يقول الامام علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه في وصف الذين يتصدون للفتيا وهم ليسوا أهلا لها : ( ان أبغض الخلائق الى الله رجلان : رجل وكله الله الى نفسه ... ورجل قمش جهلا . موضع في جهال الأمة ، عاد في أغباش الفتنة . عم بما في عقد الهدنة . قد سماه أشباه الناس عالما وليس به . بكر فاستكثر من جمع ، ما قل منه خير مما كثر . حتى اذا ارتوى من آجن واكتنز من غير طائل ، جلس بين الناس قاضيا . ضامنا لتخليص ماالتبس على غيره .
فان نزلت به احدى المبهمات ، هيأ لها حشوا رثا من رأيه ، ثم قطع به . فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت . لا يدري أصاب أم أخطأ ، فان أصاب خاف أن يكون قد أخطأ ، وان أخطأ رجا أن يكون قد أصاب . جاهل خباط جهالات . عاش ركاب عشوات .
لم يعض على العلم بضرس قاطع . يذري الروايات اذراء الريح الهشيم . لا ملي - والله - باصدار ما ورد عليه ، ولا هو أهل لما فوض اليه . لا يحسب العلم في شيئ مما أنكره ، ولا يرى أن من وراء ما بلغ مذهبا لغيره .وان أظلم أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه . تصرخ من جور قضائه الدماء ، وتعج منه المواريث .