عرض مشاركة واحدة
قديم 14-08-10, 06:10 pm   رقم المشاركة : 11
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

الوقفة الرابعة : مقارنة بين المسلم والكافر , وإعجاب المسلم بالكافر :
قال الله تعالى : {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (221) سورة البقرة
لن أتحدث عن تفسير الآية , فمعناها واضح , وهو تحريم زواج المسلم من الكافرة , وتحريم زواج الكافر من المسلمة , والكلام فيه تفصيل عند أهل العلم , ولكني أحب أن أشير إلى نقطتين لاحظتهما في هذه الآية :
الأولى : إثبات خيرية المؤمن على المشرك , وأنه لا مقارنة بين المؤمن والمشرك بالله في التفضيل , فالأول أفضل وأكمل , " وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ " " وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ " ومثل ذلك قوله سبحانه : {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ , مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} ( 35 , 36 ) سورة القلم , وكما قال تعالى : {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ} (18) سورة السجدة .
فإذا كان المؤمن والفاسق لا يستويان , فالفرق بين المؤمن والمشرك من باب أولى .
ولهذا نعلم أن تشدق كثير من الكتاب والناهجين منهج العقلنة والعصرنة بأن الإنسان أخو الإنسان وأنه لا فضل لأحد على أحد , فكلاهما في الإنسانية سواء - مخالفٌ لمنهج كتاب الله تعالى , بل جاء المعيار الحقيقي الذي تتفاضل به الإنسانية : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } (13) سورة الحجرات .
ولأن النص القرآني محكم عظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , فقد جاء التعبير بلفظ الإيمان " ولعبد مؤمن " ولم يأتِ بلفظ الإسلام , لأن الإيمان يشمل الإسلام الظاهر , ويشمل الصدق الباطن الحامل على التقوى والأمانة والنزاهة , فالمسلم إذا بلغ منزلة الإيمان فهو أفضل عند الله تعالى , وأفضل للناس من الكافر المشرك بالله واليوم والآخر .
وأختم هذا بقوله تعالى في سورة البينة حين جعل المشركين شر البرية , وجعل المؤمنين خير البرية :
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ , إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} (6-7) سورة البينة .
الثانية : أن المسلم قد يُعجَبُ بالكافر , وهذا ليس فيه بأس للوهلة الأولى , بشرط ألا يحمله هذا الإعجاب على تفضيل الكافر على المسلم إلا بأمور دنيوية لا يتقنها إلا الكافر .
ومحل هذه الملاحظة قوله تعالى : " وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ " " وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ " والضمير يعود في الأولى على المشركة وفي الثانية على المشرك , حيث بينة الآية أن المشرك قد يُعجِبُ المسلم إما بشكله أو بعمله أو بأي شيء آخر .
ولم تنفِ الآية هذا الإعجاب , ولم تمنعه , وإنما منعت الزواج بين المسلم والكافر , وحينئذ فإعجاب المؤمن بالكافر إذا لم يحمله على مخالفة شرعية فليس محل نظر شرعي , بل جاء الشارع بإثباته وافتراضه .
فنرى هنا أن القرآن منع تقديم مصلحة الإعجاب على مصلحة مصاهرة المسلم مع المسلم , أما إذا لم يتصادم الإعجابُ مع ما هو أولى منه فلا بأس فيه , والله أعلم .







رد مع اقتباس