![]() |
" كنتاكي " بريدة .. الساعة : 2:30 صباحا
اضافة إلى أني استيقظت متأخرا ، فقد تأخرت كثيرا ، وأنا مستلق على السرير . كنت أفكر بأشياء كثيرة ، وكنت أشعار بشعور مزدوج من الفرح والضيق ، إذ أن الإجازة : انتهت ، وابتدأ مسلسل الغربة والسفر والدراسة . استغرقت أتفكر في هذه الأفكار وقتا طويلا ، مما جعل أمي حين راتني أنزل ، تقول :
- بدري ! .. ما بغيت تقوم ، تبي اسويلك أكل قبل لا انام ؟ وكعادتي ، لا أقطع بإجابة دقيقة على هذا السؤال ، قلت لها : -بكيفتس .. انا ابطلع الحين ، بشري اشتراك للأنترنت . لمعت عيناها ، وقالت : - طيب ، احسن لك أجل تشري اكل من برا ، لأنه ما بقى شي كثير من العشاء . هززت رأسي ، دلالة الموافقة على كلامها ، وحين ذهبت إلى ركن الأحذية لأخذ حذائي ، سمعت صوتها من بعيد : - لا تطلع كذا بالبرد ، البس فروتك . رددت عليه بصوت عالي : - مهوب برد اليوم ، وهالوقت داخل البيت ، يصير ابرد من برا . كنت اقول ذلك وانا متوجه إلى الباب المفضي للحوش . فتحت الباب وخرجت ، ولما لفحني ذلك البرد ، عرفت اني اخطأت بتلك النظرية . اقفلت الباب وركبت السيارة متوجها إلى ميد . اشتريت من ميد ، بطاقة اتصال ، ومن ثم انطلقت إلى كنتاكي .كنت أريد هرفي ، ولكني وجدته مغلق .. فالساعة كانت الثانية والربع تقريبا . لما وجدته مقفلا ، توجهت إلى كنتاكي ، الذي ما إن وصلت إليه .. حتى وجدت الكثير من السيارات ، مما جعلني أركن السيارة في موقف بعيد قليلا عن المطعم . مر زمان طويل دون ان أخرج في مثل هذا الوقت ، كنت احدث نفسي ، بل إنه مر زمان طويل دون أن أخرج ، فانا في هذه الإقامة الجبرية التي افرضها على نفسي في المنزل ، ما بين الكتاب والإنترنت .. جعلتني أشعر بوحشة غريبة . كنت ، وأنا أمشي إلى المطعم ، اراقب مجموعة من الشباب ، قد تجمعوا على الرصيف . من أشكالهم ، تذكرت الأيام الخوالي ، عندما كنا نتجمع هكذا ، لنتبادل الأحاديث في الليل ، تحت أنوار الشوارع . كنا نقوم بذلك ، لا لأننا نريد ان نتبادل الحديث ، ولكن لاننا نفعل ذلك ، لإشباع ذاك الشعور الذي يجعلنا رجالا ، ومهمين أشد الأهمية ، عندما تمر السيارات بجانبنا ونحن نتبادل الأحاديث . لاحظت تفاوتا كبيرا في أعمارهم ، فمنهم من كان كبيرا ، يؤهله عمره إلى أن يكون عاطلا . ولكن ، منهم أولئك الذين أعمارهم لم تتجاوز السادسة عشر ، فلماذا هم مستيقظون ؟ ولماذا لم يناموا للآن ؟ هل لأانه الأسبوع الأول ؟ أم أن هذا الوضع دائم ؟ وأين آباء أهل هؤلاء الأحداث ؟ هذه الأسئلة ، وغيرها ، لست متأكدا انني تسائلت بها أثناء مروري السريع بهم ، ولكن أجدها تلح على قلمي بأن تنتشر على هذه الأوراق . ولكن السؤال الذي ما زلت أتذكر أني تسأئلته حينها ، هو ذلك الذي تبادر إلى ذهني ، حين أبعد احد المتلثمين شماغه عن وجهه ، وأشاح بوجهه عن اصدقائه ليكون مقابلا لي . حينها ، تسائلت ، وانا أرى كل هذه الأنوثة ، في تلك الإلتفاتة ، وكل هذه الوسامة .. كان السؤال : إلى الآن يا بريدة ؟ قديما ، أيام المراهقة ، كنت أحاول أن أفلسف كل شيء ، وأن اضع كل الاشياء والأفكار داخل أطر محددة ، وكنت ، إضافة إلى كل ذلك ، أبحث عن الأسباب . أسباب الظواهر ، ربما هذا الذي جعلني أفكر قبل سنة أن أغير تخصصي إلى قسم الفيزياء . وكانت الظاهرة التي تفرض وجودها علينا كمراهقين من بريدة ، هي اللوطية بمستوياتها المختلفة . كانت تفرض نفسها علينا ، كقدر . لا بد لك من أن تنخرط فيه ، وتعرف اسسه ، ان تندمج في هذا العالم ، لأن كل من حولك يسبح فيه .. منهم الغارق ، ومنهم من لم يزل طافيا . في الفصل ، كان الذي عن يمينك عاشقا هائما بذاك الذي في اقصى اليسار ، وكان الذي عن يسارك ، ينتظر الفسحة بفارغ الصبر ، كي يرى مهجة قلبه . وأنت في فصل كهذا ، تعيش فيه ست ساعات من يومك ، لا بد أن تتخذ موقفا . فإما أن تكون مثلهم : عاشقا .. او معشوقا . أو ان تكون كذاك الذي في الأمام ، ذاك الذي يبدو هادئا ، ومجتهدا في دراسته ، وبدأت تظهر على خديه شعيرات قليلة ، تعلن لنا ، وثوبه القصير ، أنه مطوع . كان ذلك الفصل يقدم أحد المسارين ، كقدر . ولكنه قدر ، يسمح لك أن تختار .. والأختيار في بعض الاحيان يصبح قدرا . صفات كثيرة ، كذكائي وروحي الخفيفة واجتماعيتي التي افتقر إليها الآن ، وتربيتي في البيت ، التي علمتني شيئا واحدا : مناهضة المنع ، أن أحارب المنع وفرض الوصاية ، كان هذا الدرس الذي تعبت أمي كثيرا في تعليمي إياه . كان كل هذا كفيلا ، بان يبعدني عن حياة الهدوء والتدين ، حياة الهرب الدائم من مواطن الشبهات والفتن ، حياة الإنئسار والإنغلاق ، وعن - وهذا الأهم - حياة أسلم نفسي فيها وعقلي لرجل ، لا يدفعني لهذا التسليم ، سوى انه اطال لحيته ، لا لأجل شهادة استلمها . فما كان مني إلا أن اختار ذاك الطريق ، طريق الظلام . وأنا ، كعادتي ، إذا أحببت شيئا ، أخلصت له ، وأبدعت فيه . في المتوسطة ، نلت : 17 جائزة في مختلف النشاطات : مسرح ، رياضة ، إذاعة ، إلقاء ، اناشيد ، تفوق، الطالب النموذجي .. وغيرها . وفي الجامعة ، عندما انتفض عقلي سائلا : من أنا ، أتميت في سنتين ، ما لا يستطيعه الكثير الكثير من المثقفين أن يتموه . ومن يقرأ كلامي ، يجد غرورا ، هذا الغرور كان رفيق دربي ونصيري دائما ، عندما أقابل بتجهيل واحتقار .. كان هو الذي يقول لي : لما تسمع له وانت من انت ؟ أحببت طالبا ، عشقته ، وكنت أبكي لأجله . واستغليت طاقتي الإجتماعية ، في تكوين علاقات مع المحبين فيما بينهم ، وكنت أفكر كثيرا في كيفية الوصول لفلان الجميل ، وعلان الأجمل . كنت وأنا اعقد هذه العلاقات واسعى في ما بين الأحباء ، أقوم بذلك تعليلا لنفسي ، التي قتلها الهوى ، كما كنت احسب . كان تفكيري مع أصحابي ، يتمركز حول سؤالين : كيف أتعرف على فلان ؟ وكيف أعرف فلان على فلان . و " كيف " ، سؤال يسأله المبدع دائما . إذ انه سؤال ، يبحث عن وسيلة ، يريد أن يخترع وسيلة ، يبدعها بمعنى آخر . في أحدى المرات ، عندما كنت أقوم بتلك الوظيفة ، فلسفة الظاهرة ووضعها في إطارها ، والبحث عن أسبابها . توصلت إلى نتائج ، وهي ان سبب ظهور هذه الظاهرة وطغيانها بهذا الشكل ، هو الفصل التام ، الذي تقيمه عادات المجتمع ، بين الذكر والأنثى . هذا الفصل ، الذي تتدارك الهيئة أي خلل فيه ، لتسده في الأسواق والأماكن التي يحتمل فيها اختلاط . هذا النوع من الفصل جعل التفريغ للكبت العاطفي والجنسي ، الذي يحس احدنا ، لا يصب إلا في المثيل . فإذافة إلى ذلك لافصل ، هناك مسألة الزواج ، الذي لا يتم إلا بعد مرور 10 سنين أو اكثر على البلوغ . وفي بريدة ، تتزايد هذه الأمور وتتضاعف ، ويضاف إليها أمران : طبيعة أهلها المتقيدة بالتقاليد ، نظرا لكونها منطقة لا تتداخل مع الآخر ، فهي ليست عاصمة ولا مدينة سياحية ، مما يجعل الأنا ، تعيد إنتاج نفسها من جديد . الأمر الآخر ، هو أن أهل هذه المنطقة ، كقطع الديكور ، أشكا لفقط ، يهتمون بتلميع الظاهر ، يخافون من الفضيحة ، يخافون من العيب . ولكنهم لا يلتفتون إلى الباطن ، ولا يهتمون بالفساد الإخلاقي ، ولا يخشون من الجهل . كنا ثلاثة ، نمشي في السيارة ، وحين توقفنا أمام احمرار الإشارة ، التفت احد الأثنين ، إلى السيارة المجاورة ليرى سائقها الجميل ، الذي كان في السادسة عشرة من عمره . عندما لاحظه صديقي الثاني الذي كان يقود السيارة ، تقدم بخبث ، ليحجب عنه الرؤية ، وقال وهو يتقدم : - بريدة .. ما والله تتركون عنكم العربجة .. ضحكنا ، وعلقت انا بسرعة : - خلاص ، سنتين ، وما يطيح كرت الزينين . أجابني بلهجة مستهترة : -بريدة يكفرون ، ولا يخلون البزارين . قلت له ، وانا اضحك : - لا ، خلاص بيفتح العثيم ، وبتفتح ملاهي الحكير ، وبتكثر الأسواق ، والهيئة مهب ملحقة ، وبيطلعن البنات ويبدأ المغازل ، ويطيح كر ت البزارين . لم يجب .. لا لأنه لم يفهم ، بل لأنه يرى أنه غير معني بالأمر . كانت هذه نظريتي ، التي ما إن رايت ذلك التجمع بجانب المطعم ، حتى بدأت اشكك فيها ، بل أني بدأت انقضها واعيد النظر . دفعت باب المطعم ودخلت إليه : وكان هناك ثلاثة شباب واقفين ، وثلاثة جالسين في الركن الأيسر يتناولون عشائهم . الأول من الثلاثة الواقفين ، كان نحيلا يرتدي قميصا . اما الآخر فكان يلبس ثوب . الثالث ، كان يرتدي بنطال جينز ، وكان طويل اللحية ، وكانت قسمات وجهه وملابسه الغربية ، تنبي أنه ليس سعوديا ، مصريا او سوريا . وما ان تقدمت إلى المحاسب لأطلب ، حتىسمعت لهجته السورية . فاستغربت كثيرا ، إذ أنه من الغريب ان تتكون مثل هذه العلاقة بين شباب بريدة وآخر اجنبي ، وهذا الجنبي مطوع أيضا . كان امرا غريبا . جعلني أفكر بأن بريدة تغيرت ، أنها لم تعد تلك المدينة الاحادية . التي لا ترى إلا نفسها . اصبحت الآن تقبل التعايش مع الآخرين ، لم تعد ترفضهم لأانهم آخرين . كان السوري والمصري ، قديما ، انسانا درجة ثانية ، يتلوه الهندي والباكستاني . حتى أن بعض الأعمال التي يراها البعض مستحقرة ، كان العامل عليها لا ينادى بعمله بل ينادى بجنسيته ، لإانت لا تقول سأحضر سواقا ، بل تقول : ساحضر هنديا .ولا تقول لغيرك : احضر سباكا ، بل تقول احضر مصريا . بعد هذا الذي رايته من حوار ودي واخوي بين السوري واصدقائه ، فرحت كثيرا ، مما جعلني اقابل المحاسب بابتسامة . طلبت العشاء . وأوصيته ألا يضع ثلجا في البيبسي .وبينما أنا أطلب إذ دخل شخص ووقف إلى جانبي ، فحاولت ان اسرع في الطلب كي لا ينتظر كثيرا . وما ان اعاد لي : باقي الحساب ، حتى ذهبت لكرسي قصي ، موضوعة فوقه جرائد . وما ان جلست ، لارى الجرائد ، فوجدتها كلها رياضيه ، فلم اجد ميلا لقراءتها . رفعت عيني عنها ، لاتامل أولئك الثلاثة . الذين كان يبدو من مظهرهم الفوضوي وسحنتهم ، انهم من البدو .. أكد لي تلك الكلمات التي تصلني من بعيد . لاحظت أن احدهم يكثر التفاته إلى ذاك الواقف .. فلما رأيته ، تعجبت كثيرا ، كان شيئا أراه كثيرا في الشرقية ، إلا أني اراه هنا في بريدة ، فقد كانت مفاجأة . كنادر سوداء ذات كعب يتجاوز الستة سانتيمتر . فوقها بنطال جينز ضيق ، ملتصق بالجسم ، رمادي اللون . في أعلاه تي شيرت بدي ملتصق بجسمه . وكان يرتدي قبعة سوداء ، مائلة قليلا ، لتترك المجال لخصلتين من الشعر ترتمي على جبينه . كان أنثى في قالب ذكر . في حركاته ، ورفعة يده ، في نطقه وكلامه . مما جعل أولئك البدو ، يكثرون الاتفات إليه ، والضحك عليه أيضا . كانت ضحكاتهم ، تنثر شهوة . وكنت انا قد لاحظت اختلاف لون وجهه عن لون رقبته ، مما دفعني للشك بأنه قد مسح وجهه بقليل من الميك آب . نظرت إليه ، ركزت عيناي في عينيه ، اللتين كانتا تنظران للأسفل ، فقد كان يكلم بالجوال . كنت أراقب عينيه ، لأجد ذلك الشيء . فالإنسان إذا اعتاد على أمر ، أو درسه دراسة مستفيضة ، فأنه أثناء تحليله وتصنيفه ، لا يلتزم عادة بالقوانين ولا يتقيد بالخطوات . يصبح عنده مثل الحدس ، حدس يجعله يقفز أكثر من خطوة . في الهندسة ، تعلمنا أنه لا يلزمنا اتباع القوانين بحرفية ، لتحليل دائرة كهربائية ، ففي بعض الأحيان ، يكفي الحدس لأن نميز أي نوع من الدوائر هذه وأي حل هو الأنسب لحل مشكلتها . كنت أبحث في عينيه ، عن ذاك الإضطراب ، وعدم الثقة بالنفس . ذلك الشعور الذي يملأ أمثاله . امثاله الذين لم يخلقوا وسيمين ، فيحاولون أن يخلقوا لأنفسهم تلك الوسامة . فهو رغم كل ما فعل ، كان دميما .. قبيحا جدا . كانت مثل تلك المشاعر إذا لاحظتها في وجهه ، أستطيع معرفة أي نوع هو ، وكيف يفكر ، وما هي اهتماماته . لكني لم أجد أي شيء من ذلك . التفت ونظر إلي نظرة محايدة لا تحمل أي شيء ، كانت الفترة التي التقت فيها نظراتنا ، فترة قصيرة جدا ، حاولت تضمين نظرتي له كل ما يجعله يبدي تلك المشاعر ، كنت متمرسا على ذلك النوع من النظرات ، ولكنها لم تجدِ معه . فحولت نظرتي إلى صور الوجبات في أعلى المطعم . دهشتي ، حين رأيته ، لم ترجع إلى أني لم أرَ مثله من قبل . فكما قلت ، الشرقية تعج بامثاله . كانت دهشتي في أني أراه ، هنا ، في بريدة . وسبب هذه الدهشة ، ليس لأنه لا يوجد في بريدة متأنثين ، ولكن هو ان أولئك المتأنثين لم يكونوا يظهروا بهذه الصورة العلنية ، بهذه الجراة . لم أكثر التفكير به ، إذ أن هذا الحبل من التفكير ، قام صوت الهندي بقطعه ، حين قال : - زنجر ميل .. هنا صديق ! وأشار بالكيس الذي في يده ، رافعا إياه إلى أعلى . قمت من مكاني ، وأخذت الكيس ، فتحته لأشيك على الكاتشب . رفعت رأسي إليه وطلبت منه : زيادة عدد الكاتشب . وبعد أن أضاف كمية منه ، خطوت عدة خطوات إلى الباب ، في الوقت نفسه الذي كان يخطو فيه الشابان الذين يكلمان ذاك الأجنبي . فتح الباب أحدهما ، وخرج صديقه . وقفت انا امام الباب منتظرا خروج ذاك الذي فتح الباب ، الذي توقف بدوره . مع وقوفه ، علمت اننا سنبدأ مسلسل المجاملة ، بدعوة كل منا للآخر بأن يخرج أولا . قلت له بحياد : - تفضل .. - اليمين أول . قلت له ، وانا ابتسم : - لا ، التسبير أول . ابتسم بدوره ، ظل واقفا . علمت إصراره . أنهيت الموقف بسرعه عندما شكرته وخرجت . لما خرجت ، توجهت لسيارتي . وكانا هما ورائي ، كانا يتحدثان . ما أن وصلت السيارة ، حتى تناهت إلى مسامعي تلك الكلمات : قال أحدهما ، يحدث الآخر : - عيّا يقضي هالعشا ... تقول : ذبيحة .. قهقه الآخر ، وقال : - وهالسوري ذا ، عيّا يخلص .. قرقرقر .. ما يبي يخلص . قال الثاني وهو يفتح باب السيارة : - قايلك ، لا تعطيهم وجه ... هذا اللي يجيك .. كدت ، وانا أسمع هذا الكلام ، أن أتعثر .. أن أقع . تمالكت نفسي ، وارتسمت ابتسامة على وجهي ، هي للأسى أقرب منها للإستغراب . تذكرت دهشتي ، عندما رأيتهم وقوفا يتحدثون بكل أخوية . كانت صدمة ثالثة ، تلقيتها في أقل من عشر دقائق . لما ركبت السيارة ، وتحركت عائدا لليت . مررت بجانب " ساكو " الذي فتح للتو ، حدثت نفسي ، بأنه لو فتح ألف سوق ومركز .. لن يتغيروا . كنت وانا أقول ذلك ، أتذكر مسلسل " يوميات مدير عام " وأتذكر تلك الأغنية " عوجا .. والطابئ مكشوف ... تي تي تيتي .. متل ما رحتي متل ما جيتي " . كانت حالة من الكآبة والأسى . لم أعلم سببها ، فأنا في قرارة نفسي أنهيت كل علاقة لي مع هذه المدينة . وقتلت كل حنين أو شرارة حنين قد تنبعث فيّ لهذه الأرض ، التي نالت من سنيني خمس قرن . طلقتها ثلاثا ، ونفيتها من الوجود . ولولا ان أهلي بها لما رأت وجهي . كان هذا الشعور الغاضب الحانق ، لا يدل إلا على أنني .. ابن لها . ابن مهما فعلت ، ومهما تظاهرت ، لن أستطيع الإنحلال عنها . كانت تلك الفكرة تجعلني أشعر بالحنق على نفسي . كانت تلك الحادثة ، سببا كافيا ، لأن أعود بسرعة للجامعة . أن أهرب من مدينتي ، أن أبتعد عنها . فهناك من المدن .. كل ما تستطيع أن تفعله معها ، هو ان تفر منها . |
أبو هيثم
اسلوب وصفي دقيق.. جميل عبارات جذابة .. اسلوب قصصي بوليسي فيه تحري ودقة اهنئك على امتلاكك هذا الاسلوب امنيتي ان لاتبخل علينا بما لديك |
أخي العزيز ابوهيثم
لن أشيد بإسلوبك بالطرح ولا قدرتك الرائعة على تشكيل الصورة الدقيقة للموضوع .. لأني بكل صراحه لازلت انتظر المزيد منك ليقيني بأن لديك أكثر وأكثر ولن امنع نفسي عن الطموح في سبيل كسب شيئا مما تجود علينا به أعود للموضوع .. أخي عندما نسكن مدينتنا الغاليه ونعض على أرضها بالنواجذ فليس ذلك عن رضى عن بعض مانعيشه من واقع سيئ نراه بأعيننا صباح ومساء إن لم نكن جزء من ذلك الواقع في بعض الأحيان وماتحدثت في صلب الموضوع امر كان ولازال من أشد الصور ألما للنفس السويه في هذه المدينة ــ وإن كان الأمر لاينحصر فيها إلا أن من حقنا أن نتألم من أجلها ــ كما كان ولايزال الكثير من عقلاء الناس يبحثون عن الحلول لهذه المشكلة أصعب مافي هذه المشكلة وأجمل مافيها أنها خفيه ولايمكن رؤيتها بشكل صحيح إلا لمن يعيش أجوائها !!! تكبر صورتها للقادم إليها والمرتقي لعتبات السنون إلى المرحلة العمرية المناسبة لمعايشتها وتصغر في عين من أعطاها ظهره ترفعا أو تجاوزا لتلك المرحله لذا فإن اكثر العارفين ببواطنها والقادرين على رؤيتها هم من لايريدون أو لايستطيعون المساهمة في علاجها الكبت العاطفي أعتقد بأنه المخدر الذي تعاطاه الكثير ممن أرادوا تبرير تلك المشكلة أو من أراد أن يستغل تلك المشكلة لأمور أخرى وإلا فإن نسبة الواقعين بتلك المشكلة ولله الحمد هي الأقل مقابل البعيدين عنها رغم أنهم جميعا يعيشون تحت مظلة الكبت العاطفي !!! حتى وإن كان تفجير تلك العاطفة حلا بالطريقة التي ذكرتها فليس هو العلاج المناسب ولايقبل العقل ان نستجير من الجمر بالرمضاء !! العلاج الحقيقي اخي العزيز بيدك انت ومن مثلك !! نعم من عاش ذلك الواقع وعرفه ويملك هذا الفكر بهذه المرحلة العمريه هو من يستطيع ان يقدم الحلول المناسبة والعلاج الناجع لأنه الأقرب إلى اولئك المرضى ليس الحل بالهروب ابدا وإنما بالمواجهه .. فحتى ماتهرب منه لايخلوا من مثل ذلك إن لم يكن اشد .. ولكن قد يكون لأنزوائك هناك أثرا في عدم رؤيته كماهو نحن بحاجة ماسة إلى جيل مثلك في هذه المدينة يمتلك الفكر والثقافة في زهرة عمره وفي أوج شبابه ليكون حلقة الوصل بين الأجيال ويقود مسيرة المجتمع إلى الطريق المستقيم بعيدا عن تجاذبه بين من سبق ومن قدم اشكرك اخي العزيز على هذا الطرح الرأئع وننتظر منك الكثير والكثير تقبل خالص تحياتي ,,, |
عزيزي السكب
شكرا ، على هذا الإطراء ، وما أعجبك في موضوعي ، لم أستطع رؤيته حتى جاء ردك ، فأضاء هذا الموضوع . عزيزي الرمادي شلونك ؟ شالاخبار ؟ من زمان عنك .. أشكرك على هذه الثقة ، وعلى ما تفضلت به من تثبيت للموضوع . وأما كلامك عن صلب الموضوع ، فهو أمر لا يمكنني الرد عليه في هذه العشر دقائق ، أعود لاحقا .. حاملا ردا عليه . لكن أحببت أن أشكرك فقط . |
الاخ ابو هيثم :
لا أخفيك .. سأتكلم بصراحة "وأنا تليمذك": اسلوبك أكثر من رائع .. وتختزن الكثير والكثير آمل أن لاتبخل به علينا .. وبغضّ النظر عن صلب الموضوع الآن أصدقك القول أن سردك للموضوع أعلاه فيه شئ من الاسهاب المتكلف فيه والذي يبعث بالملل للقارئ ! وهذا مالانريده جميعاً لأن هدفك وهدفنا أن يصل صوتنا للجميع لكي نناقش الفكرة المطروحة .. هذا ماأحببت قوله الآن .... لكن بالتأكيد سأعود لكي أعلق على صلب الموضوع ... أذا سمحت لي ... كل التحايا لك |
حقيقة ما كنت أتوقع أن يصل مستوى شرحية من شبابنا الى هذا المستوى
بوركت ابا هيثم |
ربما ان قراتي للموضوع جاءت متأخره لعدة اسباب ...
اولاً : ولكن اشكر ربي سبحانه وتعالى انني لم اكن موجوداً في المطعم ذلك اليوم ...حيث انني من رواده بكثرة وثانياً : اشكر ربي كذلك على وجود امك ... وسلامتها وان يطيل في عمرها ويحسن اليها وامهتنا احمعين ثالثاً : كلامك رائع وجميل ...ننتظر الكثير ... وبعيداً عن الشبهات وكثرة الملاحظات ((اغمض عينك )) ونبدا بما يعين على نهضتنا شكرا |
شـــــــــــــــــــــــــــكر
والله ياإنت فاضي
تحياتي |
أخي الكريم / ابو هيثم
أولاً : بما أنك واثق من نفسك ومن قدراتك الذهنية ومغرور - مثلي - , فلا أظن أنك بحاجة إلى إخبارك بجمال طرحك . ثانياً : بالنسبة لموضوعك , فلقد تطرقتَ فيه إلى عدة قضايا متشابكة مع بعضها ؛ كلها تقريباً تتعلق بالشباب في فترة سن المراهقة .. وهذه القضايا بعضها طبيعي ليس فيه ما يفاجئ , وبعضها سببه المجتمع بعاداته وتقاليده , والبعض الآخر سببه الشاب نفسه وبيئته الصغيرة التي نشأ فيها . عموماً : الموضوع له ذيول وتشعبات وتفريعات قد تـُطيل حديثنا , ولكني سأركز وألخص فكرتي في نقاط : 1- نحن هنا في بريدة نعاني من الدقة في ملاحظة عيوبنا , والحدّة في نقدها أو حتى تبريرها !! طبعاً الأمر الأول شيء جميل فينا , ولكن الأمر الآخر يجب علينا تهذيبه . 2- ما يحدث عندنا يحدث عند غيرنا , مع فارق النسبة والتناسب بيننا وبينهم .. طبعاً نسبتنا تفوق وللأسف !! وبصراحة : لا أدري ما هي الأسباب ؟؟؟!!! 3- ما حدث لأخينا السوري من أولئك " الصبية " , يدل على تغلغل وطغيان الشعور بالفوقية عند الكثير من شبابنا بل وبعض الرجال عندنا وللأسف !! وهذه المشكلة تأصـّلت فينا أكثر من غيرنا من السعوديين !!! ويجب علينا القضاء عليها . 4- كنتُ مثلك في السابق , أعتقد أن تأخر الزواج والفصل التام بين الجنسين هي أسباب ظهور تلك الظاهرة التي تحدثتَ عنها .. وقد أتفق معك في ذلك التشخيص إلى حد ما .. مع العلم أن مشكلة الجنوح نحو المثيل موجودة حتى في المجتمعات المختلطة !! مما يؤكد أن أسباب المشكلة ليست منحصرة في هذين السببين فقط مع عدم إغفالهما . ولكن على أي حال وأياً كانت الأسباب : هذا تشخيص المشكلة , فأين علاجها ؟؟؟!!! أرجو ألا يكون علاج المشكلة مشكلة أكبر !!! 5- تأنـّث الشباب عندنا قليل والحمد لله , وهو في المنطقة التي تدرس فيها وغيرها من المناطق والدول المجاورة أكثر وأظهر . وهذا ليس تبريراً للمشكلة , بقدر ما هو تبياناً لها وإنذاراً لنا !! 6- رغبتك الملحـّة في العودة إلى الجامعة والابتعاد عن مدينتك هو نوع من الهروب إلى الأمام .. وهذا يدل على انهزامك وعدم قدرتك على مواجهة المشاكل وحلـّها أو حتى التعايش معها !!! ( واعذرني على القسوة ) فلا تخسر ذاتك أخي الفاضل , ولا تحرم مدينتك ومجتمعك من فكرك .. فإن " هربتَ " أنت وأمثالك من مدينتك .. فمن سيتصدى للأزمات التي ستواجه المجتمع ؟؟!! هل هم أولئك الذين رأيتهم عند كنتاكي ؟؟؟!!! أخيراً : تظل مدينة بريدة من أجمل المدن وأقلها شروراً " حتى الآن " . ولو نظرنا إلى المدن والمناطق والدول الأخرى بنفس المنظار الذي ننظر فيه إلى بريدة , لوجدنا أن غيرنا أسوأ منا في كثير من الأمور .. ولكن كما قلتُ لك نحن نعاني من الحدّة في نقد أنفسنا أو الحدة في تبرير أخطائنا , وفي كلا الحالتين هذا نابع من حبنا لمدينتنا الغالية ولكن كما قيل : ومن الحب ما قتل !! طبعاً قولي إن بريدة من أجمل المدن وأقلها شروراً ليس مدحاً وثناءً لنا , بقدر ما هو إنذار وتحذير قبل أن تنفتح المدينة ونحن وشبابنا بل مجتمعنا بأكمله غير محصـّن فكرياً . لك شكري وتقديري يا أبا هيثم , وقد يكون لي عودة إن يسر المولى ذلك .. وتقبل تحياتي 00 المتزن |
تحياتي لك يا اخوي ابو هيثم
قصه مؤلمة تحياتي لك يا اخي ابو هيثم ........
لاكن الغريب انه ماهو في ها البلد ... فقط .. في جميع ارجاء البلاد .... اصبح الناصح كا المجرم ..... تلقا عليه التهم والغلطات .... فا الحمدلله ... لا تستطيع التوجيه والإرشاد إلا في محيط عائلتك .. واقاربك هم من الممكن ان يسمعوو لك ... فهذه مراحل عمرية ؟... اصبح من الضروري المرور بها .......في مدينتنا ... ربما المصيبة من يستمر على هذا المنوال ... حتى وإن بلغ سن الرشد .... واصبح مؤهلاً لزواج ... تحياتي لك واتمنا لك التوفيق دمت بخير يا ابو هيثم |
الله الموفق
الله يعين على ها الدنياء
|
الأخ : أبو هيثم السلام عليكم .. *** الكثير ممّن يخرج من ( بريدة ) للدراسة أو للوظيفة في مدن أكبر أو أكثر تحضّراً - ان شئت - .. يرجع إلى بريدة وهو يلطم وَ يشتم وكأن هذا الوضع [ جديــد ] - مع أسفي وإدانتي لما يحصل ! - أنت قلت : إن الوضع قديم .. هنا أريد أن أقول : أين دورك ودور بقية المتعلمين والمثقفين وغيرهم في النهضة بكل ماله علاقة بمدينتنا ( بريدة ) ؟ إنني أشعر - مثلك - بالأسى وَ الشفقة على هذا الواقع المؤسف .. أضف إلى ذلك أن كان من زملائي من يمتطون سياراتهم ( للدوران ) في طريق الأمير عبدالله وكوبري الفروسية في فترة مضت .. وقد حاولت جاهداً أن أحذرهم من مغبّة هذه الفوضى .. والإجابة : تضييع وقت ! حتى تضييع الوقت في مالا يفيد هو ( جريمة ) وهنـاك فرق بين : تسلية ( ! ) , وَ تضييع وقت لأن التسلية تكون بعد التعب وتأدية مجهود أو عمـل .. أما تضييع الوقت .. فلم يوجد التعب أصــلاً .. أريد أن أقول - وحتى لا أطيل - إنه من المفروض عليـك وَ علينا - بكل مانستطيع - نقد هذه السلوكيّات الخاطئة .. والتحذير منها , والتفكير في الحلول .. , والتواصل مع الآخر .. ( حيث يمكن الوصول إلى حلول ) والشرّ برّا وبعيــــد *** مع الشكر لجمال طرحك .. |
خير الكلام ما اغنى قليله عن كثيره
|
طرح رائع وأسلوب جميل موضوع يحاكي الواقع
المر فشكرا لك. هنري؛(الساحرالفرنسي)؛ |
قطعة أدبية رائعة.. وطرح جميل... فكيف يكون علاج مثل هذه الظاهرة..؟!!
إجابة هذا السؤال يملكه كل واحد منا.. فلنترك التلاوم ونبدأ العمل.. وليس العمل يقتصر على بريدة التي هي بمثابة الأم التي ربتنا وضمتنا.. بل يتعداها لغيرها.. فضلاً عن أن يكون أبناء بريدة خير سفراء لبلدتهم..! محبك.. فلافل :) |
الساعة الآن 09:11 am. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة