[align=center]وصلتني رساله من زميل- أنقل لكم مضمونها وهي تتكلم عن الشعرالذي يمكن ان يدوم اويبقى بعد رحيل الشاعر- وهي غنيه مليئه ولو لم يكن فيها الا الابيات الشعريه - وانا اشوف واتمنى بنفس الوقت تثبيتها أسبوع خمسة أيام عشره شي مفيد وهو الصح فهي فعلاً تستحق وانتم ولاشك ادرى وأبخص على كل حال - نقول بسم الله :-
7
..أنني إذا قارنت بين المتنبي مثلاً والشاعر الشعبي النموذج .. أجد وجوهاً للشبه واضحه
ووبقاء واستمرارية محبة الناس وشغفهم بشعر المتنبي وقياسه : كان لابد ان وراءه اسباباً كثيرة وهذا مادفع الباحثين والنقاد لفحص شعره فحصاً دقيقاً فتنوعت حوله البحوث وكثرت فيه الدراسات فحق له ماقاله عن نفسه :
أنام ملء جفوني عن شواردها -- ويسهر الخلق جراها ويختصم
..لاشك بأن ديمومة محبة شعر الشاعر لابد لها من اسباب وحقائق..ولن نؤمن بذلك دون ان نعرف سر هذه الشاعرية وحقيقة هذه القوة .. التي يعترف بها كل جمهور الشعر الشعبي 0
..أن النقد لايؤمن بالاحكام الانطباعية السريعة التي لايمححصها تمحيصياً لغوياً ، ذلك لأن الشعر لغة ، واللغة كائن فكري له وجود ونمط خاص ، ولكل شاعر لغة تحمل نفس الشاعر ونفسه وتكشف حقيقته ومن خلال اللغة ،واللغة فقط نعرف جوهر النص ، ونعرف ملابسات الانطباع المبدأي حوله ، واسباب تفاعل القراء والسامعين ، ومدى تمكنها من نفس الشاعر النموذج 0
..الدافع هو هذا الثناء والاعجاب ،لماذا جاء ؟ ولماذا كان ؟ وهل وراءه دعايات واموال تدفعه ؟ أم خلفه لغة فرضت قوتها وروعتها وشاعرية لاتحدها حدود بشرية ولاقيود زمنية 0
وأن لم يكن الشاعر احد خريجي كليات اللغة والادب والنقد ،بل وان لم يكن يقرأ أو يكتب ، لابد انه يحمل من الثقافة قدراً كبيراً وذلك باعتماده على مايسمعه من وسائل الاتصال المتاحة في وقته ، ومن خلال تجاربه التي هي عباره عن دروس في الثقافة الحياتيه .. إلا ان السبب الاكبر يكمن في توظيف الثقافة في النص الشعري..بمعنى أن الثقافة لم تكن معلومات متراكمة في الذاكرة بل كانت مخزوناً يستمد منه النص الشعري قوته وروعته 0
.. لذلك ستكتنفك الدهشة وأنت تقرأ قول شاعرشعبي أمي لايقرأ ولايكتب،وكأنه كان يدرك الشبه بينه وبين المتنبي ،دون ان يقرأ المتنبي اويلتقي به :
إيعرفني الليل والخيل ولاسيف الرهيف 00 والاذاعة والصحافة وروس اقلامها
ولئن كان الشطر الأول يحمل معاني الشجاعة والقوة وهو ماحمله الشطر الأول من بيت المتنبي -الخيل والليل والبيداء تعرفني- 0 فان الشطر الثاني يحمل الشاعرية التي يحملها كلا الشاعرين فالثاني شاعريته تتغنى بها الاذاعة والصحافة والاول شاعريته تدونها الاقلام في القراطيس 0
.. والشاعر يوظف المصطلحات الحديثه في شعره بشكل جيد كالاذاعة والصحافة في البيت السابق ونحو البرقية والتلغراف في قول الشاعر :
- سمعت بناس طرقيه وبرقيه وتلغراف -- حواليكم عليكم عندكم قلته ولا ابالي -
- وغيرها :
اقفى ولامعي له رقم جوال 00 والا عنوانن لو بريد اكتروني
وكذلك :
مادام منتب للصعيبات حلال -- ابنصحك عن بيجرك لاتشيله
.. ونعود مرة اخرى لقضية الثقافة -ودورها في تغذية الشعور ، وتقوية الشعر 0
أن الثقافة المحدودة للشاعر تنهيه بانتهائها بينما الثقافة المتجددة وان كانت متواضعة في نظر النخبة المثقفة تلعب دور بارز في دفع الشاعرية بل والتجديد سعياً وراء الثقافة الجديده 0
-إن الثقافة حياة النص الشعري ، وعمره الممتد .. ونهاية عمر الثقافة هي نهاية عمر الشاعر وكلاهما يعلن وفاة النص-
..وهناك شواهد تدل على توظيف الشاعر للثقافة غير التي ذكرنا منها :
قوله:-يقولون هارون الرشيد وصاحبه بن واس :: يجيبون العذر للمستحين اقبح من الزله
وقوله:كم لبثتوا يارجال الكهف يوم ؟: كيف جنتها؟ وماهي نارها؟
وقوله:الموهبه شي والعلم شي ثاني : سيلك بلا نو يانازل الوادي
وكما قال شاعر وقع حافره على حافر عنترة بن شداد :
ياهل النبوت مايبني البيوت الا عمدها : احسب اني موت وارواح البشر في وسط جيبي
.. والشعر منجز بشري ليس كغيره من المنجزات ؛ لأنه غريب في نشأته ومصدره وتكوينه وروحه وهيكله هذا من ناحية ذا ت الشعر ، وغريب من ناحية المتلقي الذي يعشقه وينشده ويقلده ويوظفه..وهذه الغرابة هي -سر- سيرورة الشعر ودوامه مع الاجيال ،ولكن استمرارية الشعر مرهونة بعوامل أخرى غير الغرابة التي ذكرنا ، فلغة الشاعر في شعره كفيلة ببقاء لغته بعد رحيله ؛؛ اللغة هي التي وصفها الاول بالشعر الجيد في قوله :
يموت رديء الشعر من قبل أهله 00 وجيده يبقى وان مات قائله
(--فالشعر كائن منفصل عن قائله يموت ويحيى وفق معايير لغته ،وليس وفق مايريده الشاعر--)
..واللغة تراكيب غريبة متغيرة وكل تركيب يختلف عن الاخر في دقائق المعاني ؛ حتى لو اتفقت التراكيب في المعاني العامة الظاهرة للعين قبل التدقيق 0
.. وبما أن الشعر لغة صادرة عن نفس شاعرة ؛فهو مختلف طبقاً لاختلاف الانفس المنتجه ، وبقدر دقة اللغة في استخراج خبايا النفس يكون وقع الشعر عند المتلقي لأنه حينئذ سيوافق أنفس مستهلكة تعاني من ما عانته الأنفس المنتجه 0
.. ومتى استطاع الشاعران يكون شعره سهلا واضحا في معانيه العامة ؛ أحبه من لايفهم من الشعر الا الواضح المكشوف ويكون غامضا دقيقا في معانيه الثانيه أومايسمى معاني المعاني فيحبه المتمرسون على هذا النوع من الشعر والشواهد على مثل هذا الشعر كثيرة جداً منها قول الشاعر:
بطن جيعان لوتعطيه يمناك اكلها 00 اي شي يرد الجوع لوكان سم
وقوله : مافيه جنه وسط نار ابو لهب 00 ياهل الذلول اللي يمس بطانها
.. والحكمة تجربة عميقة مرت بها الانسانية في شتى حياتها وصاغتها لغة ميسرة ووعيتها الذاكرة وتناقلتها الاجيال ؛ انها تجربة والشعر تجربة اخرى وتضافر التجربتين إضاءة على اضاءه وروعة فوق رورعة لذلك كان شعر الحكمة وحكمة الشعر اسير الابيات بين الناس يتناقلونها صاغراً عن كابر .. ومن الشعراء من يبرع في توظيف الحكمة في شعره بطرق مختلفه مثال الحكمة المستوحاة الموظفة قول الشاعر:
ذابح حمار القوم يشتال القرب 00 عان المصيبه ياعميلي عانها
و:مايعرف الخليل الطيب الا خليله 00 والحمامة توقع مع حمامة كماها
ومن الشعراء من يصنع الحكمة بعد ان يعاني التجربة فيجعل في شعره حكمة من صنعه وفكره وهذا نادر عزيز؛ مثال من الحكمة التي من صنعه وفكره قول الشاعر:
الجمل لوتمرغ مايروح حصان 00 كل واحد يشوف العرف في شاره
و:-انا في خير ماني للخوي اللاش محدود 00 تعب رجلي ولا اعلق على الجربا جرابي
.. كما ان ارتباط الشعربالغناء والحداء امر معلوم ؛ولكن موسيقى كل قصيده تختلف عن الاخرى بل كل بيت في القصيده يختلف عن الاخر .. وتقبل الجمهور للبيت يزداد قوه كلما ازداد الجرس والايقاع فيه ..وذلك لشغف النفس الانسانيه بالتقسيم الايقاعي من جهة ولسهولة حفظ البيت وسهولة ترديده من جهة اخرى؛والشاعر النموذج يلعب في الموسيقى بطرق مختلفة .. فتارة يستخدم اوزان الكلمات بحيث يكون الوزن الصرفي للكلمات في البيت متشابها مما يشد البيت شد وثيق ، مثال قول الشاعر :
إذا صدر الفتى مايكتم اسراره على بلواه 00 متى مدري يبا يلقى الصدور اللي يثق فيها
وقوله ::- السلام لمن يتبع اهل الهدا واهتدا واقتدا : والتحدي لمن حد روحه على غير طاقاتها
وقوله ::- اطلع اليا راس الجبل وانزل ليا بطن المسيل : وأم الكباير لاتزال يدينها فحثولها
..وتارة اخرى يستخدم الجناس بانواعه المختلفة فتجد الكلمات والحروف متكررة والمعاني مختلفة ، مثاله قول الشاعر :
اظن انه بلا منه طول سنة ولابده 00 بري من دم هذيك البهيمه -واسر ياساري-
وقوله:ام رقبة عوجا وتعبو لها عوج العراقيب 00 شقحا ونقحا مير في طحالها عرق لاهيامي
وقوله:ماطلعوا الرواد سطح القمر بالفطر الشيب 00 مثل الكحيله والشعيله حرامن من حزامي
وقوله: احد خابر واحد سابر واحد صابر ياصبر ايوب 00 واحد وجهه كما الخبز المقمر -واسرياساري-
..ومثل هذه الابيات سارية محفوظة محببة للنفوس والسر في ذلك راجع الى الاستخدام العجيب للجرس والايقاع
.. ومن اعجب طرائق الشاعر في سبك ابياته هو قدرته الفذة والخلاقة في مايمكن تسميته ب-احتمالية النص- اي انه كان قادرا متى ما اراد ومتى ما اقتضت الضرورة ؛على ربط أكثر من معنى في بيت واحد بحيث يترك المجال واسعاً امام خيال المتلقي ،لياخذه على مايراه من معنى ، ومثاله قول الشاعر :
قلوب اصحابي احسن من قلوب أصحاب عدواني 00 ولكن الدهر خلا الكريم يبيع ملبوسه
00مع احتفاظ كل بيت من ابياته بجماله ورونقه باعتباره وحده بنائية خاصه
00 وفي الهندسة الابداعية للمفردات عندما يعن للشاعر هاجس الافحام ، مثاله قول الشاعر :
ياسلامي لمن يتبع اهل الهدا واقتدا واهتدا :: والتحدي لمن حد روحه على غير طاقاتها
في ظميري كلامن ليا هالحينه بعدمابدا :: كان ودي ولكن دنياي ياكثر حاجاتها
000 والرسالة اطول من هذا -ولكن لعل فيما ذكر السداد - والخاتمه نجعله هاذان البيتين :
سلام .. ردية عجل .. وابطى عليه لين اشوف
بين الصفوف .. لكل جمع الحاضرين .. اثني سلام
الشام .. مالي فيه اهل .. وانا ليا جيت معروف
ياهل الظروف .. اللي عليها كاتبين .. الدرب شام
-----
جميع الامثله اي الابيات الشعريه هي للمعجزة الابداعية الشعريه الخالده//شاعر هذيل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته [/align]