بعد عناء يوم شاق ...وكدح النهار....ساقتني قدماي إلى ذلك المقهى الصغير
في الشارع الهادئ
دخلت وكعادتي حييت الموجود من الرواد و أصحاب ذلك المقهى
وكعادتي جلست على تلك الطاولة التي تسكن في وسط المقهى كي يصل إلى نظري كل ما يحدث به
جلست طالبا ذلك القدح الفضي الملئ بالشاي...و ماهي إلا لحظات حتى بدأ العندليب الأسمر يصدح بصوته معلنا ابتداء رحلتي
من عالمي الذي اسكن به إلى ذلك العالم المتجدد بتجدد يومي
إلى ذلك العالم الذي اصنعه لنفسي وبنفسي أعيشه كيفما أشاء
من غير شوائب كتلك التي نحتفظ بها هنا في عالمنا
وبينما أسير برحلتي إذ استوقفتني بتوقفها أمامي مبتسمة تلك الابتسامة التي تنم عن صدق صاحبها قائلة: أنت مرة أخرى !! ألا تشعر بأنك شخص غريب هنا؟
أجبتها مبتسما لابتسامتها : وما الغريب الذي حملك على قول ذلك
قالت: أما تعلم الغرابة!! انظر حولك... ألا ترى بقية الرواد ماذا يفعلون..انهم يتحدثون ويضحكون والبعض يشاهد التلفاز؟
ابتسمت قائلا: عزيزتي تلك هي طريقتهم بالهروب من عالمهم هذا ... إنها طريقتهم للهروب من حقيقته يهربون بطريقة هي أشبه بحقيقتهم... إنما أنا اهرب بطريقتي اهرب إلى عالم خاص بي
ابتسمت تلك الابتسامة التي تعني أنها لم تفهم ما قلته فاستدارت ذاهبة
لم ترق لي فعلتها فاستوقفتها قائلا: آريتي
استدارت نحوي قائلة: ماذا
أجبتها: طريقة هروبك؟؟ أنت لم تعجبك طريقتي بالهروب من هذا العالم فاستدرتي قبل أن أتم كلامي ..فكيف بك تريديني أن اعجب بطريقة هروبك من أن تفهمي ما قلته
قالت لي وهي مبتسمة: أنت مجنون
أجبتها مبتسما: ياله من جنون الذي يحملني للهروب من عالم مزيف إلى عالم صادق أجد نفسي به
وذهبت
ورجعت إلى مساري في طريق رحلتي
وبعد سويعات أحسست بأن أصحاب المقهى ينظرون ألي .. كانوا ينتظروني أن اخرج لأن الساعة قاربت الثالثة فجرا وكأنهم يقولون في قلوبهم: متى تريد أن تذهب من هنا فنحن نريد أن نجد أنفسنا بالخلود إلى النوم من تعب النهار
أفقت من تفكيري طالبا حسابي وما هي إلا قلائل وأنا انهض من مكاني وعندما هممت بالخروج
هناك ما جعلني انظر إليها فرأيتها تغمز بعينها لي مبتسمة أيضا
فما أحسست إلا وأنا ابتسم لها ولكن هنالك شعور داخلي أحسسني بأن ابتسامتي لم تكن مجرد ابتسامه .. ولكن اكتفيت بها
وسمعتهم يقولون: ياله من محظوظ لقد غمزت بعينها له
فاستدرت قائلا: بل يا له من مجنون ذلك هو ما جعلها تغمز بعينها لعلمها بأنه اعقل من أن يهرب بطريقتكم تلك
وخرجت من الباب
والى يوم آخر من يوميات المقهى الصغير
تحياتي
جـــــــــــــــــــــــــاسي