أشد ما قد يتعرض له الإنسان من العذاب ، هو حين يمنع من التحدث بما لا قيمة له وكلٌ منا بحاجة أحياناً لأن يقول ما لا يفيد ويضحك على ما لا يستحق نصف ابتسامة! هذا النوع من أنواع القهر والكبت الذي يمارسه طرف يرى الحرية له وحدة ويعتقل الناس ليؤدبهم إلى ما يرى وحده يساوي بنفس المقدار احتقار من يبكي على أمر تافه أو لا قيمة له! كلنا نرى الأشياء كما نريد أو يجب أن نراها كما هي بالنسبة لنا وليس كما هي بالنسبة للآخرين.. البعض يشيح بيده ويهش بزمجرة ما لا يراه صحيح كما يفعل مع الذباب حين يحوم فوق مائدته فلا هو طيّرك بأفكارك بعيداً ولا هو أستطاع تنزيل قيمتك الإنسانية إلى مستوى الذباب! حتى مع أنفسنا نحتاج هذا المعيار لنحتكم إليه فلا نمارس الكبت على أنفسنا من أن نحتقر ما قلنا أو فعلنا فليس من المعقول أن نمتثل لأوامر مفاهيم الغد وسياط المراجعة الآتية فيما بعد..ولكن هذا أيضاً قيد آخر نطالب أنفسنا فيه ،ألاَّ نراجع الماضي ونزدريه فنقع بما نهينا أنفسنا عنه ثم نعود وننبذ ونحتقر كل شيء قلنا سابقاً أو فعلناه فنتألم لهذا! ولكنه يبقى ألم ذاتي ينبع منا علينا لا يتدخل فيه طرف آخر! وتبقى الحاجة لأن نقول ما نريد بالطريقة التي نريد وبالأسلوب الذي نستطيع يكفي.. ولكن قد لا يكفي إن شعرنا دائما أننا أمام أحكام الأعرف والأفهم والأقدر التي تمنعنا من كشف خبايا أنفسنا فلا نتكلم ولا نفعل شيء لأننا سنحتكم إلى الذي يجبرنا على الصمت والسكون خوفا من كشفه لجهلنا وحماقتنا!
لهذا أريد تحرير نفسي الآن ونبذ واحتقار ما خطت يداي.. وقد أعود بعد قليل لأستنكر هذا الكلام وأشجبه ، وما يدريك قد يهبني الله أمراً آخر بعيد كل البعد عن ما أفكر فيه الآن من رغبة في تعلم ما يختلف عما قلت وسأقول. فترنيمة صوت فناجيل الماثل أمامي تلهمني غير إلهام صوت طقطة كعب ذات الرداء الأحمر وهي تمد كأساً يحمل السم.. وتقول لي تشييييرز ...