.
.
دَعْوَةٌ ظَاهِرُهَا فِيهِ الرَّحْمَةُ وَبَاطِنِهَا مِنْ قِبَلِه الفَسَادْ .
مَازَالَتْ وَلا تَزَالُ حَثَالَةُ الأصْواتِ تُطَالِبُ بِفَتْح قَاعَاتٍ للسِّينَمَا .. مُتَعَلِلينَ بِأَنَّهَا تُعَالِجُ قَضَايَا اِجْتِمَاعِيَّةٌ .. وَأَنَّهَا تَتَكَلَّم بِأَلسِنَة مَنْ يُعَانُونَ مِنْ هَذهِـ المَشَاكِلْ ..
غَيْرَ أَنَّ الدُّول المُجَاوِرَة .. و التي قَدْ فَاقَتْ فِيْ بَعْضِهَا سُمْعة القَاعَاتِ السِّينَمَائِيَّة المَسَاجِدَ وَأَمَاكِنْ التَّعْلِيمْ .. لَمْ تُجْدِيْ لَهَا قَاعَاتُهَا أيُّ نَفْعَاً .. غَيْرَ أنَّ القَاعَات السِّينَمَائِيَّةُ غَالِبَ مَا تَكُون مَجْمَعَاً للسُّفَهَاء والسَّفِيَهات وَالسَّاقِطِينَ والسَّاقِطَاتْ ..
يُعْرَضُ فِلْمَاً أَمَامَ المِئَاتِ مِنْ المُشَاهِدينَ والمُشَاهِدَاتْ .. غَالِبُهْم مِنْ الأطْفَالِ وَالمُرَاهِقينَ وَالمُرَاهِقَاتْ .. غَالِبَ مَا يَحْويهِ هَذَا الفِلم لَقَطَاتٍ إبَاحِيَّةٍ وَحِكَايَاتٍ غَرَامِيَّة وعُريٍّ وَشُرْب خَمْرٍ وَسُكْر .. كُلّ هَذَا تَحْتَ مُسَمَّى مُُعَالَجَةِ القَضَايا الإجْتمَاعِيَّة .. وَلا عَلِمُوا أَنَّ هَذِهِـ الأفْلامَ يَتَعَلَّم مِنْها مَنْ حَضَرَ ليُشَاهِدَهَا كَالأطْفَالِ والمُرَاهِقِيْن .
وَلمْ تَقْطِفْ هَذِهـِ الدُّول أيُّ نَتَائِجٍ إِيجَابِيَّةٍ عَنْ هَذِهِـ القَاعَات .. بَلْ لَمْ تَزِيدُهَا إلا ضَعْفَاً يَتْبَعه ضَعْفاً وَزِيادَة بِالفَسَادْ .. وَحِينَمَا يَرَى الشَّاب المُرَاهِقْ مَشْهَداً يُسوّق لَهُ فِيْ أَفْكَارِهِـ كَيْفَ يَتَصَيَّد الفَتَيَاتْ .. ويُحيي اللَّيَالِيْ الحَمْرَاء .. وَكَيْفَ يَتَعَامَلُ مَعَهِنَّ .. وَيَرَى الصَّغِير مَشْهداً يُسَوّقُ لَهَ فِيْ أَفْكَارِهِـ كَيْفَ يَهْرُب مِنْ بَيْتِهم ، ويُوهِمُونَه بِأنَّ مُحَافَظَةَ أَهْلِهِ عَلَيْهِ مَا هِيَ إلا تَقْييداً لُحُرِّيَتِهِ .. ليُعلِّمُوهُـ كَيْفَ يَسْرِق السَّيَارَاتِ وَ الأمْوَاِل .. وَطَرِيقَة النَّصْبِ وَ الإحْتِيَالْ ..!
فَهْلَ أَصْبَحَتْ المَشَاهِدُ هُنَا مَشَاهِدَ تَثْقِيفيَّةٍ تَوْعَويَّةٍ .. أَمْ أنَّهَا أصْبَحَتْ مَشَاهِدُ إِجْرَاميَّةٍ إنحلاليَّةُ تَخْرِيبيَّة وَزَعزَعَةُ لأسَرٍ مُحَافِظَة ؟!!
وَ إلا كَيْفَ تُعَالَجُ الأَخْطَاء بِالأخْطَاءِ .. وَهَلْ سَتُعالج القَضَايَا الإجْتِمَاعِيَّة .. بِعَرْضِ تَبَادُلِ القُبلاتِ بَين الجِنْسَيْنِ .. أو أن يُصوِّروا إمْرَأةً تَخْلعُ ثِيَابَهَا وَ أُخْرَى فِيْ حَمَّامِهَا .. أوْ يُصَوِّرُوا كَيْفَ يَخُون الرَّجُلَ زَوْجَتَه .. وَ كَيْفَ يَتَخَلَّص الشَّاب مِنْ جَرِيمَته !!
وَلَمْ تَكُنْ قَاعَاتِ السِّينَمَا فِيْ الدُّوَلِ المُجَاوِرَةِ .. إلا قَاعَاتٍ للهَو والضَّحَكِ وَالخَلاعَةِ والمَيَاعَةِ - نسأل الله السلامة والعافية - وَلا لَكَ الحَق فِيْ مَُعارَضَتِهْم فِيْ ذَلِكَـ فَهَذِهِـ الحُرِّيّة المَزْعُومَةِ وَهَكَذَا تُحَلًّ المَشَاكِلْ وَيُثَقَّفُ المُجتَمَعْ !!
وَ هَذَا مَا جَلَبَتْهُ لَهُمْ قَاعَاتُهْمْ .. إِذْ أَنَّ المَبْدأ الذْي يُريدُهـُ المُطَالِبُونَ بِهَذِهِـ القَاعَاتِ .. إِخْرَاجِ المُجْتَمَعِ مِنْ وَاحَةِ الأمَانِ وَالعَيْشِ بِفَضِيلةٍ .. إِلَى قَاعِ الدَّمَارِ وَالعَيْشِ فيْ مُستَنقَعَاتِ الرَّذِيلَةِ .. تَحْتَ مُسَمَّى مُعَالَجَةُ القَضَايَا الإجْتِمَاعِيَّةُ فَهَذَا مَا يُمْلِيهِ فِيْ عُقُولهم وليّهم غَرْبُهْم وَشَيطَانُهم ..
وَأمَّا مَنْ يَقُومُ بِإنْعَاشِ هَذِهِـ القَاعَاتِ .. لا يَهُمُّهُمْ إيِقَاعُ المُجْتَمَعَاتِ فِيْ وَحْلِ المُسْتَنْقَعَاتِ .. فَلا هَمَّّ لَهُمْ سِوى جَمْعُ الأمْوَالِ بِنَحْرِ الأخْلاقِ وَالتَّضْحِيَة بالثَّوَابِتِ وَالتَّقَالِيِدِ والعَادَاتِ وَالقِيَم.
لا عَجَبَ وَإِنْ أَقْحَمُوهَا وَزَيَّنُوهَا وَجَمَّلُوهَا فِيْ ظَاهِرِهَا تَحْتَ مَقُولَةِ :
[ حَسَبَ تَعَالِيمِ الشَّرِيعَةِ الإسْلامِيَّةْ ]
إنْ كَانَ المُمَثِّلُ فِيْ عُرُوضِ السِّينَمَا .. يَأتي بِمَشْهدٍ يُصَوِّرُهُـ مَعَ إمْرَأةً أَجْنَبِيَّةٍ لا تَحِلُّ لَهُ عَلَى فِرَاشٍ وَاِحِدٍ .. هَذَا عَلَى مَرْأى جَمِيعِ الحَاضِرينَ .. فَمِنْ بَابِ أوْلَى أنْ يَفْعَل أَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ إنْ تَوارَى عَنْ الأنْظَارِ !!
إذاً الذيْ يُعَالِجُ مَشَاكِلَنَا سَاقِطِينَ وَسَاقِطَاتْ !!
العَجَب بِأَنَّ مُمُثِّلوا الأفْلامِ .. وَمَنْ يَدّعُونَ أَنَّهُم يُعَالِجُونَ قَضَايَا المُجْتَمَعِ بِعُرُوضِهِمْ وَأفْلامِهْمْ .. لَمْ يَسْتَطِيعُوا مُعَالَجَةَ مَشَاكِلِهْمْ أوَّلاً .. أَوْ بِالأَصَح هُمْ قَدٍ بَنو حَيَاتهُمْ مِنْ مَشَاكِلْ .. فَفِيْ كُلِّ يَوْمٍ تََتَصَدَّرُ الصُّحُف أخْبَارَهُمْ .. فَهَذَا قَدْ انْفصَلَ عَنْ زَوْجَتِهِ .. وَهَذا كُلُّ يَوْمٍ فِيْ مَحْكَمةٍ .. وَآخَرُ مُتَّهَمٌ بِجَرِيمَةِ اغْتِصَابٍ أو مُجَرَّدُ عِلاقَةٍ مُحَرَّمَة .. وَمَشَاكلهُمْ لا تُعَدُّ ولا تُحْصَى !!
فَهُمْ بِحَاجَةٍ لِمَنْ يُعالِجُ مَشَاكِلُهْم وَقََضَايَاهُمْ .. فَكَيْفَ يُعالِجُونَ قَضَايَانَا ؟!!
كُلُّنَا أمَلٌ بِحُكَّامِنَا وَعُلمَائِنَا .. أُمورٌ للهَاويَةِ تَقودُنَا
أخيراً فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان
عذراً .. فعذراً .. ثم عذراً على الإطالة وركاكة الأسلوب
دمتم بحفظ الرحمن ورعايته
.
.