[align=justify]خرجت من باب المسجد وأنا أمد بصري في هذه الساحة المحيطة بالمسجد الحرام من كل الجهات، والمكسوة بأفخم أنواع الرخام. تذكرت وأنا أسير في ساحة المسجد اللحظات الأولى من دخولنا إلى المدينة ووصولنا إلى المسجد النبوي حيث دخلنا في نفق تحت الأرض أوصلنا إلى مواقف للسيارات تتكون من طابقين وكل طابق بارتفاع لا يقل عن عشرة أمتار، كل هذا تحت المسجد النبوي ..! وهذا من الأمور التي استحوذت على إعجابي في المدينة النبوية المتطورة ..!
واصلت السير في ساحة الحرم وأنا ما بين نظرة إلى الساعة وتفكير بتلك الرطيبات اللذيذة .. وأتساءل: هل مازالوا ينتظرونني ؟ أو على الأقل أبقوا لي شيئا ؟ الأكيد أنني تأخرت عليهم كثيرا ومن حقهم أن يعاقبونني بالتهام كل الرطب والقضاء على دلّة القهو حتى آخر قطرة، وسيقولون اصنع لك قهوة جديدة ..!
خرجت من محيط ساحة الحرم وبقي عليّ أن أتجاوز هذه العمارات الشاهقة التي بنيت حديثا حول المسجد النبوي، والتي ينتشر أسفلها الكثير من المحلات التجارية لبيع كل ما يخطر على بالك وما لا يخطر على بالك ..! وفي كل مرة أبحث عمّن يشجعني على دخول بعض هذه المحلات، ولكن هيهات ..! قلبي ما زال في غيبوبته من أثر الصفعة 
المدينة النبوية بشكل عام حدث فيها تطور هائل والمنطقة المحيطة بالمسجد النبوي على وجه الخصوص حدث لها تطور كبير؛ فالشوارع فسيحة بشكل مريح لمرور السيارات، الكبير منها والصغير، وهذه العمارات الشاهقة والمتعددة الأدوار تغري بالسكن فيها لنظافتها وقربها من المسجد النبوي، لكن الشيء المحزن أن وقت وجودنا في المدينة صادف وقت قدوم حملات كثيرة من إيران وتركيا مما جعل إشغال هذه العمارات يصل لدرجة 100%، ولهذا حُرمنا من السكن القريب من الحرم.
شيء ما شعرت به ولم أبح به لمن كان معي في هذه الرحلة، ألا وهو ارتياحي الكبير للمدينة المنورة، فلو خيرتُ اليوم لأسكن مدينة أخرى غير مدينتي لاخترت المدينة النبوية دون جدال ..! مدينة منبسطة لا تكثر فيها المرتفعات والمنخفضات وأهلها طيبون و(في حالهم) كما أن فيها مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وهي لا تبعد عن مكة المكرمة سوى أربع ساعات بالسيارة .. كل هذا يجعل المرء يشعر بارتياح واطمئنان لهذه المدينة.
مازلت أسير في طريقي إلى الشقة، وما زلت أفكر في (الروثان) وفي رفاقي وهل سأجدهم أم لا، وبعد مشقة في السير وصلت وأنفاسي تتسارع كعداء أنهى للتو سباقه يبحث عن مكان ليستريح فيه وماء يبل به ظمأه. دخلت من باب العمارة أسحب قدميّ سحبا من أثر المشي، سلمت على موظف الاستقبال ثم اتجهت إلى اليمين حيث يوجد (مصعدان)، كلما دخلتُ أحدَهما قلت في نفسي (بحل يالثاني) أو أخذت أردد المثل: (الله يحلل الحجاج عند ولده) لست أدري كيف لا يرمي صاحب العمارة هذين المصعدين ويأتي بآخرين يواكبان عصر السرعة؟ أو على الأقل لم لا يُجري لهما صيانة ويصلح ما بهما من عيوب .!؟
سحبت باب المصعد وكبست على الزر رقم (6) متوجها إلى الشقة (605) ...[/align]
[line]
[align=center]تبون تعرفون المصيبة التي حصلت لي مع المصعد ؟
انتظروني هذا المساء إن شاء الله[/align]