيها الأخوة أيهاالمؤمنون استمعوا لقول اللهعز وجل في غرور الشيطان لأبوينا آدم وحواء حين أسكنهما الله تعالى الجنة وأذن لهماأن يأكلا رغداً من حيث شاءا من أشجارها وثمارها سواء شجرةٍ واحدة عيّنهالهما بالإشارة {وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة}ولكن الشيطان وسوس لهما وقال { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِإِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَالْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَالنَّاصِحِينَ) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} أيأنزلهما من مرتبة الطاعة وعلو المنزلة بغرور ) فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِالْجَنَّةِوَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَاالشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} واسمعواخداعه إلى قريشٍ في الخروج إلى بدر وتخليه عنهم حيثيقول الله تعالى في ذلك { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْوَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْفَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌمِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَالا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُشَدِيدُ الْعِقَابِ} وأسمعوا لقول الله عز وجل في خداع الشيطان لكلإنسانٍ وتخليهعنه حيث يقول الله تعالى {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَلِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُاللَّهَ رَبَّالْعَالَمِينَ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَاأَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ } وأسمعوا قول اللهتعالى عن الشيطان يوم القيامة في نهاية المطاف { وَقَالَالشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّوَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَلِيَ عَلَيْكُمْ مِنْسُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِيوَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّإِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أيها المسلمون هذا موقف الشيطان ممنخدعه وممن غره وأهلكه فأوقعه في معصية الله ولهذا قال الله عز وجل محذراًعباده منه )إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّفَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاًإِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) أيهاالمسلمون فإن قلتم كيف نعرف ما أمر بهالشيطان؟ كيف نعرف الذي يسلط علينابه؟ فإننا نقول إن كل ما تجدون في نفوسكم من تكاسلٍ عن الطاعات وتهاونٍبالمعاصي وميلٍ إليها فإنه من الشيطان ونزغاته لقول الله تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْيَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِوَالْمُنْكَرِ} وقال تعالى { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَوَيَأْمُرُكُمْبِالْفَحْشَاء} فإذا رأيتم من أنفسكمميلاً إلى المعصية وإلى ترك الواجب فإنها هذا من أوامرالشيطان فاستعيذوابالله منه فإن في ذلك الشفاء والخلاص أعوذبالله من الشيطان الرجيم { وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَالشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِإِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَالشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) (( الخطبة الثانية )) وعواطفنا إنالواجب علينا أن نقول سمعنا وأطعنا نفعل ما أمر الله به ونترك ما نهى الله عنه ولانشرّع لأنفسنا عباداتٍلم يشرعها الله ورسوله ، إنني أقول لكم مبيناً الحق إنشهر رجب ليس له صلاةٌ تخصه لا في أول ليلة جمعة منه وليس لهصيامٌ يخصه فيأول يومٍ منه ولا في بقية الأيام وإنما هو كباقي الشهور فيما يتعلق بالعبادات وإنكان هو أحد الأشهرالأربعة .. أيها المسلمون إن في ما جاء في كتاب اللهوفي ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلممن الأعمال الصالحة كفايةً عماجاء في أحاديث ضعيفة أو موضوعةٍ مكذوبةٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنالإنسان إذا تعبّد لله بما ثبت أنه من شرع الله فقد عبد الله على بصيرةيرجو ثواب الله ويخشى عقابه اللهم إنا نسألك أنترزقنا علماً نافعاً وعملاًصالحاً ورزقاً طيباً واسعاً وذريةً طيبةً يا رب العالمين اللهم علّمنا ما ينفعناوأنفعنا بما علمتناوزدنا علما يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخوانناالذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنكرؤوفرحيم } اللهم أعن أبنائنا الطلاب على ما تبقى من الإمتحانات ، ووفقهم يألهنا لخيري الدنياء والآخرة واجعل النجاح حليفهم وحقق آمالهم الخيرة يارب العالمين ، اللهم أقر عيوننا بصلاحهم ، واجعلهم ذخراً لأمتهم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاءوالمنكر والبغي يعظكملعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضواالأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ماتفعلونواذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر واللهيعلم ما تصنعون.. |
جزاك الله الف خير
|
الساعة الآن 08:09 am. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة