هذه قطرة من دمعي لمن توفاه الله مجاهدًا.... في الفلوجة
وقطرات من دمي لمن بقي صامدًا صمود الأبطال في الخندق وحنين
صقور إلى الله ... صقور إلى الله ...
القمم التي كانوا يرفرفون بأجنحتهم حولها تعرفهم ...
و الحدود التي كانوا يبلغونها لا يبلغها غيرهم ..
و في رمشة عين كانوا يصنعون من أرواحهم سُلّما للسماء ..
صقور المستحيل هم ....
و يخبرنا عنهم الريش الذي تطاير في الملحمة ...
للجناح حين يقول، كلمةٌ، تفهمها الأجواء الواسعة و آفاق البراري ...
و للعيون و هي تختزل الصرامة ، قصة ...
نحدث عنهم أبناءنا و تخوننا الكلمات فننقطع ....
نجمع كل الحروف الجميلة لنكتب سطرا واحدا ...
و حينما يتم ذلك نكتشف أن قامات الحروف ليست بطول أجنحة الصقور ...
حلقوا فوق تلك القمة في الفلوجة و الرمادي و بغداد زمنا ....
رأتهم الأعين يمتشقون الحزم ، و يقرؤون آيات المضي الأخير ...
القمة تشهد أنهم طافوا حولها متحلقين ....
و لم تفهم ..
لعلها فهمت و خانتها الكلمات ..
و قرؤوا بعض أورادهم ...
كان غبش الليل قد بدأ يتفتت في الآفاق ..
ليولد الفجر ....
كانوا يلتحفون بالزمن الأول ...
و يحملو في أعينهم خالد بن الوليد ..
و شك الراوي ، أكانوا بيضا أم خضرا ..
كل الألوان تعبر إلى السماء بلا لون ...
هزوا إليهم بجذع نخلة الشهادة ..
و انتشروا لهبا ..
و في قدح الزناد كتبوا ملحمتين، واحدة للنصر و أخرى للرحيل ...
ليس سهلا أن يكون للصقر روح باتساع درب العاصفة ..
ليس سهلا أن يكون النهر في عينيه أعمق من كل احتمالات السفن ....
لم يقولوا حينما قالوا وداعا ..
و لم تبنِ الصقور الموج قصرا و حدائق ..
كان للمشهد روعة البدء و دهشة الخاتمة ...
طلقة الفجر حادة مثل خنجر ..
و هلامية كغجرية من دخان و سراب.
صنعوا عرشا من الخضرة مكسوا بريش الأجنحة ....
ثم لا غير رفيف الأجنحة ...
فتنة أخرى لكل العوسج المنخور في أرض الرياح ....
كانت العين عليهم ...
ضربوا بالجناح الجناح و حانت لحظة الانشطار ...
ليس قبل البدء بدء ...
ليس قبل الموت في أسفار الصقر موت ..
ليس في القلب متسع لنبض لا يساوي دفقة لانعتاق الروح ...
قالت القمة : أشهد ...
كانت الصورة أكبر من أن ترسم بكل أقلام غابات نخيل في العراق ...
فبماذا يكتب الكاتبون الملحمة ...؟!
للفلوجة عهد و للصقر عهود ...
و لأطفال صغار بعض اختصارات حكايا سوف تبقى ...
لصقور الله حينما تولد شامات ...
و للبحر هديره ....
و لأطفال رأوا ما قد سمعنا حينما يذبل كل القول قولان و قصة ....
هاهنا يبدأ الحرف مواسم العز ...
و يأخذ التكبير شكل الرجفة ...
و رأوهم حول تلك القمة..
كانوا يبتسمون لمواسم الخصب و ظل العرش و خضرة الطيور السارحة ..
و القناديل شكل آخر حينما يتسربل الطائرون إلى الله بصرخات الدماء ...
ليس كل جناح يبلغ المبلغ دون احتراق ...
و لجعفر الطيار درب يسلكه السالكون على رفيف الأجنحة ...
و رأوا جعفر قالوا ..
في جهة من جهات مملكة الخالدين ....
كان يدعوهم ...
و طاروا ..
ابتعدوا ...
أكثر ..
أكثر ..
كانت القمة في الفجر ترمقهم ...
لم يقولوا غير كلمة ..
( هذه الراية عهد للصقور فاحفظيها هاهنا للأجنحة حين تأتي .. شيمة الصقر الوفاء )..
ابتعدوا ..
بعضهم تعرفهم صخور القمة الشهباء و الباقي شتات من ديار نائيات ..
هكذا الصقور حين يجمعها الله في الأرض قبل الرحيل الأخير ..
ابتعدوا ..
ثم صاروا نقاطا في الأفق ..
و اختفوا خلف جعفر ...
راحلين إلى الله ..
و كانوا بسمة الفجر إذا ما الفجر أغرته ابتسامة ..
رحم الله صقورا خلف هاتيك الربى غابوا ..
غير أن المدن الحسناء تحفظ في كحل العيون عشاق قممها ...
و تهديهم بأعراس الصبايا حكايات يحكينها لأطفال سوف يولدون غدا ....
أو بعد غد ...
إذ لا بد للمدن من غد مهما طال يا( فلوجة العشق) الظلام ....