بسم الله الرحمن الرحيم
قبل مُدةً من الزمان .... وفي أحد الأيام إتصلت على أحد الأقارب واتفقت معه على أن آتي لأتبضع من "مبسطه"
إتجهت للسوق ودخلت إلى المكان الذي خرجت منه القصص الأسطورية والروايات الملحمية لأناس قضوا على الظروف وليس هذا وحسب بل جيروها لصالحهم,!
(قيل عنهم عصاميين!!)
دخلت للسوق وأخذتُ أنظر نحو اليمين تارة وتارة أخرى ناحية الشمال,!!
ليس إستغراباً بقدر ماهو تساؤول... وهو لماذا لم آتي إلى هنا ؟؟
ولماذا لم أعمل هنا؟
ولماذا ولماذا ولماذ؟
قلت لنفسي: أسرعي فلم يؤخرنا إلا هذه الأسئلة!!
وأعلم أنها تضايقت حينها!
.........................
اتجهت لمحل القريب الصديق,
, فحياني وقال: ( والله شكلك موب لايق مع المكان)!!
قلت: الشكل لايعكس شيئاً وهو صورة كاذبة وقلت ممازحاً ( فلو أننا نسير على الشكل لما أتيتك هنا ولا كنت أنت في الأصل هنا!!)!
قال: وش قصدك؟؟
قلت: لا أقصد شيئاً, 
جلب لي الكرسي, فجلست أنظر وأتطلع في قائمة المشتريات والتي تسلمتها من أمي, حينما عرضت عليها أن أذهب للسوق لأتبضع!!
حيث كنت إما دائم الإنشغال!! أو خارج التغطية!!
إلى الأن وأنا أتذكر فرحتها رغم أنني لا أعلم سبب الفرحة!!؟
..............
نعود,
عندما جلست دخل أحد الزبائن فقال لي الصديق: دقيقة وراجع, (بالمعنى المعنوي!!)
جلست وجائتني الأفكار الغريبة والمقارانات الساذجة وعيناي شاخصتان نحو معالم صديقي البسيطة,
قلت في نفسي:
هل يا ترى محمد يعلم ماهو عمل الكروموسوم17p13 في إيقاف نمو الخلايا السرطانية!!
ياترى هل محمد يعلم لماذا الأدوية المضادة الإكتئاب لا تؤثر فينا كسعوديين!!
ياترى هل محمد يعلم كيف سن ذلك العالم الأماني (عندما كان طالباً) نظريته الرياضية بلحظات بمجرد أن سأله المعلم ممازحاً إياه.. مالعلاقة بين المئة والواحد؟
يا ترى هل محمد يعلم لماذا توفى إيفرست جالوا العالم الرياضي في سن الواحد والعشرين سنة , وما هو هدفه!! .. . مع العلم أن سبب الوفاة هو زيادة الضغط على خلايا الدماغ!!
يا ترى هل محمد يعلم لماذا فكر السيد أوين قتل جميع المدعوين إلى جزيرته بحجة أنه سوف يقتص مِن مَن يفشل القانون في تحديد أخطائهم! ! (من رواية إسبيكتاتور)
يا ترى هل يعلم محمدٌ الحبيب مالذي يجعله يتكلم, وكيف يفكر وكيف يتخيل وكيف يتأمل وماذا يحدث في داخله خلال تلك العمليات!!؟؟
هنا إستوقفت نفسي المجنونة وقلت : ماذا دهاكِ!!؟؟
تلك مقارنة قاصرة مجنونة تتسم بالغرور!!
قالت: هذا فخرٌ يسمى غروراً!!؟؟
ما ذنبي إذا سُعدت بما أنا عليه؟
......................
عاد إلي محمد , قاطعاً حبال افكار وشرود الذهن, وقال ... وش بغيت؟
قلت برتقال وتفاح وعنب الله لا يهينك, والباقي أنا سوف أختاره.
ذهبت وأخذت بعض من ال" ملوخية والبقدونس" ,
وعدت لمقعد المحاسبة وجلست أختبر التفاح والبرتقال .. وأتذكر الأيام الخوالي!!
وبعد رؤيتي السريعة لضحكة محمد , قلت : ستختبرني أليس كذلك صحيحٌ انني لا أملك حدساً وخبرة في تلك الأمور لكن العين ترى وتفرق!!
أعطني صندوقين بدلاً عنهما,
ضحك وقال: " اخس والله " وتقول لي هذي أول مره من سنين !!
قلت: أنت لاتنسى كيف تركب الدراجة,!!
أعطاني إياهما وحاسبت وشكرته وشكرني وأقفلت عائداً للمنزل وعلى طريقي أخذت بعض المشتريات الأخرى.
وصلت للمنزل ودخلت ومعي الأغراض , ولقد كان منظري ملفتاً لإنه لايتكرر كثيراً,
فاستقبلتني امي والدهشة تعلو ملامحها : أخيراً أتيتنا بخير محسوس!! بعد أن كنت تدخل علينا بالجماجم المرعبة والهياكل المقززة, وملامح وجهك القلقة!!
(فكرت أن أسألها عن سبب ربط إسمي بالجماجم والهياكل, ولكني فضلت السكوت والإبتسام ووضع ماحملته يداي بين يديها,)
تناولت المشتريات وأخذت تختبرني, وقالت (بالعامية هذه المره): هذا تفاح وبرتقال زين والله, من اللي عطاك إياه؟ 
قلت: انا ولا فخر,
قالت: زين الله يعطيك العافية ,بس ياوليدي حنا موصينك على بقدونس مو كزبرة!! وموصينك على ملوخية مو نعناع!!!
إحمر وجهي خجلاً وتركت المكان, وفوجئت بعد ذلك أن محمد قد غلبني بالسعر بحوالي, 30 ريال!!!!؟؟ 
.....................
إتصلت عليه بعد ذلك , وأنا اعاتب نفسي التي حدثتني في محله هناك!!
وبعد أن رد مباشرة قال: عرفت صح, ما عليك أشوفك اليوم," العلم ليس كل شيء"
حينها أقفلت الخط ضاحكاً مستبشراً متخيلاً متعجباً من حال الدنيا وقاطنيها وعلاقاتهم ومشاعرهم وأفكارهم وطموهم,
وكيف يسير كل شخص ويجري ويبحث ويعمل وحتى وأنت ترى أنه يعمل في زاوية ضيقة وفي دائرة مفرغه ولكنه سعيد!!
فأحياناً ترى أهدافك سامية رائعة لاتشوبها شائبة ومن الممكن أن تحققها وتصل , وترى أن من لايشاركك فهو تعيس او شقي ولم يرى الحياة, هذا لإنك تحسب أنه يفكر وِفق نظامك ووفق تعاليمك الفكرية, بل على العكس ليس هناك أية نقطة تشارك وكلنا ناجحون منتجون!!
علمت ان الأرزاق قد قسمت كما آمنا,
والله عليمٌ حكيم,
...............................
(آمل أن مغزى النص قد وصل,)
والعذر للإطالة,
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته,
