عرض مشاركة واحدة
قديم 13-08-10, 06:02 pm   رقم المشاركة : 10
عبدالله صالح العميريني
الله يقدس روح صاحب هذا الحساب في جنات النعيم
 
الصورة الرمزية عبدالله صالح العميريني





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : عبدالله صالح العميريني غير متواجد حالياً

الوقفة الثالثة : الصوم والدعاء :
قال تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} , والدعاء هو العبادة , وقد جعل الله تعالى الحديث عن الدعاء في ثنايا الحديث عن الصوم , مما يدل على صميم العلاقة بين الصوم والدعاء , وقد صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد " حديث حسن ذكره ابن حجر العسقلاني في الفتوحات الربانية , وأخرجه ابن ماجة في سننه , والمنذري في الترغيب والترهيب .
وجاء في حديث آخر : " ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حين يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم " أخرجه أحمد في مسنده , والترمذي , والمنذري في الترغيب والترهيب , وصححه أحمد شاكر رحمه الله , وحسّنه ابن حجر .
والحديث حول فضل الدعاء طويل , وقد كتبت فيه المصنفات , ولكني أشير إلى بعض النكت العظيمة في هذه الآية الكريمة
ومن ذلك :
1. أن الله تعالى صَدّر الآية بالظرف : إذا , وهو ظرف لما يُستقبل من الزمان , واسم شرط غير جازم , يفيد حتمية وقوع الشرط وجوابه , فالسؤال عن الله تعالى أمر واقع لا محالة من الأمة , والجواب الشافي الكافي هو في هذه الآية .
2. جعل الله تعالى السائلين عنه عباداً له , بل أضافهم إلى نفسه إضافة تشريف , وأي شرف أعظم من أن يسميك الله تعالى عبده كما قال سبحانه : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1) سورة الإسراء .
3. جاء جواب الشرط مصدراً بالفاء الرابطة الجوابَ بشرطِه تقوية وتمكيناً , وبعدها حرف التوكيد ( إن ) ( فإني قريبٌ )
4. جاء خبر ( إن ) لفظاً واحداً دالا على المعنى من جميع جوانبه : ( قريب ) , وأي شيء أعظم من قرب الله تعالى للعبد حين يدعوه .
5. الارتباط الوثيق بين القرب وبين استجابة الدعاء , فليس هناك فاصل بينهما , فالقرب يقتضي إجابة الدعاء مباشرة ( قريبٌ أجيبُ ) لا فواصل ولا وسائط , الإجابة فورية وسريعة .
6. ولكن يجيب مَنْ ؟ إنه يجيب دعوة الداعي بشرطين : الشرط الأول : أن يقوم بالدعاء , والشرط الثاني : أن يكون دعاؤه خالصاً لوجه الله , فلا يدعو إلا الله " دعوة الداعِ إذا دعانِ " فالشرط الأول : مأخوذ من : ( دعوة الداعِ ) والشرط الثاني : مأخوذ من ( إذا دعانِ ) , والجملة ( إذا دعانِ ) تستلزم الشرطين معاً , ولكنه أعادها ليبين عظمة الإخلاص في العمل والدعاء , فكأنه قال سبحانه : أجيب دعوة الداعي بشرط أن يدعوني أنا وحدي , ولا يدعو معي غيري . كما قال سبحانه : {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} (20) سورة الجن .
فالآية العظيمة تدل على أن إجابة الدعوة حاصلة بشرط وجود الدعوة بإخلاص , ولهذا روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله : " والله إني لا أحمل هَمَّ الإجابة , ولكن أحمل هَمَّ الدعاء " , وقد أخذ الفاروق رضي الله عنه هذا المعنى من هذه الآية حين فهم أن ربه تبارك وتعالى وعده بالإجابة بشرط أن يقوم بالدعاء مخلصا لله تعالى .
7. ثم ختمت الآية بأمر الله تعالى لعباده بأن يستجيبوا له فيدعوه ولا يستكبروا عن دعائه {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (60) سورة غافر , وأمرهم أن يؤمنوا بوعده وأنه سبحانه سيجيب دعواتهم , وفي ذلك رشدٌ لهم وفلاح الدارين " فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ "

والله تعالى أعلم
.






رد مع اقتباس