عرض مشاركة واحدة
قديم 20-03-07, 09:45 am   رقم المشاركة : 10
صاحي و رايق
موقوف من قبل الأدارة






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : صاحي و رايق غير متواجد حالياً

وخسف القمر
كانت ليلة صافية ذات نسيم عليل يبعث في الروح النشاط وفي الذهن الصفاء,وفي النفس الأريحية..
يموج هواؤها كتموجات ماء ينساب في ساقية ظللتها أشجار النخيل..
خرجت إلى الهواء الطلق إثر تعب وعناء..ثم رفعت ناظري إلى السماء..
يا الله..ما أجمل هذا الكوكب الذي اكتمل بهاؤه فصار قمرا منير ا , تضاحكه النجوم , وتداعبه ذبذبات الأثير..
هناك تذكرت قول القائل:
أبهى من القمر الساري إذا ابتسمت
لــه النجــــوم فحيــــاها وحيـــانــا
وإذ ذاك,وأنا أرقب الساعة وأستبطئ لحظة الخسوف التي أعلن عنها قبل يومين,حزنا على ذلك الحسن أن يندس في ثوب الظلام..
كانوا هنالك..غير مبالين بالظاهرة التي صارت وشيكة الحدوث,تماما كاشتغالهم عن القمر التي صارت وشيكة بوجهه المنير,واستدار هناك عاليا في كبد السماء,فما ليلة أجمل ولا أبهى ولا أصفى منها.
وأرسل القمر ليستكشف حدائق الأرض,ويلفت أنظار الرائين,فإن من تمام ذلك الحسن أن يقع على عين تعرف حقيقة الجمال,ويبهرها بديع الصنع.
واستعان نور البدر بنسمات الليل..فاحتملته وهو ينير لها الطريق..وطوفا على الورود الناعسة,والزهور التي توسدت أغصانها..كي تستيقظ وتطلق أريجها العطر في أرجاء الحدائق الغناء..
وهناك..تعانقت رقة النسمة ورائحة الورود الزكية..
وفي لحظة بديعة,التقطت عدسة القمر ذلك المشهد المدهش,ليجسده في ذاكرة الأيام..لكأنما هي لحظات الوداع التي تصور للذكريات.
أيها القمر..
لا تحزن..فقد أردت أن تصرف أبصارهم إليك ليروا بديع صنع الله فيك,ولكنهم مشتغلون عنك,وأنت أسمى مما هم فيه,فهل تراهم يستحقون أن تكتحل عيونهم بنورك,وقد وقعت أبصارهم على التراب؟!
فلا عليك أن تحجب عنهم أنوارك,لعل قائلا منهم يقول:
(وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر)..
وأخذت ذلك الوجه المنير غاشية من الأسى,واتنابته موجة من الحزن..
وخسف القمر..
فأظلمت السماء وخفتت إبراقة النجوم,واجتاحت تلك الأزاهير حالة من الوجوم والدهشة,انتهت بدموع هاطلة مسحتها بمناديلها الخضراء..
وهرعت أرواح المصلين إلى المساجد تناجي بارئها,وتسبح بحمده,وتلوذ بجلاله..فهي التي افتقدت نور القمر,لأنها وحدها التي تعرفه حين تمر عليه في لحظات عروجها إلى الملكوت الأعلى..







رد مع اقتباس