[align=justify]لم أمضِ وقتا طويلا في الدور الثاني من المكتبة حتى لا أتأخر على الرفاق – هذا هو السبب المعلن أما غير المعلن فهو حتى لا أخسر نصيبي من القهوة
- قررت بعد ذلك أن أصعد إلى الدور الثالث .. وهناك لم أجد شيئا جديدا ..! فقط مزيد من الصور والمخطوطات الأخرى .. الجديد هو مكتب متوسط الفخامة يتربع عليه رجل يلبس زيًّا سعوديًا يبدو أنه المسؤول عن المكتبة أو قسم المخطوطات، في الجانب الآخر من القاعة يوجد غرفة لها باب لا يسمح بتجاوزه إلا للعاملين فقط ..!
فضولي حملني على عدم الاكتراث باللوحة التي تمنع الدخول، وشجعني كون الباب مفتوحا على الدخول بعد طرق الباب ثم السلام على الموجودين.
رجلان يبدوان من أصول إفريقية يرتديان عمامتين بيضاوين وثوبين أببضين، سلمت عليهما وسألتهما عما هو موجود في هذه الغرفة، أجابني أحدهما - وكأنه يقول في نفسه: ألا ترى الذي أمامك؟ - هذه الغرفة تضم المخطوطات كافة، وما رأيته في الخارج سواء في هذا الدور أو الدور الثاني هو صور من بعض هذه المخطوطات..! سألته عما إذا كان بمقدوري تصوير أي من المخطوطات فقال – بعد أن اعتدل في جلسته – نحن هنا نتبع نظام المبادلة.
- وما هو نظام المبادلة ؟
- يعني أن تأتي بمخطوطة لتضعها عندنا، وتصور مقابلها ما تشاء من المخطوطات ..!
- وإن لم يكن لدي مخطوطة ؟
- تأتي بأي كتاب وتضعه في المكتبة.
ثم أردف قائلا .. يمكنك أن تذهب إلى ( فلان الفلاني) فهو المسؤول عن مكتبة الحرم، وهناك يمكنك أن تتفاهم معه فقد يسمح لك بتصوير ما تريد دون أن يطلب منك شيئا – بالتأكيد هو لا يعلم بأن القوة تنتظرني في الشقة
- . هززت رأسي مبديا موافقتي، شكرته ثم خرجت من الغرفة، نظرت إلى الساعة فإذا بالدقائق الخمس قد استحالت إلى ساعة كاملة، وتراءى أمام بصري منظر الدلة وصحون رطب (الروثان) الذي تشتهر به المدينة النبوية. ونزلت بأقصى ما يمكن من الطابق الثالث لألحق بما يمكن اللحاق به من القهوة والرطب ..!
خرجت من باب المكتبة التي تتوسط الحرم بعد أن أشرت إلى حارس المكتبة بيدي مبتسما له، ثم تأبطت حذائي ومضيت في طريقي إلى (الروثان). لكن الحارس نادني بعد بضع خطوات من طريقي إلى الشقة وقال: ثمة قسم آخر للمكتبة في الجهة المقابلة يمكنك - إن أحببت - أن تزوره. لم يكد قلبي يسمع هذا الخبر حتى كاد يطير جذلا، لكنه ما لبث أن دخل في غيبوبة بعد تلقى صفعة قوية ولطمة خاطفة صوبها نحوه عقلي الذي وضع قدمه فوق هامة قلبي الجريح قائلا: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
سرت متأبطا نعليّ، وكنت أتأمل أثناء سيري هذا البناء العظيم للحرم وهذه التوسعة التي جعلت من المسجد النبوي الشريف يتراءى للناظر من بعيد مثل قصر أبيض كأبهى ما تكون القصور. ثم خرجت من باب المسجد وأنا أمد بصري في هذه الساحة المحيطة بالمسجد الحرام من كل الجهات، والمكسوة بأفخم أنواع الرخام ...[/align]
[line]
[align=center]ماذا حدث لماجد في ساحة الحرم ؟ وكيف كان طريقه إلى الشقة ؟
كل هذا ستعرفونه قريبا ... فقط كونوا معي ...[/align]