يا أخي..
لقد أطلقت العنان للسانك الذي أورد الناس المهالك والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لمعاذ بن جبل رضي الله عنه عندما سأله قائلاً:
( أنحن مؤاخذون بما نقول يارسول الله: فقال ثكلت أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على مناخرهم، أو قال على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم !)
أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية أخرى قال معاذ رضي الله عنه: يا رسول الله أوصني قال : أوصيك بلسانك. قال: يا رسول الله أوصني، قال : ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس على جهنم إلا حصائد ألسنتهم ).
يا أخي لقد تحدثت عن مجتمعات فيهم من الرجال والنساء من لو أقسم على الله لأبره ونحن نعلم ذلك ونعرفهم بأسمائهم..
فمن أنت ؟
منهم من عبد الله حق عبادته وتفرغ للقرآن وتعليمه الناس قد باع دنياه لدينه..
فماذا عملت ؟
فيهم من يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر قد فتح الله عليه من واسع فضله فأستعمل هذا المال في دعم الأرامل والمساكين حتى أصبح بابه مفتوح للفقراء والمعوزين..
فماذا فعلت أنت ؟
سأتحدث عن مجتمع واحد من هذه المجتمعات لأني أريد أن أعطي القارئ صورة مغايرة للصورة التي قد تلوثت فيها يدك من افتراءك على هذه المجتمعات..
لقد عرفت وعشت في مجتمع مترابط يغلب عليه التمسك بالدين وطاعة الله ورسوله، وأداء فرائض الله دون أي تزمت أو انغلاق كما تزعم في كلامك.
إلا إن كنت تزعم أن طاعة الله وآداء أركان الدين وواجباته وسننه هذا من التزمت والانغلاق فهذا شيء آخر..!
لقد عرفت التليفزيون منذ خرجت على الدنيا عام 1405هـ وكان جيرانُ لنا كذلك بل أن لديهم تليفزيون أشبه بالبلازما القديم الذي لا يستطيع حمله ثلاثة أشخاص.
أسألك.. من متى تعرف السفرات لمكة والمدينة وجدة وأبها وغيرها من مدن المملكة ؟
يا أخي كنت أعرف هذه المدن وأسافر لها من عام 1411هـ .
فمن متى تعرفها أنت..؟
إن كنت كما قلت في كلامك أنهم منغلقين.. فلماذا كان أغلب الشباب يُكملون دراستهم في بريطانيا وأمريكا ؟
فمنذ عام 1407هـ وهم يذهبون وأنا مستعد أسرد لك أشخاص كُثر، بل اذهب إلى الجامعة وأسأل من هم عُمداء الأقسام ورؤساءها لكي تعلم من هم رجال الأرياف الغربية.
المشائخ وتجار بريدة ومدراء الدوائر أغلبهم من الأرياق .
أسألك من متى تعرف جواز السفر ؟
فنحن عرفناه لأكثر من 15 سنة وسافرنا لبلاد قريبة وبعيدة لم تعرفها إلا قبل سنوات قليلة وأنا أجزم بذلك.
بل إن بطاقة المرأة أخرجناها قبل أن تعلم أن هناك بطاقة للمرأة..
وللمعلومية فإن الانفتاح الذي تزعم أنه انفتاح لم تعرفه بريده إلا بعد عام 1414هـ بعد أن بدأت الحكومة بإلغاء المحاضرات أو التقليل منها والتضييق على الدعاة وعلى حلق القرآن وغيرها.
يعني حتى بريده كان الوضع فيها ليس ببعيد عن الأرياف فهما على منهج واحد بالضبط. فقد درست في أحد ثانوياتها عام 1414هـ وكان فيها المشائخ وكان التشدد من حيث اللبس فالثوب الطويل ممنوع، والشعر ممنوع، ولابد أن تأتي بورقة من معلم الحلقة حتى تنجح في القرآن، والحديث لابد أن تحفظ متون خارجه عن كتاب الوزارة. فالشيخ يأتي بمذكرة ويقرها علينا بمباركة من المدير فكان نهج الكثير من مدارسها في تلك الفترة يغلب عليها التشدد.
فأين أنت من افتراءك على هذه الأرياف بأنهم متشددين وأنت لا تعلم عن التشدد الواضح في بريدة وأريافها ( وأنا لا أعتبره تشدد بقدر ما يُطلق عليه التمسك بقال الله وقال رسوله )
فهل هذا يعيب المجتمع ؟
ولتعلم أن هناك من الأسر في وسط بريدة من لم يُلحق أبناءه بالتعليم النظامي ( المدارس ) وهم كُثر، أما في الأرياف فهم قلة ومجتمعي كافة ليس فيه إلا عائلةٌ واحدة فقط. بل إن 90% منهم جامعيين إن لم يواصلوا دراستهم.
ولتعلم أن الفرد في المجتمع الريفي دائماً واضح في كل شيء، على عكس المدن وهذا قد أقره علماء النفس والاجتماع وأقريناه نحن بتعاملاتنا.
أضرب لك مثال من جملة أمثلة :
في بريدة المجتمع منغلق على بعضه سابقاً أما الآن فقد تغير عن السابق،
فالشاب حتى وإن لم يُعجبه أمر والده وإخوانه في التدين، فهو ملزوم بأن يسير على خطاهم( شكلياً )، فبمجرد ما يبتعد عن أهله وأقاربه وأبناء حارته ومجتمعه إلا وتراه مغايراً للصورة التي تشاهدها على مظهره.
فقد رأيت قبل عشر سنوات في الخارج من هيئته هيئة الملتزم وهو يُمسك الخمرة في يده بالشارع وقد يأتي لوحده حتى لا ينكشف أمره لأهله ومجتمعه، وهناك من تعرفت عليه هناك ويقول ( لا يدري أحد واستر على ما واجهت ) ومنهم والله من يكونوا أبناء مشائخ.
أما أهل الريف فهم دائماً واضحين، يعني إن غالبهم إن كان مدخناً فهو يُعلنها، ولا يُظهر عكس ما يُبطن ولست أتكلم عن شواذ في كلا الحالتين.
وعموم القول.. أرجو ألا تكون إنساناً سماعياً لأنك حينها سوف تفشل في جوانب حياتك كلها..
فلا تتحدث إلا بما ترى أو بأناس تثق فيهم وهم مصدر الحدث..
أما سواليف الاستراحات والقال والقيل فصدقني أنك لست ملزوماً بها ونقلها إلى الناس لأنك مسئول عن كلامك أما الله خاصةً أنك قذفتهم في شيء يمس الدين وهذا والله عظيم فأربأ بك وأشفق عليك أن تكون من الخاسرين.
فعليك أن تُدرك نفسك فاليوم عمل بلا حساب وغداً حسابٌ بلا عمل،وأعلم أن كل مجتمع فيه الطيب والخبيث.
وو الله أني أحب لك ما يُحب المسلم لأخيه المسلم فهذا ليس رد بقدر ما أريد أن أعطيك الصورة التي عشتها وتعايشت معها وليس من فلان وفلان.
ونحن نحب المسلم ونحب له الخير في أي مجتمعٍ كان، ولا نفرق بين أحدٍ منهم فالحب في الله والبغض في الله أمر مهم في عقيدتنا الإسلامية.
ولإنسان غير ملزوم بأن يُطلق العنان للسانه بأن يتكلم بأعراض العباد وبكل ما يسمع، فالشخص لا يكون محترماً في مجتمعه إلا عندما ينطق جمالاً أو يصمت.
ولست ملزوماً ولا مُحاسباً لخلق الله حتى أتكلم بما ليس لي فيه شأن..
والسؤال الذي دائماً نطرحه على أنفسنا..
من نحن حتى نزدري الناس أو ننتقص منهم أو حتى ننتقدهم ؟
صدقني أن من هذا ديدنه فهو أقل منهم.
فعلينا أن نُصلح أنفسنا وننظر لعيوبها ونترك الناس وعيوبها..
بارك الله فيك وأصلح لنا ديننا ودنيانا
ربي يحفظك،،،