الندآء الأخير
إلى متى الغفلة و الملاهي و ملك الموت يطلبك و أنت ساهي ،
و إلامَ تروح في طلب المال و تغدو و سائق الردى وراءكَ يحدو .
ألا و إن بذل الاستطاعة و استقصاء الجد في الطاعة هو أنفع عمل لمن سيدخل
القبر بعد ساعه .
عملك عملك ،، صلاتك صلاتك ،، صلاحك صلاحك
سيصحبك على التخت مغسولاً .. و برافقك على النعش محمولاً ، و يكون
معك و هم يُصَلُّون عليك في المُصَلَّى .. و يلازمك و أنت في الحفرة مُدَلَّى ..
فإذا أيقظتك نفخة النشر ، و فاجأتك أهوال الحشر .. و فَرَّ منك
أُمكَ و أبُوكَ ، و أختك و أخوك ..
وَجَدْتَ عملك الصالح يذهب معك حيثما ذهبت ..
و يَرِدُ معك أينما وردت ..
في القبر .. يؤنس وحشتك ..
و يلقي عليك السكينة حال دهشتك .. و يسرج لك النور في ظلمتك
و يوم القيامة.. يُظِلُّك في ظِلَّ عرش الرحمن
و يُهَوَّن عليك طول القيام للملك الديان ..
يا أخـي .. أَوَ أَلْهَاكَ الرزقُ عن الرزَّاق ، أو شغلتك النعم عن المنعم ،
أو أخذك الخلقُ عن الخالق .. ما تهتز فيك ذرة و الموت يناديك كل يوم
مائة مرة ، و الله لو كان للخشب قلوب لصاحت ، و لو أن للحجارة أرواح لَناحت ،
يَحِنُّ الجذع لرسول الله و أنت لا تَحِنُّ .
قل لي بربك ..
إذا وقعت الواقعة .. و نودي فيك الرحيل .. ما نفعك مالك كثير أو قليل
و نادى المُغسِّل بسرعة تسخين المياه ، و الكل في شُغُلٍ و مَلْهاة ..
الطبيب يُقَلِّب كَفَّيْه ، و العائد يغمز بعينيه !!
و الورثة ينتظرون إعلان الوفاة ..
حتى إذا انقطع نَفَسُك ، و خَفَتْ صوتك
أينفعك حينئذ حلال أصبته ، أو حرام غصبته ،
أو ولد حضنته ، أو زرع غرسته ، أو زوجة أحببتها ،
أو دنيا جمعتها ؟!
كلا .. كلا .. كلا و الله لا يفيدك إلا خير أمضيته ، أو رحم و صلته ،
أو خصم أرضيته ، أو ركعة في ظلام الليل ركعتها ،
أو دمعة من خشية الله ذرفتها ، أو صدقة ابتغاء وجه ربك بذلتها .
{
من عرف قُرب الله استحيا منه ..
و اجتنب الإساءة و قدَّم الإحسان ..
و اعترف بالفضل و أقر بالعصيان ..
و أسرع بالإنابة ..
و أعلن الصلح مع مولاه ..
} ~
من كتاب هُبي يا ريح الإيمان
د. خالد أبو شادي