الرجُل الذي أفطر في نهــار رمضـــان..!!

[لمبـة شارع]

[align=center]




أسوأ ما يمكن ان يمر بك بعد الامساك بنصف ساعة...
هو ان يطلق سنّك المعطوب صفارات الإنذار معلنا البدء بخرم دماغك ...


ولأني أغبى مُتذاكي عرفه تاريخ الحمقى ...

فقد حاولت ايهامه اني لم أشعر به..

لقد تجاهلته وتوجهت الى فراشي في الوقت المعتاد...!!

ياله من زائر خبيثٍ لعين..!!

ذلك الألم الذي يحيل رأسك الى ورشة حدادة بلاترخيص....

صارت الساعة السابعة ولم أنم...


خرجت باحثا عن رجل الستة ملايين حسنة ...

المحطوط عنه ستة ملايين خطيئة..

خرجت باحثا عن ذلك الرجل الذي لا يوجد في العالم غيره تلك الأثناء...


كل الابواب مقفلة....


بمافيها ابواب ورش الحدادة التي انتقلت جميع اعمالها وعمّالها وعددها الى فكي الأسفل...

يا الله...

يقولون ..لا هَمّ إلا هم العرس!!


ولا وجع إلا وجع الضرس!


لا أدري لماذا لا يجربونه عقوبة للمفسدين في الأرض ومهربي المخدرات!!

بدل أحكام الإعدام الرحيمة...


حتى قسم الطواريء في المستشفى لم يستطع خدمتي بأكثر من عرض ترويجي يشمل حبة بندول ...في تلك اللحظات العصيبة من تاريخ ألمي..

قال لي الموظف المناوب

إذهب الى مراكز طب الأسنان...ربما تجد طبيبا مناوباً

الحق ياجماعة أني كنت مستعدا لمعانقة أي سمكري يحمل في يده أداة العودة الى الحياة ......الزرادية !!


مستوصفات الاسنان في المدينة تحولت كلها الى خزائن بواجهة زجاجية محكمة الاغلاق...


قيل لي أنك لن تجد طبيباً قبل العاشرة صباحاً !!

يا الله...

يال خيبتي !!

حتى طبيبي الذي كنت ابرمت معه اتفاقا قبل سبعة اشهر على عمل الحشوة وتناسيته قيل لي أنه لن يحضر قبل الثانية عشرة !!


يال أيقونة البؤس!!


لقد ضاقت بمارحبت !!


رغم انها لم تكن رحبة...

ولا ضيقة...

ولكن ألم الضرس شديد !!


عدت الى البيت في الثامنة والنصف خائبا منكسرا حسيرا !!

قالت لي بنبرة ممزوجة بالرأفة والشماتة : قايلتن لك قبل تطلع ...مالك إلا بروفيــــــــــــن!!

صدقني ..حالتك هذي هي نفس حالتي قبل عشرة ايام !!

درنا ودرنا ودرنا...ورجعنا الى ذلك الدرج في الثلاجة الذي يحوي تلك الألماسة الحمراء !!



_ أي إفطر ياشيخة..!!!؟؟

لا عطش ولا جوع ..ولا رغبة بأي شيء غير زرادية ومعلم حدادة !!

_ خذ بس ولاتشغلنا ..!!

..أسوأ شيء عندما تتنازعك الرغبات !!

منظر ألماسة البروفين بعد أن وضعَتها فوق ورقة بيضاء... يشبه منظر زوجتي في احسن حالات الرضى!!


غادرتْ الى فراشها وتركتني وحيدا اخوض المعركة على صوت هدير ماطور الثلاجة ..الذي كان اروع موسيقى تصويرية تصاحب المشهد...


يالمبة !!

كل أمة محمد صايمة وأنت مفطر !!؟؟؟

وش عايش له أنت إذا ماصمت !!

باقي ساعة ويفتح المستوصف !!

ولافيك لاجوع ولاعطش !!

_ لاتهتم !!

أنت معذور !!

_ إسكت يا خبيث !!

هل تريد ان تحرمني فرحة الافطار مع المسلمين ؟؟؟

أنت ألعن من يهوديٍ ٍ رضع الربا مع حليب أمه الزانية

_بكيفك ..الحبة قدامك ...تبغاها خذها ...

وإلا مت ياحمار لين يفتح المستوصف..!!

هكذا كان يوحي إليّ زخرف القول غُرورا...


إستجمعت كل خبراتي وبزعاتي وتعالماتي وغروري الفقهي وقررت الانعقاد حالا لاستصدار فتوى شرعية لموجهة الأزمة...

إنفضت الجلسة على صوتها وهي تقول:

إلى هالحين ما أكلت الحبة !!؟؟

يابن الحلال أخلص أغديك تقدر تنام...

وفي لحظة ضعف ...

وتصاعد في المشهد !!

واحتباس انفاس كل الجمهور على المدرج !!



قررت الإنتحار !!

نعم..!!

لقد خرجت من سرب المليار مسلم هذا اليوم !!


لم تتجاوز أدوات الجريمة ما مجموعه ربع كأس من الماء.

والألماسة الحمراء من عيار بروفين دايموند..!!

وشيءٍ من حزن ٍ


وألمٍ كثير...




ولأن قرص البروفين الحقير يحتاج الى قريب من ساعة ليبدأ بالبث



فقد خرجت من جديد..ولم اتوقف إلا عند مستوصف الحي !!


انتظر مجيء مَن إطلالته تعادل بهاء العالم ومثله معه ..




وعندما جاء

قال لي بكل تحقير..:

وفطرت ليـــــــــــــــه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

مانتا كان ممكن تروح اي صيدليا وتاخوز ابرة فولتارين وهيّا مابتفطرش وعشر دقايق ويروح الألم...!!

في تلك الاثناء ..

وبينما كان يلقي إلي بنظراته النيزيكية الحارقة ..

ظهرت امامي تلك العلبة الصفراء الفاقع لونها في درج الادوية في الثلاجة..

والتي كانت تحوي أوكسير الفولتارين الغير ناقض للصيام!!



خرجت بعد مسكـّن موضعي وحشوة مؤقتة ومنظر علبة الفولتارين في الثلاجة لايفارق خيالي !!!







العبيط أهوه ..العبيط أهوه ...

احرقوا هذا المجرم المفطر في نهار رمضان !!

إجعلوه عبرة لكل من تسول له نفسه التفريط بيومٍ من هذا الموسم الذي لمثله تُحيا الحياة !!



هكذا تخيلت الناس والمارة الذين صادفتهم في الطريق وانا عائد الى البيت ..أجر خيبتي ..وحزني ...وسفاهتي ....وتفاهتي...وشيءٍ من ألم قليل !!!


لم أقل خذوني...

ولكني كنت مريباً.!!

ياله من شعورٍ يشبه شعور انهيار سوق الأسهم عند مضاربٍ معتوه !!


كانت عبارات العزاء من تلك الجالسة تنتظر.. أبلغ تعبير عن عِظم جنايتي هذا اليوم ..!


عندما عقدوا مائدة الافطار ...


كنتُ أكبرَ خاسرٍ في سوق الأسهم














قاتل الله ألم الضرس ياجماعة !!

في وجهي الآن قُـبّــةُ ُ فكيــة تشبه القبب الفلكية اسماً وشكلاً...

هي آخر منتجات ورشة الحدادة التي انعقدت في رأسي ..

بعد ان أبلغني الطبيب هذه الليلة ..أن ثمّة خُرّاج..والتهاب في اللثة اسفل الضرس..


تقبّل الله تعازيكم...[/align]