عرض مشاركة واحدة
قديم 10-12-01, 11:30 pm   رقم المشاركة : 2
الطيف
مراقب سابق
 
الصورة الرمزية الطيف






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : الطيف غير متواجد حالياً
تابع فصة امل المعاقة ( قصة حقيقية )


وتمر السنة .. والثلاث ، والخمس ، وأمل مجتهدة في وظيفتها ، مدخرة لراتبها ، والأب والأم في هم شديد ، فالسنوات تمضي ، وابنتهما بدون زواج ، وتخشى الأم أن يفوتها قطار الزواج ، ومن سيفكر بعانس معاقة ؟!!

واشتد اليأس بالأب والأم ، والفتاة أمل تتعذب من الداخل ، وهي ترى زميلاتها في المدرسة وصديقاتها قد أصبحن أمهات ، وأولادهن في المدرسة ، وأخذت تقرّع نفسها بكاية بأسئلة سليطة :

- لماذا أنا هكذا محرومة ومعاقة ؟

- لماذا أنا بالذات ؟

- لماذا احرم من الأطفال ؟

- ماذا عملت يا ربي ؟

وفي لحظات اليأس السوداء ، يدخل الإيمان كملجأ للنفس من الانهيار ، فتكفكف أمل دموعها قائلة :

استغفر الله العظيم ... أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ... يا رب لك الحكمة والتدبير في كل شيء ، وأعلم أنك أرحم الراحمين ، وألطف من ملك ، وأوسع من أعطى ، بيدك الخير ، أعوذ بوجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض إن كان حل عليّ سخطك ... ربي أغفرلي وارحمني ، فإني لم أعد احتمل أكثر من ذلك .


* * *

وفي يوم من الأيام .. يخرج الأب إلى المسجد لصلاة العصر ، وتفكيره دائما في مستقبل ابنته المعاقة ( أمل ) وهو يسأل نفسه : هل من بصيص أمل ؟

وبعد صلاة العصر ، يلزم الأب ركنا من أركان المسجد ، ويأخذ مصفحا ، فيفتحه ويقرأ من الآيات ما كتب الله له أن يقرأ ، وبينما هو يقرأ إذا أقبل عليه جاره ( أبو حمدان ) مسلماً عليه ، ثم جلس بجواره .

أبو حمدان : يالله إنك تحييّ هذا الوجه الطيب .

الأب : الله يحييك ويبقيك .

أبو حمدان : وش أخباركم وأخبار الأهل ؟

الأب : طيبين الله يسلمك .

أبو حمدان : يا أبو ناصر .. فيه موضوع ودي أكلمك فيه .

الأب : تفضل !

أبو حمدان : أنت تعرف ( أبو مطلق ) ؟

الأب : لا ؟!!

أبو حمدان : جارنا القديم إلي ساكن شرقي المسجد ، بيتهم تراه بيج على بني فاتح ، وهو إلي كان يجمعنا في الحيّ أيام الأعياد .

الأب : إيه إيه .. تذكرته ، وش فيه ؟!

أبو حمدان : ولده مطلق عمره خمس وثلاثين سنة وده يعرس .

الأب : الله يهنيه ويوفقه !

أبو حمدان : والله يا بو ناصر أبوه مكلمني عليك ، على أساس أفاتحك في خطبة بنتك .

الأب ( وينزل الخبر عليه نزول الصاعقة ) : بنتي أنا !!!!!!!!! ؟

أبو حمدان : إيه بنتك أنت وش فيها ؟!

الأب : أنت أنت أنت ... تدري تدري يا بو حمدان أن بنتي معاقة .

أبو حمدان : إيه أدري وأبو مطلق وولده يدرون .

الأب ( وهو مذهول ) : يدرون إنها معاقة ويخطبونها ؟

أبو حمدان : إيه .. وراك يا ابن الحلال منت مصدق ، بس إن كان في بنتك عذروب ( أي عيب ) فترى في الولد مطلق عذيريب صغير ، ما يسلم منه الشباب هاليام يا بو ناصر .

الأب ( ‍‍‍!!! ) : يدخن الولد ؟

أبو حمدان : هاهاها ... لا يا بن الحلال ، التدخين مو شيء هاليام ، وأنت الصادق الولد فيه عذيريب إنه يتعاطى بعض الأمور المحقى ( أي السيئة ) ولكنه ناوي يتركها إذا تزوج .

الأب ( وهو ) : أفااااااااااا ... أفااااااااااااااا ... يا بو حمدان ، ما هقيتها منك ، تخطب لبنتي واحد يتعاطي مخدرات ؟!

أبو حمدان : وسع صدرك يا ابن الحلال ، الهداية بيد الله ، ثم لا تنسى إنه لو تزوج بهديه الله وبيترك هالأمور الشينة ، وبنتك ستبقى طول عمرها معاقة ... وعلى العموم يا بو ناصر ، لا تستعجل فكر واستخر ، وبعدين رد عليّ .


* * *

الأب والأم ، في حيرة ، هل يفرطون بهذا الزوج المدمن ، أم يرفضونه وتظل إبنتهم كما هي معاقة وعانسة !

الأب : وش رايك يا أم ناصر ، تراني والله احترت ؟!

الأم : والله يا بو ناصر إني زيك محتارة ما ني دارية إيش اسوي حسبي الله ونعم الوكيل .

الأب : يا أم ناصر ... موهو وقت بكاء ، فكري معي ، واستخيري ، والله يكتب الي فيه خير وصلاح لبنتنا حبيبتنا الغالية .

الأم : يا بو ناصر... هذا أمر لازم نفاتح فيه بنيتي أمل ، وهي الآن كبيرة وعاقلة ومدرسة ، ولازم يكون الرفض أو القبول منها هي ومحض حريتها .

الأب : أكيد يا أم ناصر .

( الأب والأم يفاتحون أمل بحقيقة الموضوع ، فتصدم أمل بعريس المستقبل الذي بدل أن يأتيها في زيّ أبيض كالخيال والسحاب ، وهو راكب فرسا أبيضا ، يحملها نحو جزيرة الأحلام ، وإذا بعريس المستقبل مدمن مخدرات ، ياللشماتة والسخرية !! ) .


الأم : هاه .. يا بنيتي وش قلتي ، ترى العرس مو غصب .

أمل ( صامتة ) : !

الأب : اسمعي يا بنتي ترى أنتي في عيونا ، ولا تحسبي أنّا ملينا منك وأنا أبوك ، بالعكس أنت نور البيت وسراجه ، الله لا يخليك منه ، ولكن ما فيه بنت إلا ومستقبلها في الزواج .

أمل : مستقبلها يبه في مدمن مخدرات !!!

الأب ( يتقطع قلبه ) : خلاص خلاص ... نبطل فكرة الزواج من هذا الرجال .

الأم : وراك يا بو ناصر ... خل بنيتي تفكر ولا تستعجل ، وهي ما تدري وين الله كاتب لها الخير فيه .


* * *

أمل ... تفكر وتفكر ، وتتأمل ، وتقيس الأمر ، وتفكر بنظرة الناس لها دون زواج ، وتتساءل :

- هل سأظل هكذا عانسة ؟

- من سيقبل بي بعد هذا الشاب ؟

- من يدري لعله يهتدي على يديك ، ويكون أفضل من الكثير ؟

- أنا صبرت وصبرت ، واجتهدت ، فلماذا لا أصبر هذه المرة لعل الفرج الأخير بعدها ؟

وهكذا أخذت أمل تقلب تفكيرها ، وتتفحص أوراقها ، فوجدت أنه لا خيار أمامها ، والناس والدنيا لا ترحم .

فقررت الموافقة على هذا الشاب العاطل المدمن ، وفعلا تم الزفاف ، على شاب تحوم حول عينيه بقع سوداء من الشراب ، ورائحة الدخان تحيط به من كل صوب ، لا صلاة ، ولا أخلاق .

ولكن أمل ، رمت بورقتها الأخيرة في وجه الطوفان ، وهي واثقة بالله أنه لن يضيعها .

أخذت أمل تصرف على نفسها وزوجها من مالها الخالص ، والزوج عاطل باطل ، أحيانا يضربها ويعيرها بألفاظ لا تطاق ( يا مشلولة - يا معاقة - يا قبيحة ) ليحصل على حفنة من المال كي يشري بها أبرة مخدرة ، أو زجاجة خمر قذرة .

وأمل صابرة محتسبة لوجه الله ، فهذا هو قرارها الأخير ، ولن تتراجع عنه مهما كان ، وزوجها بالصبر والإيمان سيفتح الله على قلبه ، ولا أحد يعلم متى تأت الهداية من عند الله .

وتجلس أمل تبكي وتتضرع عند أقدام زوجها ، وتقبل يديه ، وهي تبكي ، وتقول له أرق الكلمات ، وأعذب العبارات ، تترجاه أن يصلح نفسه ، من أجل زوجته التي تحبه ، ومن أجل أولاد المستقبل ، ولأجل عش الزوجية السعيد .


* * *

أمل تصلي ، تسجد ، تبكي ، تدعو الله ، أن يصلح زوجها ، ويمن عليه بالهداية ، أمل كلها أمل بالله وثقة بأنه لن يضيعها .

وفي يوم ... يدخل زوجها ( مطلق ) والشماغ على كتفه ، وقد ارتسمت على وجهه تجاعيد الانحراف والضياع ، دخل وأغلق باب الغرفة على نفسه !

طرقت أمل الباب بكرسيها المتحرك ، ثم دخلت إلى الغرفة ، وأخذت يد زوجها تقبلها ، وتقول :

فديتك يا عمري ، إيش فيك ؟

الزوج ( يجهش بالبكاء ) !

أمل ( تبكي لبكاء زوجها وتقبل يديه وتحتضنها ) !!

الزوج ( وهو يبكي ) : يا أمل والله بهذلتك معايّ ، ما تستاهلين واحد حقير مثلي .

أمل ( في إشفاق على زوجها ) : ليش تقول كذا يا عمري ، والله أنا أحبك وضحيت بكل شيء من أجلك .

الزوج ( يزداد بكاءً ) : أنت يا أمل تعذبينني بهذا اللغة التي أن لا استحقها أنا نذل أنا ساقط !!

أمل : لالا ... لا تقول عن نفسك كذا يا حبيبي ، أنت إنسان رائع ، وفيك خصال كثيرة حلوة ، بس تحتاج إن تعالج نفسك من المصيبة التي تعصف بحياتنا .

الزوج : أنا مليت من الحياة ، ودي أموت ، أن لا استحق الحياة .

أمل ( تبكي وهي تشفق على زوجها ) : لالا ... بعيد الشر عنك يا حياتي ، أموت أنا ولا أنت ، أنا من لي غيرك في هذه الدنيا ؟!

الزوج : الله لا يخليني منك .. أنا ما عرفت قيمتك يا أغلى إنسانة في عمري .

أمل ( وهي تقبل يد زوجها ) : يا حبيبي ... ليش ما نبدأ سوى ، أنا ما راح أقصر عليك بأي شيء أملكه كل شيء لي فداك يا عمري ، وأنت لازم تروح للمستشفى تعالج السموم التي أدمن عليها جسمك ، ثم لا تنسى طاعة الله ، الصلاة ، التوبة ، الدعاء ، البكاء ، والله لن يضيعك يا عمري ، الله رحيم ولطيف بعباده .







التوقيع