أخي المتزن
تحياتي وتقديري لك ولكل القلقين .
أنت تعلم أن حوارات اليوم تضيّع الفكرة وتجعلنا نعيش في منطقة العدم ( منطقة تضيع بها الآراء وتضمحل بها المبادئ) ولن أقول أن هناك قنوات فضائية تهدف إلى تسطيحنا بطرح الرأي والرأي الآخر دون أن تجعلنا نرسي على بر ، قنوات تطرح الاتجاه والاتجاه الآخر دون أن تجعل الطرفين المتحاورين يتفقان على حقيقة وكأن الحقيقة متعددة ، المهم عند القناة أن نكون في منطقة العدم وكأن القناة قادمة للتمهيد لمرحلة تاريخية بتحييد المبادئ والقيم حتى نقبل الجديد .
أنا معك في تحديد المطلوب فلا نريد أن نبتعد عن صلب الموضوع لأننا نبحث عن الحقيقة نريد أن نبتعد عن منطقة العدم ، ولنبتعد عن التحسس والتخوف والتفكير بعقلية المؤامرة ولنظن بالغرب وباليهود بالذات فقد يكونون تابوا عن المؤامرات ضد الأديان متناسين الشواهد القرآنية والتاريخ الأسود لليهود .
أنا معك لا نريد أن نستشف مذهب تيسير علوني من مسقط رأسه ( دير الزور ) حيث منطقة الباقرية ( أل باقر ) ، ولا نريد أن نستشف مذهب تيسير علوني من اسم زوجته ( فاطمة الزهراء ) ، ولا نريد أن نستشف مذهب علوني من أسماء أولاده الأربعة ، ولا نريد أن نستشف مذهب علوني من أكبر مدافع سياسي له وهو وليد جنبلاط الدرزي ، فقد يكون علوني من أحفاد التابعين السنيين وقد تكون أسئلته وأشرطته لزعيم القاعدة بحسن نية ، ولنتوقع كل خير من أهالي قتلى البرجين فقد يعفون عن حقوقهم أو لا يُطالبون أصلاً .
أترك كل ذلك لنعود إلى صلب الموضوع فأقول بصريح العبارة : أنا لا أرى الإعجاز العلمي السائد لأن الحقيقة العلمية التي ندّعيها نتيجة لمعيار بشري قد يتغير عبر الزمن ولا أقول إلا بالعلم القرآني الذي يجب أن يُطرح حسب فكرة ( درء التصادم ) وقد ذكرت أمثلة لذلك (الغيث) و (وتثير سحاباً) و (وما في الأرحام) والفرق الكبير بين الإعجاز العلمي المعتمد على العلم التجريبي وبين العلم القرآني هو :
- ان الإعجاز العلمي بشري يُسقط على الآيات بإدعاء التوافق بينما العلم القرآني يستخرجه الإعجاز البياني من القرآن في حالة وجود تصادم بين العلم البشري والعلم القرآني للقضاء على التشكيك في القرآن .
- ان المنطق لا يجوز المقارنة بين مختلفين ( القرآن والعلم ومضمونهما يختلف فالعلم القرآني منزل غير تجريبي أما العلم البشري فهو تجريبي)
- ان الزمان والمكان يجب أن يوافقا القرآن لا أن القرآن لكل زمان ومكان لأنهما متغيران والقرآن ثابت ، وعليه فالعلم البشري خاضع لعاملين هما الزمان والمكان بينما العلم القرآني ثابت لثبات القرآن .
عدم فك الإرتباط بين العلمين جعلا البعض يظن أنني أقول بالإعجاز العلمي ولا أظن طرحي لفكرة ( درء التصادم ) باسمي وعدم طرحها ونسبتها لعالم مثل المودودي أو أحمد ديدات أو غيرهما هو العائق على مبدأ أن عازف الحي لا يُطرب ، لا أظن ذلك ولكن ثقتي بالقارئ والاختصار وعدم التوضيح وراء ذلك . من هنا أريد أن أوضح باسلوب آخر:
- إذا كان الإعجاز العلمي سيأتي بمصلحة ما وبنفس الوقت سيأتي بمفسدة فأنا على قاعدة العلماء التي تقول : (درء المفسدة مقدما على جلب المصلحة) فلو أن المفسدة على القرآن جاءت ولو بأقل من نسبة 1% فأنا ضد الإعجاز العلمي .
- إذا كان الإعجاز العلمي يسمح لعلمائه بأن يختلفوا ويتحاربوا على صفحات القرآن مثل ما حدث بين عالمين من علماء الإعجاز العلمي في القناة العربية فأنا ضد الإعجاز العلمي .
ليس لذلك فقط بل كل ما طرحته في العرض الأول والردود توضح موقفي من الإعجاز العلمي ، وعلينا أن نجند أنفسنا لحماية القرآن ضد أي ثغرة ، وحتى لا أزايد فأنا لا أزكي نفسي فقصوري يفوق أمنياتي ورغباتي ، وتقبلوا تحياتي .