في طليعة يوم زواج ابنة خالتي ، وبالتحديد الساعة 11 ظهرًا ، كان بيتنا في حالة تأهب واستعداد لاستقبال الكوافيرة !
أما الاستعداد الفعلي فكان منذ قرابة الشهر لاختيار الفساتين ومستلزمات الجمال !
فضلت الذهاب إلى المشغل ، ورغم وصولي المبكر ( الساعة الواحدة ) إلا أن الزحمة كانت على أشدها ..

الساعة السادسة تواجدت في المقصورة ( قاعة الحفل ) بعد اتصالات ملحة من العروس تستعجلني فيها !
وصلت كوافيرتها قبلي بدقائق وبدأت في التزيين لأبدأ بالتوجيه ، لتكون خاتمتي الطرد من قبلها !
خرجت وأنا أعزي نفسي بأن سلسلة الألوان الزرقاء والخضراء تراها غيري من النساء جمالًا !

نزلت بالأسفل عند خالتي لأرى أروع وأجمل صفة لازال مجتمعنا –بفضل الله – متمسكًا فيها !
( الفزعات ) من قبل كل الأقارب و المعارف ، فكل عائلة قد تكفلت بأمر من أمور الحفل بنفس رضيّة ..
ومع ذلك لا يفتأ الجميع من تكرار الاتصال على خالتي لتقديم بوادر المساعدة في حال حاجتها !

الساعة التاسعة خرجت كوافيرة العروس وقد أهدتني أعذب ابتسامة تقبلتها بصدر رحب !
بعدها ابتدأت جلسة التصوير الرائعة ..

الساعة العاشرة تم طردي مرة أخرى بحجة وصول العريس ، ساعتها كتمت عبراتي
وأنا أصدق الواقع الذي طالما اعتبرته حلمًا .. !
خرجت داعية لهما بالتوفيق والقاعة قد بدأت تمتلئ والضيوف في توافد متواصل ..
وقفت عند الاستقبال بجانب خالتي وأمي لتلفت انتباهي فتاة ناعمة جميلة بشعرها الحرير الكستنائي
ورموشها الطويلة وعدساتها العسلية العميقة التي يعلوها حاجبان منظمان محددان بعناية !
لكن جمالها لم يكن السبب في شد انتباهي بل رؤيتي المسبقة لها !
حاولت التذكر وفلحت ، كانت ( المرعبة ) التي أمامي في المشغل ( ظهرًا )
بشعرها الخشن الشاف الواقف كالشوك ومقدمته تعلوها الصبغة !!
وحاجباها مصبوغان أيضًا وبقية الوجه خاضع للشمع والقدمان في جهاز البديكير !!
تحول ذلك ( ليلًا ) إلى فتنة طاغية ! !

بحق ، كان النساء ( كلهن ) في قمة الجمال والأناقة !
الفساتين الحريرية ، المشي الناعم ، الغنج الذي يفرضه الكعب العالي !
بل حتى قلوبهن كانت قمة في الوداعة ، كشفت عنها دموعهن المتواصلة وقت زفة العروس .. !

الساعة الواحدة كان العريس ينتظر عروسه وكان الحضور يودعنها بحرارة زاد من ألمها لحن أغنية الوداعية .. !

يحفظج هالرب رحماني
سيري بخطوة نشاهدها
نورة والعود رياني
خطوتج هالعود فاح بها
ياغزال سار ظبياني
وسط هالقاعه وجال بها

كنت في جهاد مع دموعي ، وأحاول الانشغال عنها بالتأمل في القاعة !
وكم كانت خرافية الحسن ، باهرة الجمال !
ولا عجب فخالتي ممن آتاهم الله سعة في الرزق وبسطة في الذوق الرفيع !!
حتى الممر تم تبديله إلى بساط أبيض مطرز بورود ذهبية مع إضاءت ملونة خافتة في جانبيه !
ولم أصدق أنها ذات القاعة الخاوية التي كنا نذهب إليها أيام ( بروفات الزفة ) !

انتهى الزواج فجرًا وانتهت كل طاقتي معه !
وحرمني من معانقة النوم لجفني المتعبين تساؤل ملح !

لم أعجب أن النساء في غاية الأناقة ، ولا أن القاعة خلابة الحسن ، فالاستعداد كان منذ أشهر !
فكم هي مدة استعدادنا للصلاة ؟
لا أعني الاستعداد الجسدي الذي نمارس فيه روتين الوضوء !
وإنما الاستعداد النفسي العميق الذي يجعلنا نتشوق إلى صلاتنا
ونحرص على أن تكون بأكمل وجه وأجمل صورة ؛ لتنهانا عن الفحشاء والمنكر ؟!!