أهلاً فتحية / اقتباس: على النقيض منك تماماً ، أشعر بأن كل شيء حولي يغريني بالكتابة ! تلك التي أصبحت ذكرى قديمة وشيئاً مستعصي الحدوث حالياً ، لا أعلم أي حياة سرقتني منها ، فأصبحت أبعد مايكون عن قراءة كتاب أو حتى تسطير أحرف ، لاشيء سوى ورقة طويلة أكتب فيها بعناية فائقة " مقاضينا " التي لاتنتهي ، متى ماأغرتك الكتابة لأن تمارسينها فلا تقعدي مشلولة وتفكري .. بل عامليها كمراهق لايحسب حساباً لأي شيء .. واكتبِ . حتى وإن كانت الكتابة عن طقوسك هذه الأيّام , فتدوين الطقوس الرتيبة يمكنهُ أن يقدم لك خدمة في يوم ما .. فأنت إمّا للأفضل وهذا مؤشر جيد .. وإمّا للأسوأ ..فتحمد الله على نعة الرتابة . يقول أوسكار وايلد : الطريقة المثلى للتعامل مع الإغراء هي الاستسلام له ولكن جيد أنك تدونين " المقاضي " بورقة وليست كحالتي sms ولكن لاتغريك كتابة " المقاضي " فتطول الورقة لاشعورياً اقتباس: أما عن الغير ، فنحن معهم أحوج مانكون للكذب باحتراف ! وبدونه سنبدو مثيرون للشفقة والعطف ، إذ لا أحد سيمارس الكذب معنا وعندها لا أحد سيتحدث ! هل تعلمين ..! أرغبُ وبقوة في أن أكذِب، أن أكتب كثيراً من السطور الكاذبة، وأرغبُ أيضاً أن تُصدّقوني ! . لنجعلِ الأمرَ جميلاً وفائٌقاً، أكذبُ أنا ، وأخبركُم بأنّني أكذب ، وتصدّقونني ، وأنتم تعلمونَ جيّداً بأنّني كاذبة ! . وبهذا ؛ لا أشعرُ أنا بتأنيبِ الضّمير، ولا تشعرونَ أنتم بالغباء ! . أو .. أنّها تلك الكذبة والخدعة الكلاسيكيّة، التي تستلزمُ أن أخبركم كم أنا كاذبةٌ بإسرافٍ حتى تبدؤوا في تصديقي ! ، فلا أحد يُصدّقُ الشخص الذي يخبرُهم باستمرارٍ كم هو صادقٌ وحقيقيّ ! . والجميعُ - بمن فيهم أنا - يكتبونَ لأنّهم يبحثونَ عمّن يصدّقهم - لا عمّن يقرأُ لهم- ، بعد أن اقتنعُوا داخليّاً بأنّهم مزيّفون ، ومنهكون ، وممتلئونَ بالضّبابِ والتردّد ! . لا تُصدّقوا الثّقة التي يُبديها هؤلاء حيال أنفِسهم ، ولا مقدارَ صدقهم ولا شجاعتِهم ، إنّهم أكثرُ جبناً من الفأر الذي يختبئُ خلف الثلاّجة هرباً من المكنسة ، وأكثرُ تردّداً من لصٍّ يودُّ القفز من سطحٍ كفيلٍ بقتله بعد أن طوّقتهُ الشّرطة ، لكنّهم يرفضون خوفهم وكذبَهم ، ويرقعونهُ بالكتابة ! ، وأنا – أيضاً - أرقعُ خوفي وفشلي بالكتابة ! . وأنا – كغيري - لا أريدُ شيئاً سوى أن يتمّ تصديقي ، كبائعِ العطور ، كتائبٍ سابق ، كمدمنٍ في مشفى ، كطفلٍ وأمّه ، كطالبةِ ثانويّ أمام غرفةِ الإدارة ، كخادمةٍ على وشكِ السّفر ، كلّنا - على اختلافِ كذباتنا - نريدُ أن يصدّقنا أحد ... أيُّ أحد ! . أتخيل نفسي دائماً لو أنني مشيت وراء الغير .. لو أنّني أطعتهم في كل شي لستقلت من وظيفتي الحالية ولتقدّمتُ إلى 743 وظيفة ، لصبغتُ شعري ثلاثين مرّةً في الأسبوع ، لسافرتُ إلى ستّين دولةً في الصّيف ، ولفتحت بوتيك ملابس وأغلقتُهُ ، وفتحتُ في نفس الّليلةِ محلاًّ للحلوياتِ ولتأجيرِ السيّارات ! . لهذا لم أعد أنصحُ أحداً ؛ فلا أحبّ أن أكون الشّخص السادس لهذا اليوم الذي ينصحُهم بالاستثمار في العقار ، أو بإنجابِ المزيدِ من الأطفال ! ، ولم أعُد أطيقُ الكلام عن الآخرين ، فأنا من " الآخرين " بالنّسبة لأحدهم دائماً ، بل في الواقع .. أنا من الآخرين بالنّسبةِ للجميعِ .. سواي ! . استمتعت بردك الجميل أهلاً بك ,,
لا شيء فيك مدينتي غير الزحام أحياؤنا .. سكنوا المقابر قبلَ أن يأتي الرحيل ..!