العودة   منتدى بريدة > المنتديات العامة > إستراحة المنتدى

الملاحظات

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 02-08-10, 09:49 pm   رقم المشاركة : 1
يماني رغم عن انفي
عضو






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : يماني رغم عن انفي غير متواجد حالياً
الأخت نعمةٌ ونقمةٌٌ



بسم الله الرحمن الرحيم

حكمة الله في الحياة انه ينعم ويعطي من يشاء بغير حساب, ويمنع ويمسك عن من يشاء. ولا يعني هذا انه سبحانه ليس بعدل؛ كلا, وإنما تصديقاً لقوله عز وجل: (أفحسب الناس ان يتركوا؟ ان يقولوا ءآمنا وهم لا يفتنون؟) وقوله: (فلنبلونكم حتى نعلم الصابرين منكم). فالله عز وجل ان انعم على العبد فإنما ينعم عليه ليبتليه بنعمته وينظر الى مدى ايمان ذلك العبد بتصريف نعم الله عز وجل فيما يحب ويرضى, وإن ابتلى العبد فإنما ينظر الى مدى صبر عبده على بلواه؛ والله سبحانه يضرب لنا-بغيرنا-وفينا-لغيرنا- امثلة عديدة لمن يتعظ ويعتبر, ولذلك الحليم من يتعظ بغيره ويعتبر بمن كان عبرة من قبله!

مازن وعبدالله وإبراهيم ابناء عمومة, من اسرة واحدة, عاشوا في الصغر تحت سقف بيت واحد ورب اسرة واحد, وهو الجد. كان يربطهم ببعضهم رابط الدم والإخاء ورابط الصداقة والوفاء؛ مرة الأيام وشاء الله لؤلاءك ان يتفرق جمعهم فأصبح لكل واحدٍ منهم بيتاً مستقلاً يعيش فيه في اطار الأسرة. كان عبدالله وإبراهيم صديقين حميمين لا يكاد يفارق احدهما الآخر لتناغم خلقهم, اما مازن فقد كان نوعاً ما حاد المزاج وذو لسانٍ سليط لذلك لم تكن صداقته بأبناء عمومته صداقة ذات رابط قوي. كانت اسرة مازن بحالة مستورة وحياةٍ ميسورةٍ ولذلك حظي مازن بدعم مادي من اهله وبتشجيع اسري ليتفاضل على ابناء اعمامه. ونتيجة للحرية المطلقة التي تمتع بها مازن لم يهتم بالدراسة كثيراً ولذلك ترك المدرسة في مرحلة الإعدادية ولم يكمل دراسته وعلى العكس من ذلك اراد عبدالله وإبراهيم ان يواصلا دراستهما ومن اجل ذلك انتقلا من مدرسة الى اخرى للإلتحاق بالثانوية فلما اكملا الثانوية التحقا بالجامعة.

كان لمازن ابا ثرياً ويقضي وقته في جمع المال وتحصيله مما اثر ذلك سلباً على اسرته, حيث انه ترك الأمور لأم مازن تتولاها. ام مازن هي الأخرى لم تكن على علاقةٍ طيبة مع اسرتي عبدالله وإبراهيم ولذلك غضبت عندما ترك ابنها--مازن المدرسة ولم يهتم بها. ارادت ام مازن ان يكون ابنها متفوقاً على ابنا عمومته بكل شيء لذلك حاولت ان تعيده الى المدرسه, ولكن كونه نشأ مدللا ومُلِّكَ قراره منذو صغره لم تجدو تلك المحاولات. كان لمازن اخت تدعى سارة وكانت على عكسه تماماً حيث كانت ذا طباع طيبة وكانت محبة للمدرسة ومتفوقة في دروسها. فبعد ان اكملت هي الأخرى الثانوية ارادت ان تلتحق بالجامعة مع ابنت عمها ليلى-اخت ابراهيم- ولكن فكر مازن المغاير وهمجيته حالتا دون دراست اخته ومنعها من مواصلة المشوار. متحججاً ومتعذراً بأن الدراسة الجامعية تتنافى مع تعاليم الدين الحنيف, وهو منه بعيد, اراد ان يقنع امه بتلك الحجج لكي تمنع اخته من الدراسة! كانت الأم تدعم موقف سارة وتؤيدها لإكمال الدراسة ولكن دون جدوى لكون مازن حضي بحرية التصرف. فكان تارة يوبخ اخته بكلام لا يليق بها وتارة يقوم بالتحريش عليها. قال مازن مخاطباً لإخته: ما يدرس في الجامعة الا السواقط! قل ادبهن وحياءهن. فقالت له: لم تكن ليلى يوماً ساقطة ولم يكن اولاد اعمامك سقط كما تدعي! قال معقباً: بل هم! قالت سارة: إن من يقول مثل هذا الكلام على اشخاص عرفوا بالخير فإنما هو ساقط بنفسه! إغتاظ من كلامها وصفعها على خدها. لم يكتف بصفعه لخد اخته بل ذهب الى امه فقال لها: ان اختي قالت بأني ساقط. اخذ التعامل مع سارة منعطفاً لم يكن متوقعاً من الأم لكونها ارادت ان لا يذكر اولاد اعمامها وبناتهم بخير ابداً, فأيدت بعد ذلك ودعمت موقف مازن اللامنطقي ظناً منها بان سارة تكره مازن. كانت سارة, والتي حضيت بخلق رفيع, لا تتوانى ان تقبل يد اخيها كل صباح وتحبه كما لو انها تحب نفسها لكونه الأخ والشقيق الوحيد! ولكن مازن لم يكره اخته لسوءٍ فيها ولكن لكونه لا يريد ان تجتمع محبته ومحبة ابناء عمومتها في قلب واحد واتخذ من الجامعة حجة عليها؛ فظلت سارة تبكي الأيام والليالي ثم شكت يوماً ما بها لإبنت عمها. علم ابراهيم وعبدالله بما يفعله مازن واستاءا منه وأرادا نصحه فكتب اليه عبدالله الذي لم تكن له اخت:

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك ورحمة الله وبركاته اخي مازن:

بإسمك الهي أدعوك مبتهلاً***من لي مجيرٌ الهي سواك
تعطي لعبدك من الخيرات ممتناً***وترزق العبد بالخيرات إياك
لك الحكم دائم والأمر مكتملاً***إني أثيم فأرجوك رحماك
سلام لك في الإسلام مبتدئا***حي بالخير من بالخير حياك
اكمل الله لك ما كان منتقصاً***يهنا لك الأخت والأخت تهناك
إدفع الشر عنها والوجه مبتهجاً***ولا تخاصم من بالحب ارواك
الن بقلبك لحرٍ انت مالكه***لا تجفأ الحر فليس الحر يجفاك
واعرف الخير من قبل تعدمه***واشكر الله على ما الله اعطاك
وارفق بدمع من العينين منهمل***ليت أني لدمع الأخت جفافا
من دونها الوقت اقضيه ممتلاً***فاحمد الله فيما الله منَّاك
نصح اليك من القلب مصدره***لا تغضب الله إياك إياك


قرأ مازنٌ الرسالة ولم تأثر فيه شيئاً ثم كتب اليه مجيباً عنه:
وعليك السلام لم اكن يوماً اعلم انك من سلالة المتنبي! ولو كنت تستحق الأخت لكان وهبك الله اختً, ولكنك لست بأهلٍ لها ولذلك انت لا تعلم شيء في عالم الأخ والأخت. كان الأجدر بك ان تمنع ابنت عمك ليلى من الذهاب الى الجامعة وليس اقناعي بأن افرط في اختي واتركها تلطخ نفسها بأدران الجامعة بحجة العلم؛ واعلم انك لن تجني شيئاً من هذا ان كانت لك هناك مئآرب!

فرد عليه عبدالله:
اخي والله ليست لي أي مئآرب فــ سارة اختي كما هي اختك واني لحريص على ان ادفع عنه الشرور كما لو اني ادفعها عن نفسي. لا تنسى ان سنين الطفولة قضيناها سوياً في مكان واحد ولو اني مازلت في ذلك العمر لافتكرت اننا جميعاً اخوة من اب واحد وام واحدة! اخي مازن قد ربما لم يرد الله ان تكون لي اخت ولكن املي بالله لن ولم ينقطع ابداً, ولو كانت سارة يوماً اختي لأريتك الأخوة بمعناها الصحيح, سامحني إن بدر مني سوءاً.

مازنٌ لم يرتح ابداً لكلمات عبدالله فبدأ يسأل نفسه عن كيفية وصول الأخبار الى عبدالله. ذهب مازن الى اخته فسألها عن ما اذا كانت اخبرت عبدالله بذلك فأجابت بـ لا. فقال لها: فكيف علم اذاً؟ "وكيف لي ان اعلم" اجابت, "ولكن قد ربما اخبرته ليلى او ابراهيم, لأني اخبرت ليلى!" اضافت. لم يصدقها مازن ودخل الشك في صدره ما اذا كانت سارة تراسل عبدالله سراً! قال لها مازنٌ: كلا, بل انتِ من اخبره! لم تقبل سارة ذلك الإتهام, ولما ردت ذلك الإتهام استحلفها بالله فحلفت. رغم انها حلفت بالله الا ان مازن وبخها بكلامه وطلب منها بأن تأتيه برسائل عبدالله (حسب ظنه)! اشتكت سارة مازناً الى امها لكونه يتهمها ويستنقص من عفتها-وهو يدعي انه يدافع عن عرضها؛ فسبحان الذي له الكمال. فحاولت الأم ان تضع لذلك حداً الا ان مازناً استطاع ثانية ان يوهم امه بأنه هو صاحب الحق! مازن لم يكتفي بمنع اخته من الدراسة واستحلافها؛ لا, بل استمر بمضايقتها ومطالبتها بأن تظهر له الرسائل. ظلت سارة على تلك الحالة لفترة من الزمن فتمنت لو انها لم تكن شيئاً مذكوراً.

وفي ذات يوم ارادت ام مازن ان تذهب الى بيت اهلها فأخذها مازن بسيارته الى المكان الذي تقصده ثم عاد الى البيت تاركاً امه في بيت اهلها. مع رجوعه الى المنزل رأى عبدالله-خارج البيت- يتكلم مع سارة ولم يكن عبدالله يعلم بان سارة اتهمت بانها تراسله او بشيء من هذا القبيل. لم يكن عبدالله يعلم بقدوم مازن فانصرف, ثم اتى مازن الى اخته فسألها عن سبب مجيء عبدالله فأجابته: إنما كان يسئل عنك. قال مازن: تكذبين! ولما لم يأت عندما كنت موجوداً وانصرف لما قدمت البيت؟ فصفعها على وجهها وتركها تبكي ثم خرج من البيت ليذهب الى عبدالله ولكن لم يكتب الله له ان يصل الى عبدالله في ذلك اليوم فقد تعرض لحادث سير في طريقه وعلى اثره اُسعف الى المستشفى. تلقت سارة اتصالاً من المستشفى بأن مازن في الطوارئ, ففزعت فزعاً شديداً لكونه اخوها الوحيد وذهبت الى المستشفى. سألت سارة عن حالته فقالوا لها انه لم يصب بإصابات بليغة ولكنه كان في غيبوبة لنزيفٍ اصابه, فتبرعت له بالدم! كان ذلك خبراً مفزعاً لأم مازن ولأولاد اعمامه وبناتهم فهلعوا جميعاً الى المستشفى لكي يطمئنوا على حالته. لما ان وصلوا الى المستشفى طلب الأطباء منهم كذلك ان يتبرع احدهم له بدم, فتبرع له عبدالله؛ ولم يكن يعلم انه متهوم وان ذلك الحادث كان-في نظر مازن- هو من سببه! افاق مازن من غيبوبته وحمدوا الله وشكروه على انه لم يصب بإصابات بليغة. سأل عبدالله عن كيفية حدوث الحادث واين, فأجابته ام مازن بأنها لا تعلم شيئاً وقالت له بأن سارة هي من وصلت اولاً ولعلها هي من تعلم. ذهب عبدالله ليسئل سارة فنظرت الى مازن, وقد تغيرت ملامح وجهه, فلم ترد له ان يغتاظ او ان يزداد سوءً في حالته فأعرضت عن عبدالله ولم تجبه. ذهب عبدالله ليسئل مازن فأعرض عنه هو الآخر ولم يعلم ان عبدالله لم يبخل عليه بدمه. استغرب عبدالله من هذه الأساليب وخرج وهو يتسائل عن الأسباب, ولكنه لم يهتم بها كثيراً فتجاوز عن ذلك وقال في نفسه: لعلهم مفزوعون بعض الشيء.






رد مع اقتباس
قديم 02-08-10, 09:52 pm   رقم المشاركة : 2
يماني رغم عن انفي
عضو






معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : يماني رغم عن انفي غير متواجد حالياً
متابعة


عاد مازن الى البيت وعادت له عافيته, فظنت سارة انه ربما يعتبر بما حصل له ويعدل عن مساره القديم ولكن دون جدوى. فقد عاد الى البيت وهو يتهكم عليها-ولم يعلم ان دمها يجري في عروقه- ويقول لها: ان ما حصل لي انما كان بسببك وبسبب ذلك السافل. قالت له: ذلك السافل كما تزعم لم يبخل عليك بدمه فقد فعل مالم تفعله امك التي حبها لك لا يحصى. سكت برهة, ثم قال مجيباً: إن كان ذلك كما تدعين, فإنما كان لأغراض شخصية, ولكني سأضع حداً لمصالحه حتى وإن تستر عنها بدمه! توسلت سارة الى مازن ان لا يفاتح عبدالله بموضوع من هذا القبيل وقالت له: يكفي ان تكون العلاقة بيني وبينك بهذا الشكل فأرجوك مازن ان لا تكدر علاقتي بأبناء عمومتي, فهم اخوتي واحب ان اراهم كما احب ان اراك, كيف لعلاقة عمرها عشرات السنين ان تذهب هدراً في يوم واحد! لا تفعل ارجوك ووالله ما كتب الي عبدالله قط ولم اسمعه يوماً يقول بالشين فهو اخي كما ليلى اختك ولو كانت لعبدالله اخت لكانت اختك كذلك. سأسامحك بما تفعل بي وافعل بي ما شئت فإنما انا انت وما تفعل الا بنفسك! ولكن ارجوك لا تخاطبه ولا تتهمه ولا تمسه بسوءٍ ابداً, فإن كان عبدالله او ابراهيم اهلاً للسوء لكان الخير معدوماً عن الناس اجمع. لم يهمه مازن كلام اخته ولم يعطه اي اهتمام وقال لها سائلاً: ماذا فعلت بك؟ لم ترين شيئاً بعد, وما فعلت بك ليس الا قليل العقاب من الكثير الذي تستحقين؛ واعلمي ان اؤلاءك ليسو بإخوتي ولا حتى اخوتك كما تدعين وإن كانوا فإنما بالإسلام. "وأي اخوة بالإسلام تتحدث عنها؟ أهكذا يأمر الدين الحنيف ان يعامل الأخ اخاه واخته؟ أهذا ما يُترجم قوله صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً. وقوله: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. اي بنيان, اي مودة, اي رحمة, واي عطف في اخوتك لهم-في الإسلام- واخوتك لي في الدين والدم؟" اجابت عنه. قال مازن معقباً على اخته: لا يخصك هذا الأمر؛ ووالله لأن لم تخبريني بما تخفين عني لأجعلنك عبرة لغيرك. تركته سارة واشتكته الى امها كما كانت تفعل في السابق ولكن هذه المرة بهيجان البكاء وغزارة الدمع. سئمت ام مازن من تعامل مازن مع اخته بهذه الطريقة فأرادت ان تضع لذلك حداً وقالت له: لم ترد ان تذهب الى الجامعة وأن تكمل دراستك, فقبلناها منك بعد ما سئمنا, ومنعت اختك من الذهاب فامتنعت بغصبك لا برضاها وقبلناها منك؛ امَّا انك تستمر بتوبيخك لها وبتعاملك معها بهذه الطريقة فلا ارضى ولن ارضى لك ذلك. لم تكن تعلم ان سارة قد صفعت على خدها وانه ربما انذره الله عز وجل بما حدث له بسبب تلك الصفعة. اجاب مازن امه وقال: ،الرجال قوامون على النساء، وليس يخصكن هذا الأمر فهو للرجال. شعرت الأم بانها بدأت تجني الثمار.

وفي يومٍ من الأيام مرض مازن مرضاً شديداً حتى انه كان يصرخ صراخاً عالياً من شدة الألم فأسعفتاه امه وسارة الى المستشفى فبلغهم الطبيب ان مازنا مصاب بفشل كلوي! اغمي على ام مازن-ولا غرابة في ذلك فهو الإبن الوحيد في جعبتها- واخذت سارة تصرخ وتشهج بالبكاء. أُسعفت ام مازن وانشغلت سارة بأخيها فسألت سارة: وما الحل؟, "زراعة كلية له, او غسيل!" اجابها الطبيب, "وكيف تزرعون له كلية؟" سألت سارة. "تبرع اذا امكن" أجاب عنها الطبيب. فقدمت سارة نفسها الى غرفة العمليات لكي تتبرع لأخيها بكلية! تبرعت سارة لأخيها بكلية ونجحت عمليتا الإستئصال والزراعة وفاقت الأم من غيبوبتها فوجدت الإثنثين معاً على الأسرّة ونظرت الى سارة فإذا بها تبتسم, فذهبت الى مازن وقبلته على جبهته وحمدت الله على عافيته وتناست سارة! لم تكن سارة مستاءة ابداً بل ظلت تبتسم؛ ومن سوء حظ سارة ان عبدالله وابراهيم وليلى كانوا من بين الذين اتوا لزيارة مازن. ذهب عبدالله الى سارة يشكرها على فعلها ويقول لها: فعلتِ فعلت الأبطال. فقالت: اخي,,,,,,, وروحي لها فداء. بالطبع ذلك الحديث لم يكون يحمل السرور لمازن الذي يكتم غيظه-الموهوم-على فراش المرض. عادوا الى البيت جميعاً وظنت سارة ان ما فعلت قد وضع حداً لكرهٍ دام لأشهر طوال بلا حجة ولا تبرير. للأسف لم يحصل ما أملت وعاد اخوها الى سابق عهده وقال لها: أردتِ ان تشترين عبدالله بكلية؟ وسألها مجدداً عن الرسائل! انصرفت سارة وهي تشهج بالبكاء وفتحت له غرفتها على مصراعيها وقالت له: ادخل وابحث عنما شئت كيف ما شئت واينما شئت؛ اروِ عطشك. لم يدخل مازن وتركها وانصرف.

سارة والتي ضاقت بمعاملة اخيها الحادة ذرعاً هزلت ونحل جسمها وتغيرت ولم تكن هي سارت المعهوده. مرضت سارة وظلت اياماً في البيت طريحة فراشها, ولما زارتها ليلى ورأت انها قد تغيرت ولم تحب ان تراها بتلك الحالة طلبت من ام مازن ان تسعفها الى المستشفى فأسعفوها. سارة والتي حظيت بحب الجميع لها لحسن خلقها وطيب معاملاتها لم يبخل الناس عليها بالزيارة. ظنت سارة ان اخاها لن يبخل عليها بزيارة واحدة-كما هي لم تبخل عليه بدمها وكليتها- ولكن مازن انشغل بتفتيش غرفتها ليُشهد عليها رسائلها. مازن وعلى خلاف ما توقع وجد صورة له ولأخته سارة عندما كانا صغاراً في دولابها وفيها سهم يشير الى خلفية الصورة. قلب مازنٌ الصورة فوجد فيها:
اعطيتك دمي!
"المسلمون اخوة" ولما وجدت اني امتلك دماً اكثر من دمك ابيت الا ان اقاسمك دمي.
اعطيتك كليتي!
"المسلمون اخوة" ولما خسرت كليتيك ابيت الا ان اعطيك كلية لننعم كلانا بالحياة.
ولقد كنت وما زلت ادخر لك قلبي... فوالله ما اعطيته احداً الا انت!
اعطيتني صفعات على وجهي وكلام وبخني كثيراً وظناً سيئاً!
لذلك لن اسامحك الا بشرط: ان تستبدل كرهك بمحبتي!

مازن وبعد ان تأكد ان اخته لم تكتب حرفاً لعبدالله بنفسه ارتعش لما قرأ تلك العبارات واجهش بالبكاء وضم صورة اخته الى صدره وظل يقبلها! اراد مازن ان يذهب الى اخته ليستسمحها ويعيدها الى البيت بيديه ويغسل دموعها في الماضي بدموعه في مستقبلها. ذهب الى المستشفى وبيده صورتهما وادخل الى غرفة اخته فوجد الكل يبكي! عندها اندهش وعلم انه قد تأخر كثيراً ووصل بعد فوات الأوان. سارة والتي لطالما انتظرت طويلاً كي ترى اخاها امام عينيها قبل ان تفارق الحياة, فارقت الحياة من غيرما مقابلة! سأل مازن عن ماذا حدث فلم يجبه احد لكونهم انشغلوا بالبكاء وكلهم علم بأن سبب مرضها كان من اخيها. صرخ مازن بصوت عالٍ وقال: ماذا حدث؟ فقال له عبدالله: عظم الله اجرك؛ ماتت يا مازن! عندها ايقن انه قد خسر ذلك الوجه الذي اجرى من عيني صاحبته دموعاً كثيرة؛ وقدم بعد ذلك ودموعه تسيل على خديها يقبل ذلك الخد الذي احتفظ بلونه الأحمر دليلاً وشاهداً على صفعاته! صرخ وصرخ وصرخ فقال له عبدالله: استهد بالله وادعو لها بالرحمة؛ وأبشرك بأنها لم تمت الا وهي راضية عنك! فلقد كان من وصايها بأن بخبرك بأنها تحبك! لم تخفف تلك الوصية من آلامه بل كما قيل زادت الطين بلة...

بعد ان استسلم مازن لأمر الواقع وعلم ان اخته قد ذهبت بلا رجعة؛ ذهب يتسائل عن الشرط الذي تركته مكتوباً على الصورة. فسئل احد اصدقائه فقال له: لعلها تعني بأن تحب من كانت تحب هي! فعلم انها كانت تقصد اولاد اعمامه وليس عبدالله فحسب. ذهب مازن ينفذ شرط اخته واستسمح اولاد عمه الذين اخذتهم الدهشة عندما طلب ذلك وقالوا: تستسمحنا في ماذا؟ لم تؤذنا بشيء!, "بل اذيت وأذيت وأذيت" أجابهم. ولما قص عليهم قصصه استغربوا من فعل سارة وقالوا: رحمكِ الله يا سارة؛ ستظلين حية الى الأبد بفعلك هذا.


بعد ان عادت المياه الى مجاريها وعادت المودة الى قلب مازن لأولاد عمه وكان يخرج مع عبدالله ويجلس معه كثيراً, وبعد اشهر من وفاة سارة, كان عبدالله ومازن يتحدثان مع بعضهما فيما كان ابراهيم واخته ليلى يتحدثان الى بعضهما ويضحكان في نفس الوقت, قال عبدالله لمازن: كم تمنيت ان اكون مع اختي في موقفٍ كهذا! اختي التي ذهبت منذو زمن بعيد وقبل ان اشم رائحة الحياة اخذها الله في صغرها ولكم تمنيت ان اكون في موقف مثل هذا الموقف؛ اضحك مع اختي واشكو اليها آلامي واشتري سعادتها بكل ما املك. قال مازن: وكيف اذا قدمتك على نفسها وقدمت حياتك على حياتها, ماذا ستفعل؟ "سأجعل منها اختً يذكرها التاريخ الى يوم القيامة!" اجاب عبدالله. "هذا انت, ولم تحضى حتى برؤيتها؛ وانا الذي عملت كل شيء من اجل ان تسعدني وارضى عنها وقاسمتني دمها وكليتيها تركتها تموت وكانها عدوٍ اجهز على قتلي مرات عدة" أضاف مازن. قال له عبدالله: البركة بمن بقي معك. قال مازن: ولكن سارة... سارة... سارة. فبكى ولم يستطع ان يكمل. فاحتظنه عبدالله وهو يبكي ويقول: يكفي يكفي. نظر مازن الى عبدالله وقال له: بقي عندي ثلاث اخوات؛ واعلم انهن اخواتك قبل ان يكن اخواتي واعلم اني لا اريد ان اكرر ما حصل لسارة ثانية. ابتسم عبدالله في وجه مازن وقال: امتحنك الله بنعمته منذو زمن طويل وها انت عرفت قدرها اليوم فاحمد الله على ذلك واستغفر لسارة ما حييت. "سأفعل ما تريد وربي" رد عليه مازن. انصرف مازن وعبدالله الى ابراهيم وليلى فالتقوا وهم يضحكون وافترقوا وهم يبكون-بفعل سارة؛ واستطاعت سارة بدمها وكليتها وموتها ان تجعل من بغضاء وكره دام لسنوات وركد في قلب مازن, محبة واخلاص ووفاء لأولاد عمه!



فضل عويضان اليافعي






رد مع اقتباس
قديم 10-08-10, 06:50 pm   رقم المشاركة : 3
أبو مـصـعـب
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أبو مـصـعـب





معلومات إضافية
  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة : أبو مـصـعـب غير متواجد حالياً

لاهنت وجاري القراءه







التوقيع

رد مع اقتباس
إضافة رد
مواقع النشر
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع
:: برعاية حياة هوست ::
sitemap
الساعة الآن 11:10 pm.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8 Alpha 1
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
موقع بريدة

المشاركات المنشورة لاتمثل رأي إدارة المنتدى ولايتحمل المنتدى أي مسؤلية حيالها

 

كلمات البحث : منتدى بريدة | بريده | بريدة | موقع بريدة