* خالفناه أم اتفقنا معه؛ يظل الزعيم الكوبي فيدل كاستر واحدا من أبرز الشخصيات السياسية في المائة عام الماضية. وتعود معظم شهرته - وصورته كمناضل - الى ثباته في وجه الامبريالية الأمريكية طوال الخمسين عاما الماضية.. ويكفي التذكير بأنه المسئول عن إنشاء أول دولة شيوعية في النصف الغربي من الكرة الأرضية - وعلى بعد أميال قليلة من السواحل الأمريكية. وحين أطاح بالرئيس باتيستا عام 1959 لم يستولِ فقط على الممتلكات الأمريكية في كوبا (بما في ذلك مصفاة النفط الوحيدة) بل وأقنع الاتحاد السوفييتي بنصب صواريخ نووية موجهة للأراضي الأمريكية!
وفي المقابل جربت الإدارات الأمريكية المتعاقبة شتى أنواع العقوبات ضده وضد نظامه الشيوعي الموالي للروس؛ فقد مونت حركات المعارضة المسلحة، ودربت المنشقين على غزو كوبا (في خليج الخنازير) وفرضت حصارا اقتصاديا مازال ساري المفعول حتى اليوم.وفوق كل هذا وذاك لم تكف المخابرات الأمريكية عن محاولة اغتيال كاسترو نفسه في أكثر من 30 عملية معروفة ومكشوفة للعيان.
هذه المحاولات أصبحت بمرور الوقت مصدر فخر للزعيم الكوبي الذي طالما تبجح أثناء خطبه (التي اشتهرت بطولها) بتخطي هذه المحاولات المائة، والمائتين، والثلاثمائة مرة.. غير أن فابيان ايسكلانتي (قائد حرسه الخاص) فاق كاسترو نفسه في هذه الادعاءات وألف كتابا بعنوان ( 638 محاولة لاغتيال الرئيس ) تحول مؤخرا الى فيلم وثائقي من إنتاج القناة البريطانية الرابعة!!
ورغم اعتقادي الشخصي بوجود مبالغة في هذا الرقم (كون 638 تساوي 13,57 محاولة كل عام) إلا أن إيسكلانتي يصر على وجود عشرات المحاولات المجهولة التي أجهضت في مهدها أو لم تتجاوز مرحلة التخطيط!!
ومن المحاولات - التي استعرضها الفيلم - استغلال حب كاسترو للغوص وصنع حاجز مرجاني اصطناعي (غريب وملون بما يكفي لجذب انتباهه) يتم تفجيره عن بعد..
كما حاولت المخابرات الأمريكية تهريب بذلة غوص طلي داخلها بمادة سامة يمكن للجلد أن يتشربها (غير أن كاسترو فضل في اللحظة الأخيرة ارتداء بذلته المعتادة)..
كما حاولت أيضا تهريب علبة سيجار مفخخة (بحيث ينفجر السيجار في وجهه حال إشعاله) غير أن كاسترو كان في تلك الفترة يحاول الإقلاع عن التدخين فلم يستعمل شيئا منها!!
وكان كاسترو يحب تناول البيرة في مشرب فندق هافانا، فاتفقت المخابرات الأمريكية مع النادل على وضع حبوب سامة في كأسه قبل تقديمها. غير أن النادل كان قد أخفى الحبوب في ثلاجة المشروبات مما أدى إلى تصلبها وعدم ذوبانها الأمر الذي لفت انتباه كاسترو...
وهناك محاولة اغتيال رومانسية - إن جاز التعبير - تمت من خلال حبيبة قديمة لكاسترو زودتها المخابرات الأمريكية بمسدس صغير أخفته في حقيبتها. وحين دخلت عليه بدا عليها الارتباك فشك فيها فناولها مسدسه قائلا: هل طلب منك الأمريكان قتلي، يمكنك استعمال مسدسي - فأجهشت بالبكاء!
أما آخر محاولة اغتيال معروفة فحدثت عام 2000 أثناء زيارته لبنما حين اكتشف حرسه الخاص حزمة متفجرات تحت المنصة التي سيتحدث فوقها!!!
وبالطبع لا تعترف المخابرات الأمريكية بأي من هذه المحاولات ولا ترد على أي استفسارات حولها غير أن الواقع يثبت أنها منذ تأسيسها - عام 1947 - تبنت سياسة الاغتيالات والتخلص الجسدي من المعارضين في الخارج واليوم أصبح مؤكدا أنها مسؤولة عن اغتيال رئيس وزراء تايلند عام 1959 ورئيس وزراء الكونغو عام 1961 ورئيس وزراء البرازيل عام 1964 ورئيس موزامبيق عام 1969 ورئيس تشيلي عام 1973 ورئيس بنجلاديش عام 1975 (وأكاد أجزم بأن لها ضلعاً في تسميم أبو عمار)!!
*الأستاذ فهد عامر الأحمدي
جريدة الرياض السعوديه