عرض مشاركة واحدة
قديم 12-08-10, 06:34 pm   رقم المشاركة : 2
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

الوقفة الثانية : ثنائية اليهود والنصارى .

قال الله تعالى : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}
(113) سورة البقرة
كلنا نعرف المعلومة التي تقول : آية صَدَقَ فيها اليهود والنصارى , وهي تعني هذا الآية الكريمة , فاليهود يقولون : إن النصارى ليسوا على شيئ في دينهم , والنصارى يقولون : إن اليهود ليسوا على شيء في دينهم .
وقد تأملت هذه الآية جيداً فوجدتُ أن هذه المعلومة يشوبها شيء من عدم الصواب , وذلك أن سياق الآية يدل على أن الله
تعالى قد ذمهم على هذا القول بقوله :
" وهم يتلون الكتاب " ثم عقب على ذلك بقوله : " كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم "
فمن قال مثل قولهم فهو من الذين لا يعلمون .
وقد رجعت إلى التفسير فوجدت مجاهداً رحمه الله يقول بهذا القول , ويفسر لنا هذه الآية تفسيراً يتضح فيه الإشكال .
قال مجاهد رحمه الله :
" قد كانت أوائل اليهود والنصارى على شيئ , ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا " وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ " قال : بلى , قد كانت أوائل اليهود على شيء , ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا "
تفسير ابن كثير : 1 / 206 .
فمجاهد رحمه الله , بيّن أن أصل دين اليهود والنصارى كان شيئاً , ولكنهم تفرقوا وابتدعوا في الدين .
وحينئذ فهم على صواب من جانب , وعلى خطأ من جانب آخر .
فهم على صواب حين ذكروا أن دين اليهود والنصرانية ليس على شيء , وخاصة بعد مجيء الإسلام , ويؤيده ما جاء في بعض الروايات أن الآية نزلت في نصارى نجران حين جاؤوا المدينة فاختصموا مع أحبار يهود المدينة فقالت كل طائفة مقولتها .
وهم على خطأ لأن أصل الديانتين على شيء , ولكن كل طائفة كفرت بالأخرى تكذيباً لما جاء في كتبهم المنزلة , ولهذا بين سبحانه أنه سيحكم بينهم يوم القيامة فيما اختلفوا فيه
" فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ "
وحين تأملتُ الحزب الثاني من الجزء الأول وجدت هناك ثنائية بين اليهود والنصارى يتحدون بينهم إذا كانوا ضد الإسلام , ويختلفون إذا كانوا مع بعضهم .
من اتحادهم قوله تعالى :
{وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}
(111) سورة البقرة , فجعلوا الجنة خاصة باليهود والنصارى , وبين سبحانه أن هذه أمنية من أمنياتهم .
والطائفتان حين يجعلون الجنة خاصة بهم فهو يخرجون المسلمين أتباع محمد صلى الله عليه وسلم منها ,,, ساء ما يحكمون .
وقال سبحانه :
{وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}
(120) سورة البقرة .

فبين سبحانه أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنه حتى يتبع ملتهم , فجعلَ ملة اليهود والنصارى واحدة
( ملتهم )
بالإفراد , إما لأنهما متقاربتان في الضلال , وإما لأن اتباع إحدى الديانتين خروج عن الإسلام , ويكون بهذا تساويا في الحكم , بمعنى أنه لا فرق في الدين الإسلامي أن تكون يهودياً أو نصرانياً إذا أنت لم تكن مسلماً , فمِلَّةُ الكفر واحدة .

وقال تعالى :
{وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
(135) سورة البقرة
فبين سبحانه رغبة أهل الكتاب لإخراج المسلم عن دينه , بأن يكون يهودياً أو نصرانياً , لا فرق عندهم , المهم أن تخرج من دين الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام .

وهنا نجد الثنائية التي أشرت إليها في العنوان بين اليهود والنصارى , وكأنه لا خصم للمسلمين إلا هؤلاء , وهو ما يؤكده الواقع , فلا دين ولا أمة تحارب المسلمين حالياً إلا وتدين إما باليهودية أو النصرانية , ولهذا جاء التحذير الصريح منهم بقوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}
(51) سورة المائدة .
ولهذا جاء التحذير من اتباع صراط اليهود والنصارى مكرراً في صلاة المسلم كل يوم يقرؤها في كل ركعة :
" غير المغضوب عليهم ولا الضالين "
. والمغضوب عليهم هم اليهود , والضالون هم النصارى كما هو معلوم في التفسير .

فاليهود والنصارى ما داموا ضد المسلمين فهم ملة واحدة , ينصر بعضهم بعضاً , ويجامل بعضهم بعضاً كقوله تعالى : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم }
(18) سورة المائدة .

أما حين يكونون متقابلين فهم أعداء فيما بينهم
: " وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ ".
والله تعالى أعلم .







رد مع اقتباس