بعضُ الألقاب الشخصية - التي وهبها الله لأحدٍ من عباده - هي كالعلامة التجارية ، لو طرحتْ للبيع بالمزاد العلني لَدُفِعَ لها ثمنٌ عالٍ ، ولبيعتْ بأغلى الأثمان ، ومن هذه الألقاب ، لقبٌ شاع في بريدة ، وغلب على اسم صاحبه ، حتى طغى عليه.
هذا اللقب هو ( امهجوج ) فيا ترى من هو امهجوج هذا ؟ ولماذا لقب بهذا اللقب الأنيق ؟ امهجوج علم ٌ على أحد مشاهير الكرم ، وبيوتات الجود في بريدة ، لايعرف عندالعامة - فضلاً عن الخاصة - إلا بهذا اللقب ، اكتسب هذا اللقب ؛ لأن بابه مفتوح ليلاً ونهارا ، وكما تقول العامة لمن فتح ( قهوتَه ) للناس ( شبّاب نار ) كناية عن كرمه .
إذا رأى صاحبنُا أحداً ، دعاه إلى بيته بهذه الكلمة الجميلة ، وكأنه يشير إلى باب بيته ، والمقصود بقول صاحبنا عند دعوة ضيوفه (امهجوج) هو باب بيته ، والعامة نقلوا هذا المصطلح إلى صاحب البيت .
ما أغلق بابه حتى مات رحمه الله ، يرتاده المقيمون والغرباء، وكأن بيتَه ميقات لمن جاء لبريدة من جهة الجنوب .
منَّ الله عليه ، فنسأ له في أثره ، فعاش مخضرماً بين القرنين الهجريين الثالث عشر ، والرابع عشر ، أدرك ثُلُثَ القرن الثالث عشر فعاش فيه طفولتَه ، وريعانَ شبابه ، ومتعه الله بالقرن الرابع عشر ، فأدرك ثلاثة أرباعه ، وسمع آخرون بسيرته في القرن الخامس عشر .
ولد في بريدة في حدود سنة 1265هـ ، وتوفي - معمراً - في سنة 1375هـ ، البعض يعرف أن (مهجوج) أحد أعلام أسرة ( آل أبوعليان ) والكثيرون خفيَ عليهم ذلك ، صاحبنُا ( امهجوج ) هو صالح بن محمد بن يحيى الدباسي ، من آل أبوعليان ، من العناقر ، من بني سعد ، من بني تميم .
خرج من بريدة سنة المليدا 1308هـ ، واشترى ملكاً في ( رواق ) - جنوب بريدة - وسكنه ، وأصبح مؤذناً في جامع رواق ، اشتهر بالكرم ، حتى شاع ذكره في بريدة ، وما حولها ، حتى قال أحدهم لآخر : ( ماك مثل قهوة مهجوج كلن يشربه ) .
تقابل رجلان من أهل الخبوب الغربية في بريدة ، وقداشتهيا القهوة ، قبيل آذان الظهر وكانا يُمَنِيان نفسيهما بتناولها ، فلم يستطيعا إلى ذلك سبيلا ، فقال أحدهما للآخر : ( ماهنا إلا مهجوج خلنا ننحدر عليه ترا بابه امهجوج ) فقررا الذهاب إليه ، فألفياه خارجاً إلى المسجد ، يريد الآذان لصلاة العصر ، فلما رأهما ، صاح بهما مستعملاً كلمته المشهورة ( اقلطوا ) الباب ( امهجوج ) .. فمنحه الناس بهذه التحية لقباً جميلاً يدل على أن قهوته ( والمة ) في كل لحظة .
له أربعة أبناء منهم سليمان بن صالح الدباسي ،المعروف ب ( شعيل ) من الذين يشار لهم بالبنان بالقوة والشجاعة في بريدة ، ومحمد وعبدالله وعلي . فقد ( امهجوج ) بصره في آخر عمره ، وهو على حاله التي قضى عمره عليها ، مرحباً ومتهللا ومستقبلا لضيوفه ... رحم الله صالح الدباسي .. ورحم الله ( امهجوج ) وأصلح الله له ذريته . كتبه / عثمان بن علي الهبدان - بريدة الاثنين التاسع عشر من ربيع الثاني سنة 1441هـ .