السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد 
وعلى آله وصحبه وسلم . 
الرضا عن الله تعالى – دروس وعبر
(( بعد أن دارت الدائرة على المسلمين في معركة أحد 
بسبب مخالفة الرّماة أمر رسول الله صلى الله عليه 
وسلم , وبعد أن تمكّن وحشي بن حرب من قتل حمزة بن 
عبد المطلب غدراً بحربته , أقبلت هند بنت عتبة زوجة 
أبي سفيان بن حرب على قتلى المسلمين ومن ورائها 
طائفة من النساء ممن قُتل آباؤهن أو إخوانهن أو أبناؤهن 
في بدر , وجعلت تُمثّل بالقتلى , فتبقر بطونهم , وتفقأ 
عيونهم , وتجدع أنوفهم , وتقطع آذانهم , وأسرعت إلى 
حمزة , ومثلت به فبقرت بطنه , وأخرجت كبده , وأخذت 
تمضغه بأسنانها تشفّياً وغيظاً وحقداً عليه لأنه قتل أعزّ 
أقاربها في بدر )) . صور من حياة الصحابة :5/61 . 
كانت صفيّة بنت عبد المطلب أخت حمزة قد خرجت مع 
جند المسلمين إلى أحد في ثُلّة من النساء , تنقل الماء , 
وتسقي العطشى , وتداوي الجرحى , وتُبري السّهام , 
ولما رأت المسلمين ينكشفون عن رسول الله صلى الله 
عليه وسلم إلا قليلاً منهم , ووجدت المشركين يوشكون 
أن يصلوا إليه , طرحت سقاءَها , وأخذت رمحاً وانطلقت 
تجري إلى ساحة المعركة , فلما رآها الرسول عليه 
الصلاة والسلام مُقبلة خشي عليها أن ترى أخاها حمزة 
وهو صريع وقد مُثّلبه أبشع تمثيل , فأشار إلى ابنها 
الزبير قائلاً : المرأة يا زبير .... المراة يا زبير ..
فأقبل الزّبير على أمه وقال لها :
يا أمّه إليك ... يا أمّه اليك ... ابتعدي يا أمّه .. 
فقالت : تنحّ عني لا أمّ لك .. 
فقال لها : أن رسول الله يأمرك أن ترجعي ..
فقالت : ولم ؟ أنه قد بلغني أنه مُثّل بأخي حمزة , وذلك 
في الله .
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : حَلّ سبيلها يا زبير , 
فخلّى سبيلها , ولما وقفت على أخيها حمزة وجدته قد بُقر 
بطنه , وأخرجت كبده , وجُدع أنفه , وقُطعت أذنه , 
فاستغفرت وجعلت تقول : " أن ذلك في الله , لقد رضيت 
بقضاء الله .. والله لأصبرنّ , ولأحتسبنّ إن شاء الله .. 
رضي الله عن صفية عمّة رسول الله , فقد كانت مثالاً 
رائعاً للمرأة المسلمة , الصابرة على البلاء , الراضية 
بالقضاء " صور من حياة الصحابة :6 /42 . 
########
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : 
(( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربّاً , وبالإسلام ديناً , 
وبمحمد رسولاً )) رواة مسلم , وقال : (( من قال حين 
يسمع النداء , رضيت بالله رباً , وبالإسلام ديناً , وبمحمد 
رسولاً غُفرت له ذنوبه )) رواة مسلم . 
يقول الإمام ابن القيّم الجوزيّة رحمه الله : 
(( هذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين , وإليهما 
ينتهي , ولقد تضمنّا الرضا بربوبيته سبحانه وألوهيته , 
والرضا برسوله والانقياد له , والرضا بدينه والتسليم له . 
· فالرضا بألوهيته يتضمّن الرّضا بمحبته وحده , وخوفه 
ورجاءَه , والإنابة إليه , وعبادته والإخلاص له . 
· والرّضا بربوبيته يتضمّن الرضا بتدبيره لعبده , والتوكل 
عليه , والاستعانة به , والاعتماد عليه , وأن يكون 
راضياً بكل ما يفعل الله به . 
· والرضا برسوله يتضمّن كمال الانقياد له , والتسليم 
المطلق إليه بحيث يكون أولى به من نفسه , فلا يتلقّى 
الهدى إلا منه . 
· أما الرّضا بدينه : فإذا قال , أو حكم , أو أمر , أو 
نهى , رضي كلّ الرّضا , ولم يبقَ في قلبه حرج من 
حكمه , ولو كان مخالفاً لهواه )) مدارج السالكين : 2 / 173 . 
يقول الله عزّ وجلّ : 
(( وَمَن يَبْتَغ غير الإسلام ديناً فَلَن يُقْبَلَ مِِنْهُ وهو في 
الآخرة من الخاسرين)) آل عمران : الآية 85 . 
###################
ما قيل في الرّضا :
قال الرسول عليه الصلاة والسلام : (( من سعادة ابن آدم 
رضاه بما قضى الله , ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى 
الله )) رواة أحمد والترمذي . 
جاء في الأثر أن موسى عليه السلام سأل ربّه : (( ما 
يُدني من رضاك ؟ قال : إن رضاي في رضاك 
بقضائي )) . 
كما جاء في الأثر أن موسى عليه السلام قال : (( يا رب 
أخبرني عن آية رضاك عن عبدك ؟ قال الله عزّ وجلّ : 
إذا رايتني أهيىء له طاعتي , وأصرفه عن معصيتي , 
فذلك آية رضاي عنه )) . 
أوصى لقمان الحكيم ولده فقال : (( أوصيك بخصال تقرّبك 
من الله , وتباعدك من سخطه , أن تعبد الله لا تشرك به 
شيئاً , وأن ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت )) مدارج 
السالكين :2 / 220 . 
قيل ليحيى بن معاذ : متى يبلغ العبد مقام الرضا ؟ قال : 
(( إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يتعامل به ربّه 
فيقول : إن أعطيتني قبلت , وإن منعتني رضيت , وإن 
تركتني عبدت , وإن دعوتني أجبت )) مدارج الساليكن : 
2 / 174 . 
قيل للحسين بن علي رضي الله عنه : إن أبا ذرّ رضي الله 
عنه يقول : الفقر أحبّ إلي من الغنى , والسقم أحب إلي 
من الصحة . 
فقال : (( رحم الله أبا ذرّ , أما أنا فأقول : من اتّكل على 
حسن اختيار الله له لم يتمنّ غير ما اختار الله له )) . 
قيل :
الرضا يفرغ القلب لله تعالى ..
والسخط يفرغ القلب من الله .. 
##############
الرضا بقضاء الله :
لما قدم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه إلى مكّة وقد 
كُف بصره , جعل الناس يُهرعون إليه ليدعو الله لهم , 
فجعل يدعو لهم , قال عبد الله بن السائب : (( فأتيته وأنا 
غلام , فتعرفت عليه , فعرفني , فقلت له : يا عمّ , أنت 
تدعو للناس فيشفون , فلو دعوت لنفسك أن يردّ الله 
بصرك , فتبسم وقال : يا بُنيّ قضاء الله أحبّ إلي من 
بَصري )) مدارج السالكين : 2 / 227 . 
صاحب الرضا أفضلهم : 
اختلف ثلاثة نفر في مسألة : 
قال الأول : أنا أحبّ الموت شوقاً للقاء ربّي . 
وقال الثاني : أنا أحبّ الحياة لعبادة ربي وطاعته . 
وقال الثالث : أنا لا اختار , بل أرضي بما يختار لي ربّي 
أن شاء أحياني , وإن شاء أماتني . 
فتاحكموا إلى أحد العارفين بالله فقال : (( صاحب الرّضا 
أفضلهم )) . 
منقول
دعواتكم