الإنسان السعودي والعدوانية
في دبي أيضا، رغم أني أحب أبوظبي أكثر بسبب الهدوء وغابات الأشجار التي حولتها لمدينة لا تمت لمدن الصحراء والملح بصلة ، قلت: في دبي يمكن لك أن تكتشف كيف هو الإنسان السعودي طيب ورائع ومتحضر ويحب النظام .
فهو أي الإنسان السعودي سرعان ما يندمج مع آلية قيادة السيارة في دبي وأبوظبي، فيبدو لك كائنا مختلفا عن ذاك الذي تراه في السعودية ، وربما هو يشعر بأنه مختلف عنه في السعودية ، لأنه يحترم النظام كالبقية دون أن يجبره أحد على ذلك ، ودون أن يطالب كتاب المقالات بضرب العامة بيد من حديد .
سيروق لك ذاك التحضر الجميل للإنسان السعودي ، وستشعر بفخر إذ تؤكد لمدير «تنظيف الغرف» أنك سعودي أيضا، بعد أن يروي لك حكايته مع الإنسان السعودي الذي لم يتم تنظيف غرفته ، فأكد لهم أنه يقدر الزحام في الفندق ، ويرجوهم أن ينتبهوا للأمر وألا يتكرر مرة أخرى .
في دبي ولأسباب لا تعرفها أو تعرفها يتحول الإنسان السعودي لكائن مختلف جدا ، ولن تجد تلك العدوانية في القيادة ولا في الوقوف بالطابور .
هذا التغير المدهش لك يجعلك تسأل نفسك : أين الخلل .. في الإنسان السعودي أم في المجتمع الذي يضطهد الفرد ، فيتحول ذاك الفرد إلى كائن عدواني في كل شيء ، لأنه يريد أن ينتقم من هذا الاضطهاد ؟
فيبدو لك أن السؤال معقد وعصي على الإجابة ، لأن الإنسان السعودي لم يتغير فهو كما هو، فهل الظروف والمكان والمجتمع حين تتغير تجعل الإنسان يتغير؟
تترك السؤال معلقا في دبي ، وتتابع الإنسان السعودي وهو يقود سيارته ، فتشعر بدهشة أكثر، لذاك التحضر في القيادة الذي أصاب الإنسان السعودي .
فتعود للأسئلة بحثا عن تفسير لهذه المشاهد المثيرة للدهشة ، فتسأل: هل الإنسان السعودي قابل جدا للتحضر ككل إنسان ، لكنه يعيش في مكان تتحكم فيه الواسطة ، لهذا يشعر بغبن لأن القانون يطبق على البعض فيما يتجاهل البعض خوفا منهم ؟
هذا السؤال يجعلك تتوقف عن الكتابة لأنه ــ أي السؤال ــ بدأ يستفز الرقيب .