بغداد سيدة المدائن :
بغدادُ يا أختَ الشآمِ عروبةً
ألديكِ من عَذْبِ الفراتِ شرابُ …؟
إنّا على البلوى تكشَّفَ عشقنا
وإن اعترى هذا الوجودَ ضبابُ
عدنا إليكِ ونبضُ قلبكِ متعبٌ
وعلى عيونِ الماجداتِ عتابُ
ما عاد فوق الجسر وعدٌ للهوى
والكحلُ قد نسيتْ سناهُ ربابُ
باعتْ أساورَها لتشريَ قوتَها
أرأيتِ كيفَ تُضَّيعُ الأنسابُ …!
سرقوا ضفائرَ شهرزادَ وحلمَها ..
الغالي ..فما انتصرتْ لها الأحبابُ
ظمئتْ وفي فمها الفراتُ ودجلةٌ
فمياهُ عينيها دجىً وسرابُ
سجنوا حكايةَ عشقِها لم يبقَ في
جسدِ العواصمِ شرفةٌ أو بابُ
والمِربدُ الشعريُّ غادرهُ السنا
واستاءَ من غزلِ الهوى زريابُ
*** *** ***
بغداد يا مدناً تُفيقُ على الأسى
بسراجِ جرحكِ تهتدي الأعراب
عيناكِ نهرا نخوةٍ والنخلُ يرسمُ
وجهكِ العربيَّ والأعنابُ
لا تسألي عن طيّءٍ و هوازنٍ
أرضُ العروبةِ كلُّها أغرابُ
غُمَّتْ عليها البيّناتُ وعُميت
فتشابه واالإسلام والإرهاب
قرؤوا دماءَ كِ ما استثرتِ نفوسَهم
فزعيمُهم متآمركٌ كذَّاب
و الحاكمونَ فصولُ دهرٍ مُظلمٍ
بين الشعوبِ وبينهَم أحقابُ
*** *** ***
بغدادُ ما سَأَلَ الزمانُ حضارةً
إلاّ وأنتِ على الشفاهِ جوابُ
منكِ ابتدا الفتحُ المبينُ فجعفرُ
المنصورُ والحلاجُ و السيَّابُ
و نظرتِ للغربِ الغريقِ بجهلهِ
وبمقلتيكِ على العصورِ كتابُ
في عصرنا المجنونِ يُسألُ خافقٌ
عن عشقهِ وتُفتَّشُ الأعصاب …!
و بلابلُ الأشعارِ حُوصِرَ شدوُها
واندسَّ ما بينَ السطورِ غراب
هل يُزهرُ الوطنُ المزنَّر بالعلى
أدباً وفي شفةِ الأديبِ حرابُ …؟
*** *** ***
يا درَّةَ المأمونِ يا بغداد يا
أرضاً تغسِّلُ وجههَا الأطيابُ
إنْ أثمرَ النخلُ الأشمُّ بطولةً
فجذوره الأزكى … دمٌ وترابُ
ودمشقُ يا بغدادُ وجُهكِ مشرقاً
منذ الخليقةِ أنتمُ أترابُ
ضَّمتْكِ حين الروعِ عينُ قلوبنا
ورعتكِ في مأساتك الأهدابُ
إنَّا وفي دمِنا نهارٌ منْ إباءٍ ...
صامدونُ …… و للدجى أنيابُ
متوحدونَ على المدى و فراتُكِ الغالي ...
بنبضِ ترابِنا يَنسابُ
و لنا بأرضكِ موئلٌ ومآذنٌ
نهضتْ على أرواحنا وقِبابُ
و إمامُنا في المسجد الكوفيِّ ...
يدعو للجهاد وخلفَه الأصحابُ
==============