عبد الله العقيل 24-11-2002 12:10 AM
--------------------------------------------------------------------------------
رجال العقيلات
هذه الحلقة الأولى من مقال العقيلات، وسوف يتبعها حلقات أخرى بإذن الله.
وهم فئة من أهل نجد قاموا في الفترة الواقعة بين عام : 1164/1750م وعام :1370هـ/1950م بربط التجارة بين الجزيرة العربية والعراق والشام ومصر ودول المغرب العربي والهند وكانوا يطلبون الرزق ويجلبون الخير إلى البلدان التي كانوا يرتادونها، كذلك شاركوا بالأعمال الحربية في تلك الدول والدفاع عن الدول العربية في الشام ومصر والعراق لغرض إعلاء كلمة التوحيد والدفاع عن إخوانهم المسلمين في تلك البقاع، يحدوهم في ذلك الإيمان الصادق بالله بلا رياء ولاسمعة. حيث قال فيهم الشاعر:ـ
أولاد علي لابتي مالها أجناس بشّاشة بضيوفهم والمسايير
ان عدوا الأجواد هم ذروة الناس وهم هل الطولات زين المقاصير
أما سبب تسميتهم بالعقيلات فقد روي في ذلك عدة أقوال منها: أنهم سموا بذلك نسبة للعقال الذي كانوا يلفّونه على رؤوسهم وهي علامة دالة عليهم وتميزهم عن الأتراك وأهل الشام ومصر والعراق . وقيل أنهم سموا بذلك بسبب أنهم كانوا يعقلون الإبل والخيل أي يضعون العقال في أقدام إبلهم وخيولهم عندما يصدرون من أعمالهم. وقيل بأنهم سموا بذلك من العقل حيث كانوا يحكّمون عقولهم في جميع أمورهم التجارية والعسكرية وهذا جعل منهم مجموعة تتميز بالحكمة والروية في معالجة الأمور وحسن التصرّف عندما تضيق بهم الحياة.
وكانت الزبير التي تقع في غربي البصرة أول منافذ العقيلات إلى الخارج والتي هي بوابة نجد إلى الخارج وطريق القوافل من نجد إلى الأحساء ثم الشام وكان لتشابه جوّها وتربتها وطبيعة السكن فيها مع ديار العقيلات في نجد أثر هام في تهيئة الإستقرار لهم فيها، كذلك وجود الزراعة والكلأ لرعاية الأغنام والإبل جعل المال يكثر عندهم وتزداد التجارة ويعمّ الترف والنعيم بينهم من الحليّ والثياب الجميلة والنعمة الظاهرة عليهم.
وكانت الدولة العثمانية ترحب برجال العقيلات لوجود مايميزهم عن غيرهم كالشجاعة والإقدام والكدح في طلب الرزق، كما كانوا يدافعون عن البلاد التي يسكنونها. كما كانت الدولة العثمانية تستعين بهم في الدفاع عن الديار وتعينهم جنود محليين بل كانوا العمود الفقري لجنودها تستشيرهم في أعمال الحروب وتأخذ برأيهم في كل نائبة، كذلك كان رجال العقيلات الذين في الشام هم روّاد التجارة واستمروا يحملونها ويسوّقونها سنوات طويلة. وكانوا يشترون الإبل والأغنام والأنواع الأخرى من الماشية من شمر والعمارات والحجاز إلى الشام ويبيعونها. كذلك كان رجال العقيلات العاملون لدى الأشراف بالمدينة المنورة وماحولها يستعين بهم الأتراك في حروب الشام أمثال ابن دغيثر وابن دخيل وغيرهم.
يقول فيهم عبدالله بن زايد الطويان (رجال في الذاكرة)(1) (ذلك أن العقيلات رحمهم الله جميعا كانوا مدارس متنقلة بالإضافة إلى تجارتهم كانوا جيوشا يدافعون عن مصالح الأوطان، وكانوا أهل فضل وريادة في العطاء للبلاد التي يمرون عليها أو يقيمون على أرضها).
كما كانوا يساهمون بكل الأنشطة التجارية والعمرانية والعسكرية والإجتماعية في البلدان التي يقيمون فيها.
من تلك الأنشطة: مدينة (الخميسية) بالعراق التي أنشأها عبدالله بن صالح الخميس عام 1307هـ وكان أميرا عليها. كذلك إنشاء صوب عقيل في بغداد الذي كان ينبض بالنشاط. كذلك أنشأوا جامع الخنيني بالعراق الذي يعتبر معلما من معالمها وصرحا يؤدي رسالته الإسلامية ومكانا لاجتماع المسلمين يؤدون فيه مشاعرهم ويحلون فيه مشاكلهم ويتواصلون فيه. ولاننسى أوقاف الروّاف في بغداد التي لها الأثر الواضح في تطوير مدينة الزبير ومدينة البصرة. وسوق الشيوخ الذي يغص بالحركة التجارية. وكذلك الميدان الواسع في الشام الذي كان لهم دور فيه. ومن أنشطة العقيلات المشاركة في حفر قناة السويس وكان لهم دور هام في حفز همم الرجال ووبث الحماس فيهم لإنجاز هذا المشروع الحيوي الذي سوف يعود بالنفع والفائدة لدولة مصر.
أما الأنشطة الثقافية للعقيلات في الخارج فهو إنشاء صحيفة (الرياض) المشهورة في بغداد التي أنشأها ويقوم عليها سليمان الدخيل عام 1910م. كذلك أصدر مجلة (الحياة) في بغداد والتي كانت منبرا إعلاميا هاما في تلك الناحية.
أما في المجال العسكري: فقد كان العقيلات يشاركون إخوانهم العرب والمسلمين في حروبهم وفي صد العدوان عنهم ويدافعون عن ديار أخوانهم المسلمين، مثل معركة ميسلون التي قادها البطل ناصر بن دغيثر بالشام ضد الفرنسيين الذين جاءوا لاحتلال سوريا وأبلوا فيها بلاء حسنا وكانت لهم فيها بطولات أشاد بها المواطنون السوريون. كما اشترك العقيلات في الحروب التي دارت رحاها في فلسطين بجانب إخوانهم هناك. كذلك شاركوا في توحيد البلاد السعودية مع الملك عبدالعزيز أثناء جولاته لتوحيد المملكة.
والعقيلات يملكون اصطبلات ومرابط للخيول خاصة بهم في البلدان التي يرتادونها مثل العراق والشام ومصر. ولهم مشاركات في سباق مضمار الخيول في مصر عام 1320هـ وبرز منهم مجموعة من الخيّالة والمدربون المهرة مثل: عبدالله أبا الخيل، وصعب التويجري، وعبدالرحمن العجلان، وعبدالعزيز السابق، وحمود المطلق.
وللعقيلات مجموعة من الأمراء اشتهروا بينهم بالفضل والصلاح والحكمة والكرم يتوزعون في البلدان التي يذهبون إليها وهؤلاء الأمراء عادة تكون بيوتهم مفتوحة للجميع من العقيلات، ومنهم: محمد بن عبدالله البسام، محمد بن أحمد الرواف، ابراهيم بن سليمان الجربوع، ابراهيم بن علي الرشودي، حمود بن عبدالله البرّاك، صالح بن سليمان المطوّع، ابراهيم بن عبدالرحمن الشريدة، عيسى بن رميح الرميح، فوزان بن سابق الفوران، محمد بن علي الشويهي، مسلم بن ابراهيم الفرج، ناصر بن عبدالله الصبيحي، حمود بن عبدالله النجيدي، عبدالله بن صالح المديفر. ويذكر الطويان بأن هؤلاء من سادة العقيلات.
كذلك كان منهم قادة عسكريون مثل: ناصر بن علي الدغيثر،عبدالله المكيرش، فهد بن عبدالله الوهيبي، فهد الشارخ، محمد بن رشيد البلاّع، ناصر الروّاف، عبدالله بن عيسى، مبارك الدغيثر، منصور الشعيبي، محمد ابن عقيّل، سعد السكيتي، صالح بن جليدان، ناصر بن حمود، محمد بن صالح المرشود.
وقد ألف الأستاذ ابراهيم المسلم كتابا كاملا عن العقيلات. كما تحدث عنهم الباحث محمد بن ناصر العبودي في كتابه الأمثال العامية في نجد. والدكتور حسن الهويمل تحدث عنهم بإسهاب في كتابه عن بريدة.
\.