قال تعالى : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ} (21) سورة الزمر .
وقال تعالى : {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (20) سورة الحديد .
حين نقرأ الآيتين نلحظ تشابهاً في وصف نبات الأرض بعد الغيث وذلك في قوله :
(ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ) ( ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا )
ولكن بينهما فرق لطيف , وهو أن آية الزمر قال فيها ( ثم يجعله ) وآية الحديد قال فيها ( ثم يكون ) فما السر في ذلك ؟
الجواب – والله أعلم – أن الآية الأولى ( آية الزمر ) فيها الحديث عن قدرة الله تعالى على إنزال المطر , وتصريفه في الأرض , ولهذا قال : ( أنزل ) ( سَلَكَه ) ( يُخْرِجُ ) وكلها أفعال مسندةٌ إلى الله تعالى لبيان قدرته , فناسب أن يقول ( ثم يجعله ) استمراراً لإسناد الفعل إلى القادر جل وعلا .
وأما آية الحديد , فالحديث عن تشبيه الدنيا بالغيث ونباته , والنبات هو الذي أعجب المزارعين , فناسب أن يسند الفعل إلى النبات بالكون العام ( ثم يكون ) أي النبات .