نزلت هذه الآية التي فيها العتاب الرباني بعد ثلاثة عشر عامًا من بدء نزول القرآن وهذا العتاب كما تنزَّل على الأئمة الكرام والصحابة العظام، فنحن أحرى وأولى به بعد تطاوُل هذا الزمان، نعم تنزَّل هذا القرآن معاتبًا لبعض الصحابة ، وهو عتاب المحبِّ لأحبابه، هو عتاب من الله للمؤمنين و للقلوبهم هو القرآن العظيم الذي لو أُنزل على جبل، لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله، فقلب المؤمن أولى بهذا الخشوع من هذه الجمادات التي تُعظِّم القرآن حقَّ تعظيمه، والله ضرب لنا المثال بهذه الجبال الشُمِّ الراسيات: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 21]. فمن سمِع القرآن الكريم ولم يحضر قلبُه، ولم تدمع عينُه، ولم تخشع نفسُه - فإنه ينبغي أن يراجع نفسه، فهو على خطر عظيم أن يسمع القرآن ولا يُحدِث عنده تغيُّرًا، ولا يحمله على الاستقامة، هذا مؤشر عظيم على أن ثمة خللاً وهو الران الذي أحاط بالقلب؛ ﴿ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [المطففين: 14] اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين