( تتمة اليوم الاول )
وصلوا الى الملعب ووقف صديقه امام بوابة الاستراحة ..
وراح محمد يتذكر كم من مباراة لعب فيها في تلك الاستراحة .. والغاية من تلك المباريات ان يتعرف على بعض الشباب الوسيمين .. تذكر ذلك وهو يقارن بين حاله الان وحاله في تلك الاوقات ..
فرمق السماء بنظرة كمن يشكر الله على حاله الان .. وابتسم ابتسامة خفيفة تنم عن احتقار لذلك الزمن الذي ولى ....
قاطع حبل افكاره .. صوت فهد .. قائلا ...
( عادي ادخن .. ولا حرام .. ) قالها مستهترا وهو يشعل سيجارته ..
( لا عادي خذ راحك ان ما استحيت من ربك وشوله تستحي من )
قال له فهد .. ( اذن ممكن ان تخرج من السيارة حتى لا تشتم الرائحة .. ) قالها بادب جم ... احتراما لتطوعه ...
فرح محمد بهذا .. اذ انه مذ عرف التمييز بين الكريه والجميل وهو يمقت رائحة الدخان ...
اتى احمد .. وسلم على محمد .. وعلى وجهه امارات الدهشة لحاله .. ولسان حاله تلك المقالة التي طالما سمعها محمد من اصدقائه عندما اخبرهم قبل مجيئهم بانه التزم .. ( لو يلتزم ابليس انت ما تلتزم )
ولاحظ محمدا شيئا جميلا .. وهو تكاتف اصدقائه حوله .. وتهميشهم لمرحلته الجديدة .. واعتبارهم الامر عاديا وكأن شيئا لم يكن ...
لعل السبب في ذلك هو انه هو بطبعه لم يتغير .. فضرافته وكلامه المحبوب ... وهو الذي جعله رائدا من رواد ( الكنود ) ... الذي لم يتحسر على شيء مثل ما تحسر عليه فيب مرحلته الجديدة .. ( الالتزام ) ..
تجمع المتبارين .. وكما قلت ... فقد لعب كلا الفريقين ناقصين كل فريق نقص لاعب واحد ..
وكان اغلب الفريق الاخر من الذين كانوا يراسلون محمد في السابق ..
وهنا يجب ان نشير الى مسالة محمد النفسية ..
فقد كان سابقا من المطلوبين بشدة لدى ( عرابجة ) بريدة .. فقد كان وسيم الوجه ...
وكان بطبعه يكره معاملة من حوله له معاملة خاصة .. ويحاول دائما ان يكون انسانا عاديا .. ولكن هيهات ..
فهو بين امرين اما ان يكون عاديا في تعامله .. ويجعل من يريدون مصادقته لاجل وجهه واعتباره ديكور يفخرون به عند غيرهم ..
واما ان يحدد اصدقاءه .. الذين بالتالي لا بد ان يكونوا يتنافسون بينهم عليه .. باعتباره .. ( الولد ) .. لاحدهم ..
وهكذا ..
اتخذ هو بين الامرين سبيلا .. فكان لا يخصص احدا من اصدقاءه .. بشيء عن غيره حتى لا يعتقد ذاك المسكين ... انه ( البابا ) ..
وكذلك كان يتملص عن الذين .. تاكد انهم يعتبرونه ( ديكور ) ومن حقهم في امتلاكه .. تملص عنهم مع انه في الجهاز ( اي الكنود ) كان يحاثهم باريحية .. و( وساعة صدر ) ..
فلم يسلم من الاتهامات .. في عقله وتعامله وعرضه .... ولم يسلم من التخصيص في المعامله .. فكان يطلب فيعطى .. لو نجمة في النهار .. او وجودا من عدم ..
وكان اغلب هؤلاء الذين يريدون التعرف عليه .. والذين يعتقدون ان في كلامهم معه حين الاختلاط به .. لو كان كلاما عاديا من سلام لازم او سؤال عن الاحوال مفروض ..
يعتبرون هذا النوع من الكلام .. ( محرما ) .. او مقدسا لدرجة انه يحتاج الى ( وضوء ) خاص ..
هكذا .. انقلبت الاية .. عندما وضع ( اللحية ) .. التي كانت بدورها علامة على ان محمدا قد ( شان ) .. وان تلك القدسية قد زالت عنه .. وصار انسانا عاديا ..
فكانوا يسلمون عليه ويسالونه عن اخباره ...
وهو يرد بابتسامة تملا فمه ..
ولسوء حظه .. اتى الامتحان الاول بسرعة .. فقد كان هناك حفل زواج في استراحة قرب الاستراحة التي هم فيها ..
وكان صدى الموسيقى يصل اليهم ..
فركن الى جدار يفكر قليلا ... هل هذا استماع ام سماع .. وهل يجوز لي ان اجلس . وان جلست ماذا سيقول عني هؤلاء المظهريين .. هل جلوسي هنا ضروري ..
فعزم على ان يحمل نفسه ويجلس في سيارة صديقه ... وهو في طريقة الى سيارة صديقة ...
رن جواله .. واذا باحد اصدقائه .. يقول .. ( السلام عليكم .. ) وبعد سلام تقليدي متضارب .. اخبره انه جالس ينظر الى مباراة .. فرد عليه ابراهيم ( احلف .. اناجاي لم هالاستراحة به خوياي قايلنلي تعال ناظرنا ) .. وانهى المكالمة بان ابراهيم سيحظر ...
ابراهيم هذا .. صغير السن ذو جمال صارخ .. فازداد على الحفل الموسيقي هذا القادم الذي لا بد ان يتفرج الى المباراة معه او بجانبه ..
اتى ابراهيم وسلم على محمد .. وتشابكت ايديهم ودخلوا الملعب واستندوا الى الحائط ..
وتناقشوا في مسئلة حلق اللحية .. والغناء .. التي دائما يجادل فيها ( الغير مطاوعة ) وكان هذان الامران هما الركني الساداس والسابع من اركان الاسلام ..
وكأن فعلهما يقتضي نقصا ماديا او معنويا ...
فحلل محمد القضية .. بالقول بتحريم حلق اللحية ... وانما الاختلاف على تخفيفها .. وتحريم الغناء ... وذكر له اقوال المحللين وانها لا سند لها ..
وظل ابراهيم يناقش قليلا .. فاستوقفه محمد قائلا ..
((وش تبي ؟؟ تبين اقولك انهن حلال .. ؟؟ يعني واقفة على انك تدري علشان تزينهن ولا تتركهن .. هذاك انت تزينهن وافتيت لنفسك ... قدس الله سرك .. ))
فتوقف ابراهيم .. وكان ابراهيم روحاني اقرب منه الى عقلاني .. فكان يتاثر كثيرا بهذه الموعظ المصادمة ..
وخرج ابراهيم في الشوط الثاني الى بيته .. وانتهت المباراة بفوز فهد ... وفريقه ..
واعاد محمد الى بيته ... وانتهت بذلك احداث اليوم الاول ...
( يتبع .. )